• الخميس 8 مُحَرَّم 1447 هـ ,الموافق :03 يوليو 2025 م


  • من معاني الرضا بالله وبرسوله وبدينه



  •  


    قال ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارج السالكين 2 / 477 ، في كلامه عن منزلة الرضا: 

    قال النبيُّ ﷺ: ذاق طعمَ الإيمان من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمَّدٍ رسولًا. رواه مسلم.

    وقال: مَن قال حين يسمع النِّداء: رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمَّدٍ رسولًا، غفرت له ذنوبه. رواه مسلم.

    وهذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدِّين، وإليهما ينتهي، وقد تضمَّنا الرِّضا بربوبيَّته سبحانه وإلهيَّته، والرِّضا برسوله والانقياد له، والرِّضا بدينه والتسليم له.

    ومَن اجتمعت له هذه الأربعة فهو الصِّدِّيق حقًّا، وهي سهلةٌ بالدعوى واللِّسان، ومِن أصعب الأمور عند الحقيقة والامتحان، ولا سيَّما إذا جاء ما يخالف هوى النفس ومرادها من ذلك، تبيَّن أنَّ الرضا كان على لسانه لا على حاله.

    فالرِّضا بإلهيَّته يتضمَّن الرِّضا بمحبَّته وحده، وخوفه، ورجائه، والإنابة إليه، والتّبتُّل إليه، وانجذاب قوى الإرادة والحبِّ كلِّها إليه؛ وذلك يتضمَّن عبادته والإخلاص له.

    والرِّضا بربوبيته يتضمَّن الرِّضا بتدبيره لعبده، ويتضمَّن إفراده بالتوكُّل عليه، والاستعانة به، والثِّقة به، والاعتماد عليه، وأن يكون راضيًا بكلِّ ما يفعله به. فالأوَّل يتضمّن رضاه بما يأمره به، والثاني يتضمَّن رضاه بما يُقدِّر عليه.

    وأمّا الرِّضا بنبيِّه رسولًا، فيتضمَّن كمال الانقياد له، والتسليم المطلق إليه، بحيث يكون أولى به من نفسه، فلا يتلقَّى الهُدى إلا مِن مواقع كلماته، ولا يُحاكم إلا إليه، ولا يُحكِّم عليه غيرَه، ولا يرضى بحكم غيره البتَّة، لا في شيءٍ مِن أسماء الربِّ وصفاته وأفعاله، ولا في شيءٍ مِن أذواق حقائق الإيمان ومقاماته، ولا في شيءٍ مِن أحكامِ ظاهرِه وباطنه؛ لا يرضى في ذلك بحكم غيره، ولا يرضى إلَّا بحكمه.

    وأمّا الرِّضا بدينه، فإذا قال أو حكم أو أمر أو نهى رضي كلَّ الرِّضا، ولم يبق في قلبه حرجٌ مِن حكمه، وسلَّم له تسليمًا ولو كان مخالفًا لمراد نفسه وهواها، وقول مقلِّده وشيخه وطائفته.

    اللهم اجعلنا من أهل الرضا يارب العالمين .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    صلاح الأمة في علو الهمة

    0:00

    فضل العلماء والدعاة

    0:00

    سورة تبارك

    0:00

    تلاوة من سورة النساء 34-64

    0:00

    الاستعداد للموت

    0:00



    عدد الزوار

    6161954

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 37 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1667 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة