• الجمعة 17 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :26 ابريل 2024 م


  • حاجتنا للكلمة الطيبة



  • الحمد لله الذي أعطانا النعمِ الكثيرة ، يقول تعالى " وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها ".

    والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، ما ترك خيراً إلا وحثنا عليه ولاشراً إلا وحذرنا منه ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .

    أما بعد ، أيها الفضلاء .

    كلُ واحد منا يمتلك نعمةَ اللسان التي فيها الإيضاحُ والبيان .

    وهذا البيانُ من نعمِ الله ، ولك أن تتخيل ذلك الذي لايقدرُ على الكلامِ ماذا يتمنى ؟

    أيها الناس ، إن هذا الكلامُ الذي يخرجُ منا ، قد نغفلُ عن حسناته ، وقد نرتكبُ عدةَ مخالفات يقومُ بها ذلك اللسان .

    وإن من أجملِ حسناتِ اللسان وأحلى كلماتك أيها الإنسان " الكلمةُ الطيبة ".

    معاشر الفضلاء .

    إن نفوسنا تحب تلك الكلمة الطيبة التي ترتقي بنا نحو الأمل .

    إن الكلمةَ الطيبة تخرجُ ممن طابَ خُلقُه وصفا قلبه .

    وعند التأمل في كتاب ربنا نجدُ أن هناك إشراقات لاختيار الكلمات، يقول ربنا تبارك وتعالى : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) .

    ويقول تعالى : ( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ).

    إنها دعوةٌ ربانية لانتقاءِ أحسنِ الكلمات والحذر من الألفاظ التي تجعلُ الشيطانَ يفرقُ بيننا بسببها .

    أيها الفضلاء ، إن مما نحتاجه :

    - مع والديك الذين كانت حياتهم لك ولأجل أن ترتقي في سلم النجاح، يا ترى هل أنت ممن تميز في اختيارِ أجملِ الكلمات وأحسنِ الألفاظ معهم وتمتثل لقول ربك ( وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ) أم أنك ممن يجيد فنّ الجرح لقلوب طالما تألمت لتسعد ؟

    - في البيت هل تجيدُ المرأة أن تستقبل زوجها حينما يقدمُ من عمله بكلمةٍ طيبة, لعلها تخففُ عنه همومَ العملِ ومشكلاته .

    أم أن الزوجة تستقبلهُ بعباراتٍ باردة أو عتابٍ متكرر في سببِ التأخر أو نقاشٍ في قضية أحد الأطفال ؟

    - هل يستطيعُ الزوج أن يُهدي زوجته كلمةً طيبة بعد إعدادها لتلك الوجبة الجميلة أو بعد قيامها بترتيب المنزل ؟ 

    إني أتساءل هل يقوى الزوج على أن يصرح لزوجته بالحب والمودة أم أن الحياء أو عدم القناعة أو عدم التربية على تلك المعاني يمنعانهِ من ذلك الكمال في الاختيار للكلمات ؟ .

    - في العملِ الوظيفي هل يجيدُ المديرُ العام أن يرسلَ كلماتٍ تحملُ الثناء والحبَ والتقدير للموظف الذي يستحق الإشادة ؟

    - في المجتمعِ الدعوي نتمنى أن يسمعَ الناسُ منا الكلماتِ الطيبة التي تدل على رحمتنا وشفقتنا بهم مهما بلغت ذنوبهم وخطاياهم .

    - في القطاع التعليمي للبنين والبنات هل نحن نسمعُ من المدرسين والمدرسات عبارات فيها الأدب الراقي والذوق الرفيع والتثبيت على معالي الأمور ؟ .

    أم أن المدرس ينتقي من قاموسِ كلماته أسوأ الألفاظ وأدنى العبارات ليُسقط الطلاب في بحارِ الفشلِ والنقد الهادم .

    - إخوتك وأخواتك يحبون منك أن تنتقي لهم كلماتَ الحب وسرد الذكريات الحسنة والهدوء في تصحيح الخطأ، ولا يحبون منك قسوةَ الكلمة وجرح المشاعر .

    فلم لا ترتقي مع إخوتك وأخواتك وتكونَ خيرَ مثالٍ لهم في إهداء الكلمات الطيبة ؟.

    إن كلمة هادئة لأخيك أو أختك تحمل في طياتها الحب والتقدير أو الاعتذار سوف تصنعُ في القلوب ما لا يخطر في بالك من الحبِ والسلامة والصفاء .

    - وأنت مع زملاء الحياة وأصدقاء الزمن هل تمارس بين الفينةِ والأخرى الكلمة الطيبة عبر اتصال أو رسالة جوال .

    - في البيت وأنت مع أولادك " البنين والبنات " يا ترى أأنت ممن يهدي كلمات الحب والثناء والرحمة والتشجيع أم أنك ممن فاز بالمركز الأول في فن الإسقاط وإلصاق التهم بأسوأ الكلمات والألفاظ ؟.

    - مع العمال والخدم ستضفي الكلمة الطيبة عليهم مزيداً من العمل والحب لصاحب العمل .

    وهذا أنس رضي الله عنه يخدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين ولكنه لم يسمع من رسولنا صلى الله عليه وسلم كلمة أف , فأي سمو كان عليه هذا الرسول صلى الله عليه وسلم ؟.


    أيها الناس ، 
    إن الكلمةَ الطيبة حروفٌ اجتمعت ثم خرجت، وهي سهلة على من زكت نفسه وطابت سريرته .

    إنها صدقة سهلة جداً ونقوى أن نكررها في الساعات وفي الحديث: ( والكلمة الطيبة صدقة ) متفق عليه .

    إن في الجنان منازل لأصحاب الكلمات الطيبة، قال صلى الله عليه وسلم : ( إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها. فقال أبو مالك الأشعري: لمن هي يا رسول الله ؟

    فقال: لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام وبات قائماً والناس نيام ) صحيح الترغيب .

    اللهم اجعلنا طيبين في قلوبنا وطيبين في كلامنا .

    --------------------------

    الحمد لله .

    عباد الله .

    تعالوا معي إلى جولةٍ في تاريخ الكلمات الطيبة :

    إن الكلمةَ الصادقة قد تصنع في مستمعها همة عالية وانطلاقاً نحو الكمال، وهذا ما نريده في واقعنا المليء بصور التشاؤم والإحباط والتثبيط .

    وعندما نتأمل كلمات خديجة رضي الله عنها لما نزل الوحي برسول الله كيف كانت لكلماتها دور في تثبيت قلب النبي على الوحي " إنك لتصل الرحم وتعين على الحق وتكسب المعدوم " .

    لقد صرح رسولنا صلى الله عليه وسلم بالحب لأحد أصحابه وهو معاذ رضي الله عنه , فقال : ( يا معاذ والله إني لأحبك ) رواه الترمذي بسند صحيح.

    فيا ترى ماذا صنعت هذه الكلمات في همة معاذ وطموحه وعزيمته ؟

    ولك أن تتعجب أين الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في مثل هذه العمل اليسير الذي يصنع في الناس الحب والهمة والعزيمة .

    فرسالتي هنا :

    عود لسانك على انتقاء الكلمة الطيبة مع كل الناس ، فلعل الله يحدث بعد ذلك أمراً، ولعلك تحذف من قاموسك كلمات التجريح والتثبيط ، فو الله إنها لا تزيدنا إلا تأخراً وتراجعاً .

    اللهم وفقنا للخيرات وارزقنا من الطيبات .

    اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق .

    اللهم اغفر لنا ذنوبنا .

    اللهم وفق ولي أمرنا لماتحب وترضاه .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    سورة المعارج

    0:00

    قصة المخلوق الصغير

    0:00

    سورة الأعلى

    0:00

    أحكام زكاة الفطر والعيد

    0:00

    التيسير

    0:00



    عدد الزوار

    4158925

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة