الحمد لله الذي يرزق من يشاء بغير حساب، وأصلي وأسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد.
في تلك الصومعة وتلك الغرفة كانت مريم أم عيسى عليه السلام تتعبد لله،وكان زكريا عليه السلام كفيلاً عليها - أي مهتماً بها -.
وفي ذات يوم دخل عليها فوجد عندها رزقاً عجيباً وطعاماً مُعداً فاستغرب، قال الله تعالى :"كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ".
يا الله، ماهذه العطايا، ماهذا الرزق الكبير؟ لمّا لازمت مريم المحراب جاءها الرزق بغير حساب، فهل عرفت المقصود؟
ياصاحب الهمّ، الزم المحراب، تعال إلى باب العبودية؛ لكي يمنحك الله رزقاً بغير حساب.
وفي تلك اللحظات وبعد ما رأى زكريا المشهد العجيب، ولما شاهد الكرامة الربانية لمريم، طمع زكريا في عطاءات الرب، طمع في الفتوحات الكبيرة التي لايقدر عليها إلا الله.
قال الله وهو يحكي مشاعر زكريا " هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ".
إن زكريا قد بلغ ١٢٠ سنة ولم يرزق بذرية، فدعا ربه بذريةٍ طيبة، ثم توجه للمحراب، وبدأ يصلي لربه القريب المجيب، بدأ في المناجاة مع الكريم الوهاب، وفي تلك اللحظات وبينما هو يصلي تأت المفاجأة الكبرى " فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى ".
يا الله ما أعظم كرمك، يا الله ما أجمل عطاياك، يا الله ما أقربك ممن دعاك، يا الله ما أرحمك بمن سألك.
لقد نادته الملائكة وهو يصلي، إنه لم يفرغ من صلاته، لقد جاءته البشارة وهو قائم يصلي، لما بدأ يتصل بربه، مباشرةً جاءته البشارة، إنه الإيمان، إنها الصلاة التي تفتح المغاليق، فيا من أزعجته الهموم تعال إلى الصلاة.
يامن لم يُرزق بذرية تعال إلى الصلاة، يامن طال عليه المرض هيا إلى الصلاة، يامن تكالبت عليه الديون أقبل على الصلاة.
يامن تعب من ضغوط الحياة، لاتحزن مادمت تقدر على أن تتصل بمولاك، يامن يخاف من المستقبل لاتقلق وتعال إلى الصلاة، يامن تعسرت عليه أبواب الوظيفة، لاتخف فهناك رب يسمع دعواك، فتعال إلى الصلاة.
معاشر الكرام، إن تقوى الله والقيام بالأوامر واجتناب النواهي تفتح أبواب التيسير، " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ".
يا عبد الله، الزم أبواب التقوى لكي يفتح الله لك أبواب الرحمات، وابتعد عن الشهوات لكي ينور الله قلبك بأنوار الإيمان، واحذر من الذنوب فهي واللهِ ظلماتٌ وأيّ ُظلمات.
عباد الله، وإنَّ مِن الأعمال التي تجلب الأرزاق وتفتح أبواب التوفيق " كثرة الاستغفار "، قال تعالى " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ".
يامن ضاقت عليه أبواب الرزق عليك بالاستغفار، يامن حُرِم نعمة الولد، عليك بالاستغفار.
إن الله غفور رحيم، وهو واسع المغفرة، ويحب المستغفرين.
ياعبدالله، عليك بالاستغفار لعل الله أن يمحو الله خطاياك.
اللهم اغفر لنا يارب فأنت واسع المغفرة.
-------------
الحمد لله.
أيها الفضلاء، اعلموا أن من الأسباب التي تجلب الرزق وتفتح مغاليق الأمور " صلة الرحم " ، قال صلى الله عليه وسلم : " مَن أحب أن يُبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه " رواه البخاري .
ومعنى الحديث، مَن أراد سعةً في رزقه وبركةً في عمره وأن يطيل اللهُ في عمره فليصل رحمه، وأول مَن يدخل في الأرحام: والديك، ثم الأقرب فالأقرب، أعمامك وعماتك وأخوالك وخالاتك.
ياعبد الله، حاسب نفسك في مدى برك بوالديك،كيف تريد الرزق والبركة في مالك ولعلك عاقٌ لوالديك؟
إن العقوق له صور متعددة وألوان شتى، فاتق الله في والديك، لعل دمعةَ أمك التي أحزنتها هي سبب خسارتك المالية في ذلك المشروع، لعلك لمّا رفعت صوتك على والدك في ذلك اليوم، غضب الله عليك وأغلق عليك أبواب التوفيق.
يا أخي، احذر مِن قطيعة الرحم التي توجب عليك سخط الله، لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مَن وصَل رحمه وصله الله ومَن قطعها قطعه الله.
إن الذي يصل أرحامه ويزورهم ويتصل بهم ويطمئن عليهم يفوز بمحبة الله وعطاياه، وأما قاطع الرحم فيخسر كل شيء، يخسر مجتمعه، ويخسر محبة الناس، وأعظم من ذلك خسارتُه لمحبة الله ورحمته وعطاياه.
مِن هذه الساعة، ارجع لوالديك واتصل بهم واعتذر عن تقصيرك معهم، لعل الله أن يرضى عنك.
ارجع لأرحامك الذين قطعتهم وهجرتهم بسبب توافه الدنيا، تواصل معهم لتنجو من عذاب الله ولعنته وعقابه.
اللهم ارزقنا من حيث لا نحتسب.
اللهم افتح لنا الأبواب فأنت الفتاح العليم.
اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
مكتبة الصوتيات
من أحكام الجمع والقصر ( شرح عمدة الاحكام )
0:00
رمضان ميلاد جديد
0:00
25 سبب للسعادة
0:00
القلب السليم
0:00
مسائل في الأذان
0:00
عدد الزوار
5077596
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1608 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |