الحمد لله الذي بيده مفاتيح الأمور ، الحمد لله الذي بذكرهِ تنشرحُ الصدور وتطمئنُ القلوب ، والصلاةُ والسلامُ على نبي الهدى والرحمة .
أما بعد .
فهذا جهازُ الجوالُ الذي في جيبك ، كنا لانرى فيه إلا أزراراً للمكالمات وأخرى للرسائل ، ولكن ومع تقدم التقنيات في الأجهزة أصبحَ جهازُ الجوال هو خزينةُ معلوماتك وأسرارك ومرجعكُ للمعلومات ، ومصدركَ في الثقافة ، وهو جهازُ الترفيه الذي لايغادرك ، وهو وسيلةُ التواصُلِ مع الآخرين ، وطريقك للتقدمِ المعرفي والتجاري وغير ذلك من أسرار الجوال في زمننا .
ولعل من أبرزِ الجديدِ في أجهزة الجوال ظهور التطبيقات لبرامج التواصل الاجتماعي أو مايسمى بالشبكاتِ الاجتماعية .
أيها الكرام .
استأذنكم هذا اليوم لأتجول بكم حولَ هذه البرامج ومالها وما عليها .
- أيها الفضلاء ، حينما نتحدثُ عن برامجِ التواصلِ فلابدَ أن يكون حديثنا بعلمٍ وعدلٍ وحكمة لا بجهلٍ وظلم، فهذه البرامج لها نفع كبير ، ومن ذلك :
- نشرُ العلمِ النافع والدعوةِ إلى الله تعالى ، فكم من تغريدةٍ أو رسالةٍ أو صورة انتفع بها ربما عشرات الآلاف عبر مواقع التواصل ، وفي هذا خيرٌ كثير وأجرٌ عظيم والدالُ على الخيرِ له مثلُ أجرِ فاعله .
- ومنها : تحقيقُ التواصلِ مع الأقارب والأصدقاء وتقوية المحبة والألفة ، وهذا ظاهرٌ من خلال بعض القروبات النافعة التي تعتني بهذا الجانب .
- ومن فوائد تلك البرامج : المنفعةُ المالية في نشر صور البضائع والتعاملات المالية، وتيسير المعلومات عنها مما يختصر الوقت على الناس ويحقق النفع لهم .
- ومن الإيجابيات لتلك البرامج : التواصلُ مع الثقافات الأخرى وكسبِ صداقات متنوعة .
أيها الفضلاء ، وإن كانت تلك البرامج مما يُنتفع بها ، فلاشك أن هناك من أساءَ استخدامها فوقع في الأضرار؛ فمن الأضرار التي نتجت من برامج التواصل :
- التساهلُ في زيارة الأقارب بسبب أنهم معك في ذلك القروب ، فأين زيارةُ الأعمام والعمات والأخوال والخالات وأنتم تعلمون أن الزيارةَ الجسدية لها أثرٌ أكبر من مجرد الحوار عبر الواتس ونحو ذلك .
- ومن ذلك : ترك محادثة الآخرين في المجالس والاكتفاء بتصفح تلك البرامج .
عيبٌ والله أن تكونَ مجالسنا هكذا ، أين المحادثة والبسمة والكلمة الطيبة ؟ أين أدب الاستماع والإنصات للآخرين ؟
- ومن الأضرار : أنها ساهمت في إضاعةِ أوقات البعض ممن لايحسن الاستخدام لتلك المواقع والبرامج ، فهو عليها ليلاً ونهاراً ، وترتب على ذلك هجر القرآن .
ألم يقل ﷺ : اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه . رواه مسلم .
وحصل هناك تقصير في القراءة النافعة ، وغيرها من العبادات والعادات الحسنة .
- ومن ذلك : الإضرار بالدوام والدراسة ، فذلك الطالبُ يسهرُ على مواقع التواصل إلى ساعةٍ متاخرةٍ من الليل ، ولقد تحدثت الدراسات عن بعض المخاطر للطلاب بسبب السهر على تلك البرامج ؛ ومنها :
1- حصول السلوكيات المضطربة .
2- الإصابة بالاكتئاب .
3- اضطراب برنامج الغذاء والأكل .
4- قلة النوم .
5- ظهور العدوانية لدى الشباب والفتيات .
6- انخفاض المستوى الدراسي .
وإذا نظرنا لذلك الموظف فقد وقع في نفس المشكلة فتجده يتأخر عن وظيفته بسبب السهرِ الطويلِ على برامج التواصل .
- ومن العجيب أن بعض الموظفين يترك الواجبات عليه في العمل ويهملُ المراجعين والمعاملات لانشغاله بتلك البرامج مما يضرُ بعمله وبانتفاع الناس به في تلك الدائرة ، وهذا خللٌ كبير ينبغي النظرُ فيه وإيجادِ الحلول له .
- ومن الأضرار أن البعض فتح لنفسه باب الافتتانِ بملاحقةِ صور النساء عبر جواله، وباتت تلك البرامج خيرُ معينٍ للوصولِ إلى الصفحات الخاصة بتلك المرأة عبر حسابها في تلك التطبيقات ، فيكعف الشاب على تلك الصور ليلاً ونهاراً مما يجلب الضرر على دينه وعفته ، وقد قال ﷺ : ماتركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء . رواه مسلم .
- ومن الأضرار لتلك البرامج أنها جعلت تلك المرأة تهملُ بيتها وتترك تربيةَ أولادها بسبب انشغالها بتلك المواقع.
- ومن مفاسد تلك البرامج : سرعة انتشار المعلومة الكاذبة .
فهذا يقرأ الخبر وربما نشره بدون أدنى تثبت من صحته ، وقد يكونُ الخبر يتعلق بسياسة الدولة أو ببعض الفتاوى الكبرى للأمة أو بقصةٍ عن أحد العلماء أو المسؤلين مما يترتب على إشاعتها الضرر الكبير، وربنا يقول: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا " .
ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول " بئس مطيةُ الرجل زعموا ".
فيا عبد الله ، قبل أن تُصدق الخبر وتنشره ، ابحث عن صحته وتأكد من ثبوته .
- ومن أضرار تلك البرامج : إيجاد الشحناء والبغضاء عبر الحوارات والنقاشات التي تخلو من الأدب ، فكم من قطيعةِ رحم كانت بسببِ محادثةٍ عبر الواتس وللأسف ، وكم من شرارةِ طلاقٍ نتجت من خلال محادثةٍ عبر الواتس .
فيا أحبتي ، تحاوروا ولكن بالأدب وتناقشوا ولكن بالكلمة الطيبة .
- ومن الأضرار : كثرة التصوير للأحداث اليومية ، وهذا يضرُ من ناحيةِ فتح الباب لحسد الناس عليك ومعرفتِهم لتفاصيلِ حياتك التي ربما كانت أجمل من حياةِ بعضهم .
فهذه تصور حفلة زواج ابنتها ، وشهر العسل ، والهدايا التي قدّمها زوجها ، وأخرى تصور غرفةَ نومها، وثالثة تصور وترسل للقروبات ، ومنهن من ترفع صورها الخاصة عبر بعض التطبيقات ، وكلُ ذلك يلفتُ الأنظار ويجلبُ العين والحسد .
- ومن أضرار تلك البرامج : الوقوع في الشبهات والأفكار المنحرفة ، ولعل المتابع لبعض الحسابات يقع على جملةٍ من التغريدات التي تطعن في ثوابت الدين وتستهزأ بالشريعة ، وبعضها تقرر الإلحاد وللأسف الشديد، هذا من ناحية.
- ومن الأضرار : أن بعض الفتيات في سن المراهقة قد تقع ضحيةً لتلك البرامج وتعيش في أسرار تلك البرامج لوحدها وفي غفلةٍ من والديها ، وربما وقعت في الحب والمعاكسات مع بعض الرجال من خلال برامج التواصل .
أيها الآباء لاتهملوا بناتكم ، أيها الأزواج انتبهوا لخطر تلك البرامج على زوجاتكم، أنا هنا لا أدعو للشك ولا للوساوس ولكن أؤكد على ضرورة الحذر والانتباه .
اللهم وفقنا للحكمة في التعامل مع مستجدات العصر .
--------
الحمد لله .
معاشر المسلمين ، ولعل من أضرار تلك البرامج : وقوع حوادث السيارات ، كما تحدثت بذلك بعض الدراسات ، وهذا واقعُ أصبحنا نراه وللآسف .
فهذا يصور نفسه وهو يتجاوز السرعة حتى يصلُ لسرعةٍ تتجاوز ٢٠٠ ك في الساعة ولكنه يفقد السيطرة على نفسه ويموت .
وهذا يراسل عبر الواتس وهو يقود السيارة وينسى نفسه ويرتكب حوادث اصطدام مع سيارة اخرى .
إن حفظ النفس من الضرورات الخمس التي جاءت بها كل الشرائع ، وقد قال تعالى ( ولاتقتلوا أنفسكم ) ، وهكذا تتعدد أسبابُ الحوادث ويكونُ الجوالُ في عصرنا أحدَ أبرزِ أسبابها .
- ومن الأضرار لتلك البرامج : الجلوس طويلاً عليها مما يضر بالصحة ويزيد الوزن ويعرض الجسم للمخاطر الطبية بسبب كثرة الجلوس .
أيها الكرام ، لقد أتعبتُ مسامعكم بكلامي هذا ، ولكنها حقائق لابد من إدراكها والانتباه لها، وكلكم يعلم أن كل مشكلة ولها حلول .
فتعالوا لبعض الحلول لمواجهة أضرار تلك الاستخدامات لبرامج التواصل :
- إن من الحلول : توعية للمجتمع بهذه الأضرار عبر الكلمة والرسالة والجلسات الأسرية وغيرها ، ويدخل في ذلك : توعية الطلاب والطالبات وهذا دور المدرسين والمدرسات.
ومن الحلول : تقليص الوقت لتلك البرامج .
ومن الحلول : أن نملأ بيوتنا بالحب والاحترام والتفاعل مع أفراد الأسرة .
إن الأب حينما يغيبُ كثيراً عن بيته ، وتلك الأم التي تخرج كثيراً من بيتها لذلك السوق وتلك الحديقة ، إن ذلك يخرج لنا جيلاً من الأبناء والبنات ممن تعلق قلبه بتلك البرامج مما يؤثر سلبياً على مستقبلهم وتربيتهم .
ومن الحلول لهذه القضية :
- تربية أفراد الأسرة على رقابة الله بين وقت وآخر .
- منع الأولاد والبنات الصغار من البقاء على الانترنت فترةً طويلة وذلك بإغلاق أجهزة الانترنت الموزعة لها في البيت .
اللهم إنا نسألك التوفيق في الدنيا والآخرة، اللهم لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، اللهم رحماك بإخواننا في كل مكان .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين .
مكتبة الصوتيات
سيرة عمر بن الخطاب
0:00
تلاوة خاشعة من سورة عبس
0:00
التوازن في مطالب الحياة
0:00
قواعد في البدع - 2
0:00
إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون
0:00
عدد الزوار
4161467
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة |