• الاربعاء 15 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :24 ابريل 2024 م


  • من أسباب الرزق



  • الحمد لله الذي يرزق من يشاء بغير حساب .
    الحمد لله الذي يفتح لمن يشاء بغير حساب .
    الحمد لله الوهاب ، الكريم ، ذو العطايا الكبار .
    وأصلي وأسلم على رسول الله .

    أما بعد .

    في تلك الصومعة وتلك الغرفة كانت مريم أم عيسى عليه السلام تتعبد لله وتتصل بالله ،وكان زكريا عليه السلام كفيلاً عليها - أي مهتماً بها -  .

    وفي ذات يوم دخل عليها فوجد عندها رزقاً عجيباً وطعاماً مُعداً فاستغرب، قال ربي تعالى وتقدس :"كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ".

    يا الله ، ماهذه العطايا ، ماهذا الرزق الكبير ؟ لمّا لازمت مريم المحراب جاءها الرزق بغير حساب ، فهل عرفت المقصود ؟

    ياصاحب الهمّ ، الزم المحراب ، تعال إلى باب العبودية ، انكسر عند باب السجود؛ لكي يمنحك الله رزقاً بغير حساب .

    وفي تلك اللحظات وبعد ما رأى زكريا المشهد العجيب ، ولما شاهد الكرامة الربانية لمريم ، طمع زكريا في عطاءات الرب ، طمع في الفتوحات الكبيرة التي لايقدر عليها إلا الله .

    قال الله وهو يحكي مشاعر زكريا " هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ".

    إن زكريا قد بلغ ١٢٠ سنة ولم يرزق بذرية ، فدعا ربه بذريةٍ طيبة، ثم توجه للمحراب ، وبدأ يصلي بربه القريب المجيب .

    بدأ في الاتصال برب العالمين ، بدأ في المناجاة مع الكريم الوهاب، بدأ يبث همومه في سجوده ، بدأ يرسل كلماته عبر ركعاته ، وفي تلك اللحظات وبينما هو يصلي تأت المفاجأة الكبرى " فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى ".

    يا الله ما أعظم كرمك ، يا الله ما أجمل عطاياك، يا الله ما أقربك ممن دعاك، يا الله ما أرحمك بمن سألك .

    لقد نادته الملائكة وهو يصلي ، إنه لم يفرغ من صلاته، لقد جاءته البشارة وهو قائم يصلي ، لما بدأ يتصل بربه ، مباشرةً جاءته البشارة ، إنه الإيمان ، إنها الصلاة التي تفتح المغاليق ، فيا من أزعجته الهموم تعال إلى الصلاة .
    يامن لم يرزق بذرية تعال إلى الصلاة ، يامن طال عليه المرض هيا إلى الصلاة ، يامن تكالبت عليه الديون أقبل على الصلاة .

    يامن تعب من ضغوط الحياة ، لاتحزن مادمت تقدر على أن تتصل بمولاك ، يامن يخاف من المستقبل لاتقلق وتعال إلى الصلاة ، يامن تعسرت عليه أبواب الوظيفة ، لاتخف فهناك رب يسمع دعواك فتعال إلى الصلاة .

    معاشر الكرام ، إن تقوى الله والقيام بالأوامر واجتناب النواهي تفتح لكم أبواب التيسير ، " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ :.

    يا عبد الله ، الزم أبواب التقوى لكي يفتح الله لك أبواب الرحمات ، وابتعد عن الشهوات لكي ينور الله قلبك بأنوار الإيمان والهدايات ، واحذر من الذنوب فهي واللهِ ظلماتٌ وأيّ ُظلمات .

    عباد الله ، وإن من الأعمال التي تجلب الأرزاق وتفتح أبواب التوفيق " كثرة الاستغفار ".

    " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ".
    يامن ضاقت عليه أبواب الرزق عليك بالاستغفار ، يامن حُرِم نعمة الولد ، عليك بالاستغفار .

    إن الله غفور رحيم ، وهو واسع المغفرة ، ويحب المستغفرين .
    ياعبدالله ، عليك بالاستغفار لعل الله أن يمحو الله خطاياك .
    اللهم اغفر لنا يارب فأنت واسع المغفرة .

    -------------

    الحمد لله .

    أيها الفضلاء ، اعلموا أن من الأسباب التي تجلب الرزق وتفتح مغاليق الأمور " صلة الرحم " ، قال صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يُبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه " رواه البخاري .

    ومعنى الحديث : من أراد سعةً في رزقه وبركةً في عمره وأن يطيل اللهُ في عمره فليصل رحمه ، وأول من يدخل في الأرحام " والديك "، ثم الأقرب فالأقرب ، أعمامك وعماتك وأخوالك وخالاتك .

    ياعبد الله ، حاسب نفسك في مدى برك بوالديك ،كيف تريد الرزق والبركة في مالك ولعلك عاقٌ لوالديك ؟

    إن العقوق له صور متعددة وألوان شتى ، فاتق الله في والديك ، لعل دمعةَ أمك التي أحزنتها هي سبب خسارتك المالية في ذلك المشروع ، لعلك لمّا رفعت صوتك على والدك في ذلك اليوم ، غضب الله عليك وأغلق عليك أبواب التوفيق .

    يا أخي ، أحذرك من قطيعة الرحم التي توجب عليك سخط الله ، لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من وصَل رحمه وصله الله ومن قطعها قطعه الله .
    إن الذي يصل أرحامه ويزورهم ويتصل بهم ويطمئن عليهم يفوز بمحبة الله وعطاياه وهداياه ، 
    وأما قاطع الرحم فيخسر كل شيء ، يخسر مجتمعه ، ويخسر محبة الناس ، وأعظم من ذلك خسارتُه لمحبة الله ورحمته وعطاياه وهداياه .

    مِن هذه الساعة ، ارجع لوالديك واتصل بهم واعتذر عن تقصيرك معهم ، لعل الله أن يرضى عنك .

    ارجع لأرحامك الذين قطعتهم وهجرتهم بسبب توافه الدنيا، تواصل معهم لتنجو من عذاب الله ولعنته وعقابه .

    اللهم ارزقنا من حيث لا نحتسب .
    اللهم افتح لنا الأبواب فأنت الفتاح العليم .
    اللهم أكرمنا بكرمك الذي لامنتهى له .

    اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى .
    اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا .
    سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    تلاوة من سورة النازعات 34-41

    0:00

    وصايا قبل الحج

    0:00

    رسائل للتائبين

    0:00

    الدعوة سبب لصلاح الأسر

    0:00

    القرية التي تحركت

    0:00



    عدد الزوار

    4154059

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة