الحمد لله القائل: " كل نفس ذائقة الموت ".
والقائل " قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ".
اللهم صل وسلم على نبيك القائل : أكثروا ذكر هادم اللذات " رواه الترمذي بسندٍ صحيح.
أما بعد، ففي ذلك المسجد كان ذلك الرجل يصلي على الأموات، وبعد يوم يصاب بحادث ويصلون عليه لأنه التحق بالأموات.
الموت بابٌ وكل الناس داخله ياليت شعري بعد الباب مالدار
الدار جنة عدن إن عملتَ بما يُرضي الإله وإن خالفتَ فالنار
هما محلان ما للمرء غيرهما فانظر لنفسك ماذا أنت تختارُ
معاشر الكرام ،كم ودّعنا من أصدقاء وأقارب إلى القبور؟
كم عاش معنا أناس، كنا نلعب معهم ونتحدث إليهم، والآن هم تحت التراب، الموت حقيقة لاريب فيها، ومنزل لابد من نزوله، وكأس لابد من الشرب منه، ولكن ياترى هل نحن مستعدون له ولما بعده؟
إن القضية ليست في لحظة الموت، ولكن السؤال هو: كيف ستكون الخاتمة؟ والسؤال الآخر: هل نحن في قبورنا سنكون في نعيم أو في عذاب أليم ؟
عباد الله، لقد اشتد خوف الصالحين من فجأة الموت وأنها ربما تأتي في حال ضعفٍ أو على ذنبٍ وتقصير.
لقد جمع الصالحون بين العمل الصالح وبين الخوف من الله، ونحن في زمنٍ نرى تقصيراً في الأعمال ونسياناً للموت ومابعده.
وصدق الله: " ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ".
عباد الله، سوف نتجول في قصص بعنوان " كيف مات هؤلاء ".
هذا عمر الفاروق رضي الله عنه يطعنه ذلك الكافر في صلاته ثم يحملونه إلى البيت ويأتي الناس ليشاهدوا اللحظات الأخيرة فكيف كانت؟
لقد قال لابنه عبدالله: ضع خدي على التراب، ويلي إن لم يرحمني ربي.
يا الله، هذا كلام عمر الفاروق الذي شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، فماذا نقول نحن؟
وهذا أبو الدرداء لما جاءه الموت سمعوه يقرأ " لمثل هذا فليعمل العاملون ".
ما أروع هذه الخاتمة، لعله رأى مكانه في الجنة فقال هذا الكلام.
أيها الكرام، إن مما نعتقده أنه لن يموت صاحب الإيمان حتى يرى مقعده من الجنان، ويدل لهذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " رواه البخاري.
وربنا يقول " إن الذين قالوا ربنا ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولاتحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ".
ومن قصص الصالحين عند الموت:
أن أحد الصالحين مرِض مرَض الموت وكان صائماً فقال له أبناؤه : أفطر، فقال: لا، فلما أصروا على ذلك وقربوا له الماء ردهُ بيده وقال: إني لأجد ريح الجنة، فمات صائماً قبيل المغرب.
إنها حسن الخاتمة ياكرام، إنها نهاية الحسنات التي تكون سبباً لنهاية سعيدة.
وهناك جانب مظلم لمن أعرض عن طاعة الله واتبع سبيل الشيطان، ياترى كيف تكون خاتمته؟
هذا أحدهم جاءه حادث وكان لايصلي، فحضروه وهو في الرمق الأخير فكان يردد أنا في سقر أنا في سقر، وصدق الله " ماسلككم في سقر . قالوا لم نك من المصلين ".
وأما إن سألتم عن حال أصحاب المخدرات وكيف تكون نهاياتهم، فهي والله المأساة.
فأحدهم يموت في غرفته وهو متعاطي لتلك المخدرات وليس معه أحد ويتعفن جسمه ويسود وجهه ولايكتشفون جثته إلا بعد أيام في حالةٍ سيئة.
ياشباب، ياشباب، حذار من بداية المخدرات، حذار من صديق السوء الذي يسهل لك الطريق اليها.
ياعبد الله، وبعدما يموتُ المرء يُغسّل ويكفن ويصلى عليه.
وإنها للحظات حزينة حينما ترى ذلك الرجل الذي كان يركض في هذه الحياة بكل نشاط وهمة وإذ بك تراه ميتاً لاحراك فيه، أين نشاطه ؟ أين قوته؟
إنها لحظات تحيي القلوب ولكن من الذي يتفكر فيها ويعمل لأجلها؟
وبعد ذلك يقدمونك في المسجد، ليصلوا عليك.
يا الله، لقد كنتُ تصلي على الأموات والآن نحن نصلي عليك.
عجيبة هذه الحياة، ما أقصرها وما أشد غربتها.
ثم حملناك على ظهورنا للمقبرة، فياترى جنازتك من أي صنف تكون؟
قال صلى الله عليه وسلم: إذا حمل الرجال الجنازة فإن كانت صالحة قالت قدّموني قدّموني وإن كانت غير صالحة قالت ياويلها أين تذهبون بها. رواه البخاري.
ياسبحان الله، الجنازة وهي على الأكتاف تعرف مصيرها تحت التراب.
الجنازة الصالحة تقول قدّموني قدّموني، إنها مستعجلة، تريد الخلاص من أكتاف الرجال، تريد تلك الحفرة.
إن قبور الصالحين روضة من رياض الجنان، وأما تلك الجنازة التي كانت تهيم في الشهوات، وكانت بعيدةً عن الصلوات، فتقول : ياويلها أين تذهبون بها؟
ثم يجتمع الناس عليك ليدفنوك، ليضعوك في منزلك الثاني الذي ستمكث فيه طويلاً، إنه القبر، وماهي إلا دقائق ويغمرونك بالتراب الذي يغطي قبرك.
ثم يغادرك الناسُ جميعاً، أولادك، أصحابك، أحبابك.
تركوك لوحدك، لا والله، بل تركوك مع عملك.
لقد تركوا معك حسناتك، ونقول لصاحب السيئات، إننا سندفن معك ذنوبك.
قال صلى الله عليه وسلم: يتبع الميت ثلاثة، أهله وماله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله. رواه مسلم.
وبعد ذلك يأتيانك ملكان ينتهرانك ويجلسانك ويقولان لك: من ربك؟ من نبيك ؟ مادينك ؟ أسئلةٌ تعرف جوابها الآن، ولكن هناك ربما لاتعرفها.
أما المؤمن فيقول: ربي الله وديني الإسلام ونبي محمد.
فتقول الملائكة: انظر عن شمالك وتفتح له نافذة إلى النار، هذا مكانك في النار لو أنك كفرت بالله، ثم تُغلق، وتفتح على يمينه نافذة من الجنة ويأتيها من روحا وريحانها ونعيمها، ويقال له: أبدلك الله بها مكاناً في الجنة، فيفرح ويقول رب أقم الساعة.
إنه مستعجل، نعم، إنه مشتاق لدخول الجنان والنعيم المقيم.
ويأتي النداء من الله " أن صدق عبدي فافرشوا له من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة، والبسوه من الجنة ".
ويفسح له في قبره سبعون ذراعاً، وينور له القبر كالقمر ليلة البدر.
وأما الرجل الفاجر والكافر، فحينما يُسأل لن يعرف الإجابة بل يقول: هاه هاه لا أدري، ثم يقال له لادريتَ ولاتليت، ويُضرب بمطرقةٍ من حديد لو ضرب بها جبل لصار تراباً، يسمع صوته كل شيء إلا الإنس والجن.
ثم يقال له: انظر عن يمينك وتفتح له نافذة للجنة ويقال هذا مكانك لو أنك آمنت بالله، ثم تُغلق ويقال له انظر عن شمالك فيرى نافذة من النار ويقال هذا مكانك فيزداد حسرةً والماً، ويضيق عليه في قبره حتى تختلف أضلاعه، وهكذا في عذاب طويل حتى تقوم الساعة.
اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم وجنبنا أسباب سخطك يارب العالمين.
------------
الحمد لله ، معاشر المسلمين.
إن تحت القبور حسرات وآهات ليست فقط خاصة بالكافرين، بل تشمل بعض المسلمين الذين لم يتوبوا من الكبائر، فكم من معصية كانت سبباً لعذاب القبر لذلك الرجل وتلك المرأة، ولايظلم ربك أحداً.
إن لك حياة فوق الأرض، وحياة تحت الأرض، واعلم أنك حالك تحت على حسب تقواك لله وأنت فوق الأرض، فاتق الله قبل أن تموت وأنت على حالٍ لاترضي الله، فحينها ماذا سيكون حالك تحت الأرض؟
أيها الفضلاء.
يجب أن نحذر من أسباب عذاب القبر، ونبادر إلى التوبة من كبائر الذنوب، حتى نسلم بإذن الله من العقوبات الربانية التي قد تكون في القبر.
اللهم إنا نسألك رضوانك وجنانك، اللهم ارزقنا الهداية لطريقك المستقيم.
اللهم ارزقنا الثبات في الدنيا وارزقنا الثبات عند السكرات وبعد الممات ويوم نقف بين يديك.
اللهم نور على أهل القبور من المسلمين قبورهم.
اللهم عاملهم بعفوك وإحسانك.
اللهم ارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه.
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.
مكتبة الصوتيات
نواقض الوضوء
0:00
أحكام الاغتسال
0:00
مقبرة الأخطاء
0:00
ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين
0:00
أحكام الخِطبة
0:00
عدد الزوار
5077596
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1608 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |