• الخميس 23 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :02 مايو 2024 م


  • من آداب النصيحة



  • الحمد لله الذي أرشدنا للخيرات ، ووفقنا للصالحات .

    وأصلي وأسلم على نبينا وقدوتنا محمد بن عبدالله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

    أما بعد ، فإن في ديننا جملةً من الآداب الجميلة التي لو طبقناها بضوابطها لرأينا التوفيق والنجاح في حياتنا .

    ومن تلك الآداب ( آداب النصيحة ) .

    قال العلماء : النصيحة هي كلمات يقصدُ منها الخير للمنصوح .

    وأعظم من قام بها الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام .

    فهذا نوح عليه السلام يقول لقومه ( وأنصح لكم ) .

    وهذا هود عليه السلام يقول لقومه ( وأنا لكم ناصح أمين ) .

    وقام بها نبينا صلى الله عليه وسلم لقومه في مواطن شتى .

    ومن الأحاديثِ التي حفظها المجتمع قولهُ صلى الله عليه وسلم : الدين النصيحة . رواه مسلم .

    ومن أهمية النصيحة أنها كانت من ضمن ما كان يبايعُ الصحابة عليه .

    قال جريرٌ رضي الله : بايعتُ النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم . رواه مسلم .

    أيها الفضلاء ، وإذا كانتِ النصيحةُ عملٌ جليل فلنعلم أن لها آداب .

    فمن آداب النصيحة :

    العلمُ بالشيء والتثبت منه ، والمعنى أنهُ قد يبلغك خبر عن شخص بأنه فعل شيء ما ، فتذهب لنُصحهِ وأنت لم تتثبت من الموضوع ، فربما كان هناك نقص في التثبت في الخبر ، فحينها تقع في الحرج .

    ومن آداب النصيحة :

    العلمُ الشرعي بحكم الشيء الذي تنصحُ فيه ، فربما كان مكروها أو حراماً ، أو غير ذلك .

    وقد يخطئُ الواحدُ منا فينصحُ صديقه عن فعلِ شيء معين وهو حلال ، ثم يقعُ في الحرجِ مع المنصوح .

    ومن آداب النصيحة :

    عدمُ النصيحةِ أمامَ الناس كمن ينصحُ موظفاً أمام زملاءه ، أو من ينصحُ قريبه أمام الناس في تلك المناسبة ، أو من ينصحُ زوجته أمام أولادها .

    والشاعر يقول :

    تعمّدني بنصحكَ في انفرادٍ   وجنّبني النصيحةَ في الجماعة

    فإن النصحَ بين الناسِ      نوعٌ من التوبيخِ لا أرضى استماعه

    فإن خالفتني وعصيتَ     قولي فلا تجزع إذا لم تُعط طاعة

    ومن آداب النصيحة :

    الرفقُ في النصح ، وفي الحديث الصحيح ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه ) رواه مسلم .

    والبعضُ منا يتأثر من الخطأ الواقع أمامهُ من ابنٍ أو زوجةٍ أو موظفٍ ، ولكنّه يغفلُ عن الوسيلةِ المناسبةِ للنصح .

    وحينما يقسوا في نصيحته فالغالبُ أنها لن تقبل منه ، قال الله لنبيه المؤيد بالوحي ( ولو كنتَ فضاً غليظَ القلب لانفضوا من حولك ) .

    ومن آداب النصيحة :

    اختيارُ الكلماتِ الطيبةِ عند النصح .

    وانظر لموسى وهارون عليهما السلام لما ذهبا لفرعون ، ماذا قال الله لهما ( فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ) .

    وقال تعالى ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ) .

    فاحرص أيها الناصح على انتقاء الكلمة الجميلة عند تقديمك للنصيحة ، وكما تحبُ أن تسمعَ الكلمةَ الطيبة فليسمعها الناسُ منك .

    ومن آداب النصيحة :

    البدء بالأقارب ، قال تعالى ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) .

    فابدأ بزوجتك ، وابنتك ، و ولدك ، وهكذا .

    وليس المعنى أن لاتنصح إلا هؤلاء ، وإنما المراد أن تبدأ بمن حولك ، لأنك مسؤول عنهم كما في الحديث ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) رواه البخاري .

    ومن آداب النصيحة :

    أن يصبرَ الناصحُ على مايصيبه من الأذى من المنصوح ، فربما نصحتَ شخصاً فرمى عليك بكلمات سيئة .

    قال تعالى في ضمن وصايا لقمان لابنه ( وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك ) .

    وتذكّر حينما يصيبك نوعٌ من الأذى ، أن الأنبياءَ والرسلُ عليهم الصلاةُ والسلام أصابهم أكثرَ من ذلك .

    قال تعالى ( ولقد كُذِّبت رسلٌ من قبلك فصبروا على ماكُذِّبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ) .

    أيها الفضلاء ، وإذا كان للنصيحةِ آداب ، فإن هناك صفات في المنصوح ربما جعلته يرفض النصيحة .

    فمن موانع النصيحة :

    ١- التكبر ، فالبعض قد يحملهُ الكِبر على رفض كل كلمة فيها النصح .

    وهذه من مصائب الكِبر ، قال صلى الله عليه وسلم ( لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ من كبر ) رواه مسلم .

    فهذا الزوج لايقبلُ نصيحةَ زوجته لأنه متكبر .

    وربما هي رفضت نصيحته لأنها ترى أنها أعلى من أن ينصحَها زوجُها .

    وذلك المديرُ يرفضُ نصيحةَ أحد الموظفين أو المراجعين لأنه قد لبس ثيابَ المتكبرين .

    أيها الأحبة ، لم يزلْ العقلاء والعظماء على مر التاريخ يتواضعون ويقبلون النصح والتوجيه مهما كان الناصحُ أقلّ منهم قدراً أو منصباً أو عُمْراً .

    بل هناك من يطلبُ النصحَ من الآخرين ، فهذا الفاروق عمر رضي الله عنه يقول : رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا  .

    ٢- ومن موانع قبول النصيحة :

    سوءُ الطريقةِ من الناصح ، فبعضُ الناصحين لايفكرُ إلا في تقديمِ النصيحة ، ولايَهمُّه القالبُ الذي يقدمها فيه ، وهذا خطأ بلاشك .

    لأن من الحكمةِ اختيار الوسيلةِ المناسبةِ للنصح ، وخاصةً إذا كان المنصوحُ له شأنٌ في المجتمعِ كالمسؤول والقائد وغيرهم ، وفي الحديث ( أنزلوا الناس منازلهم ) .

    اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق يارب العالمين .

    ------------------

    الحمد لله .

    أيها المسلمون ، اعلموا أن هناك فوائد من القيام بالنصيحة ، فمنها :

    ١- تحقيقُ مبدأ التعاون ، لأن المرء لن يحيط بكل قواعد الإتقان والإصلاح في كل تصرفاته ، وحينها تأتي النصيحةُ لتصلحَ جانب النقص لديك .

    ٢- تقليلُ الأخطاء في المجتمع ، ففي البيت حينما تعمُّ النصيحة بآدابها سوفَ يقِلُّ خطأُ الزوجةِ وزوجُها ، وسوفَ يعرفُ الأولادُ جوانبَ النقصِ لديهم .

    وفي العمل حينما نتناصحُ بكل أدبٍ ، سوفَ نحققُ الخيرَ لكل العاملين معنا .

    وهذا الأبُ حينما ينصح ابنته لتحترم زوجها وتراعي حقوقه ، إنه بهذا يسعى لتحقيقِ السعادةِ لحياةِ ابنتهِ مع زوجِها .

    وهذا الأبُ الذي ينصحُ ابنه ليراعي مشاعرَ زوجتهِ ويتلطفُ معها ، إنه يحققُ الاستقرار لحياة ابنه مع زوجته .

    وفي الجهات التنفيذية لخدمة المجتمع كالبلديات والشركات ، حينما يتناصحون ويقبلون النصح من المواطنين ، سوف يعمُّ الخير للمجتمع ويُعالجُ الخلل ، ويسعدُ الناس بتوفير مايساهمُ في راحتهم في وطنهم .

    اللهم وفقنا للخيرات ، وجنبنا الأخطاء والمنكرات .

    اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    100بدعة منتشرة بين الناس

    0:00

    إني أصبت ذنباً !!

    0:00

    العلاقات الاجتماعية

    0:00

    الاستفادة من التحفيز

    0:00

    الطعن في الصحابة

    0:00



    عدد الزوار

    4174750

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة