تعليقات على كلمات لابن تيمية ( 1 )

عدد القراءات : 25 تاريخ الإضافة : الثلاثاء 24 شوال 1446 هـ

1- كلما قويت محبة العبد لمولاه، صغُرت عنده المحبوبات وقلّت، وكلما ضعُفت، كثُرت محبوباته وانتشرت. الفتاوى (1 / 94).

التعليق: إنّ مِن أعظم الأعمال القلبية أن تسكن محبة الله في قلبك بشكلٍ قوي، ومَن وجدَ ذلك فإنّ كل الشهوات الأخرى تصغُر عنده وتُصبح لا قيمة لها، والعكس فمَن ضعفُت محبة الله في قلبه فسوف يجد أنه يسبح في بحار الشهوات والملهيات.

وهنا أمثلة:

المثال الأول: مَن امتلأ قلبه بحُب الله فإنه لا يُعاني مِن التعلق بالمحرمات كالنظر والسماع وغيره، لأنّ قلبه مليء بالإيمان بالله وتعظيمه والفرح بعبادته والشوق إليه، وهذا لا يعني أن الخواطر لا تأتيه، بل هو كغيره تأتيه الخواطر، ولكنه يدفعها بقوة، بسبب قوة محبته لله تعالى.

المثال الثاني: ذلك الشاب الذي أهمل صلاته وأضاع وقته في المحرمات، فإنه يعاني من الهموم والتعلق بالشهوات، وتراه في حيرة وقلق، ولا يشبع من معصية، والسبب هو فراغ القلب من الأنس بالله تعالى.

2- التعبير عن حقائق الإيمان بعبارات القرآن أولى من التعبير عنها بغيرها. النبوات (ص 333).

التعليق: في مسائل العقيدة يجب أن يلتزم أهل العلم بعبارات القرآن، ويبتعدوا عن عبارات أهل البدع وغيرهم، لأن كلمات القرآن أقوى وأوضح وأبلغ في المراد، لأنها كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

3- كما أن نور العين لا يرى إلا مع ظهور نور قدّامه، فكذلك نور العقل لا يهتدي إلا إذا طلعت عليه شمس الرسالة. الفتاوى (1 / 6).

التعليق: من خصائص أهل السنة والجماعة أنهم يجعلون النقل مُقدَّم على العقل، لأن العقل لا يستقل بمعرفة الخير من الشر إلا بنور الوحي من نصوص الكتاب والسنة، وما ضلّ مَن ضلّ مِن أهل البدع إلا لأنهم أعرضوا عن الوحي وقدّموا الآراء والعقول والأقيسة على الوحي.

4- الرادّ على أهل البدع مجاهد. الفتاوى (4 / 13).

وقال رحمه الله تعالى: ترك أهل العلم تبليغ الدين كترك أهل القتال للجهاد. الفتاوى (28/ 188).

التعليق: يظن البعض أن الجهاد هو في محاربة الأعداء في المعارك فقط، والصحيح أن هذا نوع، ولكن يجب أن نعلم أن طلب العلم وتعليم الناس والرد على أهل البدع نوع من الجهاد أيضاً، لأن فيه بيان للحق ودفاع عنه، وردٌ على البطل وأهله.

لهذا يجب أن يستشعر أهل العلم أنهم في جهادٍ كبير، ويجتهدوا في التعلم والتعليم والدفاع عن الحق بالحجة والبيان بالأسلوب المناسب.

ولو تركنا أهل البدع ينشرون الضلال والخرافات لانحرف بسبب ذلك الكثير من الناس، وكم نرى في بعض البلاد من صور الجهل والتساهل في البدع، وما ذاك إلا بسبب قوة أهل البدع ونشرهم لمناهجهم الباطلة في تلك المجتمعات، فينشأ الناس على ذلك، وبالتالي يصعب على أهل العلم إزالة الشبهات، لأنها رسخت في نفوسهم لسنوات طويلة.

5- من فصّل الجواب فقد أصاب. الفتاوى (9 / 306).

التعليق: من توفيق الله لطالب العلم أن يُحسِن الجواب في المسائل، وخاصةً تلك المسائل التي تحتاج لشيء من التوضيح والتقسيم، لأن بيان الحق يحتاج لشيء من التأصيل في الجواب، لإزالة الشبهات التي قد تعلق في النفوس بسبب الجواب العام الذي قد يسمعه العامة من بعض أهل العلم.

وهنا أمثلة: عند تقرير مسألة رؤية الله في الآخرة فإن الصواب أن تقول: تنقسم الرؤية إلى مسائل، ثم تبدأ في الجواب، وتذكر أدلة كل قول.

ومثال ثاني: زيارة أهل البدع تنقسم إلى أقسام، زيارة بقصد الدعوة فهذه مستحبة ولها ضوابط، وأما إن كانت لأجل مجرد الزيارة فهذه تكره لأسباب، وهكذا.

6- كثير من الناس كراهتهم للجهاد على المنكرات أعظم من كراهتهم للمنكرات لاسيما إذا كثرت المنكرات وقويت فيها الشبهات والشهوات. الفتاوى (15 / 341).

التعليق: كلنا يرى المنكرات في بعض الأماكن، فهنا يجب أن يكون في قلبك كراهية لها، لأن الله يكرهها، ثم إن قدرتَ على نصيحة أصحابها فهذا مِن الواجب عليك – بالتي هي أحسن -.

ولكن الغريب أن يوجد أشخاص يكرهونك لأنك أنكرتَ المنكر، أكثر مِن كراهيتهم لوجود المنكرات، وهذا شيء غريب، ثم حتى لو افترضنا أن يوجد مَن يُخطئ في أسلوب النصيحة لأصحاب المنكر، فإياك أن يكون في قلبك محبةً أو تساهلاً في النظر لتلك المنكرات.

وفي هذا يقول ابن تيمية: ومن رضي عمل قوم حشر معهم، كما حُشرت امرأة لوط معهم ولم تكن تعمل فاحشة اللواط، لكنها لما رضيت فعلهم، عمّها العذاب معهم. الفتاوى (١٥/٣٤٤).

7- من لم يعرف أسباب المقالات وإن كانت باطلة، لم يتمكن من مداواة أصحابها وإزالة شبهاتهم. الرد على البكري (1/182).

التعليق: من الحكمة في الرد على أهل الأهواء أن تتعرف على أسباب ضلالهم من خلال النظر في كتبهم، لكي تتعرف على أصول الانحراف لديهم، ثم بعد ذلك تناقش تلك الأسباب بالعلم والحكمة، وبهذه الطريقة تقوى على كشف باطلهم وشبهاتهم، وقد قال الله تعالى (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين)