الحمد لله الذي يحب معالي الأخلاق ويكره مساوئها .
والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي زكاه الله فقال تعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم ).
أما بعد ، فلاشك أن الحديث عن الأخلاق الحسنة من الأمور المحببة للنفس لما في ذلك من التحفيز لها .
ولكن هناك في المقابل أخلاق سيئة تنتشر بين فترة وأخرى عند بعض الناس ، ومن المهم التحذير منها .
وسوف نتناول في هذا اليوم التحذير من بعض الأخلاق المذمومة ، وشيء من تطبيقاتها في واقعنا .
فمن تلك الأخلاق المذمومة : الإسراف والتبذير .
والإسراف هو : تجاوز الحد في الشيء ، ويدخل في ذلك :
1- الإسراف في صرف المال الكثير في الشيء الذي لايستحق .
2- ومن ذلك الإسراف في استخدام الماء في الوضوء حتى إنه يصب الكثير منه ولايبالي .
3- ومن ذلك الإسراف في الولائم في المناسبات حتى إن بعضها يُرمى في النفايات ، وفي كلِ تلك الصورِ وغيرهِا يقولُ اللهُ تعالى ( ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين ) .
والتبذيرُ مصطلحٌ قريبٌ منه ، وهو مخصصٌ بالمال في الغالب وهو صرف المال فيما لاينبغي .
وفيه يقولُ اللهُ تعالى ( ولاتبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ) .
والمنهجُ الإسلامي يدعونا للتوسط ، قال تعالى ( ولاتجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط ) .
وقال الله عن عباده الصالحين ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) .
ونحن في زمنٍ تكالبت فيه الضغوطُ المالية فيجبُ التوازنُ ، والحذر من اتخاذ القرارات غير المدروسة ، حتى لانندم ونقعُ فيما لايحمدُ عقباه من الورطات المالية .
وينبغي تربيةُ الأسرةِ على الاعتدالِ في التعاملِ مع كلِ شيء .
ولنحذر من عقوبةِ اللهِ علينا بهذا الإسراف الذي يوجدُ عند بعضنا .
ولنتذكر حالَ بعضَ الفقراءِ الذين لايجدون الطعامَ الكافي بل ولا اللباس الساتر .
ومن الأخلاقِ المذمومةِ : إفشاءُ الأسرار .
وكم تتعجب من شخصٍ أخبرتَهُ ببعض أسرارك ، فإذا هي قد انتشرت للقريب والبعيد ، فهل هذا يجوز ؟
وفي كشف الأسرار أضرارٌ كبيرة على الشخص ربما في دينه وأسرته ووظيفته .
ومن الأسرارِ التي يجبُ حفظها ، أسرار العمل التي أنت مؤتمن عليها ، فاتق الله ، وتذكر قولَ الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) .
وفي الحديث ( المجالس بالأمانة ) رواه أبو داود .
أي أن الغالب أن مايدور في مجلسك قد يكون فيه شيء من الأسرار التي لايرغبُ صاحبها في معرفةِ الناسِ بها .
ومن الأسرار التي يجب كتمانها ، الأسرار الزوجية ، فلايحل لك كشف أسرار العلاقة بينك وبين زوجتك .
نقول هذا لأن بعض الرجال يتساهل ومن باب المزاح في الحديث عن شيء من أسرارِ العلاقةِ الحميمية .
نعم ، قد يكونُ من المصلحةِ إخبارُ أهل الزوجةِ ببعض المشكلات بينكما إذا لم تجدْ حلاً لها ، فهذا ليس من كشف الأسرار ، بل هذا مما يعين على حلول المشكلات .
ومما نؤكد عليها ، أن تحفظ سر من يستشيرك ، قال صلى الله عليه وسلم ( المستشار مؤتمن ) رواه أبو داود .
فهذا الشخص الذي وضع سره عندك يطلب فيه رأيك ، لايجوز لك أن تكشفه للآخرين .
أيها الأحبة ، إن إفشاءَ أسرار الناسِ دليلٌ على سوءِ الخلق ، وقلةِ الوفاء ، وفي ذلك مفاسدُ كبيرةٍ على الناس ، وتُفقِدُ الثِقةُ بين المجتمع .
فاتق الله ، واكتم الأسرارَ التي تصلك .
ومن الأخلاقِ المذمومة : سوء الظن .
والمقصودُ به هو اعتقادُ الشر والخطأ في الآخرين بمجردِ وقوعهِم في الشيء الذي قد يكونُ لهم أعذارٌ في الوقوعِ فيه .
ومثال ذلك :
1- سوء الظنِّ بالزوجة والشك فيها بمجردِ كلامٍ وصلك من قريب ، بدونِ أي دليل .
2- ومن ذلك سوءُ الظنِّ بصديقك بمجرد أن تأخر عن موعدٍ معك .
3- ومن ذلك سوءُ الظنِّ بالموظف بسبب خطأ وقعَ منه في معاملة .
والواجبُ أن نحسنَ الظنَّ في الناس ، وأن نعتقدَ الخير فيهم ، مالم يظهر لنا بشكلٍ واضح أن هناك مشكلةً عنده فحينها لابد من التثبت ومعالجة القضية بالحكمة لا بالعجلة .
وفي التحذير من سوء الظن يقولُ ربنا تبارك وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعضَ الظنِ إثم ) .
أيها الفضلاء ، إن الشيطانَ يحاولُ زرعَ سوءِ الظنِّ فينا حتى نفترق ، وهذه من وسائله التي يسعى إليها دائماً .
وفي الحديث الصحيح ( إن الشيطان أيسَ أن يعبدهُ المصلون ولكن في التحريش بينهم ) رواه مسلم .
يعني أنه لم ييأس في زرع العداوات بين الناس .
يا أخي ، ألا تحبُ أن نحسنَ الظنَّ بك ؟ فكذلك نحنُ نحبُ أن تحسنَ الظنَّ بنا .
أيها الفضلاء ، ومن الأخلاقِ المذمومة : الغشُ والخداع .
والغش من كبائر الذنوب ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : من غسنا فليس منا . رواه مسلم .
وهو نوعٌ من الكذبِ والتحايلِ على الناس .
وله صور في واقعنا ، فمن ذلك :
1- الغش في البيع ، وكتم العيب الذي في السلعة ، بل ومنهم من يحلفُ كاذباً على أن السلعةَ سليمةً من العيوب ، ثم يكتشفُ المشتري ذلك العيبُ فتحدثُ الخلافات وتترافع القضايا للمحاكم .
2- ومن ذلك الغش في العقود التجارية ، والتلاعب بالأسعار بطريقة فيها تحايلٌ على أموال الدولة .
3- ومن ذلك الغشُ في تزويجِ الشاب من الفتاة التي قد يكون فيها عيبٌ خلْقي كمرضٍ خطيرٍ أو عاهةً تضر بها وربما بأولادها .
4- وقل مثل في تزويج البنت من شابٍ عليه ملاحظاتٌ في دينه وصحته ، وربما كان من أصحاب المخدرات ، فيكتمُ أهلهُ ذلك ، وبعد الزواج تكتشف تلك الفتاة البريئة أن زوجها مدمن مخدرات وربما يتعالجُ في المستشفيات المتخصصة .
إن الواجبَ على كلِ واحدٍ منا أن يكونَ صادقاً مع الآخرين في كل شيء ، وأن يحذرَ من الغش والخداع ، حتى لاتقعَ المشكلاتُ بين أفرادِ المجتمعِ بسببِ تلك التصرفات .
واحذر يامن يغش من دعوةِ مظلومٍ قد غششته في معاملة ، ومايدريك لعل الله أن يستجيبَ له ، فتخسر ربما نفسك أو أهلك ومالك .
إن الغشَ يمحقُ البركة ، ويسببُ النفرةَ بين الناس ، وهو دليلٌ على ضعفِ الإيمان ، وخيانةٌ للأمانة ، والغاشٌ متهاونٌ بنظر الله إليه .
اللهم وفقنا واهدنا للأخلاق الحسنة التي تقربنا منك .
-------------------
الحمد لله .
أيها الفضلاء ، وإن من الأخلاقِ المذمومةِ : الغضب .
وياحسرتاه على تلك الآثارِ المترتبةِ على الغضب .
فكم من رجلٍ طلّق زوجته بسبب الغضب وربما كانت الطلقة الثالثة وحينها تدمرت الأسرة .
وكم من غضبٍ قاد للقتل ، وهاهو القاتل يُقاد لساحةِ القصاص .
وكم من ساعة غضب فرقت بين الأقارب .
إن الغضبَ مفتاحُ الشرور ، ويُخلّف العديدَ من المفاسد .
ولهذا كانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الصحابي : لاتغضب . رواه البخاري .
إن شدةَ الغضب ربما جلبت للشخص بعض الأمراض العضوية الخطيرة كالجلطة ونحوها .
عباد الله ، إن مما يعينُ على علاجِ الغضب :
١- الاستعاذةُ بالله من الشيطان الرجيم .
٢- تغيير الحال ، فإن كنت قائماً فاجلس وإن كنت جالساً فاضطجع .
٣- مجاهدةُ النفسِ وعدمُ الانقيادِ للغضب .
٤- التفكر في الآثار السلبية للغضب .
٥- أن يتربى المرء على العفو والمسامحة ، وأن يعلم بالثواب الذي أعدّه الله للعافين عن الناس ، قال تعالى ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ).
اللهم يسرنا للخيرات ، وباعد بيننا وبين الخطايا والمنكرات .
مكتبة الصوتيات
يونس عليه السلام
0:00
الدعوة سبب لصلاح الأسر
0:00
الإيجابية في الحياة
0:00
أشراط الساعة - 3
0:00
قواعد في الرقية الشرعية
0:00
عدد الزوار
4157712
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة |