الحمد لله الذي له العظمةُ كلها، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي عظّم الله كما ينبغي له سبحانه وتعالى.
أما بعد، فإنَّ مِن أعظم النعم التي يمنحكَ الله إياها أن تكون ممن يُعظمون الله تبارك وتعالى.
ونحن في زمن تقنية المعلومات وانتشارها على كافة مواقع التواصل، وأصبحنا نعرف أشياء كثيرة من حولنا، ولكن هل نعرفُ شيء من عظمة الله وجبروته؟
عباد الله، إنَّ مِن أسماءِ الله : العظيم، وقد جاء في عدة مواضع في كتاب الله، كما قال تعالى ( وهو العلي العظيم ).
وسوف نتجول في بيان شيء من عظمته، وماهي ثمرات ذلك؟
الله عظيمٌ سبحانه في ذاته، عظيمٌ في أسمائه وصفاته، عظيمٌ في ملكه وسلطانه، عظيمٌ في لطفه وإحسانه.
الله رفع السماوات بغير عمد وهو الذي يمسكها أن تسقط، قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾.
وحينما تتأمل في حجم هذه السماوات تقف مُعظماً لمن خلقها سبحانه وتعالى، ولما ذكر النبي ﷺ الكرسي، قال : مالسماواتُ السبع والأرضون السبع في كرسي الرحمن إلا كحلقةٍ مُلقاةٍ في أرضٍ فلاه.
أيها الناس، الله عظيم في خَلقِهِ، يقول سبحانه: ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾، فانظر في عدد المخلوقات التي تراها والتي لاتراها، مَن الذي خلقها وأبدعها ؟ إنه الله الخالق تبارك وتعالى ( فتبارك الله أحسن الخالقين ).
ومما يقوي تعظيم الله في النفوس، أن تتفكر في عدد ملائكته، وتأمل هذا الحديث " أطّت السماء وحُقّ لها أن تئطّ، مامِن موضع أربع أصابع إلا وملك ساجد أو راكع " ، قال تعالى ( يسبحون الليل والنهار لايفترون ).
وانظر في حديث البيت المعمور الذي يُذكرك بعظمةِ الله، البيت المعمور هو بيت يقابل الكعبة وهو في السماء السابعة، يطوف حوله سبعون ألف ملك كل يوم ثم يذهبون ويأتي غيرهم، وهكذا حتى تقوم القيامة.
فهل تخيلت هذا العدد الهائل، فمن الذي خلقهم، ومن الذي يعلم بهم؟
عباد الله؟
الله عظيم في سعة علمه، يقول تعالى: ( وعنده مفاتح الغيب لايعلمها إلا هو ويعلم مافي البر البحر وماتسقط من ورقة إلا يعلمها ).
هذا هو الله سبحانه وتعالى.
ومِن أدلة عظمة الله أن الله يطوي السماوات بيمينه يوم القيامة، قال تعالى (والسماوات مطويات بيمينه) ، وقال تعالى (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب).
تخيل هذا المشهد الرهيب، كل هذه السماوات التي لانعلم بطولها وعرضها، يطويها ربنا في طرفة عين.
هذا الكون المليء بالنجوم والكواكب العظيمة، يطويها ربنا في لحظة وتتبعثر بين يديه وكأنها لاشيء.
سبحانك يارب ما أعظمك.
الله تعالى، ذلّت لعظمته الكائنات، يقول تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ﴾.
وفي آياتٍ كثيرة ذكر الله تسبيح كل شيء له، قال تعالى (سبّح لله مافي السماوات والأرض)، وقال سبحانه (وإن من شيء إلا يسبحُ بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم).
ومِن عظمته سبحانه أن بعض ملائكته لهم خلق عجيب ومنهم حملة العرش.
قال ﷺ : أُذِن لي أن أُحدِث عن مَلَك من حملة العرش مابين شحمة أذنه إلى عاقته مسيرة سبعمائة عام .
توقف قليلاً عند هذا الحديث، وتفكر في عظمة هذا المَلَك الذي هو أحد حملة العرش، ألا تشعر بشيءٍ في قلبك، ألا ترى أن الخالق عظيم جداً يستحق أن نعظمه ونخشاه؟
اللهم ارزقنا قلباً يعظمك ويراقبك يارب العالمين.
-----
الحمد لله.
عباد الله، إن الكلام عن تعظيم الله لابد أن يثمر في نفوسنا أشياء، ومنها:
١- ألَّا نعبد غير الله، فهو الذي خلقنا لهذه الغاية، قال تعالى ( وماخلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون ).
وإنك لتتعجب ممن يدعو غير الله، فهذا يطوف على القبر ويتمسح به يرجو بركته، وآخر يتعلق بالسحرة والمشعوذين في جلب النفع ودفع الضر.
٢- الذي يعظم الله لابد أن يبتعد عن المعاصي وخاصةً الكبائر، قال بعض السلف: لاتنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة مَن عصيت.
وإذا وقعتَ في المعصية فإياك والقنوط مِن رحمة الله، بل سارع إلى التوبة والاستغفار، لأن الله يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، ولن تجد مِن الله إلا كل التوفيق والرحمة، قال تعالى ( ورحمتي وسعت كل شيء ).
٣- الذي يعظم الله لابد أن يُعظم شعائر الله وأوامره، كالصلاة وبر الوالدين وصلة الرحم، وغيرها، كما قال تعالى ( ومَن يعظم شعائر الله فإنها مِن تقوى القلوب ).
وإنك لتتعجب مِن تارك الصلاة، كيف يعيش وهو مُعرض عن هذا الرب العظيم؟ ياترى ماذا وجدَ تارك الصلاة؟ ماذا وجدّ الذي يفعل الجرائم والمحرمات؟
والله إنَّ الحسرة والندامة تلاحقه ، لأنه أعرضَ عن الله العظيم، قال تعالى ( ومَن أعرض عن ذكري فإنَّ له معيشة ضنكاً ).
إن السعادة والتوفيق في طاعة الله وتعظيمه.
أيها الفضلاء، من عظّم الله تعالى، أكثر مِن ذكرهِ وشكرهِ ودعاءهِ واستغفارهِ، وسارع إلى طاعته ومرضاته.
مَن عظّم اللهَ تعالى، عظّم اللهُ قدرهُ في قلوب خلقه.
....
اللهم إنا نشكوا إليك قسوة قلوبنا وقلة تعظيمنا لك فتب علينا وتجاوز عنا.
مكتبة الصوتيات
أشراط الساعة
0:00
تأملات من سورة الزخرف - 4
0:00
صلاح الأمة في علو الهمة
0:00
الداعية والأولويات
0:00
فضائل الأذكار
0:00
عدد الزوار
4924393
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 22 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1595 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |