• الاربعاء 29 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :08 مايو 2024 م


  • مشاهد من حياة الشباب




  • الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، والصلاة والسلام على من بعثه الله هادياً وبشيراً ونذيراً .

    بلّغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين .

    صلى عليكَ اللهُ يا خيرَ الورى   ما أمطرت مزنٌ وما سيلٌ جرى

    إن الصلاةَ عليه غُنمٌ يُشترى    صلوا عليه وسلموا لاتفتروا .

    أما بعد ، فيا معاشر الشباب ، حديثي اليوم معكم ولكم ، أتجول بكم في مشاهد للشباب، وقصصٌ تدور في حياة الشباب .

    نحكي جوانبَ مؤلمة وأخرى مشرقة في حياة بعض الشباب .

    هي واقعٌ نراه ونسمعَ قصصَه في مجالسنا، هي روايات نقرأ سطورها عبر مواقع التواصل .

    هي مآسي نراها في المحاكم وخلف قضبان الحديد، ومن جانبٍ آخر هي إنجازاتٌ لبعض الأبطال من شبابنا .

    نبدأ جولتنا هذا اليوم ببعض مشاهد المآسي لبعض الشباب.

    من مشاهد الشباب .

    ذلك الشاب الذي هجر المساجد ، وابتعد عن أبوابها ومناراتها، شابٌ أعرض عن الصلاة ، ولم يتلذذ بحلاوتها ، ينامُ عن الصلوات ، ويغيبُ عن الجمعة والجماعات، يعيشُ في شهواته وعصيانه .

    عجيبٌ حالك يا تارك الصلوات، أو ماعلمت بأن الصلاةَ عمودُ الإسلام ، ونورُ الإيمان ، وقرةُ العيون ، وسرورُ القلوب .

    أو ما علمتَ بأن آخرَ وصيةٍ لرسولنا وهو ينازع سكرات الموت " الصلاة الصلاة ".

    يا تارك الصلاة أما علمت بأن الصلاةَ هي الفارق بين المسلم والكافر .

    إن الصلاةَ صلةٌ بينك وبين الله ، وبها تستمدُ حياة قلبك وتوفيقِ الله لك .

    الصلاة تمحو خطاياك وترفع درجاتك .

    الصلاةُ تجعلك في ركب المفلحين عند رب العالمين ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ - الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) .

    أخي الشاب ، هيا تعال إلى المسجد ، وادخل في ركب المصلين ، واسجد واقترب من رب العالمين .

    وإياك أن تتكاسل عنها أو تفرط فيها فلربما جاءك الموت وأنت لا تصلي فحينها تتنزلُ عليك سياطُ التعذيب في قبرك ويومَ تقفُ بين يدي ربك والله شديد العقاب .

    ومن مشاهد الشباب ، ذلك الفتى الذي أدمن المخدرات والمسكرات ، ابتدأ حياته بجلسةٍ مع أصحاب السوء ثم دعتهُ نفسه للبقاءِ معهم وزيارتهم بين حينٍ وآخر .

    وبعد أسابيع إذ به يتعاطى بعض المخدرات ، ثم يمنحونه أخرى ، ثم يتوقفون عن إعطاءه ، ويشترطون المال، ثم يبدأ ويدفعُ المال لأجل المخدرات ونشوتها.

    ثم ينتهي المال، ويبدأ في مطالبةِ والده ، فإن رفض اتجه إلى والدته، والغالبُ أن الأم تتعاطف معه وتعطيه من مالها .

    ثم يزدادُ الشابُ بعداً عن ربه ، وتزدادُ المخدرات تدميراً لصحته ومستقبله، وربما اكُتشف في عمله أو مدرسته ثم افُتضح أمرهُ وربما فُصل من عمله .

    وربما يتمُ القبضُ عليه مع مجموعات الترويج ثم يكون السجنُ منزله لسنواتٍ من عمره والله المستعان .

    أيها الكرام ، هلّا زرتم السجون ورأيتم الشباب كيف دمرتهم المخدرات .

    أصحابُنا في المحاكم يخبروننا بقضايا قتل بسبب المخدرات ، وقضايا طلاق بسبب المخدرات .

    يا ترى متى ندرك خطرَ المخدراتِ على شبابنا ونحذرهم منها ومن مقدماتها ؟

    أيها الشاب إني أحذرك لا من المخدرات ولكن احذرك من مقدماتِها وأعظمُ سببٍ لها هو الصديقُ الذي لايخشى الله .

    احذر ثم احذر ثم احذر من صديقك الذي ترى فيه علامات الانحراف .

    ابتعد عنه الآن قبل أن يرمي بك في قاذورات المخدرات .

    إن السعيدَ من وُعظ بغيره ، فاحذر لاتكن عبرةً لغيرك .

    وأسعدُ الناسِ من كانت مواعظُه بغيره     لا بالذي كانت به العبرُ

    ومن مشاهد الشباب .

    شابٌ أصبح من هواةِ التجول في الشوارعِ بلاهدف ، أضاع وقته في الملهيات وفي الطرقات والشوارع ، تمضي عليه الدقائقُ والساعات والأيام وهو في الغفلات .

    يغيبُ عن دراسته وربما تأخر عن وضيفته، وربما جاءته كلماتُ العتاب من مديرهِ ولكنه لا يبالي بذلك .

    إنها حياة البؤسٍ والضياع، إن الزمن لا يرحم أخي الشاب ، والمنازل العالية ليست للكسالى.

    وإن المستقبل لا يُرحِب بالأغبياء ولا بأصحاب الوسادة، قم وانفُض غبارَك ، وجدد حياتك ، واستيقظ لعملك ولدراستك .

    وابنِ مستقبلك بالعزمِ والحزم ، وارفض دواعي الكسل وصيحات الحمقى .

    هيا قم  وغير مكانك ، والبس ثياب الهمة ، واصعد لجبال العزيمة .

    ومن مشاهد الشباب ، ذلك الشاب الذي عق والديه وأهمل العنايةَ بهما فهو مع الشباب يسهر للفجر ، ووالدته تبقى تنازع السهر ولايأتيها النوم خوفاً عليه ، ووالده ينتظر رسالةً منه تحملُ خبراً عن مكانهِ أو موعدَ وصوله ولكن للأسف .

    إنهم شباب يعيشون بلا قلوب ، هدفُهم أنفسُهم فقط .

    جعلوا عقوق الوالدين نهجهم والله المستعان .

    لايبالون بدموعِ الوالدين ولابحزنهم ولابجراحاتهم .

    يامن عق والديه ، أما آن لك أن تغير طريقةَ تعاملك مع والديك ؟

    إن هدفَ والديك هو أن تكونَ في ركبِ الناجحين ، وفي مقدمةِ المتميزين .

    إن والديك يسهران لكي ترتاح ، ويتعبان لكي يحققا لك الرفاهيةَ التي تعينك على النجاح .

    متى تعقل ؟ متى تدرك ؟ متى تنتبه من غفلتك وسُباتك ؟

    إلى متى وأنت مخدوع بالشباب والسهر والتفحيط وضياعِ الأوقات، عد لوالديك وقبِّل أقدامهم ، واذرف دموع الاعتراف بين أيديهم، واطلب منهم أن يسامحوك على ذنوبك الماضيات.

    لعل رضاهم عنك يجلبُ لك رضا ربك جل في علاه .

    قال صلى الله عليه وسلم " رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد ".

    ومن مشاهد الشباب .

    هذا شابٌ سقط في وحل المعاكسات والشهوات فهو بين تجولٍ في السوق بحثاً عن فتيات الهوى ، وبين سفرٍ لبعض البلاد التي تعج بالفتن والمغريات ، وتراه يسهر على تلك المقاطع والأفلام التي امتلأت عبر صفحات الانترنت ، يقلبُ عينيه بينَها .

    عجيبةٌ حياته ، عشقٌ وغرامٌ ومسلسلاتٌ وأفلام ، ثم ماذا يا أخي ؟

    تفنى اللذاذةُ ممن نالَ صفوتها    من الحرامِ ويبقى الإثمُ والعارُ

    تبقى عواقبُ سوءٍ في مغبتها     لاخير في لذةٍ من بعدها النارُ

    أخي الشاب ، متى تستيقظ من غفلتك ؟

    متى تخرج من سجن الهوى ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى - فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) .

    يامن أدمن الحرام، إن لذتهُ لحظات ، ولكن عاقبتهُ سنواتٌ من الهم والحزن والضيق ، وربنا يتوعدُ ويهدد ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) . إنه وعيد قوي لقلوبِ المعرضين .

    لقد جلستُ مع الكثير ممن عاش في جحيم الشهوات فوالله إنهم ليتحدثون عن الضيق والقسوة التي عاشوها وكثيرون فكروا بالانتحار عدة مرات.

    فيا من طال بعده عن ربه ، هيا تعال إلى باب الله الرحيم الرحمن ، أقبل إلى صاحب الغفران والإحسان ( يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ) .

    ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) .

    اللهم وفق الشباب إلى اغتنام الحياة في الصالحات .

     ------------

     الحمد لله .

    معاشر المسلمين ، إذا كان في مجتمعنا شبابٌ عاشوا في سجون الضياع والانحراف ، فلاشك أن هناك في شبابنا نماذجُ تميزت بصلاحها ونجاحها وفلاحها في دينها ودنياها .

    فمن مشاهد الشباب .

    شابٌ ممن نشأ في طاعةِ الله فهو يتقلب بين حلقاتِ التحفيظ ومجالس العلم وخدمةِ أهله ودراسته ، إنه من رواد الصيام وله نصيب من مناجاة الله في القيام ، وهكذا يتقلبُ في الحسناتِ والصالحات لأنه ممن نشأ على طاعة الله وتقلب في بساتينِ هداياته  وصدق الله ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ) .

    ومن مشاهد الشباب .

    شابٌ مات والديه ، فاجتهد في تربية نفسه على الكمالات ولم يستسلم لليتم بل حارب الكسل واستيقظ لبناء مستقبله .

    وتم له ما يريد وحقق الحُلم ، فتخرج من الجامعة بنسبةٍ عالية وأصبح محاضراً في تلك الجامعة وبدأت رحلة الدراسات العليا ، وتزوج وأكمل مسيرة النجاح .

    نعم إن فقدَ الوالدين مصيبةٌ عظمى ولكن ليست هي نهايُتك ولانهايةَ طموحاتك .

    إن لديكَ القدرة على تغيير حياتك للأفضل وصناعةِ الحياة القادمة بشكل جميل .

    ومن الشباب الأبطال .

    شابٌ قابلتُه في ذلك المستشفى ولكنه على كرسي متحرك ، ولكنّ روحه لم تكن معاقةً عن الدعوةِ إلى الله ، فواللهِ إنه شعلةٌ في ذلك المستشفى في نفع الناس ونشر الخير بينهم  ، مع ابتسامةٍ مشرقة قد ارتسمت على محياه .

    والغريب أنه أكمل الدراسة بالانتساب وتخرج من الجامعة وهو الآن في وظيفةٍ مناسبة تناسبُ ذلك النجاحِ الكبير والتحدي القوي لصعوبات الحياة .

    ومن الشباب الناجحين .

    شابٌ قرر أن يترك أصدقاء السوء الذين أوقعوه في متاهات الفتن والمخدرات وقد وجدَ صعوبةً في البداية ولكن ومع الإصرارِ والعزيمة والنظر لمستقبلٍ مشرق نجح في تركهم والتحق بصحبةٍ صالحة تعينه على النجاح في دينه ودنياه .

    أخي ، إن الصاحبَ ساحب ، وهو رقعةٌ في ثوبك فإما أن تكون رُقعةً حسنة أو رُقعةً سيئة فاختر الأصحاب الذين تعلو بهم في حياتك واحذر من كلِ صاحبٍ يدعوك إلى سبل الشيطان وغواياته .

    وتذكر أن الأصدقاء السيئين ستنقلبُ صداقتهم إلى عداوةٍ يوم القيامة ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا - يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا - لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا ) .

    ومن مشاهد الشباب .

    شابٌ ربما تزينت له الشهوات ولكنه تركها لوجه الله تعالى وخوفاً من رقابته عليه ، إنه شبيه يوسف الذي تزينت له تلك المرأة وغلّقت الأبواب ولكنه قال معاذ الله .

    إنه الانتصارُ الكبير على شهوات النفس ومتعِ الحياة والحفاظ على التقوى والعفاف واليقين برؤية الله واطلاعه .

    إن البعدَ عن الفتن وتربية النفس على الحذر من خطوات الشيطان هو المنهج الأسمى الذي يجعلك في حفظ الرحمن ، وربنا يقول ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ).

    ومن مشاهد الشباب .

    شابٌ أحبّ العلم ومراتبَ العلماء فاعتكف على القراءة ولازم مجالس العلم وجلس عند العلماء وصبر على العلم وسافر وعانى في متطلبات العلم.

    ولكنه بعد سنوات يتخرج من تلك المجالس وإذ به في مصاف طلاب العلم الذين يشارُ لهم بالبنان ، وبقدر ماتتعنى تنالُ ماتتمنى .

    لاتحسبَ المجد تمراً أنت آكله      لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

    إن أعظم ما تسموا إليه الهمم وتطمح له العيون وتميل له النفوس وتقف عنده الآمال هو طلب العلم الشرعي والتنافس فيه .

    اللهم احفظ شبابنا من جحيم الانحرافات ، وباعد بينهم وبين أسباب السيئات .

    اللهم اهدهم إلى نور الإيمان ، وارزقهم الهداية إلى طريق الهداية يارحمن .

    اللهم وفق الشباب الذين ينافسون للمعالي ويسر لهم الوصول لمايتمنون .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    إنا وجدناه صابرا

    0:00

    حياتك لوحة

    0:00

    رمضان ميلاد جديد

    0:00

    مبطلات الصلاة ومكروهاتها

    0:00

    تلاوة من سورة النبأ 32-40

    0:00



    عدد الزوار

    4188625

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1595 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة