تعريف الوضوء .
لغة: الوضوء من الوضاءة وهي النظافة ، وهو بالضم: الفعل أي فعل الوضوء، وبالفتح هو: الماء .
اصطلاحا: التعبد لله باستعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة.
الحكمة من غسل الأعضاء الأربعة:
لأنها أقرب الأعضاء إلى ملابسة الآثام، قاله ابن القيم .
متى فرض الله الوضوء ؟
فرض الله الوضوء مع الصلاة ، كما في المبدع (1/113).
فضل الوضوء:
1- تكفير الذنوب لحديث ( من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه حتى تخرج من تحت أظفاره ) رواه مسلم (244).
وهذا التكفير إنما هو لصغائر الذنوب كما هو مذهب جمهور العلماء وأما الكبائر فلا تكفر إلا بالتوبة.
2- والوضوء سبب لدخول الجنة لحديث ( من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام وصلى ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه وجبت له الجنة ) أخرجه مسلم ، ولما ورد من فعل بلال رضي الله تعالى عنه فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم له: إني سمعت صوت نعليك في الجنة فأخبرني بأرجى عمل ، فقال بلال: ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا ( تاما في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي ). أخرجه البخاري ومسلم . وما بين القوسين لفظ مسلم. وفي رواية لأحمد ( وصليت ركعتين ).
3- وهو علامة لهذه الأمة يوم القيامة. لحديث ( إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء) أخرجه البخاري ومسلم .
هل الوضوء من خصائص هذه الأمة ؟
الجواب : الصحيح أنه ليس من خصائص هذه الأمة، وإنما من خصائصها أنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء وهذا اختيار الحافظ ابن حجر كما في الفتح (1/284) لما ورد في رواية مسلم ( سيما ليست لأحد غيركم ).
صفة الوضوء:
(1) ينوي رفع الحدث بهذا الوضوء، والنية محلها القلب، والتلفظ بها بدعة.
(2) يسمي قائلا ( بسم الله ) لحديث ( ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ) وهذا الحديث له طرق كثيرة يتقوى بها كما قرره جمع من أهل العلم ومنهم الحافظ، والألباني، وانظر تخريجه في الإرواء ( 81).
(3) يغسل كفيه ثلاثا، وغسل الكفين هنا سنة بالاتفاق.
(4) يتمضمض ويستنشق ويستنثر بكف واحدة. لقول عبدالله بن زيد رضي الله تعالى عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم أنه مضمض واستنشق ثلاثا بثلاث غرفات. متفق عليه .
وأما حديث أنه كان يتوضأ ويفصل بينهما ، فلا يصح كما قرره الإمام أحمد وابن القيم وابن حجر والألباني، غاية المرام (1/383) وتنقيح الكلام ص (71 ) .
والاستنشاق هو: إدخال الماء إلى الأنف، والاستنثار هو إخراجه، والاستنثار السنة أن يكون باليد اليسرى لأنه من باب إزالة الأذى وقد ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان يستنثر باليد اليسرى، كما في صحيح النسائي .
(5) يغسل وجهه، والوجه من منابت الشعر إلى أسفل اللحية ، ومن الأذن إلى الأذن عرضا، لقوله تعالى ( فاغسلوا وجوهكم ) وجاء فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مفسرا لذلك.
(6) يغسل يديه من رؤوس الأصابع إلى المرفقين لقوله تعالى ( وأيديكم إلى المرافق ) أي مع المرافق، وأما حديث ( كان إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه ) فلا يصح كما قرره الحافظ ابن حجركما في الفتح (1/350).
(7) يمسح رأسه ومعه الأذنين ، ومسح الرأس يكون مرة واحدة لما ثبت عن علي رضي الله تعالى عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح مرة واحدة.
* وأما الروايات التي فيها أنه مسح رأسه ثلاثا فلا تصح على الصحيح، قال الحافظ ابن حجر: ولأن المسح مبني على التخفيف ولأن العدد لو اعتبر في المسح لصار في صورة الغسل. الفتح (1/312)
* ويجب المسح مرة واحدة لجميع الرأس ، وأما من اقتصر على مسح بعضه فلا يجوز لأن الذين نقلوا صفة وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم بينوا أنه مسح برأسه ، وظاهر النصوص هو تعميم الرأس بالمسح ولم ينقل أنه مسح بعضه وتمسح الأذنان مع الرأس لحديث ( الأذنان من الرأس ) كما في صحيح ابن ماجه ، وقد ورد هذا الحديث من طرق يقوي بعضها بعضا.
وصفة مسح الأذنين أن يدخل السبابتين في خرق الأذنين ويمسح بإبهاميه ظاهرهما، كما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح أبي داود .
والصحيح أنه لا يأخذ ماء جديد لأذنيه وإنما يمسحها بالماء المتبقي من ماء الرأس ، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام وابن القيم وابن باز وابن عثيمين وأما حديث ( أنه أخذ لأذنيه ماء جديدا ) فهو حديث ضعيف .
(8) يغسل قدميه من رؤوس الأصابع إلى الكعبين لقوله تعالى( وأرجلكم إلى الكعبين ) وبعض الناس يتساهل في غسل القدمين ، ونقول له احذر من ذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم قال في المتساهلين في ذلك ( ويل للأعقاب من النار ) أخرجه البخاري .
مسألة : يقول الدعاء الوارد بعد الوضوء:
1ـ ( أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ) رواه مسلم .
2ـ وزاد الترمذي ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ).
3ـ وعند النسائي بسند صحيح:
( سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ) و أما رواية ( ينظر إلى السماء ) عندما يقول الدعاء فهي عند أحمد ولا تصح.
مسألة :
جميع الأذكار التي في الوضوء هي التسمية قبله والدعاء بعده ، وأما غير ذلك مما يقال في أثناء الوضوء من الدعاء، كقول بعضهم عند غسل اليد اللهم يمن كتابي، وعند غسل الوجه اللهم بيض وجهي، فلا يصح من ذلك شيء كما قرره النووي وابن القيم .
مسألة :
لابد من إسباغ الوضوء أي إيصال الماء لكل موضع عضو من أعضاء الوضوء.
مسألة :
لابد من الترتيب في غسل أعضاء الوضوء لأنها جاءت مرتبة في القرآن ولفعل الرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو تفسير لما كان مجملاً في القرآن.
مسألة :
لابد من الموالاة في الوضوء وهي أن لا يفصل بين أعضاء الوضوء بحيث ينشف العضو الذي قبله ، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجل وفي ظهر قدمه لمعة الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، كما في صحيح أبي داود.
مسألة :
التنشيف بعد الوضوء جائز ولا دليل يدل على منعه أو مشروعيته فيبقى الأمر على أنه مباح ، وأما حديث ( كان له خرقة يتنشف بها بعد الوضوء ) فقد أخرجه الترمذي ولا يصح في هذا الباب شيء كما قرره الترمذي وابن القيم.
مسألة :
مسح العنق - الرقبة – لا يشرع بل هو من البدع لعدم ورود ما يدل عليه، وأما حديث ( مسح العنق أمان من الغل ) فلا يصح، قال ابن تيمية و ابن القيم: ولم يصح عنه في مسح العنق حديث. .
مسألة :
هل يستحب مجاوزة الحد المشروع في الوضوء ، أي هل يستحب غسل اليد إلى العضد والقدم إلى أعلى الساق ؟
الصحيح أنه لا يشرع لأن الله حدد الوضوء إلى المرفقين والكعبين، ولعدم وروده عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا اختيار ابن تيمية .
سنن الوضوء .
1) التسمية على الصحيح ، وهو مذهب الجمهور وهو اختيار الإمام ابن باز.
2) غسل الكفين ثلاثا في بداية الوضوء سنة بالاتفاق .
3) البدء باليمين، قال النووي: لو خالف صح وضوؤه ولكن فاته الأكمل، كما نقله الحافظ في الفتح (1/325) ورجحه ابن تيمية في الفتاوى .
4) غسل الأعضاء ثلاثا، ولو غسل مرة لكفى لما ثبت أنه توضأ مرة مرة كما في البخاري ، ولو توضأ مرتين لكفى لما في البخاري ، وكذلك ثلاثا ثلاثا في البخاري ، ولو فرق فغسل بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثا لصح ذلك لما ثبت في البخاري أنه فعل ذلك.
فائدة:
حديث ( أنه توضأ مرة مرة وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الوضوء إلا به ) قال ابن حجر: حديث ضعيف له طرق كلها ضعيفة . الفتح (1/281).
فائدة:
قال ابن حجر: لم يأت عن الرسول صلى الله عليه وسلم الزيادة على ثلاث في الوضوء، بل ورد عنه الذم لمن زاد عليها كما في حديث أنه توضأ ثلاثا ثلاثا ثم قال:( من زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم ) وإسناده جيد. الفتح ( 1/281- 182).
5) المبالغة في المضمضة والاستنشاق لغير الصائم لحديث ( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ) صحيح أبي داود .
6) السواك ، لحديث ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء ) صحيح أبي داود .
7) الدعاء بعده، كما سبق بيانه.
8) تخليل الأصابع لحديث ( وخلل بين الأصابع ) صحيح أبي داود ، وجاء من فعله أنه كان يخلل أصابعه بخنصره.
وأما حديث ( خللوا أصابعكم لا يخلله الله بالنار يوم القيامة ) فلا يصح.
9) تخليل اللحية، لما ورد عن عثمان رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته، أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، وقال البخاري: هو أصح شيء في الباب .
قال العلماء: اللحية على قسمين :
1- إن كانت خفيفة بحيث يظهر لون الجلد منها فهنا يجب غسلها بلا خلاف.
2ـ وإن كانت كثيفة فيكفي تخليلها وهذا مذهب الجمهور.
نواقض الوضوء .
1ـ الخارج من السبيلين ، لقوله تعالى ( أو جاء أحد منكم من الغائط ) فكل ما خرج من السبيلين ( بول ، غائط ، دم ، مني ، ريح ، مذي ، ودي ) كل هذه تبطل الوضوء، والمني يوجب الغسل - كما هو معلوم – ومن الأحاديث التي تدل على أن كل ما خرج من السبيلين يعتبر ناقض حديث ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ) أخرجه البخاري .
وحديث ( شُكي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم الرجل يجد الشيء في الصلاة فقال لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) متفق عليه .
2ـ مس الذكر ، لحديث بسرة ( من مس ذكره فليتوضأ ) وقد أخرجه أبو داود والنسائي وغيرهم ، وقال البخاري: هو أصح شيء في الباب ، وصححه الترمذي وابن حبان وابن معين والحازمي والبيهقي .
وأما حديث طلق ( أن رجل قال يا رسول الله الرجل يمس ذكره في الصلاة فقال صلى الله عليه وسلم: إنما هو بضعة منك ) فقد أجاب العلماء عنه بأجوبة ، منها: أنه منسوخ لأنه كان في بداية الإسلام فقد وقع لما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبني المسجد ، وأما حديث بسرة فهو متأخر .
وقيل إنه يحمل على لو لمسه من فوق الثوب لأن الغالب أن الرجل لو لمس ذكره في الصلاة فإن ذلك يكون من وراء الثوب ، وقيل بأن حديث طلق حديث ضعيف وقيل غير ذلك.
3ــ مس الفرج له ثلاث حالات:
أولاً: مس الفرج ينقض الوضوء ، كما في حديث ( من مس فرجه فليتوضأ ) أخرجه أبوداود وصححه أحمد وابن معين والترمذي وابن خزيمة وابن حبان والبخاري ، قال ابن عثيمين: وعلى هذا فإنه ينتقض الوضوء بمس حلقة الدبر وهذا فرع من حكم مس الذكر.
ثانياً: ومن مس فرج غيره فلا ينقض أيضا كما لو مست المرأة ذكر طفلها وهو مذهب الإمام مالك ، والأقرب ليسر الشريعة حيث يشق على الأم أن ينتقض وضوؤها كلما غسلت طفلها .
ثالثاً: لمس فرج الحيوان لا ينقض الوضوء حيا ولاميتا بالاتفاق، قاله ابن تيمية.
- مس الأنثيين " الخصيتين " لا ينقض عند جماهير أهل العلم .
4- أكل لحم الإبل .
وذهب إلى أنه ناقض أهل الحديث كما حكاه الخطابي وابن خزيمة، والنووي، والبيهقي وابن تيمية وابن القيم والشوكاني وعلماء الدعوة السلفية لحديث ( أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال نعم ) رواه مسلم .
وأما حديث ( كان آخر الأمرين من الرسول ترك الوضوء مما مست النار ) صحيح النسائي ، فهذا عام وحديث الوضوء من لحم الإبل خاص والخاص يقضي على العام ( قاله شيخنا عبد المحسن الزامل ).
* وأما ألبان الإبل ومرقها فلا تنقض الوضوء لعدم الدليل.
* وأما بقية أجزاء الإبل كالكرش والكبد فهي ناقضة للوضوء لأنه داخل في حكمها ولفظها ومعناها والتفريق بين أجزائها ليس له دليل ولا تعليل كما رجحه ابن تيمية .
* وأما الحكمة من الوضوء من لحم الإبل ، فقيل لأن لحوم الإبل فيها قوة وغلظة وتؤثر على الأعصاب، والوضوء يسكن الأعصاب ويبردها، الممتع (1/308) .
قلت: وهذا القول اجتهاد من العلماء، وقد تكون هناك حكمة أخرى لا يعلمها إلا الله ، والواجب على المسلم الامتثال لأمر الله تعالى سواء عرف الحكمة أم لم يعرفها.
وقيل لأنه فوق ذروة كل بعير شيطان كما في الحديث عند أحمد وابن خزيمة بسند حسن .
5ــ الردة.
لقوله تعالى ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ).
6ــ النوم.
لحديث صفوان ( كنا إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر أمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثا إلا من جنابة ولكن من بول وغائط ونوم )صحيح النسائي ، فبيّن صفوان أن الصحابة في السفر لا ينزعون الخف بعد البول أو الغائط أو النوم، فيفهم من هذا أن النوم ناقض للوضوء لأنه معطوف على البول والغائط وهما ناقضان بلا خلاف.
وقد وقع خلاف طويل في هذه المسألة على أكثر من سبعة أقوال، والصحيح أن النوم ينقض الوضوء إذا فقد الشعور بنفسه.
وأما إذا كان النائم يعلم بما يجري منه فلا ينقض، وهذا هو القول الوسط والأقرب للجمع بين النصوص وهو اختيار شيخنا ابن باز وابن عثيمين وشيخنا الزامل .
وكل ما ورد عن الصحابة أنهم كانوا ينعسون وينامون في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يصلون بلا وضوء فيحمل على النعاس الخفيف الذي يشعرون معه بما يجري منهم ( قاله شيخنا الزامل ).
مسألة : هل مس المرأة ينقض الوضوء ؟
الصحيح أنه لا ينقض مطلقا سواء كان بشهوة أو بدون شهوة إلا إذا أنزل، لأنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ وهذا الحديث أخرجه الترمذي وغيره .
قال ابن تيمية: إسناده جيد، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل وكانت عائشة تمد رجليها بين يديه فكان يغمزها إذا أراد السجود فتكف رجليها، أخرجه البخاري .
وأما قوله تعالى ( أو لامستم النساء ) فالمراد به الجماع كما قاله ابن عباس، قال ابن تيمية: لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ من المس .
مسألة : هل خروج الدم من غير السبيلين كالأنف أو الرأس ينقض الوضوء ؟
الصحيح أنه لا ينقض لعدم الدليل، وهو اختيار مالك والشافعي وشيخ الإسلام والسعدي.
ويدل عليه:
1ـ البراءة الأصلية ، فالأصل عدم النقض.
2ـ ما ورد أن عمر صلى وجرحه يثعب دما.
3ـ كان ابن عمر يعصر الدم من عينيه ويصلي.
4ـ قال الحسن: مازال الناس يصلون في جراحاتهم.
ـ وأما ما قاله بعض الفقهاء من أنه ينقض كثير الدم دون قليله فالجواب ما قرره الإمام ابن القيم من أنه لا يعرف في الشريعة حدث ينقض كثيره دون قليله.
مسألة : هل خروج القيء ينقض الوضوء ؟
الصحيح أنه لا ينقض لعدم الدليل ، وأما حديث ( من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم ) فقد أخرجه ابن ماجه وضعفه أحمد والشافعي والدارقطني وابن معين وابن عدي .
قال النووي: وبالجملة فليس في نقض الوضوء بالقيء والدم والضحك في الصلاة حديث صحيح. ( خلاصة الكلام 1/144).
وأما حديث ( أن الرسول قاء فتوضأ ) فقد أخرجه أبوداود والترمذي ، قال ابن حجر: بإسناد قوي، قال العلماء: هذا مجرد فعل ولا يدل إلا على الاستحباب ( قاله السعدي وشيخنا الزامل ) ولكن مع ذلك لو توضأ فهو أفضل.
قال شيخ الإسلام: استحباب الوضوء من القيء والحجامة ونحوهما متوجه ظاهر.
أمور يجب لها الوضوء
1ـ الصلاة. لقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ) ولحديث ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ) متفق عليه .
وقال( لا يقبل الله صلاة بغير طهور) رواه مسلم .
وقال( مفتاح الصلاة الطهور ) صحيح الترمذي ، وأجمع العلماء على ذلك ، وعلى ذلك فإن كل ما يسمى صلاة فتجب له الطهارة ، فيخرج من ذلك سجود التلاوة فالصحيح أنه يجوز أن يسجد على غير طهارة لأنه ليس بصلاة وهو اختيار الإمام ابن باز رحمه الله تعالى .
2ـ مس المصحف.
لحديث ( لا يمس القرآن إلا طاهر ) أخرجه مالك، والدارقطني والحاكم.
قال ابن عبدالبر: إنه أشبه المتواتر ، وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم كتابا أصح من هذا الكتاب، وشهد عمر بن عبدالعزيز والزهري بصحته، وصححه الألباني بشواهده في الإرواء (1/158).
وضعفه ابن كثير وابن حزم والنووي ، ولكن العبرة بمن صححه لأن القائلون بضعفه لا حجة لهم.
وقد ذهب الجمهور وشيخ الإسلام إلى عدم جواز مس المصحف بلا طهارة ( الموسوعة الفقهية 37/276).
مسألة : وأما القراءة للمحدث حدثا أصغر بدون مس فجائزة بالإجماع كما نقله ابن تيمية .
مسألة : وهل الحكم يشمل الأطفال الصغار فيلزمهم أن يتطهروا ؟
على قولين ، وهل يجوز مس كتب التفسير بلا طهارة ؟ الجواب: نعم ، لأن الحكم خاص بالقران .
مسألة : يجوز للحائض أن تقرأ القرآن على الصحيح ولكن بدون مس كأن تقرأ من الجوال أو من كتب التفسير أو تلبس القفاز وتقرأ من المصحف .
مسألة : لا يجوز لمن عليه جنابة أن يقرأ القرآن ولا يجوز له مس القرآن ، أما دليل المس فسبق بيانه " لا يمس القرآن إلا طاهر " .
وأما دليل عدم قراءة الجنب للقرآن فحديث علي رضي الله عنه " كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجبه عن القرآن شيء إلا الجنابة " رواه أحمد وأبو داود ، واختلف العلماء في صحة الحديث ، وممن صححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن باز ، وضعفه آخرون .
والفرق بين الجنب والحائض أن الحائض حدثها ليس بيدها أن ترفعه لأن له مدة معلومة ، وأما الجنب فيستطيع أن يرفع حدثه بمجرد الاغتسال ، وأما حديث " لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيء من القرآن " فضعيف من جميع طرقه كما قاله الحافظ ابن حجر .
3- الطواف.
لحديث ( الطواف بالبيت صلاة ) أخرجه الترمذي وصححه ، واختلف العلماء فيه فقيل إنه مرفوع وقيل إنه موقوف على ابن عباس .
ولهذا اختلف العلماء في وجوب الطهارة للطواف على قولين ، فمنهم من قال بوجوبه ومنهم من لم يرى ذلك ، فذهب الجمهور إلى وجوب الطهارة للطواف واستدلوا بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله " لتأخذوا عني مناسككم " واختار شيخ الإسلام إلى أن الطهارة للطواف ليست واجبة ، فقال: وليس في الشريعة ما يدل على وجوب الطهارة فيه ، والمسألة مبحوثه في كتاب الحج من كتب الفقه.
أمور يستحب لها الوضوء
*عند النوم ، لحديث ( إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوؤك للصلاة ) البخاري .
* معاودة الجماع ، لحديث ( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوء ) أخرجه مسلم .
* الوضوء بعد الحدث ، لما ورد من فعل بلال رضي الله تعالى عنه قال:( ولا أصابني حدث إلا توضأت ) صحيح الترمذي .
* الوضوء من حمل الميت ، لحديث ( من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ ) صحيح الجامع ، وبعض العلماء ضعف هذا الحديث ومنهم الإمام ابن تيمية وابن باز ، ولهذا يقولون: لا يستحب الوضوء من حمل الميت لعدم صحة الدليل، إذن فالمسألة فيها سعة، فمن توضأ فقد أحسن ومن لم يفعل فلا حرج عليه.
* الوضوء للجنب إذا أراد الأكل , لما ورد من فعله صلى الله عليه وسلم كما في مسلم .
مسألة : هل يجوز للجنب النوم على جنابة ؟
قال ابن باز رحمه الله تعالى في شرحه للبلوغ :
عندنا ثلاثة أحوال لنوم الجنب:
1- النوم على اغتسال وهذه أكمل الأحوال.
2- النوم على وضوء وهذا في المرتبة الثانية، والدليل: عن ابن عمر أن عمر قال يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب ؟ قال: نعم، إذا توضأ أحدكم فليرقد. متفق عليه ، بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ للصلاة كما في البخاري .
3- أن ينام على جنابة فهذا مكروه وخلاف السنة ، وأما حديث ( كان ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء ) فقد أخرجه الترمذي وغيره، ولا يصح، ففي إسناده أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة وقد أنكر العلماء على أبي إسحاق هذه الرواية .
* الوضوء بعد القيء لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم كما سبق بيانه في ( نواقض الوضوء ) ورجح الإمام ابن باز أن ذلك سنة.
مسائل متفرقة في باب الوضوء
مسألة : النية شرط ولكن محلها القلب، والتلفظ بها بدعة.
مسألة : لابد من إزالة كل ما يمنع وصول الماء إلى الأعضاء, كالمناكير والبوية.
مسألة : لابد من تربية الأبناء والأهل على إحسان الوضوء والصلاة وهذا داخل في قوله تعالى ( وأمر أهلك بالصلاة ) والأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به.
مسألة : كان بعض السلف يخرج إلى أماكن تواجد الناس ليعلم الناس الوضوء.
مسألة : كثير من المسائل لا دليل لها إنما هي مجرد أقوال، ومثل هذا لا يعتمد عليها إلا بدليل من الكتاب والسنة.
مسألة : الشكوك والوساوس بعد الفراغ من الوضوء لا يلتفت إليها، قال ابن عبدالقوي: ولا الشك من بعد الفراغ بمبطل يقاس على هذا جميع التعبد
مسألة : حديث ( إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان فاتقوا وسواس الماء ) رواه الترمذي وقال: لا يصح في الباب شيء.
مسألة : الوضوء من ماء زمزم.
لا بأس به، والدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج الماء من بين يديه وتوضأ الصحابة به كما في البخاري ، فإذا جاز الوضوء من الماء الذي خرج من تحت يدي النبي صلى الله عليه وسلم فلماذا نمنع الوضوء من ماء زمزم الذي خرج من تحت إسماعيل عليه السلام، وهذا تقرير الحافظ ابن حجر كما في الفتح ( 1/290) و وافقه على ذلك العلامة ابن باز.
أخطاء في الوضوء :
1- ترك تعلم أحكام الوضوء.
2- عدم إسباغ الوضوء.
3- الزيادة على عدد الغسلات الثلاث.
ففي الحديث ( أنه توضأ ثلاثاً ثم قال من زاد على هذا فقد تعدى وظلم ) صحيح النسائي ، قال الإمام أحمد: لا تجوز الزيادة على ثلاث، وقال ابن المبارك: لا آمن أن يأثم. الفتح (1/282).
4- الإسراف فيه، قال تعالى ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) وهذا عام في جميع الأعمال ، وأما حديث ( لا تسرف ولو كنت على نهر جار ) فلا يصح. أخرجه ابن ماجه ، قال ابن حجر: إسناده لين ، كما في الفتح (1/282) وضعفه الألباني في الإرواء (140).
قال ابن عجلان: الفقه في دين الله إسباغ الوضوء وقلة إهراق الماء، وقال الإمام أحمد: من فقه الرجل قلة ولوعة بالماء. وكان أحمد يتوضأ فلا يكاد يبل الثرى.
مكتبة الصوتيات
تلاوة من سورة ق
0:00
زكاة الفطر
0:00
تلاوة من سورة الأنبياء 51-71
0:00
رسائل في طلب العلم
0:00
كتابة الإنجازات
0:00
عدد الزوار
5014564
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1600 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |