الحمد لله العليم القدير، الذي قدّر أن يكون هناك حربٌ بيننا وبين الشيطان منذُ بداية الخلق، فقال تعالى: ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا )، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي أرشدنا إلى الحذرِ من كل وسيلةٍ ربما كانت طريقاً لأذيةِ الشيطانِ لنا.
أما بعد.
فيا أيها الناس، اتقوا الله حق تقاته، واعلموا أن من أعظمِ الحروبِ التي لا تنتهي هي الحربُ بيننا وبين الشيطانِ وجنوده.
هذا نبيُ الله آدم عليه السلام الذي خلقه بيده وأسكنه جنته، يحذره ويقول له ولزوجته ( وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ).
وهي شجرةٌ في الجنة جعلها الله محطةً لامتحان آدم عليه السلام، ولكنّ إبليس كان يراقبُ المشهد ثم يتخذُ القرار ببدء المعركة بينه وبين آدم.
ثم يبدأ في الوسوسةِ لآدم ومحاولةِ إقناعه بأن يقع في نفس الشيء الذي حذره الله منه ( هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى )، وتستمر المحاولات فيقسمُ لآدم ( وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ).
ثم يقع آدم في الخطأ ويستجيبُ لنداء الشيطان ويأكلُ من الشجرة ، ويخاطبه ربه ( أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ ).
أيها الفضلاء، لقد اتخذَ الشيطانُ عهداً بأن يستمرَ في إضلاِلنا وصدنا عن سبيل الله ( وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ ).
لقد نهانا الله عن اتباعِ خطواتِ الشيطانِ في عشرات الآيات فقال: ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ).
إن كلّ الانحرافاتِ التي نراها إنما هي بسببِ اتباع ما يمليه الشيطان، ( الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ).
وفي صحيح البخاري أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم.
أيها الكرام، لذا كان لزاماً على كلِ واحد منا أن يحذر من خطواتِ الشيطانِ ومداخلهِ، ولن يتحقق ذلك إلا بالعلم.
فيا ترى ماهي مداخلُ الشيطانِ على العبادِ وكيف يصلُ الشيطانُ لإضلالنا؟
اعلموا أنّ مِن مداخلِ الشيطان:
- الإيقاعُ في الشرك الأكبر، ويقع في هذا الخطأ مَن لم تكن عقيدته راسخة، ولهذا سمعنا مَن وقعَ في الإلحاد أو الردة عن الإسلام، والله المستعان.
وتعتبرُ البدعةُ مِن مداخل الشيطان على المسلم؛ لأن الشيطان ربما يزينُ لك العمل الذي في الظاهر أنه صالح ولكنه في الحقيقة مخالفِ للسنة للنبوية، ولهذا نجدُ المبتدعة متمسكين بأعمالهم.
ومِن مداخل الشيطان: التساهلُ في النظر المحرمِ عبرَ القنواتِ ومواقعِ التواصل لكي يوقعك في الشهوات والسيرِ وراء اللذات التي تنقصُ دينك وتوقعك في شباك الشهوات، وكم سمعنا مِن قصص الشباب الذين لعبت بهم الشهوات فأسقطتهم في المهالك.
ومِن مداخل الشيطان على الشاب الذي يقع في المعصية أن يقولَ له الشيطان: مادمتَ تقع في المعاصي فلماذا تصلي، ويستمر في الوسوسة حتى ربما جعلهُ يترك الصلاة.
ومِن مداخل الشيطان على المرأة، أن يزيّن لها لبسُ الملابسِ القصيرة في المناسبات، فأين الحياء؟
ومِن ذلك: التبرجُ والتزينُ عند الخروجِ للسوقِ أو للمطارِ أو للحديقةِ لأجل أن تلفت الأنظار لها، وهذا حرام وفيه فتنة للمجتمع.
ومِن مداخل الشيطان: الحرصُ على الدنيا وإتعابُ النفسِ مِن أجلها، مع الغفلةِ عن العملِ للآخرةِ والاستعداد لها، والتوازن هو المطلوب.
ومِن أعظم مكائد الشيطان: السعي للتفريق بين كل زوجين حتى أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الشيطان يضع عرشه على الماء فيرسلُ جنودهُ لتحقيق أهدافه، فإذا جاءه أحدهم قال: لم أزل بينه وبين زوجته حتى فرقتُ بينهما، ففي هذه اللحظة يأتي الشيطان الأكبر ويلتزمه ويعانقه ويقول أنت أنت.
ومِن هنا أدعوك أيها الزوج إلى الحذر مِن بعض الخلافات مع زوجتك التي ربما قادتك للطلاق، مع أن القضية لا تستحق ذلك.
ومِن خطوات الشيطان: الاشتغالُ بالعملِ المباح وتركِ العمل الفاضل، فتجد الواحدَ منَّا يبقى على مواقع التواصل لساعات، ولكنه مقصرٌ في قراءة القرآن.
ومِن طرقِ تحزينِ الشيطان على الإنسان ما يَحدثُ له مِن المنامات المزعجة.
قال صلى الله عليه وسلم : الرؤيا الصالحة مِن الله والحُلم مِن الشيطان . رواه البخاري، وكم هي المناماتُ التي نسمعها مِن الناس التي فيها التخويف والتحزين.
ولمثل هؤلاء نذكرهم ببعض الآداب التي جاءت في السُنّة لهذه المنامات؛ ومنها:
- الاستعاذةُ بالله مِن شرها.
- أن تنفث عن يسارك.
- أن تتحول عن جنبك الذي كنتَ عليه.
- ألا تُحدّثَ بها أحد.
- أن تتوضأ.
ومِن مداخلِ الشيطان: التسويفْ في أداء الأعمال الصالحة، فتجد ذلك الرجل يتأخر دائماً عن كل عمل صالح بسبب نزغات الشيطان والتربية على الكسل.
ومِن وسوسة الشيطان أنه يأتيك حينما يأتي مُنادي الصدقة فيقول: أسرتك أولى بهذا المال، قال الله: ( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ ).
اعلم أخي أن الصدقة تنفعك أنت أولاً فهي في ميزان حسناتك وذخراً لك يوم تلقى الله، فلا تبخل (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ).
ويُعتبر الغضبُ مِن مداخل الشيطان التي لعبت بالكثير من الناس.
وفي مجلس النبي صلى الله عليه وسلم حصلَ خلافٌ بين اثنين فغضب أحدهما حتى احمَّرت وجنتاه فقال صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجد. رواه البخاري.
وكم في السجونِ مِن جرائمَ ومصائبَ بسبب الغضب، كالقتل وغيره.
اللهم احفظنا من نزغات الشيطان، واعمر حياتنا بالإيمان يا رب العالمين.
---------------
الحمد لله.
معاشر المسلمين، إنَّ عداوةَ الشيطان لم ولن تنتهي عن أهل الإيمان، لذا وجب على كل واحدٍ منا أن يُحصّن نفسه مِن الشيطان.
وإليكم بعض العوامل التي نتحصن بها مِن وساوس الشيطان:
١- قراءةُ القرآن في البيت، وقد ورد في الحديث الصحيح " اقرؤوا سورة البقرة فإنّ الشيطان يفرُ مِن البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة " رواه مسلم.
٢- المحافظة على الوضوء، وفي الحديث " ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن " رواه أحمد بسندٍ صحيح.
٣- المحافظة على أذكار الصباح والمساء والدخول والخروج.
وتأمل هذه النصوص :
- " مَن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كُتبت له مائة حسنة ومُحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي " رواه البخاري.
- " مَن نزلَ منزلاً فقال أعوذ بكلمات الله التامات مِن شر ما خلق لم يضرهُ شيء حتى يرتحل مِن منزله ذلك " رواه مسلم.
- قراءة آية الكرسي عند النوم، قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم " ولا يزالُ عليك مِن الله حافظٌ حتى تُصبح " رواه مسلم.
٤- ومِن أسباب التحصين:
المحافظةُ على الطاعاتِ عموماً لكي ندخل في قول الله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) فكلما حققَ العبدُ العبوية كان في حفظ الله تعالى، وفي الحديث الصحيح " احفظ الله يحفظك " رواه الترمذي.
ومِن أعظم العبادات " الصلاة " فمَن حافظ عليها مع جماعةِ المسلمين وفي وقتها فقد فاز بحفظ الله تعالى ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ).
٥- الاستعاذة بالله من نزغات الشيطان، قال تعالى (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ).
٦- ومِن أسباب الوقاية من الشياطين: تطهيرُ البيت مِن المنكرات؛ لأن الشياطين تحب المعاصي، قال تعالى: ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ).
٧- ومما يَحفظُ مِن الشيطان: رقية النفس بالمعوذات.
قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس : يا ابن عباس ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون ؟ قال: بلى يا رسول الله، قال : قل أعوذ برب الفلق. وقل أعوذ برب الناس " رواه النسائي بسندٍ صحيح.
ومِن الجميل أيها الفضلاء تعويذ الأطفال والنفث عليهم قبل النوم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعوذ الحسن والحسين ويقول : " أعيذكم بكلمات الله التامة من كل شيطان ولامة، ومن كل عين لامة ".
اللهم احفظنا من كيد الشيطان ووسوته.
اللهم ارزقنا الإيمان الصادق والعمل الصالح.
اللهم وفق ولي أمرنا لهداك واجعل عمله في رضاك.
اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى.
مكتبة الصوتيات
عادات الأشخاص الناجحين
0:00
التشبه بالكفار
0:00
الشرك الأصغر
0:00
تلاوة من صلاة القيام
0:00
القدوة الحسنة
0:00
عدد الزوار
5077596
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1608 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |