خرجتُ من مسجدي فلحق بي رجل حتى باب منزلي ، وقال : سمعتُ أن عندك زواج مسيار .
قلت : آسف ، هذا غير صحيح .
قال : أريدها شهرين فقط .
فقلت : اتق الله وهل هذا زواج ؟
وأذكر أن رجلاً اتصل بي وقال : اتصلتُ على امرأة لأجل أن أتزوجها زواج مسيار ، فقلت لها : كيف يكون التنسيق مع والدك لأجل أن أتقدم لك ؟ فقالت : ليس لك علاقة بوالدي ، أنا أتزوجك بدون أن يعلم أحد ، ولكن ادفع 2000 ريال .
هكذا تريد تلك المرأة هذا الزواج بدون ولي ولاشهود وبمبلغ 2000 ريال .
.
إن الحديثَ عن زواجِ المسيار يجبُ أن يُضبط من جميع النواحي الفقهية والأسرية والنفسية والتربوية ، ومدى جدواه وهل منافعه أكثر أم مضاره ؟
ومن خلال البحث وجمع المعلومات حوله تبينت لي هذه المسائل :
أولاً : هناك نوع للمسيار يتوافق مع أحكام الشريعة وتكلم فيها العلماء .
ثانياً : ظهر نوع جديد للمسيار وهو الزواج العرفي الذي يعتبر " أقرب إلى تسميته بالزنا المنظم " وهو الزواج بدون أي ضوابط للشريعة ، وهو أن تزوج المرأة نفسها وفي السِّر بدون أن يعلم أحد أبداً ، وربما كانت متزوجة ، وقد تكون حامل ، حتى صار هذا الزواج مجالاً لكسب المال والتجارة ، والقصص فيه مشهورة وقد حذر منه العلماء .
حقيقة زواج المسيار الشرعي - باختصار - : هو زواج شرعي متفق الأركان ، يتم من خلال ولي أمر الزوجة ، وبحضرة الشهود ، وموافقة الزوج والزوجة ، وكتابة العقد رسمياً ، مع تنازل المرأة عن النفقة والسكن .
حكم هذا الزواج :
ذهب كثير من العلماء على جوازه لأنه متفق الأركان للزواج الشرعي ، مع تنازل الزوجة عن النفقة والسكنى .
فوائد هذا الزواج :
١- يساعدُ في إعفافِ بعضِ الشباب والفتيات بطريقةٍ متناسبةٍ مع ظروفهم .
٢- لايكلفُ الزوج مهراً كبيراً ولانفقات الزواج المعروفة ، لأن المهر ربما كان عشرة آلاف ونحوها ، ووليمة العرس تكون مختصرة غالباً في بيت وبحضور أشخاص قلة ، وليس هناك شقة ، ولا أثاث ولا شهر عسل ، وهذا بلاشك يريحُ الزوج من التكاليفِ الماليةِ التي ربما تصل لنحو خمسين ألف .
٣- يناسبُ بعض ظروف النساء ، كالمطلقة التي عندها منزل ولديها أولاد ، أو تلك المرأة التي لها ظروف نفسية عند أهلها ولاتقدر على مسؤلية البيت ، أو تلك المرأة التي لديها إعاقة في سمع أو بصر أو نحوه ، وغير تلك الظروف التي ربما تكون عند بعض النساء التي تمنعها من إدارة بيت مستقل .
سلبيات هذا الزواج :
١- أن بعض الرجال أصبح المسيار هاجساً له فهو يريده بأي وسيلة ، وكل هذا بسبب التفكير الشهواني لديه حتى إنه يبحث عنه في مواقع التواصل وعند الشيوخ وغيرهم ، وهذا التفكير الشهواني يعطيك تصور عن الهدف من الزواج وهو الاستمتاع ، ولهذا فالغالب أن هذا الرجل سيتزوج بخمسة آلاف ويطلقها بعد شهر ونحوه ، لأنه ليس بمسؤل عن نفقتها ولاسكنها ولا نفسيتها ولا مستقبلها ولا حاجاتها ولا مشترواتها ولا أي شيء من همومها ،
حتى إني قلتُ لأحدهم - متزوج مسيار في مدينة أخرى - : هل إذا مرضت زوجتك - صاحبة المسيار - هل ستذهب لها لتزورها وتطمئن على صحتها ؟
فقال : ليش ، ماله داعي . هكذا أجاب بكل برود .
٢- هذا الزواج يجعلُ الرجل يقصرُ في حق زوجته ، فهو دائم التفكير في المسيار ، وأما في حقوق زوجته التي عاشت معه وأنجبت له الأطفال وصبرت على ظروفه فلا .
ولاتسأل عن حاله مع زوجة المسيار ، سوف ينقلبُ ذلك الزوج القاسي إلى ذلك الرحيم العاطفي ، ولكن مع المسيار وليس مع زوجته .
بل إن البعض يسافر للمسيار وينفق الأموال والهدايا ، ولعل زوجته الأولى تريد بعض الضروريات المالية كالعلاج ونحوه فيعتذر ، وأما عن رحلاته للمسيار فلن يعتذر ، وهذه من مصائب المسيار الشهواني.
٣- هذا الزواج يجعلُ زوجةَ المسيار حرةً في كل تصرفاتها ، تفعل ماتريد بدون أن تحسب حساب لزوجها ، أو حتى تستأذنه .
وذلك لأن زوجها بعيدٌ عنها وليس بمسؤلٍ عنها ، ولاتشعر هي أيضاً بضرورة إخباره أو استشارته في أي مشكلة لديها لأنها لاتعتبره زوج .
إنها تعتبره رجل يأتيها في وقت معين لينامَ معها ليلتين ثم يسافر ، وهي تشعرُ أنه ربما طلّقها خلال شهر ونحوه ، فلاتجدُ عنده الأمان الأسري أو العاطفي أو مستقبلٍ لحياةٍ جميلة .
٤- بعضُ الرجال يمنع عن زوجة المسيار حقها في الولد بل ويشعر من داخله أنه لايريد منها أولاد فيكفيه أن عنده أولاد من زوجته الأولى ، وهذا التفكير بلاشك يعطيك انطباعاً عن الأنانية لدى هذا الرجل ، ويؤكد لك أن الفكرة غالباً هي مجرد الاستمتاع .
٥- وقفتُ على حالات غريبة جداً ومنكرة ، وهي أن بعض هذا الزواج يتم بدون وجود ولي ، وتتزوج تلك المرأة من ذلك الرجل والمصيبة أنها قد تكون متزوجة من رجلٍ آخر أيظاً في نفس الوقت ، حتى لو طُلقت من الأول فليس هناك عدة طلاق لأن القصة تدور حول حصولها على المال ، وحصوله على الشهوة ، وهذه - وربي - من المصائب الكبار .
تطورات غريبة :
لقد تطور هذا الزواج ، فأصبح زواجاً عرفياً ، لامسيار ولاغيره ولقد زارني أحد الشباب وحكى لي أنه تعرّف على خطّابة تُزوج ( زواج عرفي ) وذهب لأحد البيوت ووجد المأذون من إحدى الجنسيات والشهود مثله ، وتم هذا العقد في ورقة بيضاء ، وليس هناك ولي للزوجة ، ولا أحد من أقاربها ، وهكذا يتلاعب الناس بالنساء وبالرجال المغفلين .
ومضة :
سافرتُ لإحدى المناطق وبعد يومين تصلني رسالة من منسق مشهور للمسيار ، وكتب في رسالته : لدينا زواج مسيار لجميع الجنسيات ، والسعي ألفين ريال ، هكذا تجارة سريعة ، طبعاً المسيار الذي يقصد هو الزواج العرفي ، يسمونه بغير اسمه ليقبله الناس .
ماهي أسباب ظهور زواج المسيار ؟
1- ارتفاع نسبة العنوسة والمطلقات والأرامل ، مما يجعل بعض النساء تقبل بأي زواج ، وقد تكون تلك المرأة تعاني من ظروف مالية أو نفسية أو أسرية ، فتضطرها تلك الظروف للقبول بهذا الزواج .
2- احتياج بعض النساء للبقاء في بيتها أو بيت أهلها لظروفها ، فقد تكون مطلقة ولديها أولاد ، أو لها والدة ترعاها ولاتريد الخروج من تلك المدينة لعملها وارتباطاتها .
3- غلاء المهور كما سبق .
ماهي الحلول لتخفيف زواج المسيار ؟
١- تقليل مهور الزواج حتى يتكمن الشاب من اختيار الزواج الشرعي الدائم وليس المسيار الذي في الغالب ينتهي خلال أشهر قليلة .
٢- أن ترضى الزوجة بالتعدد لزوجها حتى يسلم زوجها من فكرة المسيار التي ربما انتهت للزواج العرفي .
ونُذكّر الزوج الذي يرغب بالتعدد أن يتقي الله ويعدل بين زوجتيه .
وأن يكون قادراً على التعدد صحياً ونفسياً ومالياً وإدارياً .
فإن لم يكن كذاك فلايُقدم على التعدد حتى لايطلق الثانية بعد أشهر قليلة كما يفعلهُ بعض المُعدّدين .
٣- يجبُ على أولياء الأمور أن لايتساهلوا بتزويج بناتهم بالمسيار، وأن يبحثوا لبناتهم عن الزوج المناسب ويخففوا عليه التكاليف حتى تتزوج ابنتهم وتعيش حياتها مع رجل يكونُ مفتاحاً لسعادتها وليس رجل المسيار .
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
الإيمان بالرسل
0:00
الدعاء عند المصائب
0:00
أحكام التبرك المشروع والممنوع
0:00
هل رضيتم؟
0:00
تعال إلى الصلاة
0:00
عدد الزوار
5088580
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1616 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |