في حياة المتميزين والنبلاء ثَمّةَ أشياء تعترض مسيرتهم وتقدمهم ، لابد من إظهارها وإثارتها واكتشافها لعلهم يمارسون إخفاءها لتكتمل شخصيتهم وتعظم منزلتهم .
١- فوضى الصداقة .
وهذا ظاهر في رغبة الكثيرين بالالتفاف حولك والقرب منك بسبب تميزك وعلو شأنك .
وهنا أهمس لك: احرص على من ينتفع بك أو تنتفع به ، وأما من يتكثر بك فأعرض عنه وتعلم فنون الاختفاء .
٢- التأثر بالشهرة والثناء .
ولا غرابة في ظهور مثل هذا المرض فلقد أصاب الكثيرين وأسقطهم في حفر الغرور والخيلاء فلم يخرجوا منها .
وقديماً أشار السلف للشهوة الخفية وحب التصدر والثناء وأنها مما تعترض حياة العالم والداعية والذكي.
ولقد رأيتُ هذا في بعض المتعالمين ممن ترى فيه أمارات الغرور بالنفس والشهرة ، فهو يزاحم مواطن الشهرة ، ويتحدثُ في كل محفل ، وإياك وانتقاده ، وتسمع منه الحديث عن نفسه بشكل عجيب ، ولا يحب أن يتحدث أحد في وجوده ، بل هو المتحدث دائماً ، وغيرها كثير من علامات " الأنا ".
٣- ازدحام الأعمال .
في حياة الجادين تتزاحم الهموم والبرامج والأعمال ، والقليل من يتقن إدارة الوقت وترتيب الأولويات .
ولهذا قد تسمع من ذلك الرجل أن له أيام لم يشاهد والديه ، أو لعله لم يتصل بهم ، ويقول : لي فترة عن صلاة الضحى ، وآخر لا يعرف تكبيرة الإحرام بسبب كثرة الأشغال ، ومنهم من بدأت زوجته تشتكي من غيابه الطويل عن البيت ، وهكذا في سلسلةٍ طويلة من البراهين التي تدل على ازدحام الأعمال وتراكم الأشغال ، وهذا ليس عذراً في تناسي القريب والغفلة عن الحقوق الواجبة الأخرى .
٤- هجران القرآن .
يمكنك أن تسأل ذلك الناجح عن علاقته بالقرآن ، وقد يصدمك جوابه " بعض الأيام لا أفتح المصحف بسبب الأعمال ".
مهلاً يا محب ، أعجزت عن إيجاد دقائق من وقتك لتلاوة القرآن والتداوي به والتنزه في حدائقه وبساتينه ؟
لديك وقتك ولكنك لم تضع القرآن في قائمة الأولويات اليومية في برامجك .
نعم ، إنك مميز بكثرة التغريدات والرحلات ولكنك لست مميزاً مع القرآن .
أو لعلك ممن تميز بنجاحه في العقارات وجمع الأموال ولكنك لم تجد وقتاً لتجعل قلبك يستنير بنور القرآن .
يا سادة ، القرآن هو دواء العقول ونور القلوب وغذاء النفوس وسبب البركات وسر النجاح وعنوان السعادة وبوابة التوفيق .
٥- نسيان الافتقار .
في زحمة الانطلاق في البرامج والتقدم في مسيرة النجاح قد ننسى أن الفضائل التي تحيط بنا هي من توفيق الله وتيسيره " وما بكم من نعمة فمن الله ".
ونغفل عن الانكسار على عتبات العبودية وتمريغ الجبين على تراب الانكسار للواحد الأحد .
يجب على كل من ارتقى أن يجدد في قلبه معاني الخضوع والخشوع وأن يتربى على كسر النفس بين يدي الرب .
وهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يدخل فاتحاً مكة فيطأطئ رأسه حتى كاد يلامس عنق دابته خشوعاً لله ، مع أنه في موسم الفرح بنصرة الدين وهزيمة الكافرين ، ولكن هكذا يكون الشكر لله .
ولو تأملنا أسرار سجود الشكر لعرفنا أن الفرح بالنعمة يجب أن يجعلنا ننكسر بعد النعم للمنعم جل في علاه .
٦- الأنا وعدم الالتفات للغير .
بعض المشاهير ينسون المساكين ، ويأنفون من القرب منهم ، ومنهم فريق اعتاد الجلوس مع الأغنياء وأصحاب الأموال بسبب شهرته ونجاحه .
مهلاً يا مسكين ، لقد كان سيد الناجحين رسولنا عليه الصلاة والسلام يجلس مع الفقراء ويزور الصغار ويخالط الأيتام ، بل ويجلس بين أصحابه ويدخل السائل على مجلسه ولايميز بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أصحابه بل يقول : أيكم محمد ؟
يا الله ، ما أروع التواضع والعيش بين المساكين والالتفات لهم .
وفي الختام، أيها المحب، إن هناك آداب وفنون يجب مراعاتها والالتزام بها ، فكن من أهلها ، سددك الله وأعانك .
عدد الزوار
5247881
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 29 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1627 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |