• الخميس 24 جُمادى الآخرة 1446 هـ ,الموافق :26 ديسمبر 2024 م


  • صناعة الأمل

  •  


    الحمد لله الذي يدبر الأمر، الذي يُبدد الهموم والأحزان.

    والصلاة والسلام على رسول الله، الذي كان يعجبه التفاؤل، الذي فتح لنا باب الأمل.

    أما بعد، فيا أيها الفضلاء، كل واحدٍ منا له قصةٌ مع الألم، مع المرض، مع الهموم، وبعضنا لازال يتجرعُ قصصَ الماضي وأحزانَ الأمس.

    لهذا وذاك كان لابدّ من التذكيرِ بالأمل وتحفيزِ النفوس لطردِ اليأسِ من القلب.

    عباد الله.

    الأمل هو: أن تتوقعَ الشيء الجميل من الله تعالى.

    الأمل: أن تحسنَ الظنَّ بالله وأنه سوفَ يساعدك في ظروفك التي تمرُّ فيها.

    الأمل: أن تعيش وفي داخلك شعور أن بعد العسرِ يسراً، وبعد الهموم فرحة، وبعد الفقرِ غنى، وبعد المرضِ سيكونُ الشفاء، وبعد الحزنِ ابتسامة.

    الأمل: أن تطرد اليأس من حياتك وترمي به جانباً، " إنه لا ييأسُ من روحِ الله إلا القوم الكافرون ".


    معاشر الكرام.

    الحياةُ مليئةٌ بصور الأمل:

    كم من مريضٍ شفاه الله، كم من عسيرٍ يسَّره الله، كم من حادثٍ صرفه الله عنك،كم من حاجةٍ كنتَ تظن أنها لن تتيسر لك وإذ بالله يفتح لك أبوابها " سيجعلُ الله بعد عسر يسراً ".

    إنه الأمل، إنه حسن الظن بالله تعالى " لاتدري لعل اللهَ يحدثُ بعد ذلك أمراً ".


    أخي المهموم، 
    أعلمُ أنك تقول في نفسك: ما أسهل الكلام ولكنك لم تتعرف على همومي وأحزاني.

    فأقول لك: إنك حينما تتفرغُ لأحزانِ الأمس وهمومِ اليوم فإنك تقتلُ الأمل في داخلك.

    أنا لا أقلل من همومك ولا أتحدثُ عن خيالاتٍ ستتحققُ في حياتك، أنا هنا أحاول أن أفتحَ لك نافذةَ الأمل، وأن تنظر لأيامك القادمة من زاويةِ التوفيق الذي سيمنحه الله لك.

    أنا أحاول أن أخرجك من سجنِ اليأس ومن صندوقِ الحزن، أنا أذكرك بقصص الذين ذاقوا مرارة الألم ولكنهم عاشوا مع الأمل فوجدوا من الله كل خير.

    يا أخي، أنا أذكرك بأن اللهَ لن يخيب دعاءك ولن يضيع صبرك " إن الله مع الصابرين ".

    هل تعرف نبي الله يعقوب الذي فقد ابنه يوسف، ثم قال لأولاده بعد سنوات " اذهبوا فتحسسوا من يوسف " إنه الأمل في الله، فهل رجع له يوسف؟  لقد فقد بصره ، بسبب الحزن على يوسف، فهل رجع له بصره؟ 


    هذا نبي الله أيوب، عاش في المرض ١٣ عام حتى هجره كل الناس إلا زوجته، قال تعالى " وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " فهل استجاب الله له ؟ قال تعالى " فاستجبنا له ".

    إن الله قريبُ منك يا صاحبَ الألم، إن الله يسمع دعاءك، ويعلمُ بهمومك، ويرى دموعك، إن الله هو الذي خلق الألم وهو الذي وعدك بأن يمنحك الأمل ، " ادعوني أستجب لكم " ، وفي الحديث الصحيح " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء ".


    أيها الكرام، وبعد هذه الإشارات حول الأمل، لابد أن نضع بعض القواعد في صناعة الأمل:

    ١- إننا حينما نتحدث عن الأمل فلايعني هذا أن نترك العمل في تحقيق أمنياتنا.
    لا نريد الأمل الذي هو مجرد مشاعر، بل نريد الأمل الذي يقوده العمل، فالذي يريد التوفيق في دراسته لابد أن يجتهد فيها، 
    والذي يأمل من الله أن يوفقه في تجارته لابد أن يسعى ويخطط ويتعب في ذلك الطريق، والذي يأمل في الشفاء لابد أن يأخذ الدواء ويستعين بالله، وهكذا، إن الأمل الحقيقي هو الذي يكونُ معه العملُ الجاد.

    ٢- إن الكثيرَ من الناس يعاني من الإحباط واليأس نتيجةً لظروفٍ مالية، أو أسرية، أو صحية، وربما وظيفية، ولعل بعضنا جرت عليه قصص ومواقف من الناس جعلته يفقد الثقة في المجتمع وربما أوقعته في القلق.

    هؤلاءكلهم بحاجةٍ إلى همسةِ أمل وكلمةٍ طيبة لعلها تعالج نفوسهم وتدفعها للأمل، إن الكلمات التي فيها تحفيز، لها أثرٌ كبير في طردِ الهموم واليأس من نفوس الناس.

    ٣- يا صاحب الهمّ إن ساعات الألم التي تحيط بك لن تدوم، وإن لحظات الحزن سوف تتلاشى، إن الذي بقي من عمرك سيكونُ مليء بالخير والتوفيق بإذن الله.


    يا صاحب الهمّ إن الهمّ منفرج         أبشر بخيرٍ فإن الفارجَ الله

    -----------

    الحمد لله .

    عباد الله، خذوا هذه الإضاءات المتفرقة في الأمل:

    ١- لا تجعل ساعات الألم التي مرت بك قبل أعوام تُقعدك عن صناعة الأمل لسنواتك القادمة، أمامك فرصٌ جميلة لتسعد " سيجعل الله بعد عسرٍ يسرا ".

    2- تعلّم كيف تبتسم في قمة الألم، وكيف تجعل دموعك فقط في سجودك، نعم، يمكنك أن ترى الأمل حتى في قمة الألم.

    3- إنّ ساعة الحزن التي تعيشها الآن، ليست هي كلُ حياتك، هي ساعة أو يوم أو شهر، ربما بقي من عمرك ٤٠ سنة، فهل تحكم عليها بالألم أو الأمل؟

    4- عليك بالقرآن فهو كتابُ الأملِ والسعادة، قال سبحانه وتعالى " ألا بذكر الله تطمئن القلوب ".

    5-كيف تفقد الأمل ومعك الله؟ كيف تحزن وربك قريب ممن دعاه؟ كيف تقلق وربك بيده خزائن السماوات والأرض؟

    6- يا أيها الإنسان، أنتَ لم تأت للحياة لتبكي وتتجرع الأحزان، انهض واستشعر معيةَ الله لك، وقم من مكان الحزن، وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً.

     

    اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى.

    اللهم افتح لنا أبواب الأمل.


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    مقدمة شريط/ 40 نداء لطالب التحفيظ

    0:00

    تلاوة من سورة المؤمنون

    0:00

    الحث على التعلم والقراءة

    0:00

    فضائل وأحكام قيام الليل

    0:00

    حسن العلاقة مع الأبناء

    0:00



    عدد الزوار

    5088580

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1616 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة