• الثلاثاء 01 جُمادى الآخرة 1446 هـ ,الموافق :03 ديسمبر 2024 م


  • حاجتنا للاستشارة




  • الحمد لله الذي بيده مفاتيح التوفيق، والصلاة والسلام على نبي الرحمة والحكمة، ماترك خيراً إلا وحثنا عليه ولاشراً إلا وحذرنا منه.

    أما بعد، فيا
    معاشر المسلمين.

    كلنا نريد تحقيقَ النجاحِ في الحياة، ونتمنى التوفيق في كافةِ أمورنا، ونرغبُ أن نسيرَ مع ركب المتميزين، وثمةَ أمرٌ يجمعُ لك أصولَ النجاحِ والتوفيق.

    إنها الاستشارة، نعم الاستشارة.

    تلك الجملة التي نتمنى أن نعيشَ في ظلالها ونقطفُ ثمارها.

    الاستشارةُ هي الوسيلةُ المختصرة لسعادتك في كافة أمورك.

    الاستشارةُ هي النور الذي يضيءُ طريقَ حياتك.

    الاستشارة، إحدى الأوامر التي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى لنبيه " وشاورهم في الأمر ".

    الاستشارةٌ وصف تميز به أهل الإيمان " وأمرُهم شورى بينهم ".

    تعالوا معي لنعيشَ في بساتينِ الاستشارة.

    الاستشارة هي أن تعرض مشكلتك أو موضوعك على أحدِ الحكماء ليعطيك رأيه وخبرته في ذلك الموضوع.

    وقديماً قيل: الاستشارةُ هي استئجارٌ مجاني لعقول الحكماء.

    ولو رحلنا في تاريخ الاستشارةِ قليلاً، فسنجد في تاريخ الأنبياء نماذج:

    فهذا موسى عليه السلام يطلبُ من ربه شخصاً يسانده في الدعوة فيقول " واجعل لي وزيراً من أهلي هارون - اشدد به أزري - وأشركه في أمري ".

    وفي سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم تجد عدة مواقف تدل على أنه كان يستشير، فجاء عنه استشارته في المعارك.

    وثبت عنه استشارته لزوجتهِ أم سلمة رضي الله تعالى عنها لما رفض بعض الصحابة أن يحلقوا شعورهم في قصة الحديبية.

    وكان صلى الله عليه وسلم يقضي الليل مع أبي بكر وعمر في شأن المسلمين.

    وكان الصحابة يتشاورون فيما بينهم في قصصٍ يطولُ المقامُ فيها.

    وفي واقعنا، ولعظيم مكانة الاستشارة في المجتمع فإنّ كل الجهات الحكومية والشركات تعتني بقسمِ الاستشارات فيها.

    عباد الله.

    وحتى نستفيدُ من موضوعِ الاستشارةِ فلابد أن نتناول بعض التفصيلات المهمة فيها، فتأملوا بعض الصفات التي ينبغي أن تكون في الشخص المُستشير، ومن أهمها:

    ١- أن يكونَ صادقاً في طلب الاستشارة وليس مجرباً للرأي الذي سيسمعه من المستشار.

    ٢- أن يتواضع للمستشار فربما كان المستشارُ أصغرُ منك سناً، فلا تتكبر، واقبل الرأي والحكمة ممن جاء بها.

    ٣- وضِّح المعلومات للمستشار، ولاتكتم معلومةً في استشارتك حتى يكون الجواب الذي تسمعهُ محيطاً بكل جوانبك.

    ٤- اختر الشخص الحكيم الذي يجمع بين صفة العلم والخبرة والحكمة.

    ٥- ليس شرطاً أن يكون المستشار والدك أو صديقك، فربما كانوا لايدركون الجواب المناسب لك.

    ٦- ابتعد عن الشخص المستعجل أو ضعيف العلم لأنه يضرك في الاستشارة.

    ٧- اختر الشخص المتخصص في موضوعك، فمثلاً إن كانت استشارتك في موضوعٍ مالي فاختر المستشار الذي له عناية بالمال، وإن كان موضوعك عن الأسرة فاختر المستشار الخبير بالقضايا الأسرية.

    نقول هذا، لأن بعضَ الناس يستشيرُ في موضوعهِ أي شخصٍ يقابله ممن يعرف من الأقاربِ أو الزملاء، وربما لم يكن من أهل التخصص في الاستشارة.

    ٧- حينما تتضحُ الرؤيةُ لك، فنفذ كلام المستشار، وخاصةً إذا توافق مع غيره من الحكماء.

    أيها الفضلاء، إننا بحاجةٍ للاستشارة في عدةِ قضايا في حياتنا.

    ففي الجانب الأسري قد يحدثُ بينك وبين زوجتك خلاف، وقد لاتدرك الحل المناسب لها، فليس عيباً أن تستشير.

    وكم من زوج غفل عن الاستشارة واتخذ الرأي بشكلٍ سريع فوقع في مشكلاتٍ أكبر من مشكلته الأولى ثم ندم كثيراً.

    وفي الجانب المالي نحتاجُ للاستشارة، وكلنا يعلم أن بعضَ التجار كان نجاحهم بعد توفيق الله بسببِ استشارةٍ من خبيرٍ في التجارة.

    وأما ذلك الذي استعجل في مشروعه التجاري فقد وقع في ورطات الديون ولم يحقق إلا الفشل والندم وربما نزل السجنُ بسبب مطالبات الناس.

    وتعال للجانب الوظيفي، كم من قضية تدور في العمل بحاجةٍ إلى استشارة، وكم يحزنك أن ترى مديرك يتخذ القرارات بشكل فوضوي مما يضر بالعمل والعاملين معه.

    وفي الجانبِ الدعوي نحتاجُ للاستشارة في اختيارِ الموقف الدعوي المناسب للقضايا التي تعترض طريق الدعوة.

    ونحتاج للاستشارة في كيفية التعامل مع المدعوين على اختلاف طبقاتهم.

    وهكذا سنحقق النجاح الدعوي إذا كنا من أهل الاستشارة.

    نسألُ الله أن يلهمنا رشدنا إنه على كل شيء قدير .

     ---------------------- 

    الحمد لله.

    أيها الناس، إن هناك صفات لابد من توفرها في الشخص الذي تستشيره ومنها :

    ١- أن يكون أمنياً ، فلايجوز لك أيها المستشار أن تنشر قصة المستشير، وقد قال صلى الله عليه وسلم: المستشار مؤتمن . رواه أبو داود بسند صحيح.

    ٢- أيها المستشار، إذا عرفتَ الجواب فالحمد لله، وأما إذا لم تعلم فلاتتحدث مع صاحب الاستشارة بلا علم، وقل : لا أدري، أو أرشده لمن تعرف أنه يعلم.

    ٣- لاتكن عاطفياً مع المستشير، وقدِّم الرأي الذي تعتقدُ أنه الأفضلُ له، واعلم أن رأيك ربما كان صلاحاً للمستشير في دينه أو دنياه فاتق الله في الجواب الذي تعطيه إياه.

    عباد الله.

    قد نصادفُ بعض الناس الذين يظنون أن الاستشارة دليل على ضعف العقل وغياب الحكمة، ولهذا هم لايستشيرون.

    إن هؤلاء أكثر الناس وقوعاً في الخطأ، ولكنهم لايعلمون.

    فلو كانت الاستشارة ضعفٌ في العقل لما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بها، ولو كانت الاستشارة دليلٌ على غياب الحكمة لما اعتنت بها الدول في كل شؤونها.


    أيها الكرام.

    لقد رأيتُ أن الاستشارةَ سببٌ كبير للنجاح في كل شيء حتى في الموضوعات الصغيرة.

    فوصيتي لكم، اجعلوا الاستشارة ركنٌ مهم في حياتكم، واغرسوها في نفوس زوجاتكم وأولادكم.

    وبهذا نأخذ تجارب الآخرين ونستفيد من نجاحاتهم.

    اللهم وفقنا لصالح الأقوال والأعمال ، اللهم يسرنا لفعل الخيرات .

    سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    تزويج الأبناء

    0:00

    إلا تنصروه فقد نصره الله

    0:00

    تأملات في سورة الطارق

    0:00

    هل تسمع النداء ؟!

    0:00

    رسائل للأمهات

    0:00



    عدد الزوار

    5014564

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1600 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة