٦٨٧- مسألة: حبوط الحسنات.
يقول تعالى عن أعمال بعض الناس (حبطت أعمالهم) والمراد: ذهب ثوابها، والسبب هو فعل بعض السيئات التي أحبطتها.
ومن الأدلة، قوله تعالى (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون).
ويقول تعالى (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى).
وفي الحديث " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم.
أقسام الحبوط:
١- أثناء العمل، أي أن العمل لا يُقبل أصلاً، والسبب فقد شروط قبول العمل، كالإخلاص أو الاتباع، والدليل " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم.
٢- حبوط الحسنات بعد الفعل بسبب سيئة وقعت، مثل المنّ بالصدقات، يبطل الثواب كله، للآية السابقة (لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى).
قال ابن القيم: فمعرفة ما يُفسد الأعمال في حال وقوعها ويُبطلها ويحبطها بعد وقوعها من أهم ما ينبغي أن يُفتش عليه العبد ويحرص على عمله ويحذره.
٣- هناك نقص للثواب في نفس العمل بسبب وجود الخلل في العبادة، مثل نقص الخشوع في الصلاة، لحديث " إنَّ الرَّجُلَ لَيُصلِّي الصَّلاةَ ولعلَّه لا يكونُ له منها إلّا عُشرُها أو تُسعُها أو ثُمنُها أو سُبعُها أو سُدسُها " رواه أحمد بسندٍ حسن.
وفي الحديث " من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " رواه البخاري، فالصوم هنا صحيح ولكن الثواب قليل لوجود تلك المخالفات.
٦٩٩- الحبوط بالردة مُقيّد بالموت عليها على القول الصحيح لقوله تعالى (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة).
قاعدة: ترك شرط صحة العمل يبطل العمل، مثل ترك الطهارة للصلاة.
قاعدة: في بعض الأحاديث يكون فيها نفي القبول لورود معصية، ويكون المعنى أي لا ثواب للعمل.
ومنها حديث " من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوماً " رواه أحمد بسندٍ صحيح، فالصلاة هنا صحيحة ولا يؤمر بإعادتها ولكن ليس له ثواب لقيامه بتلك المعصية وهي شرب الخمر.
ومنها: حديث " من أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً " رواه مسلم، والمعنى صحة العمل ولكن بدون ثواب.
قاعدة: بعض الأحاديث التي فيها نفي القبول يكون المراد نفي الصحة مثل " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ " متفق عليه.
٧٦٢- في الآية (ولا تبطلوا أعمالكم) قيل: بالمعاصي.
وفي قوله تعالى (أَیَوَدُّ أَحَدُكُمۡ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّة مِّن نَّخِیل وَأَعۡنَاب تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ لَهُ فِیهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِ وَأَصَابَهُ ٱلۡكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّیَّة ضُعَفَاۤءُ فَأَصَابَهَاۤ إِعۡصَارٌ فِیهِ نَارٌ فَٱحۡتَرَقَتۡ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ).
قال العلماء: هذا مثلٌ ضرب للإنسان يعمل صالحاً، حتى إذا كان عند آخر عمره ختم له بعمل السوء، أو مثلٌ للكافر أو المنافق أو المرائي المتقدّم ذكره آنفاً أو ذي المن والأذى، فإنّ كل واحد منهم يظن أنه ينتفع بعمله، فإذا كان وقت حاجة إليه لم يجد شيئاً، فشبههم الله بمن كانت له جنة، ثم أصابتها الجائحة المهلكة، أحوج ما كان إليها لشيخوخته، وضعف ذريته.
وبهذا فسَّرها عمر وابن عبّاس: برجلٍ عمل بطاعة الله زمانًا، فبعث الله إليه الشَّيطانَ، فعمِل بمعاصي الله حتّى أغرق أعمالَه، ذكره البخاريُّ في صحيحه.
من أدلة حبوط الأعمال بالسيئات، يقول تعالى (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ وَلَا تَجۡهَرُوا۟ لَهُ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ).
ذهب بعضهم إلى أن المقصود هنا الكفر، لما فيه من السخرية بالنبي صلى الله عليه وسلم، واختاره ابن تيمية، ومنهم من يرى أن رفع الصوت معصية.
ومن أدلة حبوط الأعمال:
في الحديث " من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله " رواه البخاري.
منهم من يرى حبوط عمله أي ذهاب ثواب الصلاة، ويرى ابن تيمية وابن القيم، حبوط عمل ذلك اليوم، وابن القيم يفصل ويقول: والذي يظهر أن الترك نوعان، ترك كلي للصلاة فهذا يحبط العمل جميعه، وترك معين فيحبط عمل ذلك اليوم.
٧٦٧- في الحديث " أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؛ فإني قد غفرتُ لفلان، وأحبطتُ عملك " رواه مسلم.
قال العلماء: كيف يحبط الله عمله بسبب كلمه؟
قالوا: يحمل هذا على وجوه:
١- قد يكون فعل ذلك الرجل شيئاً غير ذلك يوجب الكفر.
٢- أن هذا في شرع من قبلنا.
٣- أنه مستحل للتألي على الله فكفر بذلك.
٧٧٠- قال أحمد: ما يؤمن أحدكم أن ينظر النظرة فيحبط عمله.
قال ابن القيم: فإن قيل: كيف تحبط الأعمال بغير الردة؟
قيل: نعم، قد دلَّ القرآن والسنة والمنقول عن الصحابة أن السيئات تحبط الحسنات، كما أن الحسنات يذهبن السيئات. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾.
وقالت عائشة لأم زيد بن أرقم: أخبري زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله ﷺ إلا أن يتوب لما باع بالعينة.
وقد نص الإمام أحمد على هذا فقال: ينبغي للعبد في هذا الزمان أن يستدين ويتزوج لئلا ينظر ما لا يحل فيحبط عمله.
وآيات الموازنة في القرآن تدل على أن السيئة تذهب بحسنةٍ أكبر منها، فالحسنة يحبط أجرها بسيئة أكبر منها.
٧٩١- من ارتد ثم رجع، فإن ثواب حسناته يرجع له، على الصحيح، لأن الحبوط مقرون بالموت على الردة.
٧٩٣- إذا أسلم الكافر ومات على ذلك، هل يثاب على حسناته حال الكفر؟
أكثر العلماء على أنه يثاب، وممن اختاره ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن حجر، لحديث حكيم بن حزام أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية، هل لي فيها من شيء؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسلمت على ما أسلفت من خير " متفق عليه.
وفي الحديث " إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة كان أزلفها، ومحيت عنه كل سيئة كان أزلفها " رواه النسائي بسند صحيحة، وهنا شرط، إذا حسن إسلامه.
٨٠١- معنى تكفير السيئات في النصوص.
مادة كفر، بمعنى الستر والتغطية، أي إزالة الشيء حتى يصير بمنزلة من لم يعمله، ومن ذلك سُمّيت الكفارة بذلك.
٨٠٢- المغفرة، هي الستر من الله على الذنوب، وورد التكفير مع المغفرة (ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا).
من العلماء من يرى الكلمتين بمعنى واحد من باب التأكيد، ومنهم من يرى إذا أنها إذا افترقا دلّت كل واحدة منهما على معنى الآخر، وأما إذا اجتمعا فبينهما فرق، فتكون المغفرة أبلغ من التكفير لأنها تتضمن الوقاية والحفظ، والتكفير يتضمن الستر والإزالة، فالتكفير للصغائر والمغفرة للكبائر، وقيل غير ذلك.
٨٠٤- ما معنى العفو، الوارد في الآيات ومنها (واعف عنا واغفر لنا)؟
قالوا: العفو بمعنى التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه.
٨٠٧- الوعد الرباني بالمغفرة قد يكون بدون عمل منك أي تفضلاً منه سبحانه وتعالى لمن شاء من عباده كما في حديث " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا " رواه مسلم.
٨٠٨- هناك أسباب للمغفرة، ومنها:
١- التوبة، وهي من الكبائر فرض عين بالإجماع، قال تعالى (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)، وفي الحديث " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " رواه ابن ماجه وحسّنه الحافظ.
قاعدة: كل وعيد في القرآن فهو مشروط بعدم التوبة بالاتفاق. قاله ابن تيمية.
قاعدة: تصح التوبة من الذنب مع الإصرار على غيره، عند الجمهور.
في الحديث (الندم توبة) رواه أحمد وحسنه الحافظ.
قاعدة: حقوق الآخرين لا تسقط بمجرد التوبة، قال ابن تيمية: وأما حق المظلوم فلا يسقط بمجرد التوبة، وهذا حق، ولا فرق في ذلك بين القاتل وسائر الظالمين، فمن تاب من ظلم لم يسقط بتوبته حق المظلوم، لكن من تمام توبته أن يعوضه بمثل مظلمته، وإن لم يعوضه في الدنيا فلا بد له من العوض في الآخرة، فينبغي للظالم التائب أن يستكثر من الحسنات، حتى إذا استوفى المظلومون حقوقهم لم يبق مفلسا، ومع هذا فإذا شاء الله أن يعوض المظلوم من عنده فلا راد لفضله، كما إذا شاء أن يغفر ما دون الشرك لمن يشاء. انتهى.
وللحافظ كلاماً يشابهه في تعويض الله للتائب الصادق، قال: لكن حقوق الآدميين إذا تاب صاحبها من العود إلى شيء من ذلك تنفعه التوبة من العود، وأما خصوص ما وقع منه فلا بد له من رده لصاحبه أو محاللته منه.
نعم في سعة فضل الله ما يمكن أن يعوض صاحب الحق عن حقه ولا يعذب العاصي بذلك، ويرشد إليه عموم قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ والله أعلم.
٨١٨- أفضل أحوال الاستغفار ما كان معه عدم إصرار على الذنب، وأما الاستغفار مع الإصرار فهذا مجرد دعاء بالمغفرة، ولا يعتبر توبة من الذنب.
في الحديث " ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون " رواه أحمد وحسّنه الحافظ.
٨٢٠- الكفارات تُعتبر سبب لتكفير السيئات بالإجماع، مثل كفارة الظهار أو الجماع في نهار رمضان.
٨٢٥- كل الحسنات تمحو السيئات، لعموم الآية (إن الحسنات يذهبن السيئات)، وهنا تنبيه، الذي يُكفر السيئات مِن الحسنات هو المقبول منها، والمرء لا يدري عن عمله، ولهذا في الحديث " مَن توضأ مثل هذا الوضوء ثم أتى المسجد، فركع ركعتين ثم جلس، غُفر له ما تقدم من ذنبه " ثم قال صلى الله عليه وسلم: " لا تغتروا ". رواه البخاري.
قال الحافظ: أي: لاتغتروا، فتستكثروا من الأعمال السّيّئة بناء على أنّ الصّلاة تكفّرها، فإنّ الصّلاة التي تكفّر بها الخطايا هي التي يقبلها الله، وأنّى للعبد بالاطّلاع على ذلك.
٨٢٦- قال ابن تيمية: فالمحو والتكفير يقع بما يُتقبل من الأعمال وأكثر الناس يقصرون في الحسنات حتى في نفس صلاتهم، فالسعيد منهم من يُكتب له نصفها وهم يفعلون السيئات كثيرًا، فلهذا يكفر بما يُقبل من الصلوات الخمس شيء، وبما يقبل من الجمعة شيء، وبما يقبل من رمضان شيء آخر، وكذلك سائر الأعمال، وليس كل حسنة تمحو كل سيئة، بل المحو يكون للصغائر تارة ويكون للكبائر تارة باعتبار الموازنة.
٨٢٦- هناك التكفير اليومي للسيئات، كما في الوضوء والصلاة والمشي للمساجد.
والتكفير الأسبوعي كما في صلاة الجمعة.
والتكفير المقيد بعدد كما في فضائل الأذكار لا إله إله إلا الله ١٠٠ مرة تمحو مئة سيئة، والتسبيح ١٠٠ مرة يمحو ألف سيئة وهكذا.
٨٢٨- المصائب تمحو الخطايا، وتشمل، ما يصيب المسلم من تعب وهم وحزن ومرض، ويدخل في ذلك التعب في العبادات، والتعب في الأمراض والأقدار المؤلمة، لحديث " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه " متفق عليه.
٨٣٠- هل المصائب تكفر الخطايا فقط، أو تكفر الخطايا ويأخذ عليها حسنات؟
قيل: تمحو الخطايا فقط، وأما الحصول على الحسنات فهي للصبر على المصائب.
وقيل: بل تمحو الخطايا ويحصل على الثواب بمجردها حتى بدون الصبر، واستدلوا بعموم النص الواردة في التكفير مثل " ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها، إلا كتبت له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة ". رواه مسلم.
٨٣٤- جمهور العلماء على أن الحدود كفارات حتى لو لم يتب صاحبها، لعموم الحديث " ومن أصاب من ذلك بشيء فعوقب به فهو كفارة له " رواه البخاري، وحديث " من أصاب ذنباً أقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته " رواه أحمد وحسنه الحافظ.
ولكن إذا كان الحد يتعلق بمخلوق مثل القتل فلابد من استيفاء الحسنات يوم القيامة.
٨٣٦- أسباب التكفير في البرزخ:
١- الدعاء للميت سواء في الصلاة أو خارجها، والدليل حديث " ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له؛ إلا شفعوا فيه " رواه مسلم.
٢- ما يُهدى له من الحسنات.
٣- ما يصاب به في القبر من الابتلاء والفتنة والضيق، وقد ذكر هذا ابن تيمية والسعدي، ولكن لم يأت عليه دليل، ولكن إذا كان المسلم تكفر ذنوبه بشوكة فكيف بأهوال القبور؟
٨٥٠- الأعمال الصالحة لا تكفر كبائر الذنوب، والدليل " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر " رواه مسلم، فإذا كانت الصلاة لا تكفر الكبائر فغيرها من باب أولى.
ولكن هنا تنبيه، أن قوة الإخلاص وما يقوم بالقلب قد يقوى على تكفير الكبيرة، ومما يدل عليه حديث المرأة البغي التي سقت الكلب فغفر الله لها.
قال ابن تيمية: والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله، فيغفر له به كبائر. منهاج السنة ٦ / ٢١٨ وقد قال بمثله أبو العباس القرطبي في المفهم ١ / ٤٩٢
فائدة: إذا اجتمعت عدة أعمال من مكفرات الذنوب فإنها قد تقوى على تكفير بعض الكبائر، خاصةً مع ترك الإصرار عليها.
قال ابن القيم: وهذه الأعمال المكفرة لها ثلاث درجات:
إحداها: أن تقصر عن تكفير الصغائر لضعفها وضعف الإخلاص فيها والقيام بحقوقها، فهي بمنزلة الدواء الضعيف الذي ينقص عن مقاومة الداء كمية وكيفية.
الثانية: أن تقاوم الصغائر ولا ترتقي إلى تكفير شيء من الكبائر.
الثالثة: أن تقوى على تكفير الصغائر وتبقي فيها قوة تكفر بها بعض الكبائر. فتأمل هذا فإنه يزيل عنك إشكالات كثيرة. الجواب الكافي ص ١٩٢
٨٥٧- اجتناب الكبائر سبب في تكفير الصغائر، والدليل، قال تعالى ( إِن تَجۡتَنِبُوا۟ كَبَاۤىِٕرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَیِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلاً كَرِیماً ).
وإذا أضيفت لذلك الأعمال الصالحة فإن التكفير يكون أقوى، مثل أحاديث " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر " رواه مسلم، و " من صام رمضان غفر له " أحاديث الوضوء، وفضائل المشي للمساجد وغيرها.
ولكن لابد أن نعلم أن الإصرار على الصغائر يجعلها كبائر، فمن أراد أن تكون أعماله الصالحة تمحو ذنوبه فلا يصر على الصغائر، لهذا لابد من التوبة من الصغائر.
٨٦٦- في حديث صوم عرفة (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) رواه مسلم.
هنا سؤال كيف يكفر السنة القادمة، والجواب: أن الذنوب الصغائر التي لم تفعلها بعد، تقع مغفورة لك بفضل الله تعالى، ولكن هذا الوعد لا يشمل كل أحد، فهو فضل رباني يختار له من يشاء من عباده.
٨٦٧- معنى التبديل في قوله تعالى (يبدل الله سيئاتهم حسنات) هنا كلام كثير.
قيل: إن التبديل في الدنيا، بمعنى أن يبدل السيئة طاعة، قال ابن عباس: أبدلهم الله بالكفر الإسلام، وبالمعصية الطاعة، وبالإنكار المعرفة، وبالجهالة العلم.
وقيل: إن التبديل يقع في الآخرة، فتنقلب السيئات لحسنات.
والصواب، أن كل ذنب قد تاب منه فإن حسنة التوبة تكون مكان ذلك الذنب، وليس أن السيئة انقلبت حسنة، واختار هذا ابن القيم.
٩٢١- استمرار الحسنات بعد الممات، بأمور ومنها:
١- آثار أعماله الحسنة، ومنها ما جاء في حديث " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث " رواه مسلم، وحديث " مَن دَعا إلى هُدًى، كانَ له مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن أُجُورِهِمْ شيئًا " رواه مسلم.
2- دعاء الولد الصالح، وليس كل عمل الولد.
ومنه حديث " إنَّ الرَّجلَ لتُرفَعُ درجتُه في الجنةِ فيقولُ: أنّى هذا؟ فيقالُ: باستغفارِ ولدِك لكَ " رواه ابن ماجه بسندٍ صحيح.
وهنا سؤال: هل كل ما يعمله الولد في حسنات والده؟
الصواب: لا، ولكن إذا كان الوالد سبب في تربية ولده على الصالحات فيثاب على ذلك.
3- ما يُهدى إليه من حسنات غيره.
والمسألة فيها خلاف كبير، فمنهم من رأى وصول جميع الأعمال للميت.
مسألة: هناك أعمال ورد بها النص في وصول ثوابها للميت، ومنها، الدعاء، الصدقة عن الميت، قضاء الدين عنه، الحج عنه، وهذه الأربع حصل عليها الإجماع.
وهناك أعمال اختلفوا فيها لعدم النص، كالصلاة وقراءة القرآن، فهل يصل ثوابها للميت؟
القول الأول: لا يجوز في العبادات البدنية، لعدم الدليل، ولأن العبادات توقيفية، ولأن الجواز جاء في العبادات المالية كالصدقة والعتق، لأتها تقبل النيابة.
ومن أدلتهم:
١- (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى).
والجواب عليه، أن الآية لم تنفي انتفاعه بسعي غيره وإنما نفت ملكه لسعي غيره.
٢- أن الرسول ﷺ لم يحث عليه، وإنما حث على الصدقة والدعاء للأموات.
القول الثاني: يجوز إهداء العبادات البدنية للأموات، وهو مذهب الحنفية والحنابلة ونصره ابن القيم، وابن تيمية يرى الجواز مع الكراهة، ومن أدلتهم الأحاديث التي فيها الصوم والحج عن الميت.
فائدة: قال بعض الحنابلة بصحة إهداء ثواب الأعمال للأحياء، والصواب عدم الجواز، حتى عند المجيزين للأموات ومنهم ابن القيم، بل قال ابن عقيل: بأنه تلاعب بالشرع وتصرف في أمانة الله.
تم بحمد الله كتابة الفوائد من الكتاب كله في تمام الساعة ٩:٣٠ من صباح الأحد ٧ / ٢ / ١٤٤٦
رابط المجموعة الأولى من الفوائد من نفس الكتاب
https://s-alamri.com/article/details/23162
رابط المجموعة الثانية من الفوائد من نفس الكتاب
https://s-alamri.com/article/details/23163
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
كيف تجعل ابنك يحب القرآن
0:00
الابتلاء
0:00
الكون كله يسبح لله
0:00
وتوقف البحر
0:00
فضل التبليغ عن الله ورسوله
0:00
عدد الزوار
5130830
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1616 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |