الحمد لله الذي يحب العابدين الصادقين، والصلاة والسلام على سيد العابدين وقدوة الصادقين.
أما بعد، ففي كل يوم وليلة هناك أعمال صالحة بعضها واجب وبعضها مستحب.
والمؤمن ينافس غيره في زيادة رصيد الحسنات كما قال تعالى " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون "، وفي هذا اليوم سوف نتجول في عملك أيها المسلم في اليوم والليلة لنقف عليه بالأدلة ونرى منهج نبينا صلى الله عليه وسلم وماذا كان يعمل في يومه وليلة.
يبدأ كل يوم بصلاة الفجر.
فحينما تسمع الأذان انهض مباشرة واحذر من نزغات الشيطان التي تدعوك للكسل عن الصلاة، وتوضأ وأحسن وضوءك لتكون خطواتك للمسجد إحداها تكتب لك حسنة والأخرى تمحو عنك سيئة.
وأنت تمشي إلى بيت الله، تذكر أن الله يراك وقد تركت نومك وفراشك لأجله تبارك وتعالى لتناجيه وتقف بين يديه.
وعند دخولك المسجد قدّم رجلك اليمنى وقل دعاء الدخول " بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم افتح لي أبواب رحمتك. رواه مسلم.
وقل: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم " رواه أبو داود بسند صحيح.
وهناك سنة راتبة بين الأذان والإقامة.
وهي ركعتان فقط ومما ورد في فضلها قوله صلى الله عليه وسلم " ركعتا الفجر خير من الدنيا وماعليها " رواه البخاري.
فيا عجباً أن تكون ركعتان فقط خير من الدنيا وشهواتها وأموالها وزينتها.
نعم إنها الحسنات التي يحبها الرحمن.
وإذا كان هذا فضل سنة الفجر فما بالكم بصلاة الفجر؟
والسنة أن تقرأ في الركعة الأولى سورة الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد. رواه مسلم ، والسُنّةُ تخفيفها، ومن فاتته سنة الفجر قبل الصلاة فيجوز له أن يصليها بعد صلاة الفجر أو بعد طلوع الشمس.
أخي المسلم، إن لصلاة الفجر فضائل عديدة ومنها:
أنها الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار كما قال تعالى " وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا " رواه البخاري.
ومن فضائل صلاة الفجر:
أن من صلى البردين دخل الجنة، والبردان هما الفجر والعصر. رواه البخاري.
ومنها: أن من صلى الفجر فهو في ذمة الله. رواه مسلم.
أخي المسلم.
ثم بعد الفجر يستحب لك أن تبدأ صباحك بأذكار الصباح الواردة عن نبينا صلى الله عليه وسلم التي تجعل قلبك يعيش في رياض الإيمان، قال تعالى " ألا بذكر الله تطمئن القلوب ".
ومنها:
اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمُـوتُ وَإِلَـيْكَ النُّـشُور. رواه الترمذي.
ومن أذكار الصباح:
اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت، أَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِ ما صَنَـعْت، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ. رواه البخاري.
واعلم أن من ثواب هذا الذكر : أن من قاله موقناً به حين يصبح فمات من يومه دخل الجنة ومن قاله موقناً به حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة.
- وبين الفجر والظهر وقت طويل لم يجعل الله فيه صلاة واجبة.
قال العلماء: والحكمة في ذلك ليزداد شوقك للصلاة القادمة وليكون لك وقت لقضاء أمورك وحاجاتك، ولكن جاءت النصوص بالحث على صلاة الضحى وهي من السنن التي ورد فيها الثواب الكبير.
ومن فضل صلاة الضحى:
روى مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ.
- روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ : صَوْمِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَصَلاةِ الضُّحَى ، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ .
ويبدأ وقتها بعد طلوع الشمس بنحو ربع ساعة حتى قبيل الظهر بربع ساعة.
وأقلها ركعتان، ولاحدّ لأكثرها.
فإذا أذن لصلاة الظهر فيستحب لك صلاة أربع ركعات قبلها وركعتان بعدها كما جاء في الحديث " من صلى ثنتا عشرة ركعة بنى له الله بيتاً في الجنة " ومنها ٤ قبل الظهر وثنتان بعدها . رواه مسلم.
ياعبدالله، لاتستعجل الخروج من المسجد بعد الصلوات، واعمر وقتك بالأذكار النبوية التي تقال بعد الصلاة ومنها: استغفر الله، تقولها ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام.
اللهم لامانع لما أعطيت ولامعطي لما منعت ولاينفع ذا الجد منك الجد.
ومن الأذكار بعد الصلوات:
سبحان الله والحمد لله والله أكبر كل واحدة ٣٣ مرة.
ثم اقرأ آية الكرسي ثم المعوذات، ثم اخرج من المسجد، وقل دعاء الخروج " بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم إني أسألك من فضلك ". رواه مسلم .
ثم بين الظهر والعصر ليس هناك عمل جاءت الشريعة بالحث عليه أو النهي عنه ولكن جرت العادة بالقيلولة فيه.
فإذا أذن العصر استحب لك صلاة أربع ركعات قبل الفريضة وقد ورد فيها حديث " رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعاً " رواه ابن حبان.
وصلاة العصر لها مزية كبيرة في ديننا.
قال تعالى " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " والمراد بالوسطى هي العصر .
وجاء في الحديث " من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله " رواه البخاري. وهذا الحديث يمثل خطراً كبيراً عليك يامن تفرط في هذه الصلاة.
إنه لوعيد شديد وتحذير بليغ في تعظيم صلاة العصر، وللأسف ترى إهمالاً من بعض الناس في النوم عن صلاة العصر بحجة الإرهاق عند الرجوع من الدوام أو الدراسة.
وبعد صلاة العصر يبدأ وقت أذكار المساء وهي نفس أذكار الصباح ولكن تستبدل قول أصبحنا ب " أمسينا ".
فاحرص بارك الله فيك على الأذكار لتكون في حفظ الله ورعايته، وعوّد أولادك وبناتك عليها لتحيط بكم عناية الله.
والوقت بعد العصر حتى غروب الشمس يعتبر من أوقات النهي التي لايجوز فيها الصلاة مما ليس له سبب.
وأما الصلوات التي لها سبب فتجوز في أوقات النهي، ومثال ذلك: صلاة الجنازة وصلاة الاستخارة وركعتي الطواف وسنة الوضوء فيجوز فعل كل ذلك حتى في أوقات النهي لأنها من ذوات الأسباب.
ثم إذا غربت الشمس ارتفع صوت الأذان لصلاة المغرب، وبين الأذان والإقامة يستحب صلاة ركعتين لماجاء في صحيح البخاري " صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب " رواه البخاري.
ثم بعد الانتهاء من صلاة المغرب يستحب لك صلاة ركعتين وهي من ضمن السنن الرواتب التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها.
ياعبدالله ، اعلم أن صلاة العشاء لها فضل عظيم.
قال صلى الله عليه وسلم: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله. رواه أبو داود بسند صحيح.
واعلم أن صلاة العشاء من الصلوات الثقيلة على المنافقين كما في الحديث " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون مافيمها لأتوهما ولو حبواً " رواه البخاري.
وبعد الفراغ من الصلاة يستحب لك صلاة ركعتين وهي من السنن الرواتب.
اللهم حبَّب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وارزقنا عبادتك آناء الليل وأطراف النهار .
....
الحمد لله الذي يوفق من يشاء لعبادته.
معاشر المسلمين، إن من أحب الأعمال إلى الله الصلاة في جوف الليل.
صلاة الليل هي أفضل الصلوات بعد الفريضة، وصلاة الليل هي زاد المؤمن وراحته وجنته، قال تعالى : " ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلاً طويلاً ".
وقال تبارك وتعالى :" يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً ".
وقال الله عن أهل الجنة " كانوا قليلاً من الليل مايهجعون ".
وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تفطرت قدماه. رواه البخاري.
فاحرص ياعبدالله على أن تصلي من الليل ركعات سواء قبل نومك أو حينما تستيقظ قبل الفجر.
قال أبو هريرة رضي الله تعالى : أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث وذكر منها " وأن أوتر قبل أن أنام ". رواه البخاري.
ومن فضل صلاة الليل:
قوله صلى الله عليه وسلم : أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس. رواه الحاكم والبيهقي وحسنه الألباني.
واعلم أن القيام في آخر الليل له مزية كبيرة حيث ينزل الرب تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا ويقول " هل من داع فأستجيب له " رواه البخاري.
وصلاة الليل من أكبر أسباب انشراح الصدر ونور القلب.
وقد كان السلف يعتنون بها عنايةً كبيرة، يقول أحد الصالحين : منذ أربعين سنة ما أحزنني إلا طلوع الفجر، وقال آخر : والله لولا الليل لما أحببت البقاء في الدنيا.
ومن أراد قيام الليل فليراعي هذه الأسباب الميسرة لقيام الليل:
١- ألا يكثر الأكل والشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.
٢- ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
٣- ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.
٤- ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.
اللهم حبّب إلينا العبادات، واجعلنا من المداومين عليها.
اللهم ارزقنا حلاوة مناجاتك ولذة الإقبال إليك.
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.
مكتبة الصوتيات
فضل قضاء حوائج الناس
0:00
حقيقة السحر
0:00
حال السعداء والأشقياء
0:00
تلاوة من سورة الدخان
0:00
التلذذ بقراءة القرآن
0:00
عدد الزوار
5077596
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1608 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |