هذا الباب بعض العلماء يسميه :
1ــ باب الاستطابة لأن فيه تطييباً للمحل .
2ــ بعضهم يقول: باب آداب قضاء الحاجة.
3ــ وقيل: ادآب الاستنجاء لأن النجو هو القطع أي قطع النجاسة وإزالة أثرها .
4ــ وقيل: ادآب التخلي ، وكلها تعاريف صحيحة.
ما هي الأمور التي تُفعل عند قضاء الحاجة ؟
أولاً:
يقدم رجله اليسرى عند الدخول واليمنى عند الخروج ، ولكن ليس هناك دليل صحيح صريح في هذه المسألة.
إنما هي قاعدة اتفق العلماء عليها وهي تقديم اليمين في الأمور الفاضلة واليسرى للأمور المكروهة، وقد ذكرها النووي وغيره كما في شرح مسلم.
ثانياً:
يستحب أن يقول قبل الدخول ( بسم الله ) كما رواه الترمذي وصححه الألباني في الإرواء عن علي رضي الله تعالى عنه قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذ دخل أحدهم الخلاء أن يقول بسم الله ) قال الحافظ في الفتح: إسناده على شرط مسلم.
ثم يقول ( اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) كما في البخاري ومسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك ، والخبث بالضم هو ذكران الشياطين، والخبائث: إناثهم.
والحكمة من الإتيان بهذا الدعاء قبل الدخول ما ورد في هذا الحديث ( إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث ) صحيح ابي داود ، والمعنى أنها مساكن الجن والشياطين.
وهنا إشارة ( لطيفة ):
أنه ذكر الإستعاذة بعد البسملة، والأصل أن تكون الإستعاذة قبل.
ثالثاً:
إذا خرج يستحب أن يقول ( غفرانك ) كما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم كما رواه الترمذي وغيره، وصححه ابن حبان وأبي حاتم والنووي والترمذي.
والحكمة من قول (غفرانك ) قيل:
1- أنه تذكر ثقل الخارج وأذاه فهو يسأل ربه أن يخفف عنه ثقل الذنوب ويخففها عنه، قاله ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/58 ).
2- وقيل: إنه استغفر من تقصيره في شكر نعمة الله تعالى التي أنعمها عليه فأطعمه ثم سهل له خروج الأذى فرأى أن شكره قليلا فتداركه بالاستغفار.
أقوال لا تصح أن تقال عند الخروج من الخلاء:
1ــ الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني .أخرجه ابن ماجه وضعفه البوصيري، والألباني كما في تمام المنة .
2ــ الحمد لله الذي أحسن لي في أوله وآخره. وهو حديث موضوع كما في ضعيف الجامع (4379).
3ــ أن نوحاً عليه السلام لم يقم من خلاء قط إلا قال: (الحمد الذي أذاقني طعمه وأبقى منفعته في جسدي وأخرج عني أذاه ) أخرجه البيهقي في الشعب وضعفه العقيلي كما في الضعفاء .
قال أبو حاتم الرازي في العلل (1/43): أصح حديث في الخروج من الخلاء حديث عائشة يعني غفرانك، وكذلك قال الترمذي: لا يعرف في الباب إلا حديث عائشة، أي لا يصح إلا حديث عائشة.
تنبيه : قال الصنعاني في شرح البلوغ ( 1/203) بعد أن ذكر بعض الأحاديث الضعيفة التي تقال بعد الخروج من الخلاء: ولا بأس في الإتيان بها جميعا شكرا على النعمة.
قلت: كيف تقال وهي لم تثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، بل الأولى أن لا نأتي إلا بما ثبت كما قرر ذلك المحققين من أهل الحديث.
مسائل تتعلق بباب أداب قضاء الحاجة
مسألة(1):
يحرم أن يستقبل القبلة أو يستدبرها عند قضاء الحاجة وهذه المسألة فيها كلام طويل بين أهل العلم، ولكن الصحيح هو تحريم الاستقبال والاستدبار في الفضاء وجوازه في البنيان وهو رأي الجمهور ، وقيل بتحريم ذلك في الفضاء والبنيان وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم كما في الزاد ، وممن رجح ذلك الشيخ عبدالرحمن السعدي، لحديث أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا تستقبلوا القبلة بغائط أو بول ولكن شرقوا أو غربوا ) أخرجه البخاري ومسلم .
- يجوز استقبال بيت المقدس لعدم النهي عند عامة أهل العلم وأما حديث " نهى أن نستقبل القبلتين ببول أو غائط " فلا يصح ، رواه أحمد وأبو داود وفي سنده أبو زيد وهو مجهول .
- لا يكره استقبال القبلة واستدبارها عند الاستنجاء أو الاستجمار لعدم النهي عن ذلك .
فائدة : وقيل لا يستقبل الشمس والقمر لما فيهما:
1ــ من نور الله تعالى.
2ــ وقيل لأن معهما ملائكة.
3ــ وقيل لأن أسماء الله مكتوبة عليها ولكن لا يصح في ذلك شيء.قاله ابن القيم كما في مفتاح دار السعادة (2/205).
مسألة (2)
لا يجوز أن يمس ذكره وهو يبول لحديث ( لا يمس أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ) أخرجه البخاري ومسلم ، وجمهور العلماء على الكراهة وقيل بالتحريم.
مسألة (3)
يكره الكلام حال قضاء الحاجة فقد ورد في الحديث: أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم والنبي يبول، فسلم الرجل فلم يرد عليه النبي السلام، أخرجه مسلم ، فإذا ترك الرسول صلى الله عليه وسلم رد السلام في هذه الحال فكيف بغيره من الكلام.
والسبب كما أوضحته الرواية الأخرى عند ابن ماجه ، قال للرجل: ( إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم علي، فإنك إن فعلت ذلك لم أرد عليك ) قال البوصيري: إسناده حسن. وفي رواية أخرى قال: ( إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة ) أخرجه أبوداود ، قال النووي: بأسانيد صحيحة.
مسألة (4)
يكره أن يدخل الخلاء بشيء فيه ذكر الله إلا لحاجة وذلك تعظيما لما فيه ذكر الله وأما حديث ( كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه ) فلا يصح أخرجه أبوداود ، لأن خاتمه مكتوب عليه ( محمد رسول الله ) ولكن هذا الحديث ضعفه البيهقي وابن القيم وقال الحافظ في التلخيص ( 1/107) قال النسائي: هذا حديث غير محفوظ، وقال أبو داود: منكر.
تنبيه:
وأما المصحف فيحرم الدخول به إلا إذا خشي ضياعه أو سرقته ، وأما إذا نسي ودخل به فلا شيء عليه كما قال تعالى ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) ، فتاوى اللجنة (5/95).
مسألة (5)
وإذا كان يقضي حاجته في الخلاء - مكان مكشوف - فلا يرفع ثوبه حتى يجلس على الأرض لئلا تنكشف عورته، لحديث (كان لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ) صحيح أبو داود ، قال النووي : وهذا الأدب متفق على استحبابه.
مسألة (6)
بعض سنن قضاء الحاجة :1- أن يبتعد لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا ذهب إلى الغائط أبعد. أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة والحاكم والترمذي ، وهذا الأدب اتفق العلماء عليه .
مسألة (7)
لا يطيل البقاء في الخلاء لأن في ذلك كشف للعورة بلا حاجة، ولأن أماكن قضاء الحاجة مأوى الشياطين وهو مكان لا يذكر الله فيه.
مسألة (8)
يستحب أن يرتاد لبوله مكانا رخوا لحديث ( إذا بال أحدكم فليرتد لبوله ) أخرجه أبوداود ، ولكن ضعفه النووي، ولكن قال النووي وهذا الأدب متفق على استحبابه.
والحكمة من ذلك لئلا يرجع عليه بوله إذا بال على مكان صلب، وهذا الأدب متفق على استحبابه .
مسألة (9)
قيل: يكره أن يبول في الجحر أو الشق لئلا يكون فيه بعض الدواب فتؤذيه ، وورد حديث ( نهى أن يبال في الجحر ) أخرجه أبو داود ، واختلف في الحديث فصححه النووي في المجموع (2/85) وضعفه آخرون، إلا أن الحكمة التي سبق بيانها واضحة فليعلم ذلك.
وهنا إشارة يسيرة :
يروى أن سعد بن عبادة بال في جحر ثم استلقى ميتا فسمع صوت من داخل الجحر: نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ورميناه بسهم فلم نخطئ فؤاده وهذه القصة أخرجها ابن سعد (3/617) من طريق محمد بن سيرين عن سعد بن عبادة، ولكن فيها انقطاع لأن محمد لم يدرك سعد.
مسألة (10) هل يجوز البول قائما ؟
نعم يجوز، لأنه ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم بال قائما ، فقد روى البخاري عن أبي جحيفة رضي الله تعالى عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم سباطة قوم فبال قائما. أخرجه البخاري ، والسباطة هي المكان الذي يلقى فيه التراب والكناسة، قال العلماء: فعل ذلك لبيان الجواز.
ولكن هناك شروط لجواز البول قائما :
1- أن يأمن انكشاف عورته.
2- أن يأمن رجوع قطرات من البول عليه فلا تنجسه.
تنبيه :
وأما حديث عائشة ( من حدثكم أن الرسول بال قائما فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعدا) فقد أخرجه الترمذي وقال هو أحسن شيء في الباب ، فقد حمله العلماء على أن عائشة رضي الله تعالى عنها لم تعلم بأنه بال قائما ، فأنكرت ذلك والقاعدة إذا تعارض المثبت والنافي يقدم المثبت لأن عنده زيادة علم.
وهنا ( فائدة ) :
وردت أحاديث في النهي عن البول قائما ولكن لا يصح منها شيء كما قرره الحافظ في الفتح ( 1/283 ).
تنبيه :
وأما من قال إن الرسول صلى الله عليه وسلم بال قائما لجرح كان في ركبته ، فقد أخرجه الحاكم ولكنه ضعيف كما في تنقيح الكلام ص 43.
مسألة (11)
ورد أنه كان إذا أتى للحاجة غطى رأسه ولكنه حديث ضعيف. تنقيح ص 55.
مسائل تتعلق بالاستنجاء والاستجمار
الاستنجاء هو: إزالة النجو، وهو الخارج من السبيلين بماء ونحوه.
قال شيخ الإسلام : الاستجمار بالأحجار تواترت به السنة وأجمع المسلمون على جوازه.
ما يحرم في الاستنجاء والاستجمار:
أولا : يحرم الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار.
ثانيا : يحرم الاستنجاء أو الاستجمار باليمين والدليل عليهما حديث سلمان ( نهانا الرسول أن نستنجي باليمين أو نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار ) أخرجه مسلم .
ثالثاً : لا يستنجي بروث ولا عظم لحديث ( في قصة الجن مع الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم وكل بعرة علفا لدوابكم ) وقال للصحابة: ( فلا تستنجوا بهما فإنها طعام إخوانكم من الجن ) أخرجه مسلم .
ما يجوز في الاستنجاء والاستجمار:
أولا : يجوز أن يستجمر بحجر له ثلاث جهات لأن القصد هو الثلاث مسحات سواء كانت بثلاثة أحجار أو ثلاث مسحات لحجر واحد.
ثانيا: يجوز الاستجمار بالحجر والورق والخرق ونحو ذلك، وأما الورق فلا يجوز أن يكون فيه كلام من القرآن أو الحديث أو العلم.
ثالثاً: أن يقطع استجماره على وتر لحديث ( من استجمر فليوتر ) أخرجه البخاري .
تنبيه مهم في الاستنجاء والاستجمار:
يجب العناية بالاستنجاء:
1ـ لحديث( القبرين الذين يعذبان ، أما أحدهما فكان لا يتنزه من بوله ) أخرجه البخاري .
2ـ وحديث ( تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ) أخرجه الدارقطني وصححه الألباني في الإرواء (280).
المواطن التي يحرم فيها قضاء الحاجة
يحرم قضاء الحاجة في مواطن :
- قارعة الطريق.
- الظل النافع.
- موارد الناس.
- مكان الماء النافع.
والأدلة على ذلك:
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال صلى الله عليه وسلم: اتقوا اللعانين، قالوا وما اللعانين يارسول الله ؟ فقال: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم. رواه مسلم في صحيحه .
وروى معاذ رضي الله تعالى عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل. أخرجه أبوداود ، وفيه ضعف، ويشهد له ماسبق.
وقوله اللعانين: أي الأمور التي تجلب اللعن لصاحبها، وذلك لأن هذا نوع من الأذى، والناس لا يحبون من يؤذيهم في طرقاتهم وأماكنهم التي يردونها.
بعض المسائل الأخرى:
مسألة1 : يجوز أن يضع له إناء ليبول فيه فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان له إناء يبول فيه ويضعه تحت السرير، كما في صحيح النسائي .
مسألة 2: ثبت النهي عن ( البول في الماء الدائم الذي لا يجري ).
مكتبة الصوتيات
فضل الاستغفار
0:00
أحكام صلاة المسافر
0:00
تلاوة من سورة آل عمران 185
0:00
سفيان الثوري
0:00
تأملات من قصة لوط عليه السلام
0:00
عدد الزوار
4973008
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |