• الخميس 19 جُمادى الأولى 1446 هـ ,الموافق :21 نوفمبر 2024 م


  • من ملفات المحكمة




  • الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبيه المجتبى وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد، فهناك وفي تلك المحكمة، تمتلأُ أدراجها بتلك الملفات المحزنة، هي قصصٌ من واقعنا الأليم، هي جروحٌ في تلك البيوت.

    معاشر المسلمين، استأذنكم في فتحِ تلك الملفاتِ لكي نعالجَ أسبابَها ونصفُ الدواء لمن وقعَ فيها.

    فمن ملفات المحكمة:

    قضايا الطلاق التي بلغت ذروتها في بلادنا وللأسف والإحصاءياتُ تتحدثُ عن أرقامٍ كبيرةٍ جداً.

    ولتقريب الرقم أقول لكم: في كل يوم تقريباً تقع 190 حالة طلاق توثق في المحكمة.

    هذا الذي غيرَ الذي طلّق ولم يذهب للمحكمة وربما لم يسأل عن طلاقه.

    فلو قدَّرنا أن هناك لكل أسرة ولدان فقط، فسيكون لدينا في السنة آلاف الأطفال الذين يعيشُون في أسرةٍ مفككة.

    ألا يفقد هؤلاء الأطفال العاطفة بسبب غياب أحد الأبوين؟

    لعل بعضهم يخسرُ مستقبلاً جميلاً كان ينتظره بسبب هذا الطلاق.

    يا كرام، متى ندرك خطرَ الطلاق ونتعرف إلى وسائل الوقاية منه؟

    كلنا نشاركُ في التوعية، وكلنا قد نكونُ سبباً في وقوعه، والحديثُ هنا ليس عنه ولكنها إشاراتٌ سريعة.

    أين دور الوالدين في تربيةِ الشابِ والفتاةِ على احترامِ الحياةِ الزوجية ومعرفة ما يحب الآخر وما يكره؟

    أين دورك أيها الزوج في معرفتكَ بحقوقِ زوجتك عليك وأنها تستحق التعاملُ الطيب والمعاشرةِ بالمعروف كما قال تعالى " وعاشروهن بالمعروف ".

    تلك الفتاة يجبُ أن تدرك أن الزواجَ ليس نزهةٌ في دولِ العالم وتجولٌ في السوق وشراءٌ للملابسِ، بل هو ترفيهٌ معتدل وحياةٌ جميلة وحقوقٌ يجبُ عليها أن تراعيها مع زوجها.

    كم يحزنني أن أسمع بقصةِ ذلك الشاب الذي تزوج قبل سنة، ولكنه الآن على موعدٍ مع زوجتهِ للطلاق وهما في المحكمة قبل أيام؟

    ومن ملفات المحكمة:

    ملف الخلع، وهو فسخُ الزوجةُ زوجَها، وإرجاعُ المهر له.

    ولكن يا ترى لماذا وصلت لهذا الحال؟

    إن بعضَ الازواج أذاق زوجتهُ الهمّ والغمّ والفقرَ والمرضَ النفسي.

    إنه يمارسُ الإهاناتِ لها بشكلٍ دائم.

    حتى ملّت ونفذ صبرها واختارتِ الفراق، فرفضَ الطلاق، فلم تجد بُداً من أن تذهب للمحكمةِ للخلع، ثم تُطالبُ بدفعِ المهرِ كاملاً وربما استدانت أو أخرجت قرضاً لكي تتخلص من جحيم ذلك الزوج.

    لماذا أيها الزوج تُنهي حياتك مع زوجتك في المحكمة؟

    ومن ملفات المحكمة:

    ملف الخصومات بين الأبناء والبنات في الإرث.

    لقد مات أبوهم وترك ذلك العقار وتلك الأموال، ولكن الجشع ينتابُ ذلك الابن، ثم يبدأُ بالتمثيلِ لأسرتهِ بأنه سيقوم برعايةِ التركة، وسيقومُ بمراجعةِ المحكمةِ لإنهاءِ تلك المعاملات.

    وبعد ذاك يقومُ بسرقةِ بعض العقار، ويمنع بعضَ البنات من الإرث أو يحتال عليهن ببعض الحيل، وتبدأُ الخصومات التي لم تكن في حياةِ والدهم.

    وبعضهم يحرمُ الزوجةَ الثانية وأولادها من الإرث وتزاد الهمومُ والمعاناةِ لهم وتزدحمُ المحكمة بتلكم النسوة والبنات اللواتي يطالبن بحقوقهن.

    يا حسرتاه على بعضِ الرجالِ الذين يسرقون أموال والدهم ويتلاعبون بها؟

    يا حسرتاه أن تكون خصماً لأخيك أو لأختك في المحكمة، أهذه نتيجة الأخوة؟

    ما أحقرَ الدنيا التي تتنازعونَ لأجلها.

    وبعض الرجالِ يموتُ وقد ترك زوجةً أخرى من جنسيةٍ أخرى، فيتفقُ الأولادُ من الزوجةِ الأولى على حرمانِ تلك الزوجةِ من الميراثِ أو بعضهَ بطرقٍ ملتوية.

    لماذا يا أخي، أليست زوجةَ والدك، أين قلبُك، أليس أولادُها إخوةٌ لك؟

    أما تخشى من عواقب الظلم؟

    لقد قال الله في الحديث القدسي " يا عبادي إني حرمتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ". رواه مسلم.

     

    اللهم احفظنا من الشرور يا رب العالمين.

     

    الحمد لله.

    ومن ملفاتِ المحكمة:

    الحضانةُ ورعاية الأطفال.

    أيها الفضلاء، بعد وقوعِ الطلاق تأتي مشكلةٌ أخرى وهي رعايةُ الأولاد أين تكون؟

    إن الشريعةَ تراعي المصلحةَ في رعايتهم، وقد جاءتِ النصوصُ بأن الطفل يبقى عند أمهِ حتى يبلغَ سبعَ سنين مالم تتزوج ثم بعد السابعة يُخير بين والديه.

    ولكن وللأسف فإن هناك مشكلاتٍ تتكرر:

    فمنها: أن بعضَ الآباء قد يحرمُ الأم من أولادها.

    ومنها: أن بعضَ الأمهات تُطالبُ بنفقاتٍ كبيرةٍ في النفقةِ على الأولاد، وربما أثقلت على الأب وخاصةً إذا تزوج بعدها وصار له أولاد.

    ويجبُ أن نعلم أن النفقةَ بالمعروف وليس بما يشق على الأب، قال تعالى " لينفق ذو سعةٍ من سعته ".

    ومنها: أنه قد يقفُ والدُ الزوجة وإخوتُها مع ابنتهم في موضوع الحضانة ولكنهم لا يراعون والد الأولاد ويمارسون عليه الضغط بالدفع لكل شيء ويستخدمونَ الأولاد ورقة ليؤثروا على مالهِ ونفسيته.

    ومنها: أن بعضَ الأمهاتِ تُحرِّضُ الأولادَ على والدهم وتتهمهُ بالتقصيرِ بالنفقة، ويتكون لديهم حقدٌ على والدهَم وينشؤون في اضطرابٍ نفسيٍ كبير مما يؤثر على دراستهم وتربيتهم.

    ومنها: أن بعض الآباء يُقصِّر في النفقة وقد يمرُّ الشهر والشهران وهو لم ينفق على أولاده.

    قال صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود بسند صحيح.

    عباد الله، وبعد الطلاق قد يقعُ الانحرافُ في الأولاد والبنات بسببِ المشكلات بين والدهم ووالدتهم.

    إنه الطلاق الذي دمّر البيوت ودمّر مستقبل الأولاد.

    وهنا أبعثُ برسالةٍ من زاويةٍ أخرى، قد يكونُ الطلاقُ هو الحلُ في بعضِ الحالات، فهنا يجبُ على الزوج والزوجة أن يتفقا على نقاطٍ مهمة في تربيةِ الأولاد والنفقةِ عليهم ومراعاةِ نفسياتهم ودراستهم.

    لا تجعلوا الطلاقَ سبباً في مشكلاتٍ كبرى تلاحقُ الأولاد في مستقبلهم.

    اجعلوه طلاقاً ناجحاً ومتميزاً.

    أيها الآباء، أيها الإخوة، خطابي لا يسمعهُ إلا أنتم، ولكن أتمنى أن يصلَ مضمونهُ لبناتكم وأخواتكم لعل في ذلك إصلاحٌ لهم ووقايةٌ للمجتمع من المشكلات.

    اللهم احفظ بيوتنا ومجتمعنا من كل شر وبلاء.

    اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى.


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    المرأة والتعاون

    0:00

    سورة القصص

    0:00

    دار السعادة الأبدية

    0:00

    إن المتقين في مقام أمين

    0:00

    قصة شاب

    0:00



    عدد الزوار

    4970399

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة