يتحدث الفقهاء عن باب الآنية بعد باب المياه لأنها هي الوعاء الذي يتم فيه الوضوء في الأزمنة السابقة ، وأما الآن ففي الغالب أن الناس يتوضؤون من صنابير الماء .
الأصل في استعمال جميع أنواع الآنية الجواز إلا ما ورد الدليل بتحريمه.
المسألة الأولى في الأكل والشرب .
لا يجوز استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب .
الدليل: حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا تأكلوا في آنية الذهب والفضة ولا تشربوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة ) أخرجه البخاري ومسلم .
فيستفاد من الحديث: النهي الصريح عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة ، والنهي يقتضي التحريم كما هو معلوم.
ومما يدل على التحريم:
أولا:
أن في ترك ذلك تحقيق المخالفة للكافرين ، ومما هو مقرر في أصول الدين ( تأكيد مخالفة الكافرين ).
ثانيا:
أن في ذلك إسراف وتبذير وقد جاءت النصوص بتحريمهما قال تعالى ( إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) وقال: ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ) .
ثالثا:
أيضا أن في ذلك كسر لقلوب الفقراء والضعفاء، إذ كيف يأكل في آنية الذهب والفضة والفقير لا يجد ما يأكل.
رابعا:
حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم ) رواه البخاري ومسلم .
وفي هذا الحديث دلالة على تحريم الشرب في آنية الفضة، لأنه ذكر الوعيد على الشارب، ومن المعلوم عند أهل العلم أن من ضوابط كبائر الذنوب أن يكون على العمل وعيد، والوعيد لا يكون إلا على محرم.
تنبيه ، وقاس العلماء على الذهب والفضة ( المموه بهما أو المطلي بهما ).
المسألة الثانية في غير الأكل والشرب .
قال بعضهم لا يجوز، بل نقل النووي وابن هبيرة الإجماع على ذلك ، ولكن الصحيح أن المسألة فيها خلاف واختار شيخ الإسلام وابن القيم التحريم ، ورجح ابن عثيمين الجواز لأنه لم يرد دليل على المنع من ذلك ذلك. الممتع (1/75).
- قال ابن باز رحمه الله تعالى : الأقلام من الذهب والفضة لايجوز استخدامها للرجال ولا للنساء لأنها ليست من الحلية وإنما أشبه بأواني الذهب والفضة .
- يجوز للنساء لبس الفضة مالم يصل حد السرف بالإجماع .
- لبس خاتم الفضة للرجال إذا كان فيه صورة فلا يجوز لحديث " كل مصور في النار " رواه البخاري ومسلم .
مسائل تتعلق بباب الآنية .
مسألة (1) .
يجوز على الصحيح استعمال الأواني الثمينة غير الذهب والفضة كالياقوت والألماس لعدم ورود ما يمنع، غاية المرام (1/165).
مسألة (2) هل تصح الطهارة من آنية الذهب والفضة ؟
على خلاف ، ورجح ابن تيمية وابن باز أنها لا تصح. وقال بعضهم تصح، لأنه لا علاقه بين تحريم الاتخاذ وبين صحة الوضوء.( غاية المرام 1/168).
مسألة (3) مسألة الضبة .
1ــ الضبة اليسيرة من الفضة.
يجوز استعمال ضبة يسيرة من فضة لما ثبت في البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: ( انكسر قدح النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ مكان الشعب سلسة من فضة ) رواه البخاري ، والشعب هو: الشق والصدع.
2ــ الضبة اليسيرة من الذهب.
قيل بجواز الضبة اليسيرة من الذهب ولكن هذا القول غير صحيح ولا دليل عليه كما نقله ابن قدامه (المغني 1/104) وابن تيمية في الاختيارات (20).
- فائدة : يستحب تغطية الإناء الذي فيه ماء أو طعام ، لحديث " غطوا الإناء وأوكوا السقاء " رواه البخاري ومسلم .
مسألة (4) يجوز استعمال الذهب للرجال لحاجة.
لما ثبت أن أحد الصحابة رضي الله تعالى عنهم أصيب أنفه في إحدى المعارك فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب. أخرجه أبو داود وحسنه الترمذي والنووي.
مسألة (5) آنية الكفار .
1ــ تباح آنية الكفار ما لم تعلم نجاستها.
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة امرأة مشركة كما في البخاري ومسلم ، وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال: كنا نغزو مع الرسول صلى الله عليه وسلم فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم فنستمتع بها ولا يعيب ذلك عليهم.كما في صحيح أبي داود .
وورد في حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله تعالى عنه قال: قلت يارسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم ؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا غيرها، فاغسلوها وكلوا فيها ) أخرجه البخاري ومسلم .
2ــ أما إذا علمت النجاسة فلا يجوز استعمالها.
مسألة (6) وتباح ثياب الكفار ما لم تعلم نجاستها.
لأن الأصل الطهارة ، قال ابن قدامة : ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في إباحة الصلاة في الثوب الذي ينسجه الكفار فإن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إنما كان لباسهم من نسج الكفار. المغني (1/112)وأما قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) فالمراد النجاسة المعنوية.
مسألة (7) جلد الميتة .
الصحيح أن جلد الميتة المأكول لحمها يجوز استعماله إذا دُبغ، والمسألة فيها خلاف طويل، وما ذكرته هو الراجح إن شاء الله وهو اختيار الإمام أحمد وشيخ الإسلام والسعدي وابن باز، والإهاب هو الجلد قبل الدبغ وما بعد الدبغ لا يسمى إهاب.
ومما يدل عليه: حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا دبغ الإهاب فقد طهر ) رواه مسلم ، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى بعض الصحابة ومعهم شاة يجرونها فقال: لو أخذتم إهابها فقالوا: إنها ميتة فقال: يطهرها الماء والقرظ.
وعن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها، ثم ما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنا ) أخرجه البخاري .
قال العلماء: ورد ما يدل على جواز ذلك أكثر من عشرة أحاديث.
- ويستثنى من ذلك جلود السباع للنص الصريح الذي يدل على تحريمها وهو حديث " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن جلود السباع أن تفترش " رواه الترمذي وصححه النووي والألباني .
- وفي زمننا تستخدم الجلود في الحقائب والأحذية .
مكتبة الصوتيات
تأملات في سورة الصف
0:00
يوم نقول لجهنم هل امتلأت
0:00
سورة الرعد
0:00
تلاوة من سورة النحل 86 - 89
0:00
جراحات الخطايا
0:00
عدد الزوار
4970399
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |