• السبت 11 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :20 ابريل 2024 م


  • الجزء ( 2 ) المجموعة 7

  •  


    461- حديث 917 عن حازم بن دينار أن رجالا أتوا سهل بن سعد الساعدي وقد امتروا في المنبر مم عوده فسألوه عن ذلك فقال والله إني لأعرف مما هو ولقد رأيته أول يوم وضع وأول يوم جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فلانة امرأة قد سماها سهل مري غلامك النجار أن يعمل لي أعوادا أجلس عليهن إذا كلمتُ الناس فأمرته فعملها من طرفاء الغابة ثم جاء بها فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بها فوضعت ها هنا ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها وكبر وهو عليها ثم ركع وهو عليها ثم نزل القهقرى فسجد في أصل المنبر ثم عاد فلما فرغ أقبل على الناس فقال أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا ولتعلموا صلاتي .

    464 – الفوائد من الحديث :

    1- الحكمة في صلاته في أعلى المنبر ليراه من قد يخفى عليه رؤيته إذا صلى على الأرض .

    2- يستفاد منه أن من فعل شيئاً يخالف العادة أن يبين حكمته لأصحابه.

    3- مشروعية الخطبة على المنبر لكل خطيب خليفة كان أو غيره.

    4- جواز قصد تعليم المأمومين أفعال الصلاة بالفعل .

    5- جواز العمل اليسير في الصلاة ، وكذا الكثير إن تفرق ، وقد تقدم البحث فيه وكذا في جواز ارتفاع الإمام في " باب الصلاة في السطوح " .

    6- استحباب اتخاذ المنبر لكونه أبلغ في مشاهدة الخطيب والسماع منه .

    7- استحباب الافتتاح بالصلاة في كل شيء جديد إما شكراً وإما تبركاً.

    462- حديث 919 عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ مَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ .

    465- يستفاد منه أن للخطيب تعليم الأحكام على المنبر.

    466- السنة في الخطيب أن يكون قائماً لقوله تعالى " وتركوك قائما " ولما تواتر من فعله صلى الله عليه وسلم وفعل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .

    وأول من جلس على الخطبة هو معاوية حينما كثر شحم بطنه ، قال أبو حنيفة القيام سنة وقال مالك واجب ، وأما الاستدلال بحديث " فجلس وجلسنا حوله " فالجواب أن هذا ليس في خطبة الجمعة .

    467- خطيب الجمعة ، السنة استقباله للمأمومين وهو مستحب عند الجمهور ، ونقل في شرح المهذب أن الالتفات يميناً وشمالاً مكروه اتفاقاً إلا ما حكى عن بعض الحنفية فقال أكثرهم لا يصح ، ومِن لازم الاستقبال استدبار الإمام القبلة ، واغتفر لئلا يصير مستدبر القوم الذين يعظهم .

    ومن حكمة استقبالهم للإمام التهيؤ لسماع كلامه وسلوك الأدب معه في استماع كلامه ، فإذا استقبله بوجهه وأقبل عليه بجسده وبقلبه وحضور ذهنه كان أدعى لتفهم موعظته وموافقته فيما شرع له القيام لأجله.

    467- استقبال الناس للإمام يوم الجمعة :

    روى ابن المنذر عن أنس أنه جاء يوم الجمعة فاستند إلى الحائط واستقبل الإمام ، قال ابن المنذر: لا أعلم في ذلك خلافاً بين العلماء .

    وقال الترمذي: لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء ، يعني صريحاً.

    470- قول " أما بعد " والكلام على ذلك ، وهو مبني على الضم .

    واختلف في أول من قالها فقيل داود عليه السلام رواه الطبراني مرفوعاً من حديث أبي موسى الأشعري وفي إسناده ضعف ، وروى عبد بن حميد والطبراني عن الشعبي موقوفاً أنها فصل الخطاب الذي أعطيه داود وأخرجه سعيد بن منصور من طريق الشعبي فزاد فيه عن زياد بن سمية ، وقيل أول من قالها يعقوب رواه الدارقطني بسند رواه في غرائب مالك .

    471- يستفاد من هذه الأحاديث أن أما بعد لا تختص بالخطب بل تقال أيضاً في صدور الرسائل والمصنفات ولا اقتصار عليها في إرادة الفصل بين الكلامين .

    وقد تتبع طرق الأحاديث التي وقع فيها " أما بعد " الحافظ عبد القادر الرهاوي في خطبة الأربعين المتباينة له فأخرجه عن اثنين وثلاثين صحابياً منها ما أخرجه من طريق بن جريج عن محمد بن سيرين عن المسور بن مخرمة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب خطبة قال : أما بعد . ورجاله ثقات وظاهره المواظبة على ذلك .

    471- حديث 928 عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا .

    الجلسة بين الخطبتين قدرها بقدر جلسة الاستراحة وبقدر ما يقرأ سورة الإخلاص.

    واختلف في حكمتها فقيل: للفصل بين الخطبتين ، وقيل للراحة وعلى الأول - وهو الأظهر - يكفي السكوت بقدرها .

    472- " الاستماع " أي الإصغاء للسماع فكل مستمع سامع من غير عكس .

    ٤٧٤- حديث 930 عن جابر بن عبد الله قال جاء رجل والنبى  صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال : أصليت يا فلان ؟ قال : لا . قال : قم فاركع  .

    فيه فوائد :

    1- بدء الإمام في الخطبة لا يمنع تحية المسجد .

    2- تفوت التحية بمن جلس عامداً تركها أما الجاهل والناسي فلا .

    وأما حديث أنه قال للرجل " اجلس فقد آذيت " فهذا يحتمل أمور : أنه قال اجلس ومعلوم للجميع أنه بعد أن تصلي ركعتي التحية ، وقيل لأنه قرب وقت انتهاء الخطبة وهو وقت لايمكنه فيه الصلاة .

    وقيل : لبيان أن التحية ليست واجبة .

    ٤٧٥- حديث ابن عمر " إذا دخل أحدكم والإمام على المنبر فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الإمام " حديث ضعيف ومنكر فيه أيوب بن نهيك وهو منكر الحديث .

    ٤٧٦- اتفقوا على أن الداخل والإمام في الصلاة تسقط عنه التحية .

    واتفقوا على أن الخطيب تسقط عنه التحية مع كونه يجلس على المنبر في بداية دخوله .

    سنة الجمعة القبلية لم يثبت فيها شيء .

    السنة تخفيف ركعتي الدخول والخطيب يخطب لحديث " فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ".

    وفي الحديث : يجوز للخطيب أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر الذي يراه وأن هذا لايقطع خطبته .

    ٤٧٨- قول " تحية البيت الطواف " إنما هو في حق القادم ليكون أول شيء يفعله الطواف وأما المقيم فحكم المسجد الحرام وغيره في ذلك سواء .

    ولعل قول من أطلق أنه يبدأ في المسجد الحرام بالطواف لكون الطواف يعقبه صلاة الركعتين فيحصل شغل البقعة بالصلاة غالباً وهو المقصود ويختص المسجد الحرام بزيادة الطواف.

    ٤٨١- في قوله تعالى " وإذا مروا باللغو مروا كراماً " قال الزين بن المنير : اتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو ما لايحسن من الكلام .

    - اللغو في الجمعة يحولها لدرجة صلاة الظهر لحديث " ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً " رواه أبو داود وابن خزيمة ، وحديث " فلا جمعة له " أي في الأجر والثواب مع أنها تجزئ عنه ، ونقل ابن عبد البر الإجماع على وجوب الإنصات على من سمعها إلا قليل من التابعين .

    ٤٨٢- نقل في المغني أن الكلام الذي يجوز في الصلاة يجوز في الخطبة مثل إنقاذ الضرير .

    - قال بعضهم : الدعاء للسلطان في الخطبة مكروه ، ولكن قال النووي : هذا محمول على من جازف وإلا فالدعاء لولاة الأمور مطلوب .

    -- الساعة المستجابة يوم الجمعة أصح ماورد فيها حديثان : أنها من حين جلوس الخطيب حتى انصرافه من الصلاة ، وأنها آخر ساعة من عصر الجمعة .

    ويحمل قوله " وهو قائم يصلي " يكون معنى الصلاة هنا الدعاء ، والقيام بمعنى الملازمة والمواظبة .

    في البخاري " وأشار بيده يقللها " فيه دليل لقصر وقتها ، وعند مسلم " وهي ساعة خفيفة " .

    ٤٨٣ - ذكر الحافظ الأقوال في ساعة الاستجابة وبلغت نحو ٤٢ قول بأدلتها .

    ٤٨٩- الراجح في ساعة الاستجابة أنها آخر ساعة من عصر الجمعة ، ونُقل هذا عن أحمد وقال أكثر الأحاديث على ذلك .

    وقال ابن عبد البر إنه أثبت شيء في الباب ، وهو رأي كثير من الصحابة ، ونص عليه الشافعي .

    ٤٩٠- عدد الذين تصح معهم الجمعة على خلاف نحو ١٥ قول .

    ٤٩٣- انفضاض الصحابة كان في الخطبة لا في الصلاة في قصة العير التي جاءت يوم الجمعة وفيهم نزلت " انفضوا إليها وتركوك قائماً ".

    ٤٩٤- أورد الحافظ عدة أحاديث في سنة الجمعة القبلية وأنها أربع ركعات وكلها ضعيفة .

    -- وأقوى ما يتمسك به في مشروعية ركعتين قبل الجمعة عموم ما صححه ابن حبان من حديث عبد الله بن الزبير مرفوعاً " ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان " ومثله حديث عبد الله بن مغفل الماضي في وقت المغرب " بين كل أذانين صلاة " .

    ٤٩٤- حديث ٩٣٨ عن سهل بن سعد قال : كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقاً فكانت إذا كان يوم جمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها فتكون أصول السلق عرقه وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك .

    في هذا الحديث فوائد :

    1-  جواز السلام على النسوة الأجانب .

    2- استحباب التقرب بالخير ولو بالشيء الحقير .

    3- بيان ما كان الصحابة عليه من القناعة وشدة العيش والمبادرة إلى الطاعة  .

    ٤٩٦- واستدل بهذا الحديث لأحمد على جواز صلاة الجمعة قبل الزوال وتعقب بأنه لا دلالة فيه على أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل الزوال ، بل فيه أنهم كانوا يتشاغلون عن الغداء والقائلة بالتهيؤ للجمعة ثم بالصلاة ، ثم ينصرفون فيتداركون ذلك ، بل ادعى الزين بن المنير أنه يؤخذ منه أن الجمعة تكون بعد الزوال لأن العادة في القائلة أن تكون قبل الزوال فأخبر الصحابي أنهم كانوا يشتغلون بالتهيؤ للجمعة عن القائلة ويؤخرون القائلة حتى تكون بعد صلاة الجمعة .

    ٤٩٩- الطائفة تطلق على القليل والكثير حتى على الواحد .

    ٥٠٠- قال أحمد : ثبت في صلاة الخوف ستة أحاديث أو سبعة أيها فعل المرء جاز ، وأفرد لها ابن حزم جزء .

    -- في قوله تعالى " فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً " في تفسير الطبري بسند صحيح عن مجاهد " فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً " إذا وقع الخوف فليصل الرجل على كل جهة قائماً وراكباً .

    ٥٠٣- بالإجماع على أن المغرب لا يدخلها القصر .

    ٥٠٥- تأخير الرسول صلى الله عليه وسلم لصلاة العصر يوم الخندق هل هو بسبب الشغل بالقتال أو لتعذر الطهارة ، والصواب الأول وإليه جنح البخاري .

    -- صلاة الخوف نزلت بعد الخندق .

    ٥١٠- روى ابن أبي الدنيا والبيهقي بسند صحيح إلى ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين .

    -- حديث 944 حديث الجاريتين المغنيات في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه ، ودخل أبو بكر، فانتهرني وقال : مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأقبل عليه رسول الله عليه السلام فقال : دعهما ، فلما غفل غمزتهما فخرجتا .

    الفوائد من الحديث :

    1- مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة .

    2- أن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين .

    3- جواز دخول الرجل على ابنته وهي عند زوجها إذا كان له بذلك عادة .

    4- تأديب الأب ابنته بحضرة الزوج وإن تركه الزوج ، إذ التأديب وظيفة الآباء ، والعطف مشروع من الأزواج للنساء .

    5- فيه الرفق بالمرأة واستجلاب مودتها .

    6- أن مواضع أهل الخير تتنزه عن اللهو واللغو وإن لم يكن فيه إثم إلا بإذنهم .

    7- أن التلميذ إذا رأى عند شيخه ما يستكره مثله بادر إلى إنكاره ، ولا يكون في ذلك افتئات على شيخه ، بل هو أدب منه ورعاية لحرمته وإجلال لمنصبه .

    8- فيه فتوى التلميذ بحضرة شيخه بما يعرف من طريقته ، ويحتمل أن يكون أبو بكر ظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نام فخشي أن يستيقظ فيغضب على ابنته فبادر إلى سد هذه الذريعة .

    9- وفي قول عائشة في آخر هذا الحديث"  فلما غفل غمزتهما " دلالة على أنها مع ترخيص النبي - صلى الله عليه وسلم - لها في ذلك راعت خاطر أبيها وخشيت غضبه عليها فأخرجتهما ، واقتناعها في ذلك بالإشارة فيما يظهر للحياء من الكلام بحضرة من هو أكبر منها والله أعلم .

    10- استدل به على جواز سماع صوت الجارية بالغناء ولو لم تكن مملوكة لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على أبي بكر سماعه بل أنكر إنكاره ، واستمرتا إلى أن أشارت إليهما عائشة بالخروج ولا يخفى أن محل الجواز ما إذا أمنت الفتنة بذلك .

    11- الجاريتان من الأنصار .

    12- وعند مسلم " تغنيان بالدف ".

    13- والرسول التف بثوبه .

    قال العلماء : وأما التفافه صلى الله عليه وسلم بثوبه ففيه إعراض عن ذلك لكون مقامه يقتضي أن يرتفع عن الإصغاء لذلك ، لكن عدم إنكاره دال على تسويغ مثل ذلك على الوجه الذي أقره إذ لا يقر على باطل والأصل التنزه عن اللعب واللهو فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتاً وكيفية تقليلاً لمخالفة الأصل .

    14- فانتهرني : وفي رواية فانتهرهما ، ويجمع بأنه شرك بينهن في الانتهار والزجر أما عائشة فلتقريرها وأما الجاريتين فلفعلهما .

    15- مزمار الشيطان بكسر الميم ، لأن المزمار مشتق من الزمير وهو الصوت الذي له الصفير ويطلق على الصوت الحسن وعلى الغناء .

    وإضافتها إلى الشيطان من جهة أنها تلهي فقد تشغل القلب عن ذكر الله .

    وعند أحمد " يا عباد الله أبمزمور الشيطان عند رسول الله ".

    16- فأقبل إليه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : دعهما .

    وفي رواية : إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا ، وفي هذا إشارة منه إلا أنه يعلم بحالهما وليس بغافل عن ذلك .

    17- أنه عرّفه الحكم بأنه يوم سرور شرعي فلا ينكر فيه مثل هذا كما لا ينكر في الأعراس .

    وفي النسائي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال : قد أبدلكم الله تعالى بخير منهما يوم الفطر ويوم الأضحى .

    واستنبط منه كراهية الفرح في أعياد المشركين والتشبه بهم .

    ٥١٣- بالغ أحد الأحناف فقال : من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيماً لليوم فقد كفر بالله .

    استدل الصوفية على إباحة الغناء من هذا الحديث واستماعه بآله وبغير آله ، ويكفي في رد ذلك بقول عائشة " وليستا بمغنيتين " .

    قال القرطبي : أي ليستا ممن يعرف الغناء كما يعرفه المغنيات المعروفات .

    وأما ما ابتدعه الصوفيون فلا خلاف في تحريمه لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة .

    ٥١٤- حديث 950 قالت عائشة : وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب ، فإما سألت النبى - صلى الله عليه وسلم - وإما قال : تشتهين تنظرين ؟ فقلت : نعم . فأقامنى وراءه خدي على خده ، وهو يقول : دونكم يا بني أرفدة . حتى إذا مللت قال : حسبك . قلت : نعم . قال : فاذهبى .

    قال الحافظ : ولعبوا لما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة كما عند أبي داود ، ويوم دخول الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة كالعيد لهم.

    قال ابن المنير : سمي ذلك لعباً وإن كان أصله التدريب على الحرب وهو من الجد لما فيه من شبه اللعب .

    في رواية النسائي " سمعت لغطاً وصوت صبيان فقام النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبشية تزفن أي ترقص والصبيان حولها فقال يا عائشة تعال فانظري ". ففي هذا أنه ابتدأها .

    وفي لفظ عند النسائي " ياحميراء أتحبين أن تنظري إليهم فقلت نعم " قال الحافظ رحمه الله تعالى : إسناده صحيح ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا .

    ٥١٥- روايات أخرى لحديث الأحباش ونظر عائشة لهم :

    قالت عائشة " فوضعت رأسي على منكبه " رواه مسلم .

    وفي أخرى " فوضعت ذقني على عاتقه وأسندت وجهي إلى خده " فيسترني وأنا انظر .

    قوله " يا بني أرفده " هو لقب للحبشة ، وقيل اسم جدهم الأكبر .

    وفي لفظ " لتعلم يهود أن في ديننا فسحة إني بعثت بحنيفية سمحة ".

    ٥١٦- قالت عائشة : حتى إذا مللت . وعند النسائي " قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم أما شبعت ؟ قالت : فجعلت أقول لا لأنظر منزلتي عنده ".

    وفي أخرى " ولكن أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ".

    وعند البخاري " فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو ".

    وفي الحديث : جواز اللعب بالسلاح على طريق التدرب .

    وفيه : جواز نظر المرأة للرجال بلا تلذذ ، وبوب البخاري " باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة ".

    قال النووي : وأما النظر بشهوة وعند خشية الفتن فحرام اتفاقاً .

    ٥١٧- ورد حديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لواثلة يوم العيد : تقبل الله منا ومنك . وفي سنده محمد الشامي وهو ضعيف .

    وفي حديث آخر أن عبادة سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فقال : ذلك فعل أهل الكتابين .ولا يصح .

    قال الحافظ : وكأن البخاري لم يصح عنده شيء .

    ولكن جاء عن الصحابة بسند حسن عن جبير بن نفير قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك .

    ٥١٨- كان الرسول صلى الله عليه وسلم في عيد الفطر لا يخرج حتى يأكل تمرات ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أقل من ذلك أو أكثر وتراً . رواه ابن حبان والحاكم .

    قال الحافظ : وهي أصرح في المداومة على ذلك .

    قال المهلب : الحكمة في الأكل قبل الصلاة  - في عيد الفطر -  أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد ، فكأنه أراد سد هذه الذريعة .

    وقال غيره : لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى ، ويشعر بذلك اقتصاره على القليل من ذلك ، ولو كان لغير الامتثال لأكل قدر الشبع ، وأشار إلى ذلك ابن أبي جمرة .

    قال ابن قدامة : لا نعلم في استحباب تعجيل الأكل يوم الفطر اختلافاً ، وقد روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود التخيير فيه وعن النخعي أيضاً مثله .

    والحكمة في استحباب التمر - فى فطر يوم عيد الفطر -  لما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم ، ولأن الحلو مما يوافق الإيمان ويعبر به المنام ويرق به القلب وهو أيسر من غيره ، ومن ثم استحب بعض التابعين أنه يفطر على الحلو مطلقاً كالعسل رواه ابن أبي شيبة عن معاوية بن قرة وابن سيرين وغيرهما .

    وروي فيه معنى آخر عن ابن عون أنه سئل عن ذلك فقال : إنه يحبس البول ، هذا كله في حق من يقدر على ذلك وإلا فينبغي أن يفطر ولو على الماء ليحصل له شبه ما من الاتباع ، أشار إليه ابن أبي جمرة .

    وأما جعلهن وتراً فقال المهلب : فللإشارة إلى وحدانية الله تعالى ، وكذلك كان - صلى الله عليه وسلم - يفعله في جميع أموره تبركاً بذلك .

    ٥٢٠- حديث 954 عن أنس قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذبح قبل الصلاة فليعد ، فقام رجل فقال هذا يوم يشتهى فيه اللحم ، وذكر من جيرانه فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صدقه ، قال وعندي جذعة أحب إلى من شاتي لحم ، فرخص له النبى - صلى الله عليه وسلم - فلا أدرى أبلغت الرخصة من سواه أم لا .

    فيه : أن المفتي إذا ظهرت له من المستفتي أمارة الصدق كان له أن يسهل عليه حتى لو استفتاه اثنان في قضية واحدة جاز أن يفتي كلا منهما بما يناسب حاله .

    ٥٢١- في رواية ابن حبان " خطب يوم العيد على رجليه " وهذا مشعر أنه لم يكن قد صنع المنبر .

    روى ابن سعد بسند صحيح إلى نافع قال : كان اسم كثير بن الصلت قليلاً فسماه عمر كثيراً ، وجاء هذا مرفوعاً ولا يصح .

    ٥٢٢- السنة صلاة العيد في المصلى لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على فعل ذلك طوال حياته .

    قال الشافعي : وكذلك عامة أهل البلدان إلا مكة والمدينة .

    ٥٢٤- أول من خطب العيد قبل الصلاة عثمان رضي الله عنه رواه ابن المنذر بسند صحيح عن الحسن .

    والسبب أنه رأى ناساً لم يدركوا الصلاة ففعل ذلك ، فغايته من تقديم الخطبة هو إدراك الناس للصلاة ، وروي مثل عن عمر ولا يصح قاله عياض .

    لا يقال بين يدي العيد لا أذان ولا إقامة ولا الصلاة جامعة لعدم الدليل .

    وجاء أن معاوية أول من أحدث الأذان للعيد رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح .

    ٥٢٧- قال البخاري باب ما يكره من حمل السلاح بالعيد ، وقال الحسن : نهوا أن يحملوا السلاح يوم عيد إلا أن يخافوا عدواً ، وقال ابن عمر للحجاج : حملت السلاح في يوم لم يكن يحمل .

    كيف نجمع بين هذا وبين حمل الأحباش السلاح وتدريبهم عليه في العيد ؟

    الجواب : أن الإذن لمن حملها بالدربة وعهدت منه السلامة أن يؤذي أحد .

    والنهي على من حملها بطراً ولم يتحفظ في حال حملها من إصابتها أحد .

    وعند مسلم مرفوعاً " نهى أن يحمل السلاح بمكة ".

    ٥٣٠- في حديث البراء في العيد قول الرسول صلى الله عليه وسلم : إن أول مانبدأ به في يومنا هذا أن نصلي .

    قال الحافظ : وهو دال على أنه لا ينبغي الانشغال في يوم العيد بشيء غير التأهب للصلاة والخروج إليها ومن لازمه أن لا يفعل قبلها شيء غيرها فاقتضى ذلك التبكير لها .

    -- سبب التسمية بأيام التشريق ، قيل : لإنهم كانوا يشرقون لحوم الأضاحي في الشمس ، وقيل : لأن صلاة العيد تصلى بعدما تشرق الشمس ، وقيل : لأن الأضاحي والهدايا لاتنحر إلا بعد شروق الشمس .

    ٥٣٢- العبادة في الزمن الذي تكثر فيه الغفلة أفضل من غيره .

    ٥٣٤- سبب تفضيل العمل في العشر من ذي الحجة هو اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيرها .

    -- حديث " صيام يوم في العشر منها يعدل صيام سنة والعمل بسبعمائة ضعف " وللترمذي نحوه ، قال الحافظ : إسنادهما ضعيف .

    ٥٣٥- في التكبير في أيام منى ، قال الخطابي : حكمة التكبير في هذه الأيام أن الجاهلية كانوا يذبحون لطواغيتهم فيها فشرع التكبير فيها إشارة إلى تخصيص الذبح له وعلى اسمه عز وجل .

    -- التكبير في العيد ، قال الحافظ : وظاهر اختيار البخاري شمول التكبير للكل للرجال والنساء والجماعة والمنفرد .

    ٥٣٦- أصح ما ورد في وقت التكبير قول علي وابن مسعود أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى .

    أخرجه ابن المنذر ، ولم يثبت مرفوعاً شيء من ذلك .

    وصيغة التكبير أصح ما ورد فيها : قول سلمان " كبروا الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا " ، وزاد الشافعي " ولله الحمد ".

    وعن ابن عمر " لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ".

    قال الحافظ : وقد أحدث في هذا الزمان زيادة في ذلك لا أصل لها .

    ٥٤٠- خروج الصبيان يوم العيد .

     قال ابن بطال : خروج الصبيان للمصلى  - في العيد -  إنما هو إذا كان الصبي ممن يضبط نفسه عن اللعب ويعقل الصلاة ويتحفظ مما يفسدها ، ألا ترى إلى ضبط ابن عباس القصة .

    وفيه نظر لأن مشروعية إخراج الصبيان إلى المصلى إنما هو للتبرك وإظهار شعار الإسلام بكثرة من يحضر منهم ، ولذلك شرع للحيض ، فهو شامل لمن تقع منهم الصلاة أو لا .

    وعلى هذا إنما يحتاج أن يكون مع الصبيان من يضبطهم عما ذكر من اللعب ونحوه سواء صلوا أم لا .

    وأما ضبط ابن عباس القصة فلعله كان لفرط ذكائه ، والله أعلم .

    539- حديث 977 عن ابن عباس  قيل له : أشهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم ، ولولا مكاني من الصغر ما شهدته حتى أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت ، فصلى ، ثم خطب ، ثم أتى النساء ومعه بلال ، فوعظهن ، وذكرهن ، وأمرهن بالصدقة ، فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه في ثوب بلال، ثم انطلق هو وبلال إلى بيته .

    -- قوله : ( ومعه بلال ) فيه أن الأدب في مخاطبة النساء في الموعظة أو الحكم أن لا يحضر من الرجال إلا من تدعو الحاجة إليه من شاهد ونحوه ، لأن بلالاً كان خادم النبي - صلى الله عليه وسلم - ومتولي قبض الصدقة ، وأما ابن عباس فقد تقدم أن ذلك اغتفر له بسبب صغره .

    ٥٤٣- وفي الحديث فوائد :

    1- استحباب وعظ النساء وتعليمهن أحكام الإسلام ، ويستحب حثهن على الصدقة وتخصيص ذلك بمجلس مفرد ومحل ذلك إذا أمنت الفتنة .

    2- جواز صدقة المرأة من مالها بدون إذن زوجها .

    3- الصدقة من دوافع العذاب لأنه أمرهن بالصدقة ثم علل ذلك بكونهن أكثر أهل النار .

    4- جواز طلب الصدقة من الأغنياء للمحتاجين ولو كان الطالب غير محتاج .

    5- استجابة نساء الصحابة للبذل مباشرة وامتثالهم لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم .

    ٥٤٥- روى ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يُخرج للعيد من استطاع من أهله .

    ٥٤٨- مخالفة الطريق ذهاباً وإياباً في العيد ، استحبه بعضهم للإمام وقيل للإمام والمنفرد وهو قول الأكثر ، وقيل في الحكمة في ذلك عشرين قولاً ومنها :

    1- أن يشهد له الطريقان وقيل يشهد سكانهما من الجن والإنس .

    2- وقيل : لإظهار شعائر الإسلام .

    3- لإظهار ذكر الله .

    4- ليغيظ المنافقين واليهود .

    5- ليرهبهم بكثرة من معه .

    6- ليراه المسلمين وينتفعوا برؤيته ويقضي حوائجهم ويعلمهم ويجيب على أسئلتهم .

    ٥٥٠- من فاتته صلاة العيد فكيف يصليها ؟

    قيل : يصليها أربعاً وثبت هذا عن ابن مسعود وجاء هذا عن الثوري وأحمد ، وقاسوها على الجمعة ، وفي هذا نظر لأن الجمعة إذا فاتت تعود لأصلها وهي الظهر ، والعيد ليس له أصل ، وقيل يخير بين القضاء والترك وبين الثنتين والأربع .

    ٥٥٢- ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لايصلي قبل العيد شيئاً وإذا رجع صلى ركعتين في بيته ، رواه ابن ماجه بسند حسن من حديث أبي سعيد ، فليس هناك سنة قبلية قبل العيد .

    نقل بعض المالكية الإجماع على أن الإمام لايتنفل في المصلى .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    مبطلات الصلاة ومكروهاتها

    0:00

    صفة الحج

    0:00

    سورة السجدة

    0:00

    الشرك الأصغر

    0:00

    الخلود الأبدي

    0:00



    عدد الزوار

    4139448

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة