• الثلاثاء 14 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :23 ابريل 2024 م


  • رسائل للمجتمع للتعامل مع قضية الطلاق




  • الحمد لله رب العالمين ، يقضي مايشاء ويحكم ما يريد، له الحمد في الأولى والآخرة وهو الحكيم الخبير .

    وأصلي وأسلم على رسولنا محمد الذي ما ترك خيراً إلا ودلنا عليه ولاشراً إلا وحذرنا منه.

    أما بعد ، ففي ذلك البلد نشأت تلك الفتاة في حُضنِ والديها ، وترعرت في ذلك المنزل الذي امتلأ بالحبِ والحنان .

    مضت السنوات ، وجاءتِ الساعةُ التي سوفَ تنتقلُ فيها تلك الفتاةُ لمنزلٍ جديد يختلفُ عن منزلِ والديها، مع رجلٍ لا تدري كثيراً عن تفاصيلِ حياته .

    وتم عقدُ القران ، وبدأا في ترتيب تلك الحفلة ، وتم الزواج ، وسافرا سوياً .

    ورجعا ومضت أيام ، وشهور ، وبدأت شخصيةُ كلُ واحدٍ منهما تظهر على حقيقتها، ثم انطلقت شرارةُ المشكلات بينهما، وتغيبُ الحكمةُ بينهما ويدخل الشيطان وكان القرار " أنتِ طالق ".

    يا الله ، هنا سقطت وردةُ الحياة ، وانتحرَ الحبُ في ساحة المنزل .

    أخذتِ الفتاةُ حقيبتها لتعودَ لذلك المنزل الذي خرجت منه .

    أحبتي .

    إن المطلقاتُ جزء من مجتمعنا لا يصحُ أن نتجاهَله ، والطلاقُ مصيبةُ من مصائب هذا الزمن .

    وأنا هنا أبعثُ رسائلَ للمجتمع في كيفية مواجهة أزمة الطلاق .

    إلى الآباء والأمهات :

    ١- لعلك السبب في ذلك الطلاق؛ لأنك لم تزوج ابنتك من الرجل الكفء لذلك وقع الطلاق ، ولربما كان طلاقُ ابنتك بسببِ ذلك الرجل الذي ضعفُ دينهُ وكان خلُقهُ سيئاً.

    ٢- أين أنت أيها الأب من تفقدِ حالِ ابنتك في فترةِ زواجِها وخاصةً في السنواتِ الأولى ، ربما كانت تعاني من بعضِ المشكلات ولكنها لم تجد أحداً يشاركها في تلك الأزمة ؟

    ٣- وبعد أن رجعت ابنتك وحقيبتُها معها ، فهنا لابد أن تتعامل مع هذا الحدث بكل عقلٍ وعاطفةٍ .

    ٤- اجلس مع ابنتك واستمع لحديثها عن سببِ الطلاق، ثم تواصل مع زوجها لتسمعَ منه السبب الذي جعلهُ يطلقُ ابنتك، ولا تتفاعل عاطفياً مع ابنتك وتتجاهل الموضوع ، إذ ربما كان الطلاقُ بسببها .

    ٥- تواصل مع أهل الزوج وخاصةً الحكماءَ منهم وابحثوا عن الصلح بينهما لعل الله أن يجمع الشمل ويؤلف بين القلوب؛ قال تعالى : ( فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ) .

    ٦- حينما تكونُ جلسة الصلح بين الزوجين فخذوا بالحكمةِ والسماعِ من كل الأطراف وابتعدوا عن كل ما يؤثر على إنجاحِ الصلح .

    ٧- إن رأيتم بوادر للصلح فاحرصوا على ضبط ذلك وكتابة الشروط لدى الطرفين ، وتعلموا كيف يراجع الرجل زوجته وهل من شروطٍ حول ذلك .

    ٨- إذا لم يُناسب الصلحُ بينهما وكان الطلاقُ هو الأنفعُ لهما ، فالحمدُ لله على قضائهِ وقدرهِ ، وانتقلا إلى سياسةِ الحياةِ بعد الطلاق .

    أيها الأب ، ها هي ابنتك المطلقة قد رجعت إليك ، وهذه مصيبةٌ كبيرة ، ولكن لي معك هنا ومضات :

    ١- أوصيكم بالرضا بهذا القدر ، وهذا هو حال المؤمن ، قال تعالى: ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ) .

    ٢- لا تنظر لطلاق ابنتك أنه شر محض ، وما يدريك لعل وراءَ ذلك خيرٌ كبير لها ، قال ربنا: ( لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) .

    لعلها ارتاحت من جحيم ذلك الزوج ، لعلها تذوق السعادة في البعد عنه .

    لعلها لم تنجب منه ذرية وستتزوج من آخر ويرزقها اللهُ ذريةً صالحة .

    لعلها كانت في بلاءٍ من الحسد والسحر ولكنها بعد الطلاق في عافيةٍ منهما والقصصُ كثيرة في هذا الباب .

    ٣- فكر مع ابنتك في موضوع الأولاد إن كان هناك أولاد وهل الأفضل أن يكونوا مع أمهم أم لا ؟

    وحينما يكون مصير الأولاد معكم فلابد من الاتفاق مع والدهم على بعض الأمور ومنها ، المصروفُ الشهري ، موضوعُ دراستهم ، التواصلُ التربوي مع والدهم لحاجتهم إلى ذلك ، فليس شرطاً أن يكون والدهم سيء العشرة فلربما كان الطلاق بسبب ابنتك لا بسببِ والدهم .

    ٤- بعض الأمهات تسيء التعامل مع ابنتها المطلقة .

    اتصلت بي إحدى المطلقات وهي تبكي وتشتكي من والدتها وسوءِ تعاملها معها حتى قالت لي : يا شيخ واللهِ لولا ديني لفررتُ من البيت بلا رجعة .

    فمهلاً أيها الآباء وذكَّروا زوجاتكم بالرفق بابنتكم المطلقة .

    ٥- ها هي ابنتك في بيتك ، فلا تجرح مشاعرها بترديد عبارات الفشل وغيرها من عبارات الندم ، ولا تشعرها بأن مستقبلها قد ضاع وأنها قد خسرت كل شيء ، لازالت ابنتك ولازال لديها مشاعر فلا تهملوها .

    ٦ - أيها الأب ازرع الأمل في نفس ابنتك وأخبرها بأن هذا البلاء الذي نزل بها ليس دليلاً على فشلها ، بل ربما كان فرصةً لها لبناء حياةٍ أخرى أجمل وأحسن، ولربما كانت هذه المصيبة باباً للسعادة مع زوجٍ جديد ومستقبل مشرق، ولربما رزقها الله بدراسة أو بوظيفةٍ أو بغير ذلك من حظوظ الدنيا .

    ٧- قد يكون من الأصلح أيها الأب أن تبحث عن زوج مناسب لابنتك بطريقةٍ مناسبة ، وقد يكون الأصلح لابنتك أن تبقى مع أولادها ، وهذا القرار يحتاج إلى دراسةٍ متأنية من جميع جوانبه .

    ٨- أيها الأب لا تستعجل في تزويج ابنتك المطلقة من زوج آخر لرغبتك في التخلص من مسؤوليتك عليها ، فلربما كان استعجالك هذا سبباً لطلاقها مرةً أخرى، فكن متأنياً في هذا القرار .

    معاشر المسلمين .

    وهنا رسالة نوجهها لإخوة المطلقة :

    1- أختكم بحاجةٍ إلى حنانكم وعاطفتكم .

    2- لا تتركوها للهمومِ التي ملأت حياتها .

    3- أشعروها بقربكم وعونكم وأنكم في خدمتها وخدمةِ أولادها حينما يكونون معها .

    4- لا تسمحوا لزوجاتكم أن يتحدثن عن أختكم وعن عيوبها وغير ذلك من أحاديث النساءِ عن النساء .

    وهذه رسالة لأخي الزوج المطلق :

    أنا لن أتحدث معك عن أسباب طلاقك ولكن أحب أن ألفت نظرك أن لا تكن ألعوبةً في يد طليقتك وخاصةً من النواحي المالية ، واعمل في هذا الأمر بما يقرره الشرع، واحذر من مكرِ النساءِ وكيدهن .

    أيها الزوج .

    لعل أولادك عند أمهم ، فاتق الله فيهم ، وتواصل معهم بين وقتٍ وآخر ، ولا تنساهم من دعائك ، واحرص على تفقدهِم تربوياً ودراسياً ؛ لأنك أقدر على ذلك من أمهم في الغالب .

    أما إن كان أولادك معك فاحرص على تربيتهم تربيةً صالحة ولا يشغلك زواجك الثاني عن أولادك، وربِ أولادك على احترام زوجتك، ولا تمنع أولادك من الاتصال بوالدتهم أو زيارتهم لها .

    أيها الزوج .

    وبما أنك قد تزوجت ثانية ، فلا تفكر في الماضي كثيراً ، واصنع سعادتك من جديد ، وافتح نوافذ الأمل ، وما يدريك لعل زواجك الثاني هو ميلادك الحقيقي .

    أيها الفضلاء .

    هذه رسالة لأبناء المطلقة .

    أيها الابن ، لعلك مررت بظروفٍ صعبة نتيجة هذا الطلاق الذي وقع في أسرتك، أتمنى أن تتجاوز تلك المرحلة لتنتقل لمرحلةٍ جديدة وهي بناء مستقبلك .

    ابني العزيز .

    إن كنتَ مع والدك فلا تتعامل مع زوجةِ والدك بقسوةٍ وسوءِ أدب ، فليس لها علاقة بالطلاق الذي نزل بكم، وعليك بحسن الخلق في التعامل مع والدك وزوجته .

    إياك أن تستمع لكلام والدتك في التحريشِ على والدك أو زوجته ، وتذكر أن الظلم لا يرضاه الله .

    يمكنك أن تتواصل مع والدتك عبر الزيارة والاتصال ، وهذا واجبٌ عليك .

    أيها الابن ، إن كنت مع والدتك ، فلا تنس والدك من التواصل والزيارات ، ولاتظن أن والدتُك مظلومة بمجرد أنها مطلقة ، ومايدريك فلعلها هي السبب الأكبر في ذلك الطلاق ، ولكن والدك لم يخبرك بذلك حرصاً على مشاعرك .

    أيها الابن ، لا تسمح لظروفك أن تؤخرك عن النجاح والطموح وبناء المستقبل .

    اتق الله في رعايتك لأمك وبقيةِ أسرتك فأنت الآن في محل المسؤولية .

    اللهم احفظ بيوتنا من منكرات الأخلاق واهدنا إلى صالح الأخلاق .

     -------------------------------

     
    الحمد لله .

    أيها الكرام ، وهذه رسالة أبعثها للتجار :

    يا أصحاب المال ، إن بعض المطلقات قد فقدوا الراعي لهم بعد الله ، وبعضهن لا تملك من المال شيء ، فاتقوا الله فيهن وابذلوا لهن من أموالكم ، واعلموا أن فيهنّ من تستحق للزكاة .

    كم من مطلقة عاشت أنواع الألم مع زوجها ، وها هي الآن لوحدها مع أولادها الصغار في منزلٍ متهالك لامالَ ولا أثاث ، تغيرت أحوالُهن وتبدلت حياتهن .

    يا أهل المال ، متى تفيقوا ؟ متى تنفقوا لوجه الله تعالى لهذه الفئة من مجتمعنا ؟

    إن الفقرَ بلاءٌ كبير ، والحاجةُ للمال جعلت بعض المطلقات يقفن عند أبوابِ المساجد وفي الطرقات .

    قال صلى الله عليه وسلم : " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله " ، وقال " اتقوا النار ولو بشق تمرة ".

    يا صاحب المال .

    إن من أبوابِ الجنة بابُ الصدقة ، فادخل من هذا الباب عبر رعايتك لبعض المطلقات لعلك تساهم في إدخالِ السرورِ عليها وعلى أولادها، وما يدريك لعل اللهَ يطلعُ عليك فيغفرُ لك ماقدمت وما أخرت .

    معاشر الكرام .

    وهذه رسالةٌ لمن لديه مساحةٌ في الإعلامِ المقروءِ أو المسموع أو المرئي .

    اجعلوا من العناوين التي تتناولونها " المطلقات " ومالهن وماعليهن وكيف يتجاوزن ألم الطلاق .

    كم يسعدنا أن نرى برنامجاً في تلك القناة يتحدث بأسلوبٍ تربوي عن أسباب الطلاق .

    ماهي الرجعة وكيف تكون .

    ماهي الأنظمة التي تضمن الحقوق للطرفين .

    كيف يتغلب الزوج والزوجة على ألم الطلاق .

    ماهي القوانين التربوية في رعاية أولاد وبنات المطلقات .

    وآخرُ الرسائل أبعثها للقضاة .

    اتقوا الله في المطلقات ، واحرصوا على استيعابِ قضايا الطلاق، واحرصوا على الصلحِ إن أمكن، وقدموا الحلول التي تضمن الحياة الكريمة للمطلقات في مستقبل حياتهن .

    اللهم وفقنا للصلح والإصلاح، اللهم اجمع شمل كل زوجين مختلفين قبل أن يقع الطلاق .

    اللهم أنزل السكينة على قلوب الأزواج والزوجات، اللهم احفظ مجتمعاتنا من الضياع والانحراف .

    اللهم اهدنا ويسر الهدى لنا .

    اللهم وفقنا لما تحب وترضى وخذ بنواصينا للبر والتقوى .

    اللهم وفق ولي أمرنا لمافيه صلاح البلاد والعباد .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    باب المواقيت من كتاب عمدة الأحكام

    0:00

    عمرك الحقيقي

    0:00

    يوم نقول لجهنم هل امتلأت

    0:00

    تأملات في سورة الفاتحة

    0:00

    مشاهد من يوم القيامة - 2

    0:00



    عدد الزوار

    4151739

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة