• الجمعة 19 رَمَضان 1445 هـ ,الموافق :29 مارس 2024 م


  • قصة الرجل الذي قتل مائة شخص



  • قال صلى الله عليه وسلم : كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنساناً فأراد أن يتوب ، فخرج يسأل الناس ، فدلّوه على عابد ، فأتى الراهب فسأله هل لي من توبة ؟
    قال: لا ، فقتله ، ثم جعل يسأل الناس ، فدلّوه على عالم ، فجاء عنده فقال : هل لي من توبة ؟ فقال العالم : ومن يحول بينك وبين التوبة ، اخرج من القرية الخبيثة ، إلى القرية الصالحة ، قرية كذا وكذا ، واعبد ربك فيها .

    وخرج من القرية ، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله ، وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيراً قط .

    فأتاهم ملَك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم ، فقال : قيسوا ما بين الأرضين ، فإلى أيتهما كان أدنى فهو لها ، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة ، وفي رواية " فأوحى الله إلى هذه أن تقاربي ، وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي ، وقال : قيسوا ما بينهما ، فوجد إلى هذه أقرب بشبر ، فغفر له . رواه البخاري وغيره بألفاظ متقاربة .

    الفوائد من القصة :

    1- القصص وسيلة مهمة في التأثير في الناس وفي الأسرة ، وربنا تبارك وتعالى يقول " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب " .

    2- البيئة التي يعيش فيها الشخص تؤثر على سلوكه وأفكاره ، فانظر في هذا القاتل الذي عاش بين بيئة سيئة لم يقدر على ترك المعاصي إلا حينما غادر تلك القرية ، وهكذا ننصح كل من ابتلي بالذنوب الكبار أن يبتعد عن أصدقاء السوء ، وليس شرطاً أن يسافر لبلد آخر .

    3- مهما فعل الإنسان من الذنوب فإنها لاتزيده إلا همّاً وضيقاً ، فهذا القاتل لم يجد راحته في القتل والأذى ولهذا وجد في نفسه رغبة في تغيير هذه الحياة إلى حياة أفضل وهي حياة الرجوع إلى الله تعالى .

    4- رحمة الله بعباده حيث أنه يجعلهم يفكرون بالتوبة مع أنه غني عنهم ، وانظر في هذا القاتل ياترى من الذي جعله يبحث عن التوبة ، إنه الله التواب ، قال تعالى " والله يريد أن يتوب عليكم " .

    5- الناس يغترون بالمظاهر ، ولهذا أرشدوا هذا التائب لسؤال العابد لأنه يرونه صالحاً ، والواجب أن يرشدوا السائل للشخص المتخصص في العلم والإرشاد ، لأن العابد المتفرغ للعبادة قد لايعرف الإرشاد التربوي للناس كما جرى هنا في هذه القصة .

    6- حينما يسألك شخص عن شيء ليس من تخصصك فالأولى أن لاتجيب بل ترشد السائل لسؤال المختصين في أي مجال سواء في المجال الديني أو الدنيوي ، وهذا فيه مصلحة لك وللسائل ، أما مصلحتك فهي أن تسلم من الإثم لأنك لو أرشدت السائل بغير علم فإنك تأثم ، وأما المصلحة للسائل فهي أن يعرف الجواب الصحيح لمسألته ، ولهذا فإن الفتاوى الصادرة من غير المتخصصين في العلم أوقعت الضرر بالمجتمع في قضايا كثيرة .

    7- الصدق مع الله في التوبة يصنع العجائب ، فانظر في هذا القاتل لما صدق مع الله في التوبة ، وخرج من قرية السوء لأجل أن يغير من حياته ، حقق الله له هذه الكرامة العجيبة في وفاته ، أن تحركت له القرية الصالحة وتقاربت من جسده ، وتباعدت منه القرية السيئة ، وهذا من أعجب العجب أن تتحرك قرية من مكانها ، فسبحانك يارب ما أعظم شأنك وما أوسع رحمتك .

    8- سعة المغفرة عند الله كما قال تعالى " إن ربك واسع المغفرة " وتأمل كيف غفر الله لهذا القاتل كل تلك الجرائم بسبب توبته الصادقة ، مع أنه لم يصل للقرية الصالحة ليفعل الكثير من الصالحات .

    9- الله يحب التوابين ويفتح لهم أبواب رحمته وخزائن جوده ، وهذه رسالة لكل من أسرف على نفسه بالذنوب أن يقبل على الله لعله أن يغفر له ويتوب عليه .

    10- الفرق بين العالِم والعابد ، أن العابد إنما يكون نفعه على نفسه ، ولكن العالم يعمّ نفعه الكثير من الناس ، وانظر هنا كيف انتفع القاتل برأي العاِلم وانتقل للقرية الصالحة فكانت خاتمتهُ حسنة وفاز بمغفرة الله له .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    يا غــافر الذنب

    0:00

    البلاي ستيشن

    0:00

    معالم عقدية وتربوية في المنهج

    0:00

    قواعد في البدع - 2

    0:00

    أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة

    0:00



    عدد الزوار

    4100789

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 90 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1589 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة