الحمد لله القائل ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) .
وأصلي وأسلم على نبينا محمد القائل ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) .
أما بعد ، فيا معاشر المسلمين .
في كل يوم نسمعُ قصصِ الطلاق ، وتزدادُ أعدادُ المطلقين والمطلقات ، وبالتالي يزدادُ أعدادُ أولادهم وبناتهم الذين سيعيشون بدونِ أسرةٍ متماسكة .
والحديثُ عن مشكلاتِ الطلاقِ حديثٌ لا ينتهي ، لتجدد الأحداث فيه .
والحقيقةُ أنه موضوعٌ مليءٌ بالتفاصيلِ المحزنة .
عباد الله ، لقد تحدّثَ الكثير عن مآسي الطلاقِ والقصصِ المؤلمةِ التي يتعرضُ لها الرجلُ والمرأةُ والأطفالُ .
ولكن وللأسف ، فالقليل من يتحدث عن العوامل التي تقي المجتمع من الطلاق .
أيها الفضلاء ، إن المجتمعَ بحاجةٍ للوعي في الأسبابِ التي تقي من انتشارِ هذا الطلاق .
ولذا كتبتُ بعضَ الوسائل العملية لعلها تساهمُ في علاجِ هذا الأمر .
الوسيلة الأولى :
يجبُ أن يتعرفَ كل زوجين على الحقوقَ التي لهم والتي عليهم ، ثم يقوموا بتنفيذ تلك الحقوق حسب القدرة ، ولن يتحقق هذا إلا بالثقافةِ في ذلك قبل الزواج .
والحصولُ على هذه المعلومات ممكنٌ من خلالِ القراءةِ أو الاستماعِ للصوتيات التي تهتم بذلك ، أو حضورِ الدوراتِ التدريبية ، أو مشاهدتها في اليوتيوب ، مع الحرص على اختيار الشيخ أو المدرب المتخصصُ في قضايا الأسرة .
الوسيلة الثانية :
يجبُ أن يكونَ هناك دورٌ توجيهي لوالدي الزوج والزوجة في تثقيف الابن والبنت بموضوعاتِ الزواجِ ، قبل تزويجهم .
فلماذا لا يجلس الأب مع ابنته أو مع ولده قبل الزواج ، ويوضح لهم بعض موضوعات الزواج ، وكيفية تحقيق النجاح فيه ، وماهي المعوقات التي ربما تعترض طريقهم وكيف يواجهونها ؟
إن هذه الجلسة ستكون مفتاحاً لبناء أسرة رائعة بإذن الله .
وقد يقول قائل : قد يكونُ والدي الزوج أو الزوجةِ على جهلٍ بذلك .
فأقول : هذا صحيح فقد يكونوا من كبارِ السنِ أو العامةِ الذين لايدركون تلك المسائل ، فهنا يكونُ الدورُ على المجتمع .
الوسيلة الثالثة :
المجتمعُ له دور في التوعية ، وعلى رأسِ تلك الأدوار :
أ- الإعلام ، كالقنواتِ الفضائية التي يشاهدها عشراتُ الألوف على مستوى العالم .
وما يدريك لعل برنامجا أسرياً يتحدثُ عن الزواجِ أو الطلاقِ يشاهده الملايين ، يكون له دورٌ في تنمية الحب بين الزوجين ، أو إيجادِ حلٍ لبعضِ المشكلاتِ التي تدورُ في حياتهم .
ب - ومن الأدوارِ المهمة : دورُ المسجد .
وإني أجزم لو أن إمامَ المسجدِ بدأ يفكرُ في وقايةِ المجتمعِ من جحيمِ الطلاقِ لوجدَ عشراتِ الوسائلِ الدعويةِ لنشرِ الوعي في ذلك الموضوع ، ومن تلك الوسائل :
الوسيلةُ الأولى :
خطبةُ الجمعة التي يحضرها المئات ، فلو خصصَ الخطيبُ – كلَ ثلاثةِ أشهر - موضوعاً عن الأسرةِ وهمومِها وسعادتَها ، والطلاقُ وأسبابهِ وطرقِ الوقايةِ منه لكان في ذلك توعيةً نافعةً للمصلين .
ولك أن تتخيل لو أن عندنا في المدينة الواحدة ١٠٠ جامع تقامُ فيه خطبةَ الجمعة ، ويحضرُ في كل مسجد نحو ( ألف ) من الرجال ، فسيكون العدد ١٠٠ ألف شخص استمعوا لموضوعٍ يتناولُ شأنِ الأسرة .
إنه عدد ضخم ، وبلا شك أن هذا سيساهمُ في تثقيفِ المجتمعِ بموضوعات الأسرة .
الوسيلةُ الثانية :
الكلماتِ القصيرةِ التي يلقيها بعضُ الأئمةِ بعدَ صلاةِ العصرِ أو المغربِ أو العشاءِ ، فلو تحدثوا عن موضوعاتِ الزواجِ والطلاقِ بشكلٍ متميز ، لكان في ذلك خيرٌ للناس .
الوسيلةُ الثالثة :
الاجتماعاتِ التي تكونُ في الحي ويحضرها عامةُ الناس ، فلو تم التنسيقُ مع بعض المتخصصين في شأنِ الأسرةِ والمدربين لإلقاء موضوعات عن الأسرة ، لكان في ذلك خير للحضور وتوعيةٍ جيدةٍ لهم .
ج - ومن الوسائلِ الإعلامية :
الاستفادةِ من مواقعِ التواصلِ بأنواعها .
فمما لاشك فيه أن الكثير من الناسِ يجلسون وقتاً طويلاً على مواقعِ التواصل.
فهل شاركَ الدعاةُ والفضلاءُ في تلك المواقعِ بموضوعاتٍ تهمُ الأسرةِ وتعتني بملفِ الزواج والطلاق بشكلٍ إيجابي ؟
والله لو كان هناك مشاركةٌ فعّالة لرأينا أثرَ ذلك في المجتمع .
ألا يمكنك كتابةَ رسالة عن السعادة الأسرية أو فنون التعامل بين الزوجين أو الطلاق وأسبابه ، ثم ترسلها عبر قروبات الواتس ، لعلها تقعُ في قلبِ أحدهم ممن يفكرُ بالطلاق ؟
ومايدريك لعله يلغي تلك الفكرةِ ويعودُ لأسرته بكلِ حب وتقدير .
ومن وسائل وقاية المجتمع من الطلاق :
العنايةُ بتثقيفِ المجتمعِ لفكرةِ ( حلولِ المشكلات ) .
وهذا يتطلبُ قراءةِ وسماعِ وحضورِ الدوراتِ أو مشاهدتها عبر الانترنت لتنمية الوعي بالحلول ، لأن الكثيرَ من الرجالِ والنساءِ يجهلون أبسطَ الحلول ولايرون الحل إلا في الطلاق .
يجب أن يعرف كل زوج زوجة أن المشكلات لها عدة حلول ، وهناك عدة خيارات في إصلاح الخلل .
ومن وسائل وقاية المجتمع من الطلاق :
دورُ القضاةِ في نصيحةِ الرجلِ قبل إصدارِ صكِ الطلاق ، فإن كان الشخص قد أوقع الطلاق فلابدَ من إخباره بإمكانيةِ الرجوعِ وصفةِ إرجاعِ الزوجةِ وأحكامِ ذلك ، لعله يرجعُ لها ولو بعد حين قبلَ نهاية عدتها .
ومن وسائل وقاية المجتمع من الطلاق :
نشرُ ثقافةِ حبِ الأسرةِ والتمسكِ بها ، وذلك في جلسات العمل واللقاءات مع الأقارب والزملاء ، والحذر من نشر التشاؤم وقصص الطلاق بين الزوجين ، لأن المجتمع بحاجة إلى وعي بالسعادة الأسرية والأسباب التي تحققها .
اللهم أصلح بين كل زوجين ، واملأ حياتهم بالسعادة .
--------------
الحمد لله .
أما بعد ، فاعلموا عباد الله أن من وسائل وقاية المجتمع من الطلاق :
تفعيلُ مؤسساتِ الصلحِ بين الزوجين في كل مدينة ، والحرصِ على تطويرِ مهاراتِ القائمينَ عليها ، وتدريبهم على فنونِ التعاملِ مع الزوجين ، وإقناعهم بالتمسك بالأسرة وتعليمهم أنواع الحلول لمشكلاتهم .
ومن وسائل وقاية المجتمع من الطلاق : النصيحة .
نعم أيها الكرام ، إن الواحدَ منّا قد يعلمُ أن صديقه ينوي طلاقَ زوجته ، أو بينه وبين زوجته بعض المشكلات ، فهل نسكتُ عنه ؟
لماذا لا ننصحهُ ونذكرهُ بأسرته وأطفاله ومفاسدِ الطلاق ؟ لماذا لانفتح له أبواب الأمل ؟
نعم قد لا نجيدُ الحل لمشكلته ، ولكننا نقدرُ على تهدئته حتى يستشيرَ المتخصص في شأن الأسرة .
قل مثل ذلك عند النساء ، فالبعضُ من الأخواتِ تعلمُ بقصةِ صديقتها وربما اشتكت لها من زوجها ، فالواجبُ هنا هو الإنصات لها والتفاعل معها عاطفياً ثم إقناعها بأن هناك حلولٌ أخرى قبل الطلاق .
ولكن وللأسف فإن بعضَ الأخواتِ تشجعُ صاحبتها على الطلاق بمجردِ سماعِ شكواها ، ثم لاتفكر في حياتها بعد الطلاق .
أيها الفضلاء ، إن ملف الطلاق يحتاج للعديد من الأطروحات ، والتنويع والتجديد في ذلك مطلب مهم لعله يوقف أو يخفف طوفان ذلك السيل .
اللهم إنا نسألك أن تصلح بيوتنا وتعمرها بالطاعة والمحبة .
اللهم وفق كل زوجين لبناء حياة جميلة .
مكتبة الصوتيات
يوم الجمع
0:00
موعظة القلوب
0:00
سيرة عمر بن الخطاب
0:00
وقفة تربوية
0:00
تعال إلى الصلاة
0:00
عدد الزوار
4158042
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة |