• الجمعة 11 جُمادى الآخرة 1446 هـ ,الموافق :13 ديسمبر 2024 م


  • التحذير من بعض الأخلاق



  • الحمد لله الذي يحب معالي الأخلاق ويكره مساوئها.

    والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي زكاه الله فقال تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم).

    أما بعد، فلاشك أن الحديث عن الأخلاق الحسنة من الأمور المحببة للنفس لما في ذلك من التحفيز لها.

    ولكن هناك في المقابل أخلاق سيئة تنتشر بين فترة وأخرى عند بعض الناس، ومن المهم التحذير منها.

    وسوف نتناول في هذا اليوم التحذير من بعض الأخلاق المذمومة، وشيء من تطبيقاتها في واقعنا.

    فمن تلك الأخلاق المذمومة: الإسراف والتبذير.

    والإسراف هو : تجاوز الحد في الشيء، ويدخل في ذلك:

    1- الإسراف في صرف المال الكثير في الشيء الذي لايستحق.

    2- ومن ذلك الإسراف في استخدام الماء في الوضوء حتى إنه يصب الكثير منه ولايبالي.

    3- ومن ذلك الإسراف في الولائم في المناسبات حتى إن بعضها يُرمى في النفايات، وفي كلِ تلك الصورِ وغيرهِا يقولُ اللهُ تعالى ( ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين).

    والتبذيرُ مصطلحٌ قريبٌ منه، وهو مخصصٌ بالمال في الغالب وهو صرف المال فيما لاينبغي.

    وفيه يقولُ اللهُ تعالى (ولاتبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين).

    والمنهجُ الإسلامي يدعونا للتوسط، قال تعالى (ولاتجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط).

    وقال الله عن عباده الصالحين (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ).

    ونحن في زمنٍ تكالبت فيه الضغوطُ المالية فيجبُ التوازنُ، والحذر من اتخاذ القرارات غير المدروسة، حتى لانندم ونقعُ فيما لايحمدُ عقباه من الورطات المالية.

    وينبغي تربيةُ الأسرةِ على الاعتدالِ في التعاملِ مع كلِ شيء.

    ولنحذر من عقوبةِ اللهِ علينا بهذا الإسراف الذي يوجدُ عند بعضنا.

    ولنتذكر حالَ بعضَ الفقراءِ الذين لايجدون الطعامَ الكافي بل ولا اللباس الساتر .

    ومن الأخلاقِ المذمومةِ : إفشاءُ الأسرار.

    وكم تتعجب من شخصٍ تخبرهُ ببعض أسرارك، فإذا هي قد انتشرت للقريب والبعيد، فهل هذا يجوز؟

    وفي كشف الأسرار أضرارٌ كبيرة على الشخص ربما في دينه وأسرته ووظيفته.

    ومن الأسرارِ التي يجبُ حفظها، أسرار العمل التي أنت مؤتمن عليها ، فاتق الله ، وتذكر قولَ الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون).

    وفي الحديث ( المجالس بالأمانة ) رواه أبو داود.

    أي أن الغالب أن مايدور في مجلسك قد يكون فيه شيء من الأسرار التي لايرغبُ صاحبها في معرفةِ الناسِ بها.

    ومن الأسرار التي يجب كتمانها، الأسرار الزوجية، فلايحل لك كشف أسرار العلاقة بينك وبين زوجتك.

    نقول هذا لأن بعض الرجال يتساهل ومن باب المزاح في الحديث عن شيء من أسرارِ العلاقةِ الحميمية.

    نعم، قد يكونُ من المصلحةِ إخبارُ أهل الزوجةِ ببعض المشكلات بينكما إذا لم تجدْ حلاً لها، فهذا ليس من كشف الأسرار ، بل هذا مما يعين على حلول المشكلات.

    ومما نؤكد عليها، أن تحفظ سر من يستشيرك، قال صلى الله عليه وسلم ( المستشار مؤتمن ) رواه أبو داود .

    فهذا الشخص الذي وضع سره عندك يطلب فيه رأيك ، لايجوز لك أن تكشفه للآخرين .

    أيها الأحبة، إن إفشاءَ أسرار الناسِ دليلٌ على سوءِ الخلق، وقلةِ الوفاء، وفي ذلك مفاسدُ كبيرةٍ على الناس، وتُفقِدُ الثِقةُ بين المجتمع.

    فاتق الله، واكتم الأسرارَ التي تصلك.

    ومن الأخلاقِ المذمومة : سوء الظن.

    والمقصودُ به هو اعتقادُ الشر والخطأ في الآخرين بمجردِ وقوعهِم في الشيء الذي قد يكونُ لهم أعذارٌ في الوقوعِ فيه.

    ومثال ذلك:

    1- سوء الظنِّ بالزوجة والشك فيها بمجردِ كلامٍ وصلك من قريب، بدونِ أي دليل.

    2- ومن ذلك سوءُ الظنِّ بصديقك بمجرد أن تأخر عن موعدٍ معك.

    3- ومن ذلك سوءُ الظنِّ بالموظف بسبب خطأ وقعَ منه في معاملة.

    والواجبُ أن نحسنَ الظنَّ في الناس، وأن نعتقدَ الخير فيهم، مالم يظهر لنا بشكلٍ واضح أن هناك مشكلةً عنده فحينها لابد من التثبت ومعالجة القضية بالحكمة لا بالعجلة.

    وفي التحذير من سوء الظن يقولُ ربنا تبارك وتعالى (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعضَ الظنِ إثم ).

    أيها الفضلاء، إن الشيطانَ يحاولُ زرعَ سوءِ الظنِّ فينا حتى نفترق، وهذه من وسائله التي يسعى إليها دائماً.

    وفي الحديث الصحيح (إن الشيطان أيسَ أن يعبدهُ المصلون ولكن في التحريش بينهم ) رواه مسلم.

    يعني أنه لم ييأس في زرع العداوات بين الناس.

    يا أخي، ألا تحبُ أن نحسنَ الظنَّ بك؟ فكذلك نحنُ نحبُ أن تحسنَ الظنَّ بنا.

    أيها الفضلاء، ومن الأخلاقِ المذمومة: الغشُ والخداع.

    والغش من كبائر الذنوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم : من غسنا فليس منا. رواه مسلم .

    وهو نوعٌ من الكذبِ والتحايلِ على الناس.

    وله صور في واقعنا، فمن ذلك:

    1- الغش في البيع، وكتم العيب الذي في السلعة، بل ومنهم من يحلفُ كاذباً على أن السلعةَ سليمةً من العيوب، ثم يكتشفُ المشتري ذلك العيبُ فتحدثُ الخلافات وتترافع القضايا للمحاكم.

    2- ومن ذلك الغش في العقود التجارية، والتلاعب بالأسعار بطريقة فيها تحايلٌ على أموال الدولة.

    3- ومن ذلك الغشُ في تزويجِ الشاب من الفتاة التي قد يكون فيها عيبٌ خلْقي كمرضٍ خطيرٍ أو عاهةً تضر بها وربما بأولادها.

    4- وقل مثل في تزويج البنت من شابٍ عليه ملاحظاتٌ في دينه وصحته، وربما كان من أصحاب المخدرات، فيكتمُ أهلهُ ذلك، وبعد الزواج تكتشف تلك الفتاة البريئة أن زوجها مدمن مخدرات وربما يتعالجُ في المستشفيات المتخصصة.

    إن الواجبَ على كلِ واحدٍ منا أن يكونَ صادقاً مع الآخرين في كل شيء، وأن يحذرَ من الغش والخداع، حتى لاتقعَ المشكلاتُ بين أفرادِ المجتمعِ بسببِ تلك التصرفات.

    واحذر يامن يغش من دعوةِ مظلومٍ قد غششته في معاملة، ومايدريك لعل الله أن يستجيبَ له، فتخسر ربما نفسك أو أهلك ومالك.

    إن الغشَ يمحقُ البركة، ويسببُ النفرةَ بين الناس، وهو دليلٌ على ضعفِ الإيمان، وخيانةٌ للأمانة، والغاشٌ متهاونٌ بنظر الله إليه.

    اللهم وفقنا واهدنا للأخلاق الحسنة التي تقربنا منك.

    -----------

    الحمد لله.

    أيها الفضلاء ، وإن من الأخلاقِ المذمومةِ : الغضب.

    وياحسرتاه على تلك الآثارِ المترتبةِ على الغضب.

    فكم من رجلٍ طلّق زوجته بسبب الغضب وربما كانت الطلقة الثالثة وحينها تدمرت الأسرة.

    وكم من غضبٍ قاد للقتل، وهاهو القاتل يُقاد لساحةِ القصاص.

    وكم من ساعة غضب فرقت بين الأقارب.

    إن الغضبَ مفتاحُ الشرور، ويُخلّف العديدَ من المفاسد.

    ولهذا كانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الصحابي: لاتغضب . رواه البخاري.

    إن شدةَ الغضب ربما جلبت للشخص بعض الأمراض العضوية الخطيرة كالجلطة ونحوها.

    عباد الله ، إن مما يعينُ على علاجِ الغضب:

    ١- الاستعاذةُ بالله من الشيطان الرجيم.

    ٢- تغيير الحال، فإن كنت قائماً فاجلس وإن كنت جالساً فاضطجع.

    ٣- مجاهدةُ النفسِ وعدمُ الانقيادِ للغضب.

    ٤- التفكر في الآثار السلبية للغضب.

    ٥- أن يتربى المرء على العفو والمسامحة، وأن يعلم بالثواب الذي أعدّه الله للعافين عن الناس، قال تعالى ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ).

    اللهم يسرنا للخيرات ، وباعد بيننا وبين الخطايا والمنكرات .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون

    0:00

    الحاج والعلم

    0:00

    سفيان الثوري

    0:00

    كيف تؤثر في الآخرين

    0:00

    قالوا عن النجاح

    0:00



    عدد الزوار

    5039830

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1601 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة