• الخميس 19 جُمادى الأولى 1446 هـ ,الموافق :21 نوفمبر 2024 م


  • مسائل في الصيام فضله وشروط وجوبه

  •  

    المسألة الأولى : تعريف الصيام، وبيان أركانه:

    1 - تعريفه: الصيام في اللغة: الإمساك عن الشيء.

    وفي الشرع: التعبد لله بالإمساك عن الأكل، والشرب، وسائر المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس.

    2 - أركانه: من خلال تعريف الصيام في الاصطلاح، يتضح أن له ركنين أساسين، هما:

    الأول: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

    ودليل هذا الركن قوله تعالى: ( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) والمراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود: بياض النهار وسواد الليل.

    الثاني: النية، بأن يقصد الصائم بهذا الإمساك عن المفطرات عبادة الله عز وجل، فبالنية تتميز الأعمال المقصودة للعبادة عن غيرها من الأعمال، وبالنية تتميز العبادات بعضها عن بعض، فيقصد الصائم بهذا الصيام: إما صيام رمضان، أو غيره من أنواع الصيام.

    ودليل هذا الركن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى . رواه البخاري ومسلم .

    المسألة الثانية : حكم صيام رمضان ودليل ذلك:

    فرض الله عز وجل صيام شهر رمضان، وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة؛

    وذلك في قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) وقوله تعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) .

    ولحديث : ( بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلاً) متفق عليه .

    وقد أجمعت الأمة على وجوب صيام رمضان، وأنه أحد أركان الإسلام التي عُلمت من الدين بالضرورة، وأن منكره كافر، مرتد عن الإسلام.

    فثبت بذلك فرضية الصوم بالكتاب والسنة والإجماع، وأجمع المسلمون على كفر من أنكره.

    المسألة الثالثة: أقسام الصيام :

    الصيام قسمان: واجب، وتطوع؛ والواجب ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

    1 - صوم رمضان.

    2 - صوم الكفارات.

    3 - صوم النذر.

    المسألة الرابعة: فضل صيام شهر رمضان، والحكمة من مشروعية صومه:

    1 - فضله: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه .

    وعنه رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر. رواه مسلم .
    والمقصود في تكفير الذنوب هنا هي الصغائر وأما الكبائر فلابد لها من توبة .

    2 - الحكمة من مشروعية صومه: شرع الله سبحانه الصوم لحكم عديدة وفوائد كثيرة، فمن ذلك:

    1 - تحقيق التقوى وتزكية النفس، وتطهيرها، وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة؛ لأن الصوم يضيق مجاري الشيطان في بدن الإنسان.

    2 - في الصوم تزهيد في الدنيا وشهواتها، وترغيب في الآخرة ونعيمها.

    3 - الصوم يبعث على العطف على المساكين، والشعور بآلامهم؛ لأن الصائم يذوق ألم الجوع والعطش.

    إلى غير ذلك من الحكم البليغة، والفوائد العديدة.

    المسألة الخامسة: شروط وجوب صيام رمضان:

    يجب صيام رمضان على من توافرت فيه الشروط التالية:

    1 – الإسلام ، فلا يجب، ولا يصح الصيام من الكافر؛ لأن الصيام عبادة، والعبادة لا تصح من الكافر، وإذا أسلم لا يلزم بقضاء ما فاته لقوله تعالى ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) .

    2 – البلوغ ، فلا يجب الصيام على من لم يبلغ حد التكليف؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: رُفع القلم عن ثلاثة ، وعن الصبي حتى يكبر . رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني .

    فذكر منهم الصبي حتى يكبر ، ولكن يصح الصيام من غير البالغ لو صام، إذا كان مميزاً، وينبغي لولي أمره أن يأمره بالصيام ؛ ليعتاده ويألفه.

    مسألة : لو بلغ الصغير في أثناء النهار فيلزمه الإمساك ولايلجب عليه القضاء . وهذا مذهب مالك واختاره ابن تيمية وابن عثيمين .

    3 - العقل: فلا يجب الصيام على المجنون والمعتوه؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رُفع القلم عن ثلاثة ، فذكر منهم المجنون حتى يفيق. رواه أبو داود وصححه الألباني .

    مسألة في صيام المغمى عليه :

    • إن أغمي عليه أثناء النهار فلايضر صومه .
    • إن أغمي عليه قبل الفجر حتى المغرب فهو غير مخاطب بالصوم ولايقضي هذا اليوم .

    4 – الصحة والقدرة ، فمن كان مريضاً لا يطيق الصيام لم يجب عليه،

    لقوله تعالى: ( فاتقوا الله ما استطعتم ) وقوله: ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) .

    وإن صام صح صيامه؛ لقوله تعالى: ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) فإن زال المرض وجب عليه قضاء ما أفطره من أيام ، والمريض له أحوال :

    • إن كان مرضه يُرجى شفاؤه فيفطر ويقضي .
    • إن كان مرضه لا يُرجى شفاؤه فهذا يفطر ويطعم عن كل يوم مسكين .

    5 – الإقامة ، فلا يجب الصوم على المسافر؛ لقوله تعالى: ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) فلو صام المسافر صَحَّ صيامه ، ويجب عليه قضاء ما أفطره في السفر.

    6 - الخلو من الحيض والنفاس ، فالحائض والنفساء لا يجب عليهما الصيام، بل يحرم عليهما؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أليس إذا حاضت لم تصلِّ، ولم تصم ؟ فذلك من نقصان دينها ) رواه البخاري .

    ويجب القضاء عليهما ؛ لقول عائشة رضي الله عنها: ( كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة ). رواه مسلم .

    المسألة السادسة: ثبوت دخول شهر رمضان وانقضائه :

    يثبت دخول شهر رمضان برؤية الهلال، بنفسه أو بشهادة غيره على رؤيته، أو إخباره بذلك؛ فإذا شهد مسلم عدل برؤية هلال رمضان ثبت بهذه الشهادة دخول شهر رمضان؛ لقوله تعالى: ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) .

    ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إذا رأيتموه فصوموا . متفق عليه .

    ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أخبرت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برؤية رمضان فصامه، وأمر الناس بصيامه . رواه أبو داود بسند صحيح .

    فإن لم يرَ الهلال، أو لم يشهد مسلم عدل برؤيته، وجب إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً.

    ولا يثبت دخول الشهر بغير هذين الأمرين ، رؤية الهلال، أو إتمام شعبان ثلاثين يوما لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُبِّي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين . متفق عليه .

    ويثبت انقضاء رمضان برؤية هلال شهر شوال بشهادة مسلمين عدلين ، فإن لم يشهد مسلمان عدلان برؤية الهلال ، وجب إكمال عدة رمضان ثلاثين يوماً.

    المسألة السابعة: وقت النية في الصوم وحكمها:

    يجب على الصائم أن ينوي الصيام، وهي ركن من أركانه كما مضى؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ) متفق عليه .

    وينويها من الليل في الصيام الواجب ؛ كصوم رمضان والكفارة والقضاء والنذر، ولو قبل الفجر بدقيقة واحدة ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له . أخرجه الترمذي والنسائي واللفظ للنسائي وصححه الألباني .

    فمن نوى صوماً في النهار، ولم يطعم شيئاً، لم يجزئه إلا في صيام التطوع، فيجوز بنية من النهار، إذا لم يطعم شيئاً من أكل أو شرب؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات يوم فقال: هل عندكم من شيء؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذنْ صائم . رواه مسلم .

    أما صيام الواجب فلا ينعقد بنية من النهار، بل لابد فيه من نية الليل.

    وتكفي نية واحدة في بداية رمضان لجميع الشهر، ويُستحب تجديدها في كل يوم .
    ومجرد القيام للسحور يكفي ، لأنك لم تتسحر إلا وأنت تريد الصوم .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    مسائل في التيمم

    0:00

    تزويج الأبناء

    0:00

    تساؤلات

    0:00

    نواقض الوضوء

    0:00

    الاهتمام بالنظافة

    0:00



    عدد الزوار

    4970399

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة