تعريف الغسل .
الغسل هو: التعبد لله باستعمال ماء طهور في جميع البدن على وجه مخصوص.
حكم الغسل من الجنابة : ( الوجوب) والأصل فيه قوله تعالى ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ).
قال ابن تيمية : الغسل من الجنابة فرض، ومن صلى بغير طهارة شرعية مستحلاً لذلك فهو كافر.
الأمور التي يجب لها الغسل:
يجب الغسل لأمور : خروج المني ، الجماع ولو لم ينزل ، موت المسلم غير الشهيد ، خروج دم الحيض والنفاس .
أولا: خروج المني ، سواء في اليقظة أو في النوم وهذا ما يسمى بالاحتلام.
مسائل تتعلق بخروج المني:
مسألة1: إذا قام من نومه له حالتان:
1ـ أن يرى بللاً فهنا يجب عليه أن يغتسل حتى ولو لم يتذكر أنه رأى في المنام شيء بالإجماع كما نقله ابن قدامه ، لقوله تعالى ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) ولحديث ( إنما الماء من الماء ) أخرجه مسلم .
ولحديث ( أن امرأة قالت يا رسول الله، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت قال: نعم إذا رأت الماء ) أخرجه البخاري ، فعلّق الغسل برؤية الماء.
2ـ أما من استيقظ ولم ير بللاً فلا يغتسل لأن العبرة برؤية الماء.
مسألة : إذا أحس بانتقال المني ولكنه لم يخرج منه شيء.
الصحيح عدم وجوب الاغتسال لعدم الدليل ولأن الوجوب إنما هو لخروجه من المخرج الصحيح ، كما في الحديث السابق ( إنما الماء من الماء ) وهو اختيار ابن قدامه وجماعة من العلماء.
مسألة : المني الذي يخرج بلا شهوة مثل أن يخرج بسبب مرض أو برد أو نحوه، لا يوجب الغسل على الصحيح لعدم الدليل وهو اختيار ابن تيمية .
فائدة : الفرق بين المني والمذي ، أن المني يخرج بلذة وشهوة ويكون كثير ويوجب الاغتسال وهو طاهر .
وأما المذي فهو سائل لزج وخفيف يخرج عند تذكر الشهوة ويوجب غسل الذكر وهو نجس .
مسألة : الحكمة من الاغتسال لمن عليه جنابة .
لأن البدن يضعف بعد إنزال المني فيحتاج إلى النشاط، لأن المني مادة مكونة من جميع البدن، وأما البول ومع أنه يخرج من نفس المكان إلا أنه مادة مكونة من فضلات الطعام ولهذا لا يتأثر البدن بعد خروجه. قاله ابن القيم .
مسألة :
يجوز للجنب الجلوس في المسجد إذا توضأ كما ثبت هذا عن الصحابة .
مسألة : الجنب طاهر فيجوز له الأكل والمصافحة .
في حديث حذيفة أن النبي لقيه فأهوى إليه ليسلم فقال حذيفة : إني جنب ؟ فقال الرسول: إن المسلم لا ينجس . صحيح أبي داود .
والأحاديث التي تدل على هذه المسألة كثيرة تجدها في أبواب الغسل من كتب الفقه والحديث.
ثانياً: الجماع .
ويجب الغسل بالجماع ولو لم يكن هناك إنزال.
لحديث ( إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل ) رواه البخاري وفي لفظ ( وإن لم ينزل ) رواه مسلم .
مسألة : إذا وضع على الذكر - أثناء الجماع - خرقه أو كيس وجامع زوجته فالصحيح وجوب الاغتسال عليهما حتى لو لم ينزل .
ثالثاً: إسلام الكافر، قيل: يجب عليه الغسل .
واستدلوا بأن قيس بن عاصم لما أسلم أمره الرسول بالاغتسال. أخرجه أبو داود وصححه الألباني.
وقيل لا يجب، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر كل من أسلم أن يغتسل وقد أسلم كثير من الصحابة، وقال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى : غسل الكافر سنة.
رابعاً: موت المسلم غير الشهيد .
يجب أن يغسل الميت لحديث ابن عباس في الذي وقصته دابة ( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ) أخرجه البخاري ، وأما الشهداء فلا يغسلون لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بدفن الشهداء في ثيابهم.
خامساً : خروج دم الحيض .
لقوله تعالى ( فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) فإذا طهرت الحائض وجب عليها الاغتسال، ولحديث ( إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي ) أخرجه البخاري .
سادساً: النفاس وقد أجمع العلماء على وجوب الغسل للنفاس.
صفة الغسل النبوي :
قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر ثم حفن على رأسه ثلاث حفنات ثم أفاض الماء على سائر جسده ثم غسل رجليه . رواه البخاري.
صفة الغسل الكامل:
1- أن ينوي بقلبه.
2- ثم يقول بسم الله.
3- ثم يغسل كفيه ثلاثا.
4- ثم يغسل فرجه.
5- ثم يضرب بشماله على يمينه ويمسح ما علق بها من أثر الخارج.
6- ثم يتوضأ وضوءا كاملا.
7- ثم يدخل أصابعه في الماء ثم يخلل شعره حتى يروي بشرته، ويبدأ بشقه الأيمن لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم كما في البخاري.
8- ثم يصب على رأسه ثلاث حفنات بيديه، يفيض الماء على جلده كله وسائر جسده.
مسائل تتعلق بصفة الغسل :
مسألة : ذكر النووي أنه يقال بعد الاغتسال ( الدعاء ) الوارد بعد الوضوء.
مسألة : لابد من المضمضة والاستنشاق في الاغتسال لأنهما من الوجه وهو اختيار العلامة ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله تعالى.
مسألة : يجزئ الغسل عن الوضوء بالإجماع كما نقله ابن عبدالبر ، لأنهما عبادتان فتداخلت الصغرى في الكبرى.
مسألة : إذا نوى رفع الحدثين صح ذلك.
وإذا نوى رفع الحدث الأكبر ارتفع الأصغر معه، كما قرره شيخ الإسلام وابن القيم والسعدي، لأنه أدرج الأصغر في الأكبر فيدخل فيه ويضمحل معه.
مسألة : احذر من الإسراف في ماء الاغتسال فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع وهو خمسة أمداد كما في البخاري .
وقال: ( إنه سيكون في أمتي أقوام يعتدون في الطهور والدعاء ) صحيح أبي داود .
مسألة : يجوز للرجل أن يغتسل مع امرأته قالت عائشة :كنت أغتسل أنا والرسول صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف أيدينا فيه من الجنابة . رواه البخاري.
مسألة : لا يجب على المرأة أن تنقض شعرها في الغسل للجنابة والحيض لحديث أم سلمة قالت يا رسول: إني امرأة أشد شعر رأسي أفأنقضه للحيضة والجنابة ؟ فقال: لا. أخرجه مسلم .
وذهب بعضهم إلى أن زيادة ( والجنابة ) شاذة، وذهب أكثر أهل العلم إلى أن النقض لا يجب بل إن ابن قدامه نقل الإجماع على ذلك حيث قال: ولا أعلم فيه خلافا إلا ما روي عن ابن عمر.
أولا: غسل الجمعة .
وهذه المسألة اختلف العلماء فيها ولكن الذي رجحه بعض العلماء أنه سنة وممن اختار ذلك جمهور العلماء وممن رجحه من المتأخرين العلامة ابن باز رحمه الله تعالى ، ومما يدل على عدم وجوب غسل الجمعة :
1- حديث ( من توضأ يوم الجمعة فأحسن الوضوء ) أخرجه مسلم ، فانظر كيف ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ( من توضأ ) ولو كان لا يجوز إلا الغسل لبين ذلك.
2- حديث ( من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل ) أخرجه الترمذي وحسنّه ، والمعنى هنا واضح لمن تأمله فهنا الرسول صلى الله عليه وسلم خير بين الغسل وهو الأكمل وبين الوضوء وهو الجائز، وأما حديث ( غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ) فقد أخرجه البخاري ، فالمراد بالوجوب هنا أي متأكد الاستحباب كما تقول: حقك واجب علي.
ثانياً: الغسل عند الإحرام .
وهذا سنة لأنه ورد من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الترمذي ( ، ولم يأت الأمر به ، ومجرد الفعل لا يدل إلا على الاستحباب.
ثالثاً: الاغتسال لدخول مكة .
لما ورد أن ابن عمر فعل ذلك وأخبر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعله، كما في البخاري ، وأما الاغتسال لدخول المدينة فلا يستحب لعدم الدليل.
رابعاً: الغسل لمعاودة الجماع .
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه يغتسل عند كل واحدة، فقيل له: ألا تجعله غسلا واحدا ؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: هذا أزكى وأطيب. صحيح أبي داود .
ولو جامع أكثر من زوجه بغسل واحد فلا حرج لحديث أنس ( طاف النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على نسائه في غسل واحد ) صحيح أبي داود .
خامساً: الاغتسال من غسل الميت .
لحديث ( من غسل ميتا فليغتسل ) وهو حديث حسن بالشواهد، وقد رجح جماعة من العلماء أن الأمر في هذا الحديث ليس للوجوب وإنما للاستحباب ويدل على ذلك:
1- أن أسماء بنت عميس غسلت أبا بكر لما مات ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين عن الاغتسال هل يلزمها فقالوا: لا. أخرجه مالك وحسنه بعض أهل العلم .
2- ولحديث ( كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل ) قال الحافظ: هو أحسن ما جمع به بين مختلف الأحاديث.
سادساً: الاغتسال من دفن المشرك .
لما ورد أن علي رضي الله عنه لما مات أبوه وانتهى من دفنه قال الرسول صلى الله عليه وسلم: اذهب فواره - أي ادفنه - ، فقال علي : إنه مات مشركا. قال: اذهب فواره، قال: فلما واريته رجعت إليه، فقال لي: اغتسل. صحيح أبي داود ، قال ابن باز: إذا صح الحديث فالغسل من دفن المشرك سنة.
سابعاً: الاغتسال للمستحاضة لكل صلاة سنة .
أما الوضوء فيجب لكل صلاة لأن الدم النجس الخارج من السبيل ناقض للوضوء.
ثامناً: الاغتسال من الإغماء .
لما ورد من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لما أغمي عليه عند مرض الموت اغتسل. أخرجه البخاري ، وقد نقل ابن قدامه الإجماع على استحباب ذلك.
أغسال لا دليل على مشروعيتها
1- الاغتسال لعرفة ولرمي الجمرات ولطواف الوداع لا يستحب لعدم ورود ما يدل على مشروعيته والقول بعدم مشروعيته هو اختيار ابن تيمية وابن القيم.
2- الاغتسال بعد الحجامة ورد في الحث عليه حديث ( كان يغتسل من أربع من الحجامة ومن الجنابة ويوم الجمعة ومن غسل الميت) ولكن هذا الحديث لا يصح. تنقيح الكلام ص149.
3- الاغتسال للعيد لم يرد دليل على مشروعيته ، وممن قرر ذلك الإمام الشوكاني كما في النيل إنما ورد عن بعض السلف كابن عمر وغيره.
4- الاغتسال للكسوف والاستسقاء لا دليل عليه.
مكتبة الصوتيات
تأملات في سورة ق - 3
0:00
تأملات في سورة القمر - 2
0:00
عليك أربعة شهود
0:00
في العناية المركزة
0:00
انشراح الصدر
0:00
عدد الزوار
4973008
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |