الحمد لله الذي يحب الذاكرين له كثيراً والذاكرات، الحمد لله القائل " فاذكروني أذكركم "، اللهم صل على نبيك الذي كان يذكرك على كل أحيانه.
أما بعد، ففي كل صباح تشرقُ الشمسُ على العالَم وفيه أنواعٌ من الجمال في تلك المناظر والطبيعية والشلالات والأشجار.
تشرقُ الشمسُ وهناك مليارات الكنوز من الذهب والأموال، تشرقُ الشمسُ على تلك المدنِ الكبرى العامرةِ بالاقتصادِ الهائل، وفي زحمةِ ذلك كله، تكتشفُ أن هناك أربعُ كلمات هي خيرٌ مِن كل ذلك.
قال صلى الله عليه وسلم: " لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحبُّ إليّ مما طلعت عليه الشمس". رواه مسلم.
يا سبحان الله، أربعُ كلمات تقولها وأنت جالس، وأنت تمشي، وأنت على فراشك، هي عند الله أجمل وأفضل من كل الدنيا.
إنه ذكر الله، ذلك العمل الجليل الذي هو أيسرُ الأعمال، ذكرُ الله نعمةُ كبرى، به تُستجلبُ النعم، وبمثله تُستدفعُ النقم، هو قوتُ القلوب، وقرةُ العيون، وسرورُ النفوس.
تعالَوا لنعيشَ في رياضِ الذكر ونتعرف على بعضِ فضائله وبعضِ أحكامه.
قال صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يذكر ربه، والذي لايذكر ربه مثل الحي والميت. رواه البخاري.
وفي الصحيحين يقول صلى الله عليه وسلم: يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم.
عباد الله، استجيبوا لربكم القائل: " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ".
معاشر المسلمين، لعل بعضكم يسأل ويقول: وماهي الفوائدُ التي نجدها في ذكرِ الله ؟ فالجواب:
1 - أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره، وحينما نتأمل بعضَ الأذكار نجدُ أن فيها ارتباطٌ بين الذكرِ وبين الحمايةِ من الشرور.
مثال ذلك: مَن قرأ آية الكرسي عند نومه جعل الله له حافظاً يحفظه حتى يصبح.
ومثالُ ثاني: مَن نزل منزلاً فقال: أعوذُ بكلمات الله التامات مِن شر ماخلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك.
2 - ومن فوائدِ ذكرِ الله : أنه يزيل الهمّ عن القلب.
وصدق الله " ألا بذكر الله تطمئن القلوب "، نعم والله، ذكرُ الله علاجٌ للضيقِ والهمّ والحزن ويجلبُ للقلبِ الفرحَ والسرور.
4 - ومن ثمراتِ ذكر الله: أنه يقوي القلب والبدن.
وفي وصية هود عليه السلام لقومه " ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسلُ السماءَ عليكم مدراراً ويزدكم قوةً إلى قوتكم "، وقد جاء في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم حث فاطمةَ ابنته وزوجها علي على الذكر عند النوم وقال: هذا خيرٌ لكما من خادم.
وكان ابن تيميةَ رحمه الله يجلسُ بعد الفجر في مسجده يذكر الله حتى تطلع الشمس فلما سألهُ تلميذهُ ابن القيم عن هذه الجلسة؟ قال: هذه غدوتي لو لم أتغدها سقطت قواي.
4 - ومن فوائد ذكر الله: أنه ينور الوجه والقلب.
وهذا واضح في حياتنا اليومية، ترى بعضَ الوجوه تشع نوراً وسروراً وماذاك إلا لأن صاحبَ ذلك الوجه من الذاكرين الله كثيراً.
5 - ومن فوائد ذكر الله: أنه يجلب الرزق.
وكلنا بحاجةٍ إلى المزيدِ من التوفيق الرباني في الأرزاق، وبعضنا يعاني من الضغوطِ المالية، فهل ذكرُ الله يساهم في تخفيف تلك الضغوط ؟ نعم، وتأمل عبادة الاستغفار ماذا قال الله فيها؟ " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً . يرسلُ السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين " ، وفي الحديث " مَن لزم الاستغفار جعلَ اللهُ له مِن كلِ همٍّ فرجاً ومِن كلِ ضيقٍ مخرجاً " رواه أحمد.
6 - ومن ثمراتِ ذكرِ الله : أنه يورثه محبة الله للعبد.
وهذا مِن أعظم الغايات أن يحبك الله، ومَن أحب الله فإنه يكثر مِن ذكر الله؛ لأنه يجد في ذلك سعادةً كبيرة لاتساويها لذائذُ الدنيا.
7 - ومن فوائدِ ذكر الله: أن مَن ذكر الله، ذكره الله، قال تعالى: " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ "، وإنها والله لساعة جميلة أن يذكرك الله الغني المجيد، وما ذاك إلا لأنك ذكرته، وياحسرتاه على بعض الناس الذين تمرُّ عليهم الأيام وقد فاتهم ثناءُ الرب بسبب تقصيرهم في ذكر الله.
8 - ومِن ثمرات الذكر: أنه يمحو الخطايا.
قال صلى الله عليه وسلم: أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ قالوا: كيف يا رسول الله ؟ فقال: يُسبحُ مائة تسبيحة، يكتب الله له ألف حسنة أو يمحي عنه ألف سيئة. رواه مسلم.
9 - ومِن فوائدِ ذكر الله: أنه سبب لاشتغال اللسان عن الغيبة والنميمة والكلام الباطل، لأن اللسان إن لم يشتغل بالذكر والخير فربما اشتغل صاحبه بالكلام الذي يضره مِن الغيبةِ وغيرها مِن آفات اللسان.
10 - ومِن فوائدِ ذكر الله: أنه أيسر العبادات، وهو مِن أجلها وأفضلها، وهذا واضح بحمد الله، فالتسبيح والتهليل والتكبير ليس لها شروط معينة ولا مكان معين ولازمان معين، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه.
وقد مدح الله عباده الصالحين بأنهم " يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ".
11 - ومِن فضائل الذكر : أن أشجار الجنة تُبنى بالذكر، فإذا أمسك الذاكر عن الذكر، أمسكت الملائكة عن البناء.
قال صلى الله عليه وسلم: مَن قال سبحان الله العظيم وبحمده غُرست له نخلة في الجنة. رواه الترمذي بسندٍ صحيح.
اللهم اجعلنا من الذاكرين لك كثيراً، اللهم اشرح صدورنا بذكرك وطاعتك.
-------
الحمد لله.
عباد الله، هناك بعضُ المسائل المتعلقة بالأذكار:
1 - اعلموا أن الذكرُ الجماعي الذي يفعله بعض الناس ليس مِن السنّة، بل هو بدعة وضلالة، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة، والأغرب من ذلك ما يفعله بعضهم من الرقصُ والتمايلُ عند قيامهم بالأذكار.
2 - التسبيحُ بالمسبحةِ أو بخاتم التسبيح أو عبر برامج الجوال لابأس بذلك؛ لأنها وسائل لضبط العدد، ولاتدخل في حكم البدعة.
3 - بعض المصلين يقوم بعد الصلاة مباشرة ويترك الأذكار التي تقال بعد الصلاة وفي هذا حرمانٌ كبير.
أيها الفضلاء، بكل صراحة، لقد اشتغل بالبعض بالجوال ومواقع التواصل عن ذكر الله، وربما قرأ بعضنا في اليوم الواحد عشرات الرسائل والتغريدات، وسمع وشاهد عشرات المقاطع، ولكنه لم يسبح ولا تسبيحةً واحدة.
لهذا أوصيك، أن تُغلق جوالك في بعض وقتك، وتبدأ في أذكارك، وتصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم، فهذا خيرٌ لك، وهذا الذي يپقى لك بعد موتك.
اللهم وفقنا للخيرات وباعد بيننا وبين المنكرات.
اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا.
اللهم ارحم إخواننا المسلمين في كل مكان.
اللهم وفق ولي أمرنا لهداك واجعل عمله في رضاك.
مكتبة الصوتيات
باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم(2 )
0:00
باب جامع من كتاب عمدة الأحكام ( 3)
0:00
قصة العالم بن باز رحمه الله مع السارق
0:00
خذوا ما آتيناكم بقوة
0:00
تعليقات على بعض الأبيات الشعرية
0:00
عدد الزوار
5077596
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1608 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |