٢٧٦- حديث ٦٤٤٦ " ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس ".
العرض بفتح الراء هو ما ينتفع به من متاع الدنيا .
قال القرطبي : معنى الحديث إن الغنى النافع أو العظيم أو الممدوح هو غنى النفس وبيانه أنه إذا استغنت نفسه كفت عن المطامع فعزت وعظمت وحصل لها من الحظوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من يكون فقير النفس .
٢٨١- أقوال السلف في العمل والتكسب .
صح عن أحمد مع ما اشتهر من زهده وورعه أنه قال لمن سأله عن التكسب بالمال ؟ قال : الزم السوق .
وقال لآخر : استغن عن الناس فلم أر مثل الغنى عنهم .
وقال : ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على الله وأن يعودوا أنفسهم التكسب ، ومن قال بترك التكسب فهو أحمق يريد تعطيل الدنيا .
وقال : أجرة التعليم والتعلم أحب إلي من الجلوس لانتظار ما في أيدي الناس ، وقال أيضاً : من جلس ولم يحترف دعته نفسه إلى ما في أيدي الناس .
وأسند عن عمر : كسب فيه بعض الشيء خير من الحاجة إلى الناس .
وأسند عن سعيد بن المسيب أنه قال عند موته وترك مالاً : اللهم إنك تعلم أني لم أجمعه إلا لأصون به ديني .
وعن سفيان الثوري وأبي سليمان الداراني ونحوهما من السلف نحوه بل نقله البربهاري عن الصحابة والتابعين وأنه لا يُحفظ عن أحد منهم أنه ترك تعاطي الرزق مقتصراُ إلى ما يفتح عليه .
٢٧٨- حديث ٦٤٤٩ " اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ".
قال ابن بطال : هذا لا يوجب فضل الفقير على الغني وإنما معناه أن الفقراء في الدنيا أكثر من الأغنياء فأخبر عن ذلك ، وليس الفقر أدخلهم الجنة وإنما دخلوا بصلاحهم مع الفقر .
٢٨٧- حديث ٦٤٥٥ " قالت عائشة ما أكل آل محمد صلى الله عليه وسلم أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر ".
٢٨٩- ما فائدة ربط الحجر على البطن كما كان يفعله أبو هريرة ؟
قيل : الحكمة في ذلك المساعدة على الاعتدال والانتصاب أو المنع من كثرة التحلل من الغذاء الذي في البطن لكون الحجر بقدر البطن فيكون الضعف أقل أو لتقليل حرارة الجوع .
٢٩٣- قال أبو نعيم : كان عدد أهل الصفة يختلف بحسب اختلاف الحال فربما اجتمعوا فكثروا وربما تفرقوا إما لغزو أو استفتاء فقلوا.
٢٩٤- حديث 6452 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : آلله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه ، فمر أبو بكر ، فسألته عن آية من كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني ، فمر ولم يفعل ، ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني ، فمر فلم يفعل ، ثم مر بي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - فتبسم حين رآني وعرف ، ما في نفسي وما في وجهي ثم قال : أبا هر .
قلت : لبيك يا رسول الله . قال : اِلحق ، ومضى فتبعته ، فدخل فاستأذن ، فأذن لي ، فدخل فوجد لبناً في قدح فقال : من أين هذا اللبن ؟
قالوا أهداه لك فلان أو فلانة . قال : أبا هر . قلت : لبيك يا رسول الله .
قال : اِلحق إلى أهل الصفة فادعهم لي .
قال : وأهل الصفة أضياف الإسلام ، لا يأوون إلى أهل ولا مال ، ولا على أحد ، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ، ولم يتناول منها شيئاً ، وإذا أتته هدية أرسل إليهم ، وأصاب منها وأشركهم فيها ، فساءني ذلك فقلت وما هذا اللبن في أهل الصفة كنت أحق أنا أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها ، فإذا جاء أمرني فكنت أنا أعطيهم ، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بد ، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا ، فاستأذنوا فأذن لهم ، وأخذوا مجالسهم من البيت قال : يا أبا هر .
قلت : لبيك يا رسول الله . قال : خذ فأعطهم .
قال : فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ، ثم يرد على القدح ، فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ، ثم يرد على القدح فيشرب حتى يروى ، ثم يرد على القدح ، حتى انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد روى القوم كلهم .
فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم فقال : أبا هر . قلت : لبيك يا رسول الله . قال : بقيت أنا وأنت . قلت : صدقت يا رسول الله .
قال : اقعد فاشرب .
فقعدت فشربت ، فقال : اشرب ، فشربت ، فما زال يقول : اشرب ، حتى قلت لا والذي بعثك بالحق ، ما أجد له مسلكا .
قال : فأرني ، فأعطيته القدح فحمد الله وسمى ، وشرب الفضلة .
وفي الحديث من الفوائد :
1- استحباب الشرب من قعود .
2- أن خادم القوم إذا دار عليهم بما يشربون يتناول الإناء من كل واحد فيدفعه هو إلى الذي يليه ولا يدع الرجل يناول رفيقه لما في ذلك من نوع امتهان الضيف .
3- وفيه معجزة عظيمة وقد تقدم لها نظائر في علامات النبوة من تكثير الطعام والشراب ببركته صلى الله عليه وسلم .
4- جواز الشبع ولو بلغ أقصى غايته أخذاً من قول أبي هريرة لا أجد له مسلكا وتقرير النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك خلافا لمن قال بتحريمه وإذا كان ذلك في اللبن مع رقته ونفوذه فكيف بما فوقه من الأغذية الكثيفة لكن يحتمل أن يكون ذلك خاصاً بما وقع في تلك الحال فلا يقاس عليه وقد أورد الترمذي عقب حديث أبي هريرة هذا حديث ابن عمر رفعه " أكثرهم في الدنيا شبعا أطولهم جوعاً يوم القيامة " وقال حسن .
وفي الباب أيضا حديث المقدام بن معد يكرب رفعه " ما ملأ بن آدم وعاءً شراً من بطنه " الحديث أخرجه الترمذي أيضا وقال حسن صحيح .
ويمكن الجمع بأن يحمل الزجر على من يتخذ الشبع عادة لما يترتب على ذلك من الكسل عن العبادة وغيرها ويحمل الجواز على من وقع له ذلك نادراً ولا سيما بعد شدة جوع واستبعاد حصول شيء بعده عن قرب .
5- أن كتمان الحاجة والتلويح بها أولى من إظهارها والتصريح بها .
6- كرم النبي صلى الله عليه و سلم وإيثاره على نفسه وأهله وخادمه .
7- ما كان بعض الصحابة عليه في زمن النبي صلى الله عليه و سلم من ضيق الحال .
8- فضل أبي هريرة وتعففه عن التصريح بالسؤال واكتفاؤه بالإشارة إلى ذلك وتقديمه طاعة النبي صلى الله عليه و سلم على حظ نفسه مع شدة احتياجه .
9- فضل أهل الصفة .
10- أن المدعو إذا وصل إلى دار الداعي لا يدخل بغير استئذان .
11- جلوس كل أحد في المكان اللائق به .
12- إشعار بملازمة أبي بكر وعمر للنبي صلى الله عليه وسلم.
13- دعاء الكبير خادمه بالكنية .
14- ترخيم الاسم .
15- العمل بالفراسة .
16- جواب المنادي بلبيك .
17- استئذان الخادم على مخدومه إذا دخل منزله .
18- سؤال الرجل عما يجده في منزله مما لا عهد له به ليرتب على ذلك مقتضاه .
19- قبول النبي صلى الله عليه وسلم الهدية وتناوله منها وإيثاره ببعضها الفقراء وامتناعه من تناول الصدقة ووضعه لها فيمن يستحقها .
20- شرب الساقي آخرا وشرب صاحب المنزل بعده .
21- الحمد على النعم والتسمية عند الشرب .
22- تنبيه وقع لأبي هريرة قصة أخرى في تكثير الطعام مع أهل الصفة فأخرج ابن حبان من طريق سليم بن حبان عن أبيه عنه قال أتت علي ثلاثة أيام لم اطعم فجئت أريد الصفة فجعلت أسقط فجعل الصبيان يقولون جُنّ أبو هريرة حتى انتهيت إلى الصفة فوافقت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بقصعة من ثريد فدعا عليها أهل الصفة وهم يأكلون منها فجعلت أتطاول كي يدعوني حتى قاموا وليس في القصعة إلا شيء في نواحيها فجمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار لقمة فوضعها على أصابعه ، فقال لي كل باسم الله ، فو الذي نفسي بيده ما زلت آكل منها حتى شعبت .
٢٩٦- حديث ٦٤٥٣ " قال سعد : إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله ورأيتنا نغزو ومالنا طعام إلا ورق الحبلة وهذا السمر وإن أحدنا ليضع كما تضع الشاة ".
هنا يمدح سعد نفسه ، فكيف جاز له ذلك ؟
فالجواب : أنه لما عيره أهل الجهل بأنه لا يحسن الصلاة فاضطر إلى ذكر فضله ، والمدحة إذا خلت عن البغي والاستطالة وكان مقصود قائلها إظهار الحق وشكر نعمة الله لم تكره .
٢٩٨- وقفة تربوية في التزهيد في الدنيا .
روى أحمد وأبو داود الطيالسي من حديث ابن مسعود " اضطجع الرسول صلى الله عليه وسلم على حصير فأثر في جنبه ، فقيل له : ألا نأتيك بشيء يقيك منه ؟ فقال : مالي وللدنيا ، إنما أنا والدنيا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها .
٢٩٩- عند ابن ماجه من حديث أبي هريرة " أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطعام سخن فأكل فلما فرغ قال : الحمد لله ما دخل بطني طعام سخن من كذا وكذا " وسنده حسن .
٣٠٠- حديث ٦٤٦٣ " لن ينجي أحداً منكم عمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة ".
كيف نجمع بين هذا وبين الآية " وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ".
الجواب : أن يكون الحديث مفسراً للآية بمعنى ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون مع رحمة الله لكم وتفضله عليكم .
وقيل : أن نفس دخول الجنة برحمة الله ، وانقسام درجات الجنة بالأعمال .
وقال ابن القيم : الباء في الآية هي للسبب أي أن الأعمال سبب لدخول الجنة ، والباء المنفية في الحديث باء المعاوضة أي أن دخول الجنة ليس في مقابلة عمل أحد وأنه لولا رحمة الله لعبده لما ادخله الجنة لأنه مهما كان عملك فهو لا يقابل نعيم الجنة الكبير . بتصرف .
ويرى النووي أن التوفيق للأعمال والهداية للإخلاص فيها وقبولها إنما هو برحمة الله وفضله .
٣٠٥- حديث 6466 عن علقمة قال سألت أم المؤمنين عائشة قلت يا أم المؤمنين كيف كان عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - هل كان يخص شيئا من الأيام ؟
قالت : لا ، كان عمله ديمة ، وأيكم يستطيع ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستطيع .
فقه الحديث :
استشكل هذا بما ثبت عنها أن أكثر صيامه وبأنه كان يصوم أيام البيض كما ثبت في السنن ، وأجيب بأن مرادها تخصيص عبادة معينة في وقت خاص ، وإكثاره الصيام في شعبان إنما كان لأنه كان يعتريه الوعك كثيراً وكان يكثر السفر في الغزو فيفطر بعض الأيام التي كان يريد أن يصومها فيتفق أن لا يتمكن من قضاء ذلك إلا في شعبان فيصير صيامه في شعبان بحسب الصورة أكثر من صيامه في غيره .
وأما أيام البيض فلم يكن يواظب على صيامها في أيام بعينها بل كان ربما صام من أول الشهر وربما صام من وسطه وربما صام من آخره .
ولهذا قال أنس ما كنت تشاء أن تراه صائما من النهار الا رأيته ولا قائما من الليل إلا رأيته .
٣٠٦- سبب حديث 6465 " اكلفوا من الأعمال بما تطيقون " .
قال ابن حجر : ووقفت على سبب آخر وهو عند ابن حبان من حديث أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر على رهط من أصحابه وهم يضحكون فقال : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً . فأتاه جبريل فقال : إن ربك يقول لك لا تقنط عبادي فرجع إليهم فقال : سددوا وقاربوا ".
٣٠٧- من دقة توازن البخاري في مسألة الخوف والرجاء قال : باب الرجاء مع الخوف .
وذكر الحافظ أحاديث تفيد في ذلك .
٣٠٧- قال سفيان : ما في القران شيء أشد علي من " لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم ".
٣٠٩- دوافع ترك المعصية :
وذلك ينشأ عن علم العبد بقبحها وأن الله حرمها صيانة لعبده عن الرذائل فيحمل ذلك العاقل على تركها ولو لم يرد على فعلها وعيد ، ومنها الحياء منه والخوف منه أن يوقع وعيده فيتركها لسوء عاقبتها وأن العبد منه بمرأى ومسمع فيبعثه ذلك على الكف عما نهى عنه ، ومنها مراعاة النعم فإن المعصية غالبا تكون سببا لزوال النعمة ، ومنها محبة الله فإن المحب يصير نفسه على مراد من يحب .
٣٠٩- روى أحمد في الزهد بسند صحيح أن عمر قال : وجدنا خير عيشنا بالصبر .
٣١٠- الصبر إن عُدّي بعن كان في المعاصي وإن عُدّي بعلى كان في الطاعات .
٣١١- الصبر بالله هو أن تتبرأ من حولك وقوتك وتفوض أمرك لله.
الصبر لله أن تصبر لأجله طالباً مرضاته .
الصبر على الله هو الرضا بالمقدور .
٣١٢- سئل أحمد عن رجل جلس في بيته أو في المسجد وقال : لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي ؟
فقال : هذا رجل جهل العلم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي .
وقال " لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً " ، فذكر أنها تغدو وتروح في طلب الرزق .
قال وكان الصحابة يتجرون ويعملون في نخيلهم والقدوة بهم .
٣١٣- حديث 6473 " وكان ينهى عن قيل وقال وكثرة السؤال ، وإضاعة المال ، ومنع وهات ، وعقوق الأمهات ، ووأد البنات ".
فقه الحديث :
والنهي عن كثرة السؤال يتناول الإلحاف في الطلب والسؤال عما لا يعني السائل ، وقيل المراد بالنهي المسائل التي نزل فيها لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ، وقيل يتناول الإكثار من تفريع المسائل .
ونقل عن مالك أنه قال : والله إنى لأخشى أن يكون هذا الذي أنتم فيه من تفريع المسائل .
ومن ثم كره جماعة من السلف السؤال عما لم يقع لما يتضمن من التكلف في الدين والتنطع والرجم بالظن من غير ضرورة .
وقيل المراد بالنهي عن كثرة السؤال في المال ورجحه بعضهم لمناسبته لقوله وإضاعة المال .
وأما من فسره بكثرة سؤال الناس عن أحوالهم وما في أيديهم أو عن أحداث الزمان ومالا يعني السائل فإنه بعيد لأنه داخل في قوله نهى عن قيل وقال .
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
كيف نستغل أوقاتنا في الإجازة
0:00
آدم عليه السلام والعلم
0:00
تأملات من قصة هود عليه السلام
0:00
تأملات في سورة عبس
0:00
ازرع الثقة فيمن حولك
0:00
عدد الزوار
4970399
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |