• الخميس 16 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :25 ابريل 2024 م


  • التحذير من بعض الأخلاق



  • الحمد لله الذي يحب معالي الأخلاق ويكره مساوئها .

    والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي زكاه الله فقال تعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم ).

    أما بعد ، فلاشك أن الحديث عن الأخلاق الحسنة من الأمور المحببة للنفس لما في ذلك من التحفيز لها .

    ولكن هناك في المقابل أخلاق سيئة تنتشر بين فترة وأخرى عند بعض الناس ، ومن المهم التحذير منها .

    وسوف نتناول في هذا اليوم التحذير من بعض الأخلاق المذمومة ، وشيء من تطبيقاتها في واقعنا .

    فمن تلك الأخلاق المذمومة : الإسراف والتبذير .

    والإسراف هو : تجاوز الحد في الشيء ، ويدخل في ذلك :

    1- الإسراف في صرف المال الكثير في الشيء الذي لايستحق .

    2- ومن ذلك الإسراف في استخدام الماء في الوضوء حتى إنه يصب الكثير منه ولايبالي .

    3- ومن ذلك الإسراف في الولائم في المناسبات حتى إن بعضها يُرمى في النفايات ، وفي كلِ تلك الصورِ وغيرهِا يقولُ اللهُ تعالى ( ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين ) .

    والتبذيرُ مصطلحٌ قريبٌ منه ، وهو مخصصٌ بالمال في الغالب وهو صرف المال فيما لاينبغي .

    وفيه يقولُ اللهُ تعالى ( ولاتبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ) .

    والمنهجُ الإسلامي يدعونا للتوسط ، قال تعالى ( ولاتجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط ) .

    وقال الله عن عباده الصالحين ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) .

    ونحن في زمنٍ تكالبت فيه الضغوطُ المالية فيجبُ التوازنُ ، والحذر من اتخاذ القرارات غير المدروسة ، حتى لانندم ونقعُ فيما لايحمدُ عقباه من الورطات المالية .

    وينبغي تربيةُ الأسرةِ على الاعتدالِ في التعاملِ مع كلِ شيء .

    ولنحذر من عقوبةِ اللهِ علينا بهذا الإسراف الذي يوجدُ عند بعضنا .

    ولنتذكر حالَ بعضَ الفقراءِ الذين لايجدون الطعامَ الكافي بل ولا اللباس الساتر .

    ومن الأخلاقِ المذمومةِ : إفشاءُ الأسرار .

    وكم تتعجب من شخصٍ أخبرتَهُ ببعض أسرارك ، فإذا هي قد انتشرت للقريب والبعيد ، فهل هذا يجوز ؟

    وفي كشف الأسرار أضرارٌ كبيرة على الشخص ربما في دينه وأسرته ووظيفته .

    ومن الأسرارِ التي يجبُ حفظها ، أسرار العمل التي أنت مؤتمن عليها ، فاتق الله ، وتذكر قولَ الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) .

    وفي الحديث ( المجالس بالأمانة ) رواه أبو داود .

    أي أن الغالب أن مايدور في مجلسك قد يكون فيه شيء من الأسرار التي لايرغبُ صاحبها في معرفةِ الناسِ بها .

    ومن الأسرار التي يجب كتمانها ، الأسرار الزوجية ، فلايحل لك كشف أسرار العلاقة بينك وبين زوجتك .

    نقول هذا لأن بعض الرجال يتساهل ومن باب المزاح في الحديث عن شيء من أسرارِ العلاقةِ الحميمية .

    نعم ، قد يكونُ من المصلحةِ إخبارُ أهل الزوجةِ ببعض المشكلات بينكما إذا لم تجدْ حلاً لها ، فهذا ليس من كشف الأسرار ، بل هذا مما يعين على حلول المشكلات .

    ومما نؤكد عليها ، أن تحفظ سر من يستشيرك ، قال صلى الله عليه وسلم ( المستشار مؤتمن ) رواه أبو داود .

    فهذا الشخص الذي وضع سره عندك يطلب فيه رأيك ، لايجوز لك أن تكشفه للآخرين .

    أيها الأحبة ، إن إفشاءَ أسرار الناسِ دليلٌ على سوءِ الخلق ، وقلةِ الوفاء ، وفي ذلك مفاسدُ كبيرةٍ على الناس ، وتُفقِدُ الثِقةُ بين المجتمع .

    فاتق الله ، واكتم الأسرارَ التي تصلك .

    ومن الأخلاقِ المذمومة : سوء الظن .

    والمقصودُ به هو اعتقادُ الشر والخطأ في الآخرين بمجردِ وقوعهِم في الشيء الذي قد يكونُ لهم أعذارٌ في الوقوعِ فيه .

    ومثال ذلك :

    1- سوء الظنِّ بالزوجة والشك فيها بمجردِ كلامٍ وصلك من قريب ، بدونِ أي دليل .

    2- ومن ذلك سوءُ الظنِّ بصديقك بمجرد أن تأخر عن موعدٍ معك .

    3- ومن ذلك سوءُ الظنِّ بالموظف بسبب خطأ وقعَ منه في معاملة .

    والواجبُ أن نحسنَ الظنَّ في الناس ، وأن نعتقدَ الخير فيهم ، مالم يظهر لنا بشكلٍ واضح أن هناك مشكلةً عنده فحينها لابد من التثبت ومعالجة القضية بالحكمة لا بالعجلة .

    وفي التحذير من سوء الظن يقولُ ربنا تبارك وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعضَ الظنِ إثم ) .

    أيها الفضلاء ، إن الشيطانَ يحاولُ زرعَ سوءِ الظنِّ فينا حتى نفترق ، وهذه من وسائله التي يسعى إليها دائماً .

    وفي الحديث الصحيح ( إن الشيطان أيسَ أن يعبدهُ المصلون ولكن في التحريش بينهم ) رواه مسلم .

    يعني أنه لم ييأس في زرع العداوات بين الناس .

    يا أخي ، ألا تحبُ أن نحسنَ الظنَّ بك ؟ فكذلك نحنُ نحبُ أن تحسنَ الظنَّ بنا .

    أيها الفضلاء ، ومن الأخلاقِ المذمومة : الغشُ والخداع .

    والغش من كبائر الذنوب ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : من غسنا فليس منا . رواه مسلم .

    وهو نوعٌ من الكذبِ والتحايلِ على الناس .

    وله صور في واقعنا ، فمن ذلك :

    1- الغش في البيع ، وكتم العيب الذي في السلعة ، بل ومنهم من يحلفُ كاذباً على أن السلعةَ سليمةً من العيوب ، ثم يكتشفُ المشتري ذلك العيبُ فتحدثُ الخلافات وتترافع القضايا للمحاكم .

    2- ومن ذلك الغش في العقود التجارية ، والتلاعب بالأسعار بطريقة فيها تحايلٌ على أموال الدولة .

    3- ومن ذلك الغشُ في تزويجِ الشاب من الفتاة التي قد يكون فيها عيبٌ خلْقي كمرضٍ خطيرٍ أو عاهةً تضر بها وربما بأولادها .

    4- وقل مثل في تزويج البنت من شابٍ عليه ملاحظاتٌ في دينه وصحته ، وربما كان من أصحاب المخدرات ، فيكتمُ أهلهُ ذلك ، وبعد الزواج تكتشف تلك الفتاة البريئة أن زوجها مدمن مخدرات وربما يتعالجُ في المستشفيات المتخصصة .

    إن الواجبَ على كلِ واحدٍ منا أن يكونَ صادقاً مع الآخرين في كل شيء ، وأن يحذرَ من الغش والخداع ، حتى لاتقعَ المشكلاتُ بين أفرادِ المجتمعِ بسببِ تلك التصرفات .

    واحذر يامن يغش من دعوةِ مظلومٍ قد غششته في معاملة ، ومايدريك لعل الله أن يستجيبَ له ، فتخسر ربما نفسك أو أهلك ومالك .

    إن الغشَ يمحقُ البركة ، ويسببُ النفرةَ بين الناس ، وهو دليلٌ على ضعفِ الإيمان ، وخيانةٌ للأمانة ، والغاشٌ متهاونٌ بنظر الله إليه .

    اللهم وفقنا واهدنا للأخلاق الحسنة التي تقربنا منك .

    -------------------

    الحمد لله .

    أيها الفضلاء ، وإن من الأخلاقِ المذمومةِ : الغضب .

    وياحسرتاه على تلك الآثارِ المترتبةِ على الغضب .

    فكم من رجلٍ طلّق زوجته بسبب الغضب وربما كانت الطلقة الثالثة وحينها تدمرت الأسرة .

    وكم من غضبٍ قاد للقتل ، وهاهو القاتل يُقاد لساحةِ القصاص .

    وكم من ساعة غضب فرقت بين الأقارب .

    إن الغضبَ مفتاحُ الشرور ، ويُخلّف العديدَ من المفاسد .

    ولهذا كانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الصحابي : لاتغضب . رواه البخاري .

    إن شدةَ الغضب ربما جلبت للشخص بعض الأمراض العضوية الخطيرة كالجلطة ونحوها .

    عباد الله ، إن مما يعينُ على علاجِ الغضب :

    ١- الاستعاذةُ بالله من الشيطان الرجيم .

    ٢- تغيير الحال ، فإن كنت قائماً فاجلس وإن كنت جالساً فاضطجع .

    ٣- مجاهدةُ النفسِ وعدمُ الانقيادِ للغضب .

    ٤- التفكر في الآثار السلبية للغضب .

    ٥- أن يتربى المرء على العفو والمسامحة ، وأن يعلم بالثواب الذي أعدّه الله للعافين عن الناس ، قال تعالى ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ).

    اللهم يسرنا للخيرات ، وباعد بيننا وبين الخطايا والمنكرات .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    يونس عليه السلام

    0:00

    الدعوة سبب لصلاح الأسر

    0:00

    الإيجابية في الحياة

    0:00

    أشراط الساعة - 3

    0:00

    قواعد في الرقية الشرعية

    0:00



    عدد الزوار

    4157712

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة