قال ابن القيم رحمه الله تعالى: في قوله: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ [البقرة: ١٢١]، والمعنى: يتبعون كتاب الله حقَّ اتباعه، وقال تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ﴾ [العنكبوت: ٤٥]، وقال: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ﴾ [النمل: ٩١ - ٩٢].
فحقيقةُ التِّلاوة في هذه المواضع هي التِّلاوة المطلقة التامة، وهي تلاوةُ اللفظ والمعنى؛ فتلاوةُ اللفظ جزءُ مسمَّى التِّلاوة المطلقة، وحقيقةُ اللفظ إنما هي الاتِّباع، يقال: اتلُ أثر فلان، وتلوتُ أثره وقفوتُه وقصصتُه بمعنى تبعتُه خلفَه، ومنه قولُه تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا﴾ [الشمس: ١ - ٢]، أي: تَبِعَها في الطلوع بعد غيبتها، ويقال: جاء القومُ يتلو بعضُهم بعضًا، أي: يَتْبع.
ويسمَّى تالي الكلام: تاليًا؛ لأنه يُتْبِعُ بعضَ الحروف بعضًا، لا يُخْرِجُها جملةً واحدة، بل يُتْبِعُ بعضَها بعضًا مرتَّبة، كلما انقضى حرفٌ أو كلمةٌ أتبعه بحرفٍ آخر وكلمةٍ أخرى.
وهذه التِّلاوة وسيلةٌ وطريق، والمقصودُ التِّلاوةُ الحقيقية، وهي تلاوةُ المعنى واتِّباعُه تصديقًا بخبره، وائتمارًا بأمره، وانتهاءً عن نهيه، وائتمامًا به، حيثُ ما قادك انقَدتَ معه.
فتلاوةُ القرآن تتناولُ تلاوةَ لفظه ومعناه، وتلاوةُ المعنى أشرفُ من مجرَّد تلاوة اللفظ، وأهلُها هم أهلُ القرآن الذين لهم الثناءُ في الدنيا والآخرة، فإنهم أهلُ متابعةٍ وتلاوةٍ حقًّا.
مفتاح دار السعادة 1 / 114
مكتبة الصوتيات
تأملات في سورة الواقعة - 2
0:00
ماذا يجري تحت الأرض....
0:00
المحرمات المالية
0:00
من أسباب حفظ القرآن
0:00
اسباب محبة الله
0:00
عدد الزوار
5214229
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 29 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1627 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |