• الخميس 16 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :25 ابريل 2024 م


  • أسباب تفضيل دعاء الاستفتاح " سبحانك اللهم وبحمدك " على غيره



  • من اختيارات ابن تيمية رحمه الله تعالى ، أنه يختار الاستفتاح في الصلاة بحديث " كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا اسْتَفْتَحَ الصَّلاَةَ قالَ: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، وتَبارَكَ اسْمُكَ وتَعالى جَدُّكَ، ولاَ إلَهَ غَيْرَكَ " .

    قال ابن تيمية رحمه الله : لا يختلف المذهب في استحباب الاستفتاح في صلاة الفريضة والنافلة بعد التكبير، فبأيها استفتح فحسن، وقد جاء فيه عن النبي ﷺ وأصحابه أنواع عديدة، لكن عامتها إنما كان يستفتح به النبي ﷺ في صلاة الليل في النوافل، فبأيها استفتح فحسن، وإنما استحببنا هذا الاستفتاح على غيره، لوجوه :

    أحدهما: أنه روي عن النبي ﷺ من وجوه:

    فروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا اسْتَفْتَحَ الصَّلاَةَ قالَ: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، وتَبارَكَ اسْمُكَ وتَعالى جَدُّكَ، ولاَ إلَهَ غَيْرَكَ » رواه الخمسة.

    وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا اسْتَفْتَحَ الصَّلاَةَ قالَ: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، وتَبارَكَ اسْمُكَ وتَعالى جَدُّكَ، ولاَ إلَهَ غَيْرَكَ » رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والدارقطني.

    وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي ﷺ إذا افتتح الصلاة كبر ثم يقول: « سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، وتَبارَكَ اسْمُكَ وتَعالى جَدُّكَ، ولاَ إلَهَ غَيْرَكَ » رواه الدارقطني بإسنادٍ جيدٍ .
    وروي أيضًا عن ابن عمر عن النبي ﷺ، والمشهور أنه عن عمر ، ورواه الطبراني في الدعاء من حديث ابن مسعود وعبد الله بن عمر 
    والحكم بن عمير اليماني .

    الثاني: أنه يختاره عامة أصحاب النبي ﷺ، قال الترمذي: عليه العمل عند الصحابة والتابعين.
    وروى سعيد عن أبي بكر 
    الصديق رضي الله عنه أنه كان يستفتح بذلك، وكان أبو بكر أشبه الناس صلاة برسول الله .
    وهو مشهور عن عمر، رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله: أن عمر كان يجهر بهؤلاء الكلمات: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، وتَبارَكَ اسْمُكَ وتَعالى جَدُّكَ، ولاَ إلَهَ غَيْرَكَ ، ليسمعنا ذلك ويعلمنا، وعلى هذا الوجه اعتمد أحمد لوجوه:

    أحدها : أن عامة الاستفتاحات المأثورة عن النبي ﷺ إنما هي في النوافل.

    الثاني : أن هذا جهر عمر به في الفريضة ؛ ليعلمه الناس بحضرة أصحاب النبي ﷺ، ولم ينكروه عليه، وهو إنما يعلم الناس سنة النبي ﷺ، ولا شيء يختاره لنفسه، وكذلك أقره الناس على ذلك ولم ينكره عليه أحد، بل قد روى الدارقطني عن عثمان مثل ذلك، وروى ابن المنذر عن ابن مسعودٍ مثل ذلك، وإذا كان الخلفاء الراشدون على ذلك علم أنه المسنون غالبًا.

    الثالث : ما روى سعيد بن منصور وغيره عن الضحاك في قوله: ﴿ وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ قال: حين تقوم إلى الصلاة، قال: تقول: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، وتَبارَكَ اسْمُكَ وتَعالى جَدُّكَ، ولاَ إلَهَ غَيْرَكَ .
    وقال النبي ﷺ للأعرابي المسيء في صلاته: لاَ تَتِمُّ صَلاَةٌ لأحَدٍ مِنَ النّاسِ حَتّى يَتَوَضَّأ فَيَضَعَ الوُضُوءَ مَواضِعَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ ويَحْمَدُ اللهَ ويُثْنِي عَلَيْهِ، ويَقْرَأُ بِما تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ .
    رواه أبو داود والنسائي ، فالافتتاح بهذا أشبه بامتثال الأمر في الكتاب والسنة.

    الرابع: أن أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهي: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فاستفتح الصلاة بالتكبير

    وضمّ إليها سبحانك اللهم وبحمدك ولا إله غيرك فقد أتى بمعنى هذه الكلمات، وضم إليها: تبارك اسمك وتعالى جدك، والجدّ هو العظمة والكبرياء، وهو الأمثل الأعلى في السماوات والأرض.

    فإذا انضمّ إلى الباقيات الصالحات أسماؤه سبحانه وصفاته، فقد حصل الثناء في جميع الجهات.

    الخامس: إن هذه الكلمات كلها في القرآن أمرًا وثناءً، والذكر الموافق للقرآن أفضل من غيره، أما التكبير فقال: ﴿ وكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ .
    وأما التسبيح والتحميد فقال: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾، 
    وكان النبي ﷺ يقول في ركوعه وسجوده: « سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمْدِكَ » يتأول هذه الآية، فعلم أن قول العبد: « سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ » يكون امتثالًا لها، وكذلك قوله: ﴿ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾، ﴿ ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ﴾ .
    وأما التبريك فقال: ﴿ تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الجَلالِ والإكْرامِ ﴾ .
    وأما التعلية فقال تعالى: ﴿ وأنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا ﴾ وأما التهليل فكثير.

    السادس: أن هذا ثناء محض على الله وما سواه؛ إما إخبار عن الحال التي هو فيها، أو دعاء ومسألة، والثناء على الله أفضل منهما، وكذلك اختير التسبيح في الركوع والسجود، على قول العبد: لك سجدت، وعلى الدعاء.

    السابع: أن ما سواه فيه طول ينافي ما يشرع في المكتوبة من التخفيف .

    الثامن: أنه قد ثبت أن هذا مسنون في المكتوبة، وغيره مما يختاره بعض العلماء إنما روي أنه كان في النافلة.

    شرح العمدة ، كتاب صفة الصلاة ص 78


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    ذنوب الخلوات

    0:00

    الاهتمام بالزوجة

    0:00

    إيجادل البديل من القنوات

    0:00

    قصة الطفل الذي لم يغرق

    0:00

    تأملات من سورة الزخرف - 4

    0:00



    عدد الزوار

    4155879

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة