١٧٥- الإحداد هو : امتناع المرأة المتوفى عنها زوجها من الزينة كلها من لباس وطيب وغيرهما وكل ما كان من دواعي الجماع .
يجوز للمرأة أن تحد ثلاثة أيام لغير الزوج سواء كان قريباً لها أو أجنبي عنها لما يغلب من لوعة الحزن ، وليس ذلك بواجباً عليها .
الإجماع على أن زوجها لو طلبها وهي في الإحداد لم يحل لها منعه في تلك الحال .
١٧٧- زيارة القبور للرجال جائزة بالاتفاق وابن حزم يرى وجوبها في العمر مرة .
هل النساء يدخلن في عموم " فزوروها " ؟
قيل بذلك وهو للأكثر ، ومحله إذا أمنت الفتنة .
ومما يستدل به حديث المرأة الجالسة عند القبر ، ولم ينكر عليها زيارتها للميت ، وعموم حديث فزوروها .
وقيل بعدم الجواز واستدلوا بحديث " لعن الله زوارات القبور ". أخرجه الترمذي وصححه ، وقيل زوارات يقصد بها المكثرات ، ولأن تذكر الموت يحتاجه الرجال والنساء .
١٧٩- حديث 1283 عن أنس بن مالك - رضى الله عنه - قال مر النبى - صلى الله عليه وسلم - بامرأة تبكى عند قبر فقال : اتقى الله واصبرى . قالت إليك عنى ، فإنك لم تصب بمصيبتى ، ولم تعرفه . فقيل لها إنه النبى - صلى الله عليه وسلم - . فأتت باب النبى - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بوابين فقالت لم أعرفك . فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى .
قوله " إنما الصبر عند الصدمة الأولى " إذا وقع الثبات عند أول ورود المصيبة فذلك هو الصبر الذي يترتب عليه الأجر .
وقال الخطابي : المعنى أن الصبر الذي يُحمد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة ، بخلاف ما بعد ذلك ، فإنه على الأيام يسلو .
وفي حديث المرأة فوائد :
1- الرفق بالجاهل .
2- مسامحة المصاب وقبول اعتذاره .
3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
4- أن من أمر بمعروف ينبغي أن يقبل ولو لم يعرف الآمر .
١٨٣- تحرير المسألة في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه .
منهم من حمله على ظاهره .
وقيل إذا أوصى بذلك ، وهو رأي الجمهور .
وقيل إذا كانت عادة لهم ولم ينههم عن ذلك .
وقيل هذا خاص بالكافر .
قيل : توبيخ الملائكة له .
وقيل : تألم الميت بما يقع من النياحة وغيرها ، ونصر هذا ابن تيمية والطبري وجماعة .
١٨٨- حديث 1284 قال أسامة بن زيد - رضى الله عنهما - أرسلت ابنة النبى - صلى الله عليه وسلم - إليه إن ابنا لى قبض فائتنا ، فأرسل يقرئ السلام ويقول « إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى ، فلتصبر ولتحتسب » . فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها ، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبى بن كعب وزيد بن ثابت ورجال ، فرفع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبى ونفسه تتقعقع - قال حسبته أنه قال - كأنها شن . ففاضت عيناه . فقال سعد يا رسول الله ما هذا فقال : هذه رحمة جعلها الله فى قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء .
فيه فوائد :
1- جواز استحضار ذوي الفضل للمحتضر لرجاء بركتهم ودعائهم.
2- جواز المشي للتعزية والعيادة بغير إذن بخلاف الوليمة .
3- أهل الفضل لا ينبغي أن يقطعوا الناس عن فضلهم .
١٨٩- حديث 1285 عن أنس بن مالك - رضى الله عنه - قال شهدنا بنتا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس على القبر - قال فرأيت عينيه تدمعان قال - فقال : هل منكم رجل لم يقارف الليلة ؟ فقال أبو طلحة أنا . قال : فانزل . قال فنزل فى قبرها .
قوله " لم يقارف " أي يجامع تلك الليلة وجزم به ابن حزم .
١٩٥- في الحديث " ليس منا " ما هو المراد ب " ليس منا " ؟
قيل : أي ليس من أهل ملتنا وطريقتنا ، وليس المراد إخراجه من الدين .
وقيل : المبالغة في الردع والزجر ، كقول الوالد لولده : لست مني ، وكره سفيان الخوض فيها ليكون أوقع في الزجر .
- لطم الخدود ، خص الخد بذلك لكونه الغالب في ذلك وإلا بقية الوجه داخل في ذلك .
١٩٦- الرثاء مدح الميت وذكر محاسنه ، وقد يستخدم في الحزن عليه .
١٩٩- قال البخاري باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن.
قال ابن المنير : موقع هذه الترجمة من الفقه : أن الاعتدال في الأحوال هو المسلك الأقوم فمن أصيب بمصيبة عظيمة لا يفرط في الحزن حتى يقع في المحظور من اللطم والشق والنوح وغيرها ولا يفرط في التجلد حتى يفضي إلى القسوة والاستخفاف بقدر المصاب .
٢٠٣- حديث 1301 قال أنس بن مالك : اشتكى ابن لأبى طلحة - قال - فمات وأبو طلحة خارج ، فلما رأت امرأته أنه قد مات هيأت شيئا ونحته فى جانب البيت ، فلما جاء أبو طلحة قال كيف الغلام قالت قد هدأت نفسه ، وأرجو أن يكون قد استراح وظن أبو طلحة أنها صادقة ، قال فبات ، فلما أصبح اغتسل ، فلما أراد أن يخرج ، أعلمته أنه قد مات ، فصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم ثم أخبر النبى صلى الله عليه وسلم بما كان منهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعل الله أن يبارك لكما فى ليلتكما .
قال سفيان فقال رجل من الأنصار فرأيت لهما تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن .
في حديث أم طلحة فوائد :
1- البركة نالت أولاد ولدهما الذي دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم لرواية " فرأيت لذلك الغلام سبع بنين كلهم قد ختم القرآن ". رواه البيهقي وابن سعد .
2- تزين المرأة لزوجها .
3- الأخذ بالشدة وترك الرخصة مع القدرة عليها .
4- مشروعية المعاريض .
5- إجابة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم .
6- من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .
٢٠٧- رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم بالعيال .
عند مسلم عن أنس : ما رأيت أحداً أرحم بالعيال من الرسول صلى الله عليه وسلم كان إبراهيم مسترضعاً في عوالي المدينة وكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت ".
٢١٣- القيام عند مرور الجنازة فيه نصوص ، والجماهير على استحباب القيام ، وقام الرسول صلى الله عليه وسلم لجنازة يهوي . عند البخاري .
والقيام لفزعة الموت ، وقال : أليست نفساً .
وقيل : تعظيم لأمر الله وهو الموت وللملائكة القائمين بأمر الميت .
وقيل : القيام منسوخ وهو آخر شيء فعله الرسول صلى الله عليه وسلم كما في حديث علي عند مسلم أن الرسول قام للجنازة ثم قعد ، وقيل بالتخيير .
٢١٧- في حديث أنس عند أبي يعلى قال : خرجنا مع رسول الله في جنازة فرأى نسوة فقال أتحملنه ؟ قلن : لا . قال : أتدفنه ؟ قلن : لا . قال فارجعن مأزورات غير مأجورات .
قال النووي : لا خلاف في هذه المسألة بين العلماء .
٢١٩- الماشي أمام الجنازة والراكب خلفها ، والمسألة فيها سعة ، واختار البخاري التخيير فيها .
219- حديث 1315 عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : أسرعوا بالجنازة ، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه ، وإن يك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم .
الأمر هنا للاستحباب بالإجماع ، نقله ابن قدامة .
المقصود بالإسراع أي حملها .
وقيل : تجهيزها ، ولا يصح هذا لرواية " فشرٌ تضعونه عن رقابكم ".
وفيه حديث " إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره " أخرجه الطبراني بإسناد حسن .
222- حديث 1318 في موت النجاشي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته في نفس اليوم وهذا علم من أعلام نبوته .
224- الصلاة على الميت في المصلى كما صلى الرسول صلى الله عليه وسلم على النجاشي ، وفعل ذلك قيل : لتكثير الجمع ، وإشاعة كونه مات على الإسلام .
وقد صلى الرسول صلى الله عليه وسلم على سهيل في المسجد .
وفيه مشروعية الصلاة على الميت الغائب .
وقال بذلك الجمهور ، واشترط بعضهم أن يكون في نفس اليوم أو قريباً منه .
وقيل يصلى عليه إذا مات في بلد ولم يصل عليه أحد فيها كالنجاشي .
وترجم على ذلك أبو داود في السنن .
قال الحافظ : وهذا محتمل إلا أنني لم أقف في شيء من الأخبار أنه لم يصل عليه أحد في بلده .
وقيل هذا خاص بالنجاشي لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل على أحد غائب غيره .
ولكن قال الحافظ قال النووي : لو فتح باب الخصوص لانسد كثير من ظواهر الشرع .
وقيل أحضرت الجنازة بين يديه وكشف الله له ذلك فكأنها أمامها ثم صلى عليها ، وفيها مبالغات ولا دليل عليها .
٢٢٧- رفع اليدين في التكبيرات في الجنازة جاء مرفوعاً عند الطبراني بإسناد ضعيف قاله الحافظ .
وفي الحاشية قال ابن باز رحمه الله تعالى : وأخرجه الدارقطني في العلل بسند جيد عن ابن عمر مرفوعاً وصوب وقفه لأنه لم يرفعه سوى عمر بن شبه والأظهر عدم الالتفات إلى هذه العلة لأن عمر ثقة فيقبل رفعه .
٢٢٨- صلاة الجنازة لم يكن فيها ركوع ولا سجود لئلا يتوهم بعض الجهلة أنها عبادة للميت فيضل بذلك .
- نقل ابن عبد البر الاتفاق على اشتراط الطهارة لها إلا عن الشعبي.
٢٣٠- روى سعيد بن منصور عن مجاهد قال " إتباع الجنازة أفضل النوافل " وعند عبد الرزاق " إتباع الجنازة أفضل من صلاة التطوع ".
٢٣١- الكلام على مقدار القيراط .
ورد ذكر القيراط في عدة نصوص ومنها " كنت أرعى غنماً لأهل مكة بالقراريط " وهذا يحمل على أجزاء مالية ، وحديث " من اقتنى كلباً نقص من عمله كل يوم قيراط " ، وحديث " الذي يصلي على الجنازة ويتبعها له قيراطان " وجاء تعيينها بأنها مثل جبل أحد .
قال النووي وغيره : لا يلزم من ذكر القيراط في الأحاديث تساويها لأن عادة الشرع تعظيم الحسنات وتخفيف مقابلها ، وفرّق غيره بين قيراط الحسنات وقيراط السيئات .
والأقرب إلى كرم الله أن قيراط الصلاة على الجنازة هو الجبل العظيم كما في البخاري " مثل الجبلين العظيمين " أو مثل جبل أحد " كما عند مسلم .
أما حديث " نقص من عمله كل يوم قيراط " أنه جزء يسير من عمله وليس مثل أحد .
٢٣٣- لمّا روى أبو هريرة حديث " قيراط الجنازة " توقف ابن عمر وخالفه وسأل عائشة ، فقالت : صدق .
قال الحافظ وفي هذا :
1- تميز أبي هريرة وحفظه .
2- أن إنكار العلماء بعضهم على بعض قديم .
3- استغراب العالم مالم يصل إليه علمه .
4- حرص الصحابة على التثبت في الحديث النبوي .
٢٣٥- حديث 1325 " حتى تدفن " في حصول أجر القيراطين ، وهذا أصح الأوجه في الحديث ، ويؤكدها رواية مسلم " حتى يفرغ منها " والترمذي " حتى يقضى دفنها ".
وفي ذلك عظيم فضل الله وتكريمه للمسلم في تكثير الثواب لمن يتولى أمره بعد موته .
٢٣٧- حديث ١٣٢٩ عن ابن عمر في قصة رجم اليهودي الزاني ، فأمر بهما فرجما قريباً من موضع الجنائز عند المسجد ".
قال الحافظ : وهذا دليل على أنه كان للجنائز مكان معد للصلاة عليها .
٢٣٧- الصلاة على الجنازة في المسجد .
روى ابن أبي شيبة أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد ، وصهيباً صلى على عمر في المسجد ، وهذا يقتضي الإجماع على جواز ذلك .
٢٣٩- حديث " خُشيى أن يتخذ مسجداً " أي قبره .
ضبطت بالضم عند مسلم أي خشيت عائشة ، وجاءت بالشك هل هي بالفتح أي الرسول صلى الله عليه وسلم خشي ، وهي عند أبي عوانة .
٢٣٩- حديث 1331 صلى الرسول صلى الله عليه وسلم على النفساء في وسطها .
قال الزين بن المنير : المقصود بهذه الترجمة أن النفساء وإن كانت معدودة من جملة الشهداء فإن الصلاة عليها مشروعة بخلاف شهيد المعركة .
٢٤٠- عدد التكبيرات في صلاة الجنازة .
قال ابن المنذر : ذهب أكثر أهل العلم إلى أن التكبير أربع .
وعند مسلم عن زيد بن أرقم أنه كبر خمساً ورفع ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، وكان عليه الصلاة والسلام يكبر ستاً على أهل بدر وعلى الصحابة خمساً ، وابن عباس كبر ثلاثاً .
روى البيهقي بسند حسن عن أبي وائل قال " كانوا يكبرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً وستاً وخمساً وأربعاً فجمع عمر الناس على أربع كأطول الصلاة ".
٢٤٢- صلى ابن عباس على الجنازة وجهر بالفاتحة ثم قال : إنما جهرت لتعلموا أنها سنة . رواه الحاكم ، وعند النسائي برواية مشابهة .
٢٤٣- الصلاة على الميت بعدما يدفن أي على القبر ، ذهب الجمهور للجواز وخالف مالك وأبو حنيفة .
ودليل الجواز فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في عدة نصوص " على المرأة التي كانت تقم المسجد " .
٢٤٤- كم المدة التي يجوز الصلاة فيها على القبر ؟
قيل : إلى شهر من وفاته ، وقيل حتى يبلى الجسد ، وقيل يجوز أبداً .
٢٤٥- حديث ١٣٣٨ " وإنه ليسمع قرع نعالهم " .
استدل به بعضهم على جواز المشي بين القبور بالنعال ، قال ابن الجوزي : ليس في الحديث سوى الحكاية عمن يدخل المقابر وذلك لا يقتضي إباحة ولا تحريماً .
ودليل كراهية المشي حديث " أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يمشي بنعاله بين القبور فقال يا صاحب السبتيتين ألق نعليك ". أخرجه أبو داود وصححه الحاكم .
٢٤٦- الدفن بالقرب من قبور الصالحين تعرضاً للرحمة النازلة عليه وقد طلب موسى ربه أن يكون قريباً من بيت المقدس .
- حكم نقل الميت لبلد آخر ؟ قيل بالكراهة لما في ذلك من تأخير دفنه وتعريضه للمخاطر ، وقيل يستحب .
- استحب الشافعي نقل الميت للبلاد الفاضة كمكة .
٢٤٧- مسألة / الدفن بالليل .
جاء الزجر عنه في حديث " زجر أن يقبر الرجل ليلاً إلا أن يضطر لذلك ". رواه ابن حبان .
لكن بين مسلم في روايته السبب في ذلك ولفظه : أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوماً ، فذكر رجلاً من أصحابه قبض وكفن في كفن غير طائل ، وقبر ليلاً ، فزجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه ، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك ، وقال " إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه " فدل على أن النهي بسبب تحسين الكفن .
وقوله : " حتى يصلي عليه " مضبوط بكسر اللام ؛ أي النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا سبب آخر يقتضي أنه إن رجي بتأخير الميت إلى الصباح صلاة من ترجى بركته عليه استحب تأخيره ، وإلا فلا ، وبه جزم الطحاوي .
واستدل المصنف للجواز بما ذكره من حديث ابن عباس : " ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم دفنهم إياه بالليل ، بل أنكر عليهم عدم إعلامهم بأمره " .
وأيد ذلك بما صنع الصحابة بأبي بكر ، وكان ذلك كالإجماع منهم على الجواز .
وقد أخرج المصنف في أواخر الجنائز في " باب موت يوم الإثنين " من حديث عائشة وفيه : " ودفن أبو بكر قبل أن يصبح " . ولابن أبي شيبة من حديث القاسم بن محمد قال : دفن أبو بكر ليلاً .
ومن حديث عبيد بن السباق : أن عمر دفن أبا بكر بعد العشاء الآخرة ، وصح أن علياً دفن فاطمة ليلاً .
٢٤٩- الخلاف في الصلاة على شهيد المعركة .
المقصود شهيد في معركة مع الكفار ، فلا يدخل في ذلك في غير الحرب ، ولا يدخل في ذلك من قاتل مع فئة مسلمة كأهل البغي .
الخلاف في الصلاة على الشهداء مشهور وقديم .
الكوفيون يصلون عليهم ، وأحمد والشافعي وجماعة لا يرون الصلاة على الشهداء لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل عليهم .
وما نقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه صلى على حمزة وكبر سبعين تكبيرة لا يصح .
وعند البخاري ١٣٤٤ أنه صلى على أهل أحد صلاته على الميت .
ويحمل هذا على : أن يكون ناسخاً لما تقدم من ترك الصلاة عليهم.
وقيل الصلاة عليهم جائزة بخلاف غيرهم فواجبة .
وقال بعضهم لعلها من خصائصه ، وقيل أنها واقعة عين فلا يؤخذ بها .
وقيل إن المقصود من الصلاة هنا أي دعا لهم كما يدعو للميت .
٢٥١- وأما دفن الرجل مع المرأة فروى عبد الرزاق بإسناد حسن عن واثلة بن الأسقع : " أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد ، فيقدم الرجل ويجعل المرأة وراءه ".
وكأنه كان يجعل بينهما حائلاً من تراب ولا سيما إن كانا أجنبيين . والله أعلم .
٢٥٢- روى الطبراني وغيره من حديث ابن عباس بإسناد لا بأس به عنه قال : أصيب حمزة بن عبد المطلب ، وحنظلة بن الراهب وهما جنب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت الملائكة تغسلهما .
غريب في ذكر حمزة ، وأجيب بأنه لو كان واجباً ما اكتفي فيه بغسل الملائكة ، فدل على سقوطه عمن يتولى أمر الشهيد . والله أعلم .
- اللحد في اللغة ، الإلحاد الميل والعدول عن الشيء ، وقيل للمائل عن الدين ملحد .
وسمي اللحد في القبر لأنه شق يعمل في جانب القبر فيميل عن وسط القبر إلى جانبه .
٢٦٢- في قصة اليهودي الذي زاره الرسول صلى الله عليه وسلم ودعاه للإسلام قال " الحمد لله الذي أنقذه من النار" عند البخاري .
وعند أبي داود " أنقذه بي " .
وفي الحديث فوائد :
1- جواز استخدام المشرك .
2- وعيادته إذا مرض .
3- حسن العهد .
4- استخدام الصغير .
5- عرض الإسلام على الصبي .
6- صحة إسلام الصبي لقوله الحمد الذي أنقذه من النار .
٢٦٣- هل يصلى على الصبي إذا مات ، فقيل : لا .
وقيل يُصلى عليه واختاره الجمهور لحديث " السقط يصلى عليه ".
٢٦٦ - في صحيح مسلم " لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها " المراد هنا القعود عليها ، وعند أحمد " عن عمرو الأنصاري " رآني الرسول صلى الله عليه وسلم متكئ على قبر فقال لا تؤذ صاحب القبر ". إسناده صحيح .
٢٦٨- قال البخاري باب ما جاء في قاتل النفس .
وأخرج عدة أحاديث .
قال الحافظ : أراد أن يُلحق قاتل نفسه قاتل غيره من باب أولى لأنه إذا كان قاتل النفس الذي لم يتعد قد ظلم نفسه وثبت فيه الوعيد الشديد ، فمن قتل غيره أولى بالعذاب .
٢٦٩- عند مسلم " فهو في نار جهنم خالداً مخلداً فيها " تمسك بهذا المعتزلة وغيرهم بتخليد أهل المعاصي .
والجواب عن هذا الحديث :
١- قيل بتضعيفها قال الترمذي بعد إخراجها : رواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ولم يذكر خالداً مخلداً فيها لأن الروايات صحت بعدم تخليد أهل التوحيد في النار .
٢- يحمل على من استحل القتل .
٣- قيل جاءت هذه الجملة في صيغة الزجر وحقيقتها غير مراده .
٤- مخلداً فيها إلى أن يشاء الله .
٢٧١- قال البخاري باب الثناء على الميت .
أي مشروعيته وجوازه بخلاف الحي فإنه منهي عنه إذا أفضى إلى الخيلاء .
- أنتم شهداء الله في الأرض " قيل المقصود بهم الصحابة ، وقيل المقصود بهم الثقات المتقين لرواية " المؤمنون شهداء الله في الأرض " وهي عند البخاري ، وعند أبي داود " إن بعضكم على بعض شهيد ".
ولا اعتبار بشهادة أهل الفسق لأنهم قد يثنون على من هو مثلهم .
وقوله " وجبت له الجنة " على عمومه وأن من مات فألهم الله الناس الثناء عليه كان دالاً على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا .
وعند أحمد وابن حبان " ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون إلا خيراً إلا قال الله تعالى " قد قبلت قولكم وغفرت له ما لا تعلمون ".
٢٧٤- واستدل بحديث " أثنوا عليها شراً " على جواز ذكر المرء بما فيه من شر للحاجة و لا يكون ذلك من الغيبة .
- قال البخاري باب ما جاء في عذاب القبر ، وذكر آيات .
وفي هذا رد على من قال أن عذاب القبر لم يأت في القرآن وإنما جاء في الآحاد .
٢٧٥- قيل عذاب القبر ، وأضيف العذاب للقبر لأن معظمه يكون فيه ، وإلا فإن الكافر وبعض العصاة يعذبون حتى لو لم يدفنوا .
٢٧٦- من أدلة عذاب القبر " وحاق بآل فرعون سوء العذاب . النار يعرضون عليها " قال القرطبي : الجمهور على أن هذا يكون في البرزخ .
واستدل به على أن الأرواح باقية بعد فراق الأجساد .
٢٧٧- في الآية " إنك لا تسمع الموتى " مع أنه كلم مشركي قريش بعد دفنهم في البئر ، والجواب أي لا تسمعهم سماعاً ينفعهم أو لا تسمعهم إلا أن يشاء الله ، وقال قتادة : إن الله أحياهم حتى سمعوا كلام نبيه توبيخاً ونقمة .
- السؤال للروح والجسد حتى لو تفتت الجسد فإن الله قادر على جمعه ليسال .
٢٧٨- وفي سماع الكفار لكلام النبي صلى الله عليه وسلم وتوبيخه دليل على أن الجوارح تدرك العذاب والنعيم عليها في القبر .
٢٧٩- عذاب القبر ليس خاصاً بهذا الأمة .
٢٨٠- عند الترمذي أن الملكان اللذان يسألان الميت " المنكر والنكير ".
وعند ابن حبان " منكر ونكير ".
وقيل إن اللذان يسألان المذنب منكر ونكير واللذان يسألان المطيع مبشر وبشير .
٢٨١- القبر للمؤمن .
عند ابن حبان " فيفسح له سبعين ذراع ، وينور له كالقمر ليلة البدر " .
ينادي مناد من السماء " صدق عبدي فافرشوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة والبسوه من الجنة " .
٢٨٢- أحاديث كثيرة وردت في سؤال " الكافر . المنافق . المرتاب . وإن كان من أهل الشك . وما قيل إنه لا يسأل مخالف للأدلة .
- هل يُسأل الطفل غير المميز ؟
جزم القرطبي في التذكرة أنه يسأل .
وقيل لا ، وهو الصواب لأن السؤال يختص بما من شأنه أن يفتن .
٢٨٥- في البخاري حديث " يهود تعذب في قبرها ".
وإذا ثبت تعذيب اليهود في قبرها بيهوديتهم ثبت تعذيب غيرهم من المشركين لأن كفرهم بالشرك أشد من كفر اليهود .
٢٨٦- حديث ١٣٧٩ " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ".
يجوز أن يكون هذا العرض للروح فقط ويجوز أن يكون معه جزء من البدن ، والمراد بالغداة والعشي أي وقتهما .
وهذا في حق المؤمن والكافر ، فأما المؤمن المخلط فمحتمل في حقه أيضا لأنه يدخل الجنة في الجملة ، والشهداء لا يدخلون هنا لأن أرواحهم تسرح في الجنة .
٢٨٧- الروح لا تفنى بفناء الجسد .
٢٨٨- قال النووي : أجمع من يعتد به من علماء المسلمين أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة ، وتوقف فيه بعضهم لحديث عائشة عند مسلم " توفي صبي من الأنصار فقلت : طوبى له لم يعمل سوء ولم يدركه ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : أو غير ذلك يا عائشة ، إن الله خلق للجنة أهلاً .
وأجاب عنه بعضهم بأنه قال ذلك قبل أن يعلم أنهم في الجنة .
ونقل بعضهم الإجماع ولكن في أولاد الأنبياء .
روى عبد الله بن أحمد في زيادات المسند عن علي مرفوعاً " إن المسلمين وأولادهم في الجنة وإن المشركين وأولادهم في النار ثم قرأ " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان " قال الحافظ : وهذا أصح ما ورد في تفسير الآية وبه جزم ابن عباس .
مسألة أولاد المشركين .
فيها حديث الرؤيا الطويل " ورأى آدم وحوله ، وأما الولدان الذين حوله فكل مولود يولد على الفطرة ، فقيل للرسول صلى الله عليه وسلم وأولاد المشركين قال وأولاد المشركين " رواه البخاري .
وعند أبي يعلى من حديث أنس مرفوعاً " سألت ربي اللاهين من ذرية البشر أن لا يعذبهم فأعطانيهم " إسناده حسن .
وحديث " النبي في الجنة ، والمولود في الجنة " رواه أحمد بسند حسن .
ملخص الأقوال في أولاد المشركين :
١- تحت مشيئة الله .
٢- تبع لآبائهم .
وفيه حديث " سألت الرسول صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال في النار ، فقلت : يا رسول الله لم يدركوا الأعمال فقال رب أعلم بما كانوا عاملين لو شئت أسمعتك تضاغيهم في النار " رواه أحمد عن عائشة وهو حديث ضعيف جداً في سنده أبو عقيل وهو متروك .
٣- في برزخ بين الجنة والنار .
٤- خدم لأهل الجنة ، وفيه حديث بهذا النص عند الطبراني وسنده ضعيف .
٥- يصيرون تراباً .
٦- أنهم في النار ، ونسب هذا لأحمد وغلّط ابن تيمية هذا وقال هو قول لبعض أصحابه ولا يحفظ عن الإمام أصلا .
٧- يمتحنون في الآخرة بأن ترفع لهم نار فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاما ومن أبى عذب . أخرجه البزار من حديث انس .
وقد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون ومن مات في الفترة .
وتعقب بأن الآخرة ليست محل تكليف وأجيب عن هذا بأن عدم التكليف يكون بعد دخول أهل الجنة وأهل النار وإلا فهناك تكليف في أرض المحشر كما في حديث يوم يكسف عن ساق ويؤمر الناس بالسجود .
٨- أنهم في الجنة ، ورجحه النووي وقال هو المذهب الصحيح ، لقوله تعالى " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " وإذا كان لا يعذب العاقل حتى يبعث له الرسول فكيف يعذب الطفل الصغير .
٩- التوقف .
٢٩٢- حديث " كل مولود يولد على الفطرة " اختلف في المراد بالفطرة والصواب أنها الإسلام ، وأجمع أهل العلم على أن المراد ب " فطرة الله التي فطر الناس عليها " أنها الإسلام ، ومما يرجح هذا أنها أضيفت لله تعالى فاقتضى المدح لها .
٢٩٣- قال ابن القيم : ليس المراد بقوله " يولد على الفطرة " أنه خرج من بطن أمه يعلم الدين ، لأن الله يقول " والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً " ولكن المراد أن فطرته مقتضية لمعرفة دين الإسلام ومحبته .
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
الرحمة في الدعوة
0:00
الذكريات الجميلة
0:00
حياة مع القرآن
0:00
من فضائل الإحسان
0:00
تأملات في سورة العلق
0:00
عدد الزوار
4973008
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |