• الجمعة 19 رَمَضان 1445 هـ ,الموافق :29 مارس 2024 م


  • حاجتنا للاستشارة



  • الحمد لله الذي بيده مفاتيح التوفيق ، والصلاة والسلام على نبي الرحمة والحكمة ، ماترك خيراً إلا وحثنا عليه ولاشراً إلا وحذرنا منه .

    أما بعد .

    معاشر المسلمين .

    كلنا نريد تحقيقَ النجاحِ في الحياة ، ونتمنى التوفيق في كافةِ أمورنا ، ونرغبُ أن نسيرَ مع ركب المتميزين ، وثمةَ أمرٌ يجمعُ لك أصولَ النجاحِ والتوفيق .

    إنها الاستشارة ، نعم الاستشارة .

    تلك الجملة التي نتمنى أن نعيشَ في ظلالها ونقطفُ ثمارها .

    الاستشارةُ هي الوسيلةُ المختصرة لسعادتك في كافة أمورك .

    الاستشارةُ هي النور الذي يضيءُ طريقَ حياتك .

    الاستشارة ، إحدى الأوامر التي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم " وشاورهم في الأمر ".

    الاستشارةٌ وصف تميز به أهل الإيمان " وأمرُهم شورى بينهم ".

    تعالوا معي لنعيشَ في بساتينِ الاستشارة .

    الاستشارة هي أن تعرض مشكلتك أو موضوعك على أحدِ الحكماء ليعطيك رأيه وخبرته في ذلك الموضوع .

    وقديماً قيل : الاستشارةُ هي استئجارٌ مجاني لعقول الحكماء .

    ولو رحلنا في تاريخ الاستشارةِ قليلاً ، فسنجد في تاريخ الأنبياء نماذج :

    فهذا موسى عليه السلام يطلبُ من ربه شخصاً يسانده في الدعوة فيقول " واجعل لي وزيراً من أهلي هارون ، اشدد به أزري ، وأشركه في أمري ".

    وفي سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم تجد عدة مواقف تدل على أنه كان يستشير ، فجاء عنه استشارته في المعارك .

    وثبت عنه استشارته لزوجتهِ أم سلمة رضي الله تعالى عنها لما رفض بعض الصحابة أن يحلقوا شعورهم في قصة الحديبية .

    وكان صلى الله عليه وسلم يقضي الليل مع أبي بكر وعمر في شأن المسلمين .

    وكان الصحابة يتشاورون فيما بينهم في قصصٍ يطولُ المقامُ فيها .

    وفي واقعنا ، ولعظيم مكانة الاستشارة في المجتمع فإنّ كل الجهات الحكومية والشركات تعتني بقسمِ الاستشارات فيها .

    عباد الله .

    وحتى نستفيدُ من موضوعِ الاستشارةِ فلابد أن نتناول بعض التفصيلات المهمة فيها ، فتأملوا بعض الصفات التي ينبغي أن تكون في الشخص المستشير ، ومن أهمها :

    ١- أن يكونَ صادقاً في طلب الاستشارة وليس مجرباً للرأي الذي سيسمعه من المستشار .

    ٢- أن يتواضع للمستشار فربما كان المستشارُ أصغرُ منك سناً أو من جنسية أخرى ، فلا تتكبر ، واقبل الرأي والحكمة ممن جاء بها .

    ٣- وضِّح المعلومات كلها للمستشار ، ولاتكتم معلومةً في استشارتك حتى يكون الجواب الذي تسمعهُ محيطاً بكل جوانبك .

    ٤- اختر الشخص الحكيم الذي يجمع بين صفة العلم والخبرة والحكمة .

    ٥- ليس شرطاً أن يكون المستشار والدك أو صديقك ، فربما كانوا لايدركون الجواب المناسب لك .

    ٦- ابتعد عن الشخص المستعجل أو ضعيف العلم لأنه يضرك في الاستشارة .

    ٧- اختر الشخص المتخصص في موضوعك ، فمثلاً إن كانت استشارتك في موضوعٍ مالي فاختر المستشار الذي له عناية بالمال ، وإن كان موضوعك عن الأسرة فاختر المستشار الخبير بالقضايا الأسرية .

    نقول هذا ، لأن بعضَ الناس يستشيرُ في موضوعهِ أي شخصٍ يقابله ممن يعرف من الأقاربِ أو الزملاء ، وربما لم يكونوا من أهل التخصص في الاستشارة .

    ٧- حينما تتضحُ الرؤيةُ لك ، فنفذ كلام المستشار ، وخاصةً إذا توافق مع غيره من الحكماء .

    أيها الفضلاء ، إننا بحاجةٍ للاستشارة في عدةِ قضايا في حياتنا .

    ففي الجانب الأسري قد يحدثُ بينك وبين زوجتك خلاف ، وقد لاتدرك الحل المناسب لها ، فليس عيباً أن تستشير .

    وكم من زوج غفل عن الاستشارة واتخذ الرأي بشكلٍ سريع فوقع في مشكلاتٍ أكبر من مشكلته الأولى ثم ندم كثيراً .

    وفي الجانب المالي نحتاجُ للاستشارة ، وكلنا يعلم أن بعضَ التجار كان نجاحهم بعد توفيق الله بسببِ استشارةٍ من خبيرٍ في عالم التجارة .

    وأما ذلك الذي استعجل في مشروعه التجاري أو العقاري فقد وقع في ورطات الديون ولم يحقق إلا الفشل والندم وربما نزل السجنُ بسبب مطالبات الناس .

    وتعال للجانب الوظيفي ، كم من قضية تدور في العمل بحاجةٍ إلى استشارة ، وكم يحزنك أن ترى مديرك يتخذ القرارات بشكل فوضوي مما يضر بالعمل والعاملين معه .

    وفي الجانبِ الدعوي نحتاجُ للاستشارة في اختيارِ الموقف الدعوي المناسب للقضايا التي تعترض طريق الدعوة .

    ونحتاج للاستشارة في كيفية التعامل مع المدعوين على اختلاف طبقاتهم .

    وهكذا سنحقق النجاح الدعوي إذا كنا من أهل الاستشارة .

    أيها الناس ، إن هناك صفات لابد من توفرها في الشخص الذي تستشيره ومنها :

    ١- أن يكون أمنياً ، فلايجوز لك أيها المستشار أن تنشر قصة المستشير ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : المستشار مؤتمن . رواه أبو داود بسند صحيح .

    ٢- إذا عرفت الجواب فالحمد لله ، وأما إذا لم تعلم فلاتتحدث مع صاحب الاستشارة بلا علم ، وقل : لا أدري ، أو أرشده لمن تعرف أنه يعلم .

    ٣- لاتكن عاطفياً مع المستشير ، وقدِّم الرأي الذي تعتقدُ أنه الأفضلُ له ، واعلم أن رأيك ربما كان صلاحاً للمستشير في دينه أو دنياه فاتق الله في الجواب الذي تعطيه إياه .

    نسألُ الله أن يلهمنا رشدنا ويسدد رأينا إنه على كل شيء قدير .

     ---------------------- 

    الحمد لله .

    معاشر المسلمين .

    قد نصادفُ بعض الناس الذين يظنون أن الاستشارة دليل على ضعف العقل وغياب الحكمة ، ولهذا هم لايستشيرون .

    إن هؤلاء أكثر الناس وقوعاً في الخطأ ، ولكنهم لايعلمون .

    فلو كانت الاستشارة ضعفٌ في العقل لما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بها ، ولو كانت الاستشارة دليلٌ على غياب الحكمة لما اعتنت بها الدول في كل شؤونها .


    أيها الكرام .

    لقد رأيتُ أن الاستشارةَ سببٌ كبير للنجاح في كل شيء حتى في الموضوعات الصغيرة ، لهذا جعلتها منهجي في كل حياتي .

    ولقد جربتُ نفسي أنني حينما أغفل عن الاستشارة ، أقع في مشكلات لم أكن أتوقع حصولها .

    فوصيتي لكم ، اجعلوا الاستشارة ركنٌ مهم في حياتكم ، واغرسوها في نفوس زوجاتكم وأولادكم .

    وبهذا نأخذ تجارب الآخرين ونقتبس من نجاحاتهم .

    اللهم وفقنا لصالح الأقوال والأعمال . اللهم يسرنا لفعل الخيرات .

    اللهم افتح لنا أبواب رحمتك ، اللهم اشرح صدورنا ، واغفر ذنوبنا .

    اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا .

    اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى .

    سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .

     


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    لماذا تطلب المرأة العلم

    0:00

    أعظم مقامات العبادة

    0:00

    الأمل.. ومضات وإشراقات

    0:00

    حتى تكون سعيداً

    0:00

    تأملات في سورة الحجرات - 1

    0:00



    عدد الزوار

    4100312

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 90 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1589 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة