• الخميس 19 جُمادى الأولى 1446 هـ ,الموافق :21 نوفمبر 2024 م


  • طالب العلم ومهارة الكتابة





  • لا أقصد هنا أن نتعالم ونتفاخر بكثرة ما نكتب، ولكني هنا أدعوك لتفعيل مهارة كتابة العلم التي توجد عندك ولكنك ربما أهملتها.

    كنتُ مع صديقي نتحدثُ عن الكتابة في المواقع الإسلامية فأعتذر بأنه ليس بصاحب بحث وكتابة، وبعد أسابيع يحدثني عن بحوث الجامعة والتعب الذي يجده فيها، فقلتُ له: لمَ لمْ تعتذر لهم وتقول: لستُ بصاحب بحث.

    إننا نخادع أنفسنا أحياناً ونعتذر لها في تغييبها عن تفعيل المهارات التي منحنا الله إياها.

    إن طالب العلم لابد أن يكون ذا كتابة، وأنا لا أقصد أن يكتب ليبيع الكتاب في معرض الكتاب، ولكني أقصد أن يكتب لنفسه أولاً ليتدرب، ويربي نفسه ويترقى في فنون البحث ومطالعة الكتب والنظر في كلام العلماء وتصانيفهم وفنون الكلام العلمي حول المسائل.

    إن بعض طلاب العلم يعيش بين المكتبة فقط، يقرأ ويسمع الدروس عبر جواله أو أجهزته، ويكتفي عند ذلك، وهذا لا يكفي في التأصيل العلمي وبناء الملكة العلمية.

    إذ لابد من أوقاتٍ لكتابة مسألة، ووقتٍ لجمع الفوائد حول حديث، ووقتٍ لبحث تفسير آية ونحو ذلك من المباحث العلمية.

    إن النظر في كتب العلماء في ثنايا بحثك يفيدك في معرفة منهج المؤلف في الكلام عن المسألة وكيف استدل لها، وكيف ردّ على المخالفين، وبماذا وجّه القول الذي رجّحه، وغير تلك الفوائد التي ربا تكون أنفع لك من مجرد معرفة النتيجة النهائية لبحثك من معرفة حكمٍ ما أو صحة حديث أو معنى قاعدة.

    وهكذا تكون الكتابة العلمية من أعظم ما يبني التميز لدى طالب العلم.

    ولعل من أسرار نبوغ العلماء قديماً وحديثاً قوة الارتباط لديهم بين مهارتي القراءة والكتابة، ولذا لا تكاد تسمع بعالِمٍ راسخ في أيّ فن إلا وتجد عنده عشرات الكتب التي صنّفها، على اختلافها في الحجم والقوة العلمية ونوعية المحتوى.

    مقترحات:

    من الطبيعي أن يختلف الطلاب في تخصصاتهم العلمية وكلامي هنا بشكل عام.

    1- خصص لنفسك بحثاً كل شهر يتناول مسألة في تخصصك.

    2- حاول أن تتدرب على فنون البحث من خلال الدورات التي تناولت هذا الجانب.

    3- لا تكتب البحث وفي نيتك نشره، بل اكتب لنفسك فقط، وبعد ذلك إن رأيت أن في نشره فائدة للمجتمع فاستعن بالله في ذلك.

    4- حافظ على أوراق بحثك، ولو تكتب في الآيباد أو الكمبيوتر لكان أفضل مع إرسال نسخة لبريدك، عند كل نهاية بحث، حتى لا يضيع منك.

    5- بعد كل بحث اعرضه على شيخك الذي تثق بعلمه، أو صديقك الذي يفوقك في العلم، ليطالعه ويفيدك بالملاحظات، وهذا الأمر يفيدك في بحثك ، وهذا منهجٌ قديم للعلماء، ولا تقلق عند إبداء الملاحظات على مبحثك لأنك لازلت في بداية الطلب وأنت تحتاج للنقد والتصحيح والإضافة .

    6- بعد انتهاء كل بحث اتركه جانباً ثم انظر فيه كل شهر لتضيف وتُعدِّل وتحذف، وهكذا يكون بحثك أو مقالك في مصنع الإعداد.

    ومضة: لو افترضنا أن لدينا ٣٠ طالب علم متمكن في تخصصه ثم اتفقنا معهم على إعداد بحث من عشر صفحات على الأقل، وهكذا كل شهر، وبعد نهاية الشهر اجتمعنا لنرى نتاجهم وملخص بحثوهم، يا ترى كم هي الفوائد التي سنحصل عليها؟

    إنها نحو ٣٠ بحث، إنها ثمرة ٣٠ عقل يفكر ويبحث.

    ومضة: إن مجرد القراءة العلمية بدون الغوص في الكتابة والتعليق والبحث في الغالب لا تبني الطالب بشكل قوي، ولا تؤهله للترقي في مراتب العلم.

    ومضة: إن الذي يبحث في الكتب ليس كالذي يبحث عبر الإنترنت، فهو يقلب الصفحات ويعيش بين أنفاس المؤلفين وكأنه بينهم، ولهذا تجده محباً العلم ومتعلقاً به، أكثر من الذي يقرأ فقط أو يراجع محركات البحث.

    وهذا لا يعني تهميشي للإنترنت، بل هو بابٌ كبير للانتفاع، ولكن مرادي هنا هو تفعيل مهارة الكتابة ومراجعة كتب العلماء.


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    تأملات في سورة الجن

    0:00

    تلاوة من سورة الإسراء - 13

    0:00

    التحذير من الشرك

    0:00

    تلاوة من سورة الانفطار 13-19

    0:00

    إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون

    0:00



    عدد الزوار

    4970399

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة