الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب وجعله نوراً يهدي به من يشاء من عباده ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد ، فهناك وفي مسجدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يقصُ علينا ذلك الصحابي موقفاً جرى له .
روى البخاري في الصحيح عن أبي سعيد المعلى قال : كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم أجبه .
فقلت : يا رسول الله، إني كنت أصلي.
فقال : " ألم يقل الله : " استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم " ؟
ثم قال لي : " لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ". ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج قلت له : ألم تقل : لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن ؟.
قال : " الحمد لله رب العالمين " هي السبع المثاني ، والقرآن العظيم الذي أوتيته ".
إنها سورة الفاتحة ، أم القرآن ، وأم الكتاب ، والشافية ، نقرأها كل يوم ١٧ مرة في كل ركعة من صلاة الفريضة .
هذه السورة لنا معها وقفات :
- هي الشافية وهي رقية للمريض ، وقد حصلت قصة لبعضِ الصحابةِ ، وملخصها أنهم نزلوا قرية ولم يضيفهم أهلها فاستراح الصحابةُ تحت شجرة فجاء أحدُ رجالِ القرية وقال إن سيدنا لُدغ فهل فيكم من راقي ؟ .
فقال أبوسعيد : أنا ، فجيء بالرجل الكافر وقرأ أبو سعيد عليه الفاتحة ثم نفث عليه وقام وما كان به شيء . رواه البخاري .
فسبحان الله ، كيف شفاه اللهُ بمجردِ سماعهِ لسورةِ الفاتحة مع النفثِ على مكانِ الألم . وصدق الله " وننزل من القرآن ماهو شفاء ".
ويستفادُ من هذه القصة أن الفاتحةَ تعبترُ من آيات الشفاء ، فاقرأها على نفسك أو زوجتك أو ولدك ثم انفث على مكانِ الالم أو انفث في ماءٍ أو زيت أو عسل واشرب منه وكن على يقين أنها شفاء .
- ومن أسرار سورة الفاتحة أن اللهَ ابتدأها بالحمدُ لله رب العالمين، فاللهُ هو المستحقُ للحمد والمدح ، وكلُ الخيرات فهي منه سبحانه وتعالى .( وإن تعدوا نعمةَ الله لاتحصوها ) ، لذلك كان الحمد من أجلَّ الأعمال عند الله .
وفي الحديث الصحيح ( والحمدُ لله تملأ الميزان ).
- ومن الأسرار : إثبات ربوبيةَ الله على خلقه لأنه رب العالمين ، فالله هو الربُ المربوبُ الخالقُ العظيم ، هو الذي أوجد العالم كله ، وإذا كان هو الخالق فمن بابِ أولى فإنه لايستحقُ العبادةَ إلا هو سبحانه وتعالى.
فيالله العجب من مخلوقٍ يعبدُ غير الله ، ويا لله العجب من ذلك الذي يتمسح بالقبر ويتبرك به ويدعو صاحبه من دون الله ، إن الله هو ربُ العالمين فكيف تتعلق بواحدٍ من البشر من الأحياءِ أو من الأموات ، ثم لك أن تتعجب من ذلك الملحد الذي ينكر وجود الله ويقول: إن الطبيعة أوجدت نفسها .
حسناً فمن الذي أوجد الطبيعة وجعلها بكامل هذا الحسن والجمال ؟ ولكن صدق الله ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوبُ التي في الصدور ).
- ومن الوقفات الإيمانية في سورة الفاتحة : شموليةَ رحمة الله وذلك في قوله تعالى : الرحمن الرحيم ، فهو الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، وهو الرحيم بالمومنين .
وإنك حينما تقرأ هذه السورة في كلِ يومٍ عدةَ مرات وتتذكر رحمةَ الله فإنك تشعر بالراحة والطمأنينة ، فكيف تقلق وكيف تيأس وكيف تحزن وأنت تردد ( الرحمن الرحيم ).
- ومن الوقفات : الحذر من يوم القيامة؛ لأنه اليوم الذي يُدان فيه الناسُ بأعمالهم ، فاللهُ مالكٰ يوم الدين، إذن يومُ الدين هو يومُ الجزاء والحساب ، ويظهرُ الملك الرباني لله هناك حينما يهزُّ السماواتِ والأرض ويقول : لمن الملكُ اليوم، فلايجيب أحد فيجيبُ بنفسه ( لله الواحد القهار ).
ياعبدالله ، لاتنس أنك ستقف بين يدي الله الملك الجبار ، فاحذر من كل عمل قد يضرك هناك .
يا عبد الله ، سورةُ الفاتحة فيها التوحيد لله ( إياك نعبد ) أي لانعبدُ إلا أنت يالله ، وهذا التوحيدُ هو أعظمُ ما أمرَ اللهُ به ، وهو الغايةُ من خلق الإنس والجن ، وهو الذي جاءت به كل الرسل عليهم الصلاةُ والسلام .
فيا عباد الله جدّدوا توحيدكم واحذروا من الشرك صغيره وكبيره .
- ومن الوقفات التربوية : الاستعانةُ بالله " وإياك نستعين " ، نعم والله ، لن يعينك أحد كإعانةِ الله ، نحن بالله ، نستعينُ به في كل شيء ، نستعينُ به في أداءِ الطاعات ، فوالله لو لم يعنك الله لما قمتَ بها ، فلولا الله وتوفيقه لما صلينا ولا صمنا ولا استطعنا أن نفعل شيء ، وفي الدعاء النبوي ( اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ).
ونستعينُ بالله في دنيانا فهو الذي ييسرُ أرزاقنا ويفتحُ لنا أبوابَ التوفيق ، ونستعين بالله حينما نمرض فلايملك شفاءنا إلا الله ، ونستعين بالله في تربيتنا لأولادنا .
وما أجمل قول الأول:
إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى فأولُ مايجني عليه اجتهاده
- ومن الوقفات في سورة الفاتحة : أن فيها بيانُ الصراطِ المستقيم ، الذي هو صراطُ النبيين والصالحين ، ونحن نقول : اهدنا الصراط المستقيم ، فنحن بحاجة إلى الطريق الذي يرضي الله ويوصل إلى جنته، ولذلك نقول اهدنا .
فالذي يسلك طريق الهداية هو الفائز ، والذي يُحرم هدايةَ الله يعيشُ في ظلال وظلام ، وانظر لحالِ بعض الناس الذين لم يتنعموا بهدايةِ الله كيف يعيشون في قلقٍ نفسي وبعضهم يختارُ الانتحارَ لأنه تعبَ من ظلماتِ الكفرِ والعصيان .
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور حياتنا .
----------
الحمد لله .
أيها الفضلاء ، إن في سورةِ الفاتحة إشارةٌ للحذر من طريق المغضوب عليهم وهم النصارى الذين عندهم عملٌ بلا علم ، وتحذير ٌمن طريقِ الضالين وهم اليهود الذين عندهم علم ولكنهم لايعملون به ، نعم ، إن بعضَ الناس لديهم علمٌ بالشريعة وبالحلالِ والحرام ولكنهم يخالفون ذلك بأفعالهم ، فاحذر أن تكون منهم .
وبعضُ الناس يعمل بلا علم فيقعُ في المخالفاتِ الشرعية وهو لايعلم ، لذلك فإن من توفيق الله لك أن يرزقك العلم والعمل .
معاشر المسلمين ، إن من أحكامِ سورة الفاتحة : أنه تجب قراءتها في كل ركعة في الصلاة لعموم حديث ( لاصلاة لمن يقرأ بفاتحة الكتاب ) متفق عليه .
وهذا عام في الصلاة السرية والجهرية ولكن من نسي قراءتها في الصلاةِ الجهرية أو لم يمكنه قراءتها فلاحرج عليه على القول الصحيح .
ومن الإشارات المهمة : أن تحرص أيها الأب على تعليم أولادك حفظَ الفاتحة حتى تكونَ صلاتهم صحيحة ، بل إني أقول علِّم والديك فلربما كانوا لايحفظونها جيداً .
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
اللهم وفقنا للخيرات ، واشرح صدورنا للطاعات .
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان وردهم إليك رداً جميلاً .
اللهم وفق ولي أمرنا لهداك واجعل عمله في رضاك .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .
مكتبة الصوتيات
مخالفات في الصلاة - 2
0:00
ثناء الله على معلمي الناس الخير
0:00
أربعون خاطرة في الصيف
0:00
قواعد في الأسماء والصفات
0:00
حراسة الأبناء من العين
0:00
عدد الزوار
4100790
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 90 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1589 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة |