بين فترة وأخرى تظهر شبهة التشكيك في السنة النبوية ، إما صراحةً أو بالتشكيك في صحيح البخاري وغيره من كتب السنة .
وسوف نتجول في خواطر متفرقة في الرد على هذه الشبهة :
1- إنكار التصديق بصحيح البخاري ليس قضية جديدة فقد سبقه إنكار الاحتجاج بالسنة منذ القدم .
وهذا ابن القيم يتحدث عن عصر الإمام أحمد ، فيقول : وقد صنّف الإمام أحمد كتاباً في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ردّ فيه على من احتج بظاهر القرآن في معارضة سنن الرسول صلى الله عليه وسلم .
٢- التشكيك في كتب السنة من مناهج أهل البدع والأهواء ، لأنهم يرون في السنة أحاديث كثيرة تخالف أهوائهم .
3- لاشك أن من يطعن في السنة المطهرة وحجيتها إنما يطعن في دين الله ، ويطعن في أمانة رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمناء من بعده من أصحابه رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان ، وأتباعهم من السلف الكرام ، ومن تبعهم من الأئمة الأعلام .
ومن طعن في السنة طعن في أركان الدين وأحكامه وشرائعه لأن السنة مليئة بالأحكام الشرعية .
4- قديماً كان المبتدعة يؤولون نصوص القرآن على خلاف مقصودها ثم انقسموا في نظرتهم للسنة إلى قسمين :
1- منهم من أنكر خبر الآحاد .
2- أما في حال كون الحديث متواتراً فإنهم يؤولون أي يحرفون اللفظ عن معناه الحقيقي إلى المعنى المتناسب مع شبهاتهم ، كتحريف صفة النزول للرب في الثلث الأخير من الليل بأنه نزول الرحمة ، فراراً من إثبات صفة النزول لله تبارك وتعالى كما تليق بجلاله وعظمته .
5- لقد كان أهل البدع يتعاملون مع السنة من خلال عدة قضايا :
١. الطعن في صحتها .
٢. ادعاء أنها تخالف العقل ، ولذا هم يقولون " العقل مقدم على النقل " .
٣. وضع الأحاديث المكذوبة ونشرها بين الناس .
٤. رد خبر الآحاد والقول بأنه لايحتج به كما زعمت المعتزلة وغيرهم .
5. إسقاط الحاجة إلى السنة النبوية بدعوى أن القرآن يكفينا ، ويُسمّون أنفسهم بالقرآنيين .
6. الطعن في بعض الصحابة ، وناقلي السنة من العلماء والرواة.
7. ادِّعاؤهم ضياع السنة النبوية وعدم حفظها ، أو تأخُّر تدوينها مما دعا إلى ضياعها.
--
يامن يرد السنة النبوية أو يشكك فيها ، أجب عن هذه الأسئلة :
1- أمرَ الله سبحانه وتعالى عباده بالاستجابة لله والرسول ، قال تعالى : ( يا أيّـُها الّذين أمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يُحييكم ) .
كيف تستجيب للرسول إذا كنت تلغي السنة ؟
2- جعل الله تعالى طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من لوازم الإيمان ، ومخالفته من علامات النفاق ، قال تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتّى يحكمُّوك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مـمّا قضيت ويسلموا تسليماً ) .
ماذا تفعل بهذه الآية ؟
3- حذّر الله عز وجل من مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتوعد من عصاه بالعذاب ، قال تعالى : ( فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبُهم عـذاب ألـيم ) ، فكيف نعرف أمره ونهيه إذا لم تكن هناك سنن نبوية ؟
4- قال الله تعالى : ( من يطع الرّسول فقد أطاع الله ) .
فجعلَ الله تعالى طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من طاعته .
فكيف نطيع الرسول إذا لم تكن هناك أحاديث نطيعه من خلالها ؟
5- يقول تعالى " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لحافظون " .
إذا كان الله قد تكفل بحفظ الذكر وهو القرآن ، فكيف نفهم القرآن ونعرف معانية وأحكامه بدون الرجوع إلى السنة التي تبين وتفسر المجمل من القرآن .
6- ألم يقل الله " وما آتاكم الرسول فخذوه " .
فكيف نأخذ ماجاء به الرسول إذا أنكرنا كتب السنة كالبخاري وغيره ؟
7- في قوله تعالى " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة " .
فالكتاب هو القرآن والحكمة هي السنة ، فكيف ستأخذ بالحكمة التي هي السنة في حال إنكارك لها ؟
8- ماذا تجيب عن هذا الحديث " يوشك أن يقعد الرجل متكئاً على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله " رواه الترمذي ، وقال : حسن صحيح .
9- ماذا تجيب عن هذا الحديث " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين " .
هل يدعونا الرسول للعناية بالسنة إلا وهو يعلم أن الله سيحفظ سنته بأن يهيئ لها العلماء الذين يكتبون ويحفظون تلك السنن ؟
10- ماذا تجيب على حديث " صلوا كما رأيتموني أصلي " وحديث " خذوا عني مناسككم " ، كيف سنصلي كما كان يصلي إذا لم نقرأ في سنته ؟ وكيف سنأخذ بمناسك النبي صلى الله عليه وسلم في الحج إذا رفضنا كتب السنة التي بينت لنا صفة الحج ؟
11- ماذا تجيب على حديث خطبة الحاجة " وخير الهدي هدي محمد " .
فأين هدي محمد إذا أنكرت صحيح البخاري وغيره من كتب السنة ، فهل يدعونا الرسول لاتباع هديه وهو يعلم أن الله لن يحفظ هديه وسنته للأمة ؟
12- ماذا تقول عن جهود علماء الحديث في كتابة الحديث والرحلة في طلبه ، وحفظهم لمئات الأحاديث ، وكلامهم في الجرح والتعديل ، والمدونات في كتب المصطلح ، وبيان العلل ، والكلام عن الأسانيد ، وكل تلك الجهود التي استغرقت كل حياتهم ؟
13- إذا كنت تشك في صحيح البخاري الذي أجمعت الأمة على قبوله فكيف نصدقك ونترك إجماع الأمة ؟
14- إذا كان البخاري الذي له نحو 5000 نسخة خطية ، وله من الشروح والمختصرات والتعليقات مايتجاوز الألف ، وغير ذلك كثير من الخدمات العلمية ، فهل غاب عن كل هؤلاء أن صحيح البخاري مشكوك فيه ؟
15- التكذيب للسنة أو التشكيك فيها يلغي النظر في مئات الكتب التي شرحت كتب السنة وآلاف المسائل التي تكلم عنها العلماء على مر التاريخ .
فائدة : لقد بيّن العلماء أن السنة لها مع القرآن ثلاث فوائد :
١- مبينة لما هو مجمل في القرآن كتوضيح صفة الصلاة والعمرة والحج ونحو ذلك ، فكيف سنعرف تفاصيل الصلاة إذا لم نرجع للسنة ؟
٢- والسنة تأتي بأحكام زائدة عما في القرآن مثل تحريم أن يجمع الرجل في نكاحه بين المرأة وعمتها أو خالتها ، فهذه المسألة لم تأت في القرآن في آية المحرمات على الرجل ، فهي هنا زائدة على القرآن .
٣- والسنة تأتي مؤكدة لأحكام ومسائل جاءت في القرآن ، مثل تأكيد المحافظة على الصلاة وبر الوالدين والأخلاق ونحوها .
من أقوال السلف في مكانة السنة والرد على تلك الطائفة التي ترد السنة :
1- قال حسان بن عطية : كان جبريل ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن .
2- قال أيوب السختياني : إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وحدثنا من القرآن فاعلم أنه ضال مضل .
.
ختاماً ، نسأل الله أن يهدي كل من خالف الصراط المستقيم .
وأن يثبتنا على منهج الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة ، وأن يجعلنا من أنصار دينه .
مكتبة الصوتيات
الاستفادة من التجارب
0:00
تلاوة من سورة الكهف
0:00
المحرمات المالية
0:00
من فوائد القراءة - 1
0:00
يسعى نورهم
0:00
عدد الزوار
5130830
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1616 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |