هذا الكتاب تناول فيه ابن القيم رحمه الله كثيراً من المسائل المشهورة في الصلاة .
ومنها :
حكم تارك الصلاة ، وهل يستتاب أم لا ؟
حكم تارك الجمعة ؟
هل تحبط الأعمال بترك الصلاة أم لا؟
هل تقبل صلاة الليل بالنهار وصلاة النهار بالليل أم لا؟
هل تصح صلاة من صلى وحده وهو يقدر على الصلاة جماعة أم لا؟
هل الجماعة شرط في صحة الصلاة أم لا ؟
مقدار صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
31- لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة .
34- كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى الآفاق " إن أهمّ أموركم عندي الصلاة فمن حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ، ولاحظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة " .
41- قال عبد الله بن شقيق : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لايرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة .
41- من تعظيم قدر الصلاة :
1- أن الصلاة قد اختصت من سائر الأعمال بخصائص ليست لغيرها فهي أول ما فرض الله من الإسلام ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم نوابه ورسله أن يبدؤوا بالدعوة إليها بعد الشهادتين.
2- وهي أول ما يحاسب عليها العبد من عمله .
3- أن الله فرضها في السماء ليلة المعراج .
4- أنها أكثر الفروض ذِكراً في القرآن .
5- أن أهل النار لما يُسألون " ما سلككم في سقر " لم يذكروا إلا ترك الصلاة .
6- أن فرضها لا يسقط عن العبد بحال دون حال ما دام عقله معه بخلاف سائر الفروض فإنها تجب في حال دون حال .
7- وأنها عمود الإسلام .
8- وأنها آخر ما يُفقد من الدين .
9- وأنها فرض على الحر والعبد والذكر والأنثى والحاضر والمسافر والصحيح والمريض والغني والفقير ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل من أجابه إلى الإسلام إلا بالتزام الصلاة .
10- وأن قبول سائر الأعمال موقوف على فعلها فلا يقبل الله من تاركها صوماً ولا حجاً ولا صدقة ولا جهاداً ولا شيئاً من الأعمال .
قال عون بن عبد الله : إن العبد إذا دخل قبره سئل عن صلاته أول شيء يسأل عنه فإن جازت له نظر فيما سوى ذلك من عمله وإن لم تجز له لم ينظر في شيء من عمله بعد .
ويدل على هذا الحديث الذي في المسند والسنن من رواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أول ما يحاسب به العبد من عمله صلاته ".
54- قال الحافظ عبد الحق الاشبيلي رحمه الله في كتابه في الصلاة : ذهب جملة من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم إلى تكفير تارك الصلاة متعمداً لتركها حتى يخرج جميع وقتها ، منهم عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود وابن عباس وجابر وأبو الدرداء،كذلك روي عن علي بن أبي طالب ، هؤلاء من الصحابة.
ومن غيرهم ، أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وعبد الله بن المبارك وإبراهيم النخعي والحكم بن عيينة وأيوب السختياني وأبو داود الطيالسي وأبو بكر ابن أبي شيبة وأبو خيثمة زهير بن حرب .
60- انظر كيف انقسم الشرك والكفر والفسوق والظلم والجهل إلى ما هو كفر ينقل عن الملة وإلى ما لا ينقل عنها .
وكذا النفاق نفاقان : نفاق اعتقاد ونفاق عمل ، فنفاق الاعتقاد هو الذي أنكره الله على المنافقين في القرآن وأوجب لهم الدرك الأسفل من النار ، ونفاق العمل كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " آية المنافق ثلاث إذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان".
وفي الصحيح أيضاً : " أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدّث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر وإذا ائتمن خان ".
فهذا نفاق عمل قد يجتمع مع أصل الإيمان ، ولكن إذا استحكم وكمل فقد ينسلخ صاحبه عن الإسلام بالكلية وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم .
60- وهنا أصل آخر وهو أن الرجل قد يجتمع فيه كفر وإيمان وشرك وتوحيد وتقوى وفجور ونفاق وإيمان ، هذا من أعظم أصول أهل السنة ، وخالفهم فيه غيرهم من أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والقدرية.
61- مسألة خروج أهل الكبائر من النار وتخليدهم فيها مبنية على هذا الأصل ، وقد دلّ عليه القرآن والسنة والفطرة وإجماع الصحابة ، قال تعالى: " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " ، فأثبت لهم إيمانا به سبحانه مع الشرك.
وقال تعالى: " قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الأيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم " ، فأثبت لهم إسلاماً وطاعة لله ورسوله مع نفي الإيمان عنهم وهو الإيمان المطلق الذي يستحق اسمه بمطلقه.
62- وهنا أصل آخر وهو أنه لا يلزم من قيام شعبة من شعب الإيمان بالعبد أن يسمى مؤمناً وإن كان ما قام به إيماناً ولا من قيام شعبة من شعب الكفر به أن يسمى كافراً وإن كان ما قام به كفراً .
كما أنه لا يلزم من قيام جزء من أجزاء العلم به أن يسمى عالماً ولا من معرفة بعض مسائل الفقه والطب أن يسمى فقهياً ولا طبيباً ، ولا يمنع ذلك أن تسمى شعبة الايمان إيماناً وشعبة النفاق نفاقاً وشعبة الكفر كفراً.
وقد يطلق عليه الفعل كقوله: " فمن تركها فقد كفر" ، " ومن حلف بغير الله فقد كفر" وقوله: " من أتى كاهناً فصدّقه بما يقول فقد كفر ومن حلف بغير الله فقد كفر". رواه الحاكم في مستدركه بهذا اللفظ.
65- روى البخاري في صحيحه من حديث بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ".
الترك نوعان :
1- ترك كلي لا يصليها أبدا فهذا يحبط العمل جميعه .
2- وترك معين في يوم معين فهذا يحبط عمل ذلك اليوم .
فالحبوط العام في مقابلة الترك العام ، والحبوط المعين في مقابلة الترك المعين .
65- فإن قيل: كيف تحبط الأعمال بغير الردة ؟
قيل: نعم ، قد دلّ القرآن والسنة والمنقول عن الصحابة أن السيئات تحبط الحسنات ، كما أن الحسنات يذهبن السيئات ، قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى " .
وقال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون " .
وقالت عائشة لأم زيد بن أرقم: أخبري زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب لما باع بالعينة.
وآيات الموازنة في القرآن تدل على أن السيئة تذهب بحسنة أكبر منها ، فالحسنة يحبط أجرها بسيئة أكبر منها.
فإن قيل : فأي فائدة في تخصيص صلاة العصر بكونها محبطة دون غيرها من الصلوات ؟
قيل: الحديث لم ينف الحبوط بغير العصر إلا بمفهوم اللقب وهو مفهوم ضعيف جدا ، وتخصيص العصر بالذكر لشرفها من بين الصلوات ولهذا كانت هي الصلاة الوسطى بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح الصريح.
ولهذا خصّها بالذكر في الحديث الآخر وهو قوله: " الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله "، أي فكأنما سُلب أهله وماله فأصبح بلا أهل ولا مال.
69- تفصيل طويل حول مسألة " إذا ترك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها " .
وهي مسألة عظيمة تنازع فيها الناس هل ينفعه القضاء ويقبل منه أم لا ينفعه ولا سبيل له إلى استدراكها أبدا " ؟
72- توّعد الله سبحانه من فوت الصلاة عن وقتها بوعيد التارك لها ، قال تعالى: " فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون " .
وقد فسّر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم السهو عنها بأنه تأخيرها عن وقتها كما ثبت ذلك عن سعد بن أبي وقاص.
94- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الجمع بين الصلايتن من غير عذر من الكبائر.
ولم يخالفه صحابي واحد في ذلك ، بل الآثار الثابتة الصحابة كلها توافق ذلك.
95- لأن يلقى اللهَ العبدُ بكل ذنب ما خلا الشرك به خير له من أن يؤخر صلاة النهار إلى الليل وصلاة الليل إلى النهار عدوانا عمدا بلاعذر .
95- قال محمد بن نصر المروزي : سمعت إسحاق يقول: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن تارك الصلاة كافر" ، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر .
95- إذا كانت صلاة الذي يؤخر العصر حتى تصير الشمس بين قرني الشيطان صلاة المنافق بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما يقول بأبي هو وأمي صلوات الله عليه وسلامه لمن يصلي العصر بعد العشاء ؟
99- إذا كان الأعمى لا رخصة له في ترك الجماعة فالبصير أولى أن لا تكون له رخصة.
99- وفي اهتمامه صلى الله عليه وسلم بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم أبين البيان على وجوب فرض الجماعة ، إذ غير جائز أن يتهدد رسول الله صلى الله عليه وسلم من تخلّف عن ندب وعمّا ليس بفرض.
99- لمّا أمر الله جل ذكره بالجماعة في حال الخوف دل على أن ذلك في حال الأمن أوجب، والأخبار المذكورة في أبواب الرخصة في التخلف عن الجماعة لأصحاب الأعذار تدل على فرض الجماعة على من لا عذر له .
ولو كان حال العذر وغير حال العذر سواء لم يكن للترخيص في التخلف عنها في أبواب العذر معنى .
ودلّ على تأكيد فرض الجماعة قوله صلى الله عليه وسلم: " من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر ".
100- في قوله تعالى " وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك " .
فيها دليل على وجوب صلاة الجماعة ، ووجه الاستدلال بالآية أن الله أمرهم بالصلاة في الجماعة ، ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله: " ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك " .
وفي هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان ، إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، ولو كانت الجماعة سنة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف ولو كانت فرض كفاية لسقطت بفعل الطائفة الأولى ، ففي الآية دليل على وجوبها على الأعيان .
101- قال ابن المنذر في كتاب الأوسط: روينا عن ابن مسعود وأبي موسى أنهما قالا: من سمع النداء ثم لم يجب فإنه لا تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر، وقال أبو هريرة : لأن تمتلئ أذنا ابن آدم رصاصاً مذاباً خير له من أن يسمع المنادي ثم لا يجيبه .
101- من أدلة وجوب صلاة الجماعة ، قوله تعالى: " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين " .
ووجه الاستدلال بالآية أنه سبحانه أمرهم بالركوع " مع الراكعين " وليست إلا فعلها مع جماعة المصلين ، والمعية تفيد ذلك.
103- فائدة في مسائل الخلاف .
اتخذ كثيرا من الناس دعوى النسخ والإجماع سُلّما إلى إبطال كثير من السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهذا ليس بهيّن ، ولا تترك لرسول الله صلى الله عليه وسلم سنة صحيحة أبدا بدعوى الإجماع ولا دعوى النسخ إلى أن يوجد ناسخ صحيح صريح متأخر نقلته الأئمة وحفظته .
إذ محال على الأمة أن تضيع الناسخ الذي يلزمها حفظه وتحفظ المنسوخ الذي قد بطل العمل به ولم يبق من الدين.
104- نقد لبعض المتعصبة .
وكثير من المولدة المتعصبين إذا رأوا حديثا يخالف مذهبهم يتلقونه بالتأويل وحمله على خلاف ظاهره ما وجدوا إليه سبيلا فإذا جاءهم من ذلك ما يغلبهم فزعوا إلى دعوى الإجماع على خلافه فإن رأوا من الخلاف مالا يمكنهم من دعوى الإجماع فزعوا إلى القول بأنه منسوخ .
وليست هذه طريق أئمة الإسلام بل أئمة الإسلام كلهم على خلاف هذا الطريق وأنهم إذا وجدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم سنة صحيحة صريحة لم يبطلوها بتأويل ولا دعوى إجماع ولا نسخ .
106- من أدلة وجوب صلاة الجماعة .
مارواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود قال: من سرّه أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهنّ فإنهنّ من سنن الهدى وإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنكم لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف.
وجه الدلالة من هذا أنه جعل التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم نفاقهم ؛ وعلامات النفاق لا تكون بترك مستحب ولا بفعل مكروه .
ومن استقرأ علامات النفاق في السنة وجدها إما ترك فريضة أو فعل محرم .
وقد أكّد هذا المعنى بقوله : من سرّه أن يلقى الله غداًً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهنّ.
وسمّى تاركها المصلي في بيته متخلفا " تاركا للسنة " التي هي طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان عليها وشريعته التي شرعها لأمته .
وليس المراد بها السنة التي من شاء فعلها ومن شاء تركها ، فإن تركها لا يكون ضلالاً ولا من علامات النفاق كترك الضحى وقيام الليل وصوم الإثنين والخميس.
108- إذا انفردت المرأة عن صف النساء لم تصح صلاتها كالرجل الفذ خلف الرجال، ذكر ذلك القاضي أبو يعلى لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لفرد خلف الصف ".
109- اختلفت الرواية عن الإمام أحمد فيمن ركع دون الصف ثم مشى راكعا حتى دخل فيه بعد أن رفع الإمام رأسه من الركوع ، وعنه في ذلك ثلاث روايات:
إحداها تصح مطلقا ، وحجة هذه الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكرة بالإعادة ولا استفصله هل أدركه قبل رفع رأسه من الركوع أم لا ولو اختلف الحال لاستفصله.
وروى سعيد بن منصور في سننه عن زيد بن ثابت أنه كان يركع قبل أن يدخل في الصف ، ثم يمشي راكعا ويعتد بها ، وصل الصف أم لم يصل.
والرواية الثانية: أنها لا تصح ، وهذه الرواية أصح عند أكثر أصحابه.
والرواية الثالثة: إن كان عالما بالنهي لم تصح صلاته وإلا صحت لقصة أبي بكرة وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تعد" ، والنهي يقتضي الفساد ، ولكن ترك في الجاهل به حيث لم يأمره بالإعادة ، وكانت هذه حال أبي بكرة.
111- ذكر المؤلف عدة آثار عن الصلاة في وجوب صلاة الجماعة والتحذير من تركها .
ومنها : قال عبد الرزاق عن ليث عن مجاهد قال: سأل رجل ابن عباس فقال: رجل يصوم النهار ويقوم الليل لا يشهد جمعة ولا جماعة ؟ فقال ابن عباس: هو في النار، ثم جاء الغد فسأله عن ذلك فقال: هو في النار.
قال: واختلف إليه قريبا من شهر يسأله عن ذلك ، ويقول ابن عباس: هو في النار.
فهذه نصوص الصحابة كما تراها صحة وشهرة وانتشارا ، ولم يجيء عن صحابي واحد خلاف ذلك وكل من هذه الآثار دليل مستقل في المسألة لو كان وحده ، فكيف إذا تعاضدت وتضافرت ؟
118- ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة .
118- فالذي ندين الله به أنه لا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة في المسجد إلا من عذر.
123- في صحيح البخاري عن زيد بن وهب قال: رأى حذيفة رجلا لا يتم الركوع ولا السجود قال: ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم .
137- قال المؤلف في الجمع بين نصوص التطويل في الصلاة والتخفيف :
فليس الشأن في الأخذ ببعض سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك بعضها بل الشأن في الأخذ بجملتها وتنزيل كل شيء منها منزلته ووضعه بموضعه .
140- قال تعالى: " وأقيموا الصلاة " فأمرنا بإقامتها وهو الإتيان بها قائمة تامة القيام والركوع والسجود والأذكار .
وقد علّق الله سبحانه الفلاح بخشوع المصلى في صلاته فمن فاته خشوع الصلاة لم يكن من أهل الفلاح ، ويستحيل حصول الخشوع مع العجلة والنقر قطعا.
بل لا يحصل الخشوع قط إلا مع الطمأنينة ، وكلما زاد طمأنينة ازداد خشوعا ، وكلما قلّ خشوعه اشتدت عجلته حتى تصير حركة يديه بمنزلة العبث الذي لا يصحبه خشوع ولا إقبال على العبودية .
141- قال الإمام أحمد : إنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة .
فاعرف نفسك يا عبد الله واحذر أن تلقى الله عز وجل ولا قدر للإسلام عندك ، فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك.
141- فروقات في حال المصلين .
وليس حظ القلب العامر بمحبة الله وخشيته والرغبة فيه وإجلاله وتعظيمه من الصلاة كحظ القلب الخالي الخراب من ذلك .
فإذا وقف الاثنان بين يدي الله في الصلاة وقف هذا بقلب مخبت خاشع له قريب منه سليم من معارضات السوء قد امتلأت أرجاؤه بالهيبة وسطع فيه نور الإيمان وكشف عنه حجاب النفس ودخان الشهوات فيرتع في رياض معاني القرآن ، وخالط قلبه بشاشة الإيمان بحقائق الأسماء والصفات وعلوها وجمالها وكمالها الأعظم وتفرد الرب سبحانه بنعوت جلاله وصفات كماله فاجتمع همه على الله وقرت عينه به وأحسن بقربه من الله قربا لا نظير له ففرغ قلبه له وأقبل عليه بكليته .
141- وها هنا عجيبة من عجائب الأسماء والصفات تحصل لمن تفقه قلبه في معاني القرآن وخالط بشاشة الإيمان بها قلبه بحيث يرى لكل اسم وصفة موضعا من صلاته ومحلا منها فإنه إذا انتصب قائما بين يدي الرب تبارك وتعالى شاهد بقلبه قيوميته ، وإذا قال الله أكبر شاهد كبرياءه .
وإذا قال: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ، شاهد بقلبه ربا منزها عن كل عيب سالما من كل نقص محمودا بكل حمد فحمده يتضمن وصفه بكل كمال وذلك يستلزم براءته من كل نقص تبارك اسمه .
144- في قوله تعالى " إياك نعبد وإياك نستعين " .
فيها سر الخلق والأمر والدنيا والآخرة وهي متضمنة لأجل الغايات وأفضل الوسائل ، فأجل الغايات عبوديته وأفضل الوسائل إعانته، فلا معبود يستحق العبادة إلا هو ولا معين على عبادته غيره .
فعبادته أعلى الغايات وإعانته أجلّ الوسائل .
وقد أنزل الله سبحانه وتعالى مئة كتاب وأربعة كتب جمع معانيها في أربعة ، وهي التوراة والإنجيل والقرآن والزبور، وجمع معانيها في القرآن وجمع معانيه في المفصل وجمع معانيه في الفاتحة وجمع معانيها في: " إياك نعبد وإياك نستعين ".
تمت كتابة هذه الفوائد في جلسة واحدة ضحى الثلاثاء 26 – 7 – 1440
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
قصة العالم بن باز رحمه الله مع السارق
0:00
تلاوة من صلاة القيام
0:00
معالم في الفتن
0:00
أحكام التبرك المشروع والممنوع
0:00
صور من تواضع النبي عليه الصلاة والسلام
0:00
عدد الزوار
5014564
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1600 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |