الحديث 72
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فأهويت لأنزع خفيه ، فقال: " دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين" فمسح عليهما.
الفوائد :
1- حرص الصحابة على خدمة النبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء حتى في خلع الحذاء أو الخف ، ويؤخذ منه على وجه الإجمال خدمة الوالدين والعلماء والتفاني في ذلك .
2- إذا لبس الرجل الخف أو الشراب على طهارة فيجوز له أن يمسح عليها بلا خلاف بين العلماء .
3- إذا كان الخف ملبوس على غير طهارة فلا يجوز المسح عليه ، ومن مسح عليه فطهارته باطلة وبالتالي صلاته باطلة .
4- المسح على الخفين من خصائص هذه الأمة وهو من تيسير الله لها ، كما قال تعالى " يريد الله بكم اليسر " .
5- هناك مسائل فرعية تتعلق بالمسح على الخفين وقد تناولها العلماء في كتب الفقه ، فيحسن بك مراجعتها .
الحديث 73
عن عمرو بن أمية رضي الله عنه أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتز من كتف شاة فدعي إلى الصلاة فألقى السكين فصلى ولم يتوضأ.
الفوائد :
1- فيه بيان أن أكل لحم الغنم لاينقض الوضوء لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أكل من الكتف ولم يعد وضوءه .
2- ليس هناك أكل يبطل الوضوء إلا أكل لحم الإبل فقط لورود النص ، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : نعم ، قال : أنتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال :إن شئت .
3- وأما حديث "كان آخر الأمرين من الرسول ترك الوضوء مما مست النار " رواه النسائي وصححه الألباني ، فهذا عام وحديث الوضوء من لحم الإبل خاص والخاص يقضي على العام .
4- وأما بقية أجزاء الإبل كالكرش والكبد فهي ناقضة للوضوء لأنه داخل في حكمها ولفظها ومعناها ، والتفريق بين أجزائها ليس له دليل ولا تعليل كما رجحه ابن تيمية .
5- وأما ألبان الإبل ومرقها فلا تنقض الوضوء لعدم الدليل.
6- وأما الحكمة من الوضوء من لحم الإبل ، فقيل لأن لحوم الإبل فيها قوة وغلظة وتؤثر على الأعصاب، والوضوء يسكن الأعصاب ويبردها ، كما في الشرح الممتع (1/308) .
قلت: وهذا القول اجتهاد من العلماء ، وقد تكون هناك حكمة أخرى لا يعلمها إلا الله ، والواجب على المسلم الامتثال لأمر الله تعالى سواء عرف الحكمة أم لم يعرفها.
وقيل لأنه فوق رأس كل بعير شيطان كما في الحديث عند أحمد وابن خزيمة بسند حسن .
الحديث 74
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بحائط من حيطان المدينة أو مكة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " يعذبان وما يعذبان في كبير ".
ثم قال: " بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله ، وكان الآخر يمشي بالنميمة .
ثم دعا بجريدة فكسرها كسرتين ، فوضع على كل قبر منهما كسرة ، فقيل له.: يا رسول الله لم فعلت هذا ؟ قال: " لعله أن يخفف عنهما ما لم تيبسا ".
الفوائد :
1- إثبات عذاب القبر وأنه حق .
2- هذان القبران جديدان وليسا من قبور الجاهلية ، قال ابن حجر : وأما حديث الباب فالظاهر من مجموع طرقه أنهما كانا مسلمين ففي رواية بن ماجه " مر بقبرين جديدين " فانتفى كونهما في الجاهلية .
وفي حديث أبي أمامة عند أحمد " أنه صلى الله عليه وسلم مر بالبقيع فقال من دفنتم اليوم ها هنا " فهذا يدل على أنهما كانا مسلمين لأن البقيع مقبرة المسلمين والخطاب للمسلمين مع جريان العادة بأن كل فريق يتولاه من هو منهم .
ويقوي كونهما كانا مسلمين رواية أبي بكرة عند أحمد والطبراني بإسناد صحيح " يعذبان وما يعذبان في كبير وبلى وما يعذبان إلا في الغيبة والبول " فهذا الحصر ينفي كونهما كانا كافرين لأن الكافر وإن عُذِّب على ترك أحكام الإسلام فإنه يعذب مع ذلك على الكفر بلا خلاف .
3- قوله " ومايعذبان في كبير " أي ليس بكبير في الحذر منه ، فكان يمكنهم التخلص من ذلك الشيء .
4- التحذير من النميمة وأنها من أسباب عذاب القبر .
5- النميمة هي : نقل كلام الغير بقصد الإضرار وهي من أقبح القبائح .
6- قوله " لايستتر من بوله " أي لايتحفظ من بوله ويستتر منه ، وليس المعنى أنه يكشف عورته لأن كشف العورة ليس المقصود هنا لارتباط التحذير بالبول ، ويؤيده حديث أبي هريرة مرفوعا " أكثر عذاب القبر من البول " أي بسبب ترك التحرز منه ، قال الحافظ ابن حجر : ويؤيده أن لفظ " من " في هذا الحديث لما أضيف إلى البول اقتضى نسبة الاستتار الذي عدمه سبب العذاب إلى البول .
الحديث 75
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: " دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ".
الفوائد :
1- الجهل بقيمة الشيء تجعل الإنسان يخطئ في التصرف تجاهه ، فهذا الأعرابي يجهل قيمة المسجد فارتكب الخطأ وبال فيه .
2- وجوب تعظيم بيوت الله والمحافظة عليها من كل النجاسات والمخالفات .
3- بعض الصحابة غضبوا من الأعرابي وتكلموا عليه ونهروه ، وهذا لايستغرب منهم لمحبتهم للمسجد واستغرابهم ممن يقلل الاحترام له .
4- سعة الأفق عند النبي صلى الله عليه وسلم والحكمة في التعامل مع المواقف والأحداث ، فتأمل كيف أوقف الصحابة وقال " دعوه " أي اتركوه حتى يفرغ من بوله ، لأنه لو قطع بوله فجأة فسوف يتضرر طبياً في حبس البول ، ومن جهة أخرى قد يتفاجأ من هذا الإنكار ويتحرك لمكان آخر وينجسه .
5- الأصل أن النجاسات تزال بالماء إلا ماورد فيه النص كنجاسة الكلب " تغسل سبعا أولاهن بالتراب " .
6- الأصل أن النجاسة تغسل حتى تزول وليس هناك عدد معين إلا في نجاسة الكلب ، أما نجاسة البول أو دم الحيض وغيرها فإنها تغسل حتى تزول سواء زالت من مرة أوحدة أو مرتين أو ثلاث .
7- قوله " فإنما بُعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين " يستفاد منه الرفق في الإنكار على المخالف ، وخاصة إذا غلب على الظن أنه جاهل ، وفيه التحذير من القسوة في التعليم أو الدعوة وأنها تضر أكثر مما تنفع .
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
يونس عليه السلام
0:00
وإذا تتلى عليهم آياتنا
0:00
تلاوة من سورة آل عمران للآيات 26 - 28
0:00
الوقت
0:00
ألحان وأحزان
0:00
عدد الزوار
5014564
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1600 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |