• الخميس 24 جُمادى الآخرة 1446 هـ ,الموافق :26 ديسمبر 2024 م


  • برامج التواصل.. همسات وخواطر




  • الحمد لله الذي بيده مفاتيح الأمور، الحمد لله الذي بذكرهِ تنشرحُ الصدور وتطمئنُ القلوب، والصلاةُ والسلامُ على نبي الهدى والرحمة.

    أما بعد.

    فهذا جهازُ الجوالُ الذي في جيبك، كنا لانرى فيه إلا أزراراً للمكالمات وأخرى للرسائل، ولكن ومع تقدم التقنيات في الأجهزة أصبحَ جهازُ الجوال هو خزينةُ معلوماتك وأسرارك ومرجعكُ للمعلومات، ومصدركَ في الثقافة، وهو جهازُ الترفيه الذي لايغادرك، وهو وسيلةُ التواصُلِ مع الآخرين، وطريقك للتقدمِ المعرفي والتجاري وغير ذلك من أسرار الجوال في زمننا.

    ولعل من أبرزِ الجديدِ في أجهزة الجوال ظهور التطبيقات لبرامج التواصل الاجتماعي أو مايسمى بالشبكاتِ الاجتماعية.


    أيها الكرام.

    استأذنكم هذا اليوم لأتجول بكم حولَ هذه البرامج ومالها وما عليها.

    - أيها الفضلاء، حينما نتحدثُ عن برامجِ التواصلِ فلابدَ أن يكون حديثنا بعلمٍ وعدلٍ وحكمة لا بجهلٍ وظلم، فهذه البرامج لها نفع كبير، ومن ذلك:

    - نشرُ العلمِ النافع والدعوةِ إلى الله تعالى، فكم من تغريدةٍ أو رسالةٍ أو صورة انتفع بها ربما عشرات الآلاف عبر مواقع التواصل، وفي هذا خيرٌ كثير وأجرٌ عظيم والدالُ على الخيرِ له مثلُ أجرِ فاعله.

    - ومنها: تحقيقُ التواصلِ مع الأقارب والأصدقاء وتقوية المحبة والألفة، وهذا ظاهرٌ من خلال بعض القروبات النافعة التي تعتني بهذا الجانب.

    - ومن فوائد تلك البرامج: المنفعةُ المالية في نشر صور البضائع والتعاملات المالية، وتيسير المعلومات عنها مما يختصر الوقت على الناس ويحقق النفع لهم.

    - ومن الإيجابيات لتلك البرامج: التواصلُ مع الثقافات الأخرى وكسبِ صداقات متنوعة.


    أيها الفضلاء، وإن كانت تلك البرامج مما يُنتفع بها، فلاشك أن هناك من أساءَ استخدامها فوقع في الأضرار؛ فمن الأضرار التي نتجت من برامج التواصل:

    - التساهلُ في زيارة الأقارب بسبب أنهم معك في ذلك القروب، فأين زيارةُ الأعمام والعمات والأخوال والخالات، وأنتم تعلمون أن الزيارةَ الجسدية لها أثرٌ أكبر من مجرد الحوار عبر الواتس ونحو ذلك.

    - ومن ذلك: ترك محادثة الآخرين في المجالس والاكتفاء بتصفح تلك البرامج.

    عيبٌ والله أن تكونَ مجالسنا هكذا، أين المحادثة والكلمة الطيبة ؟ أين أدب الاستماع والإنصات للآخرين؟

    - ومن الأضرار: أنها ساهمت في إضاعةِ أوقات البعض ممن لايحسن الاستخدام لتلك المواقع والبرامج، فهو عليها ليلاً ونهاراً، وترتب على ذلك هجر القرآن.

    ألم يقل ﷺ : اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه . رواه مسلم .

    وقد حصل هناك تقصير في القراءة النافعة، وغيرها من العبادات والعادات الحسنة. 

    - ومن ذلك: الإضرار بالدوام والدراسة، فذلك الطالبُ يسهرُ على مواقع التواصل  إلى ساعةٍ متاخرةٍ من الليل، وإذا نظرنا لذلك الموظف فقد وقع في نفس المشكلة فتجده يتأخر عن وظيفته بسبب السهرِ الطويلِ على برامج التواصل.

    - ومن العجيب أن بعض الموظفين يترك الواجبات عليه في العمل ويهملُ المراجعين والمعاملات لانشغاله بتلك البرامج مما يضرُ بعمله وبانتفاع الناس به، وهذا خللٌ كبير ينبغي النظرُ فيه وإيجادِ الحلول له.

    - ومن الأضرار : أن البعض فتح لنفسه باب الافتتانِ بملاحقةِ صور النساء عبر جواله، وباتت تلك البرامج خيرُ معينٍ للوصولِ إلى الصفحات الخاصة بتلك المرأة عبر حسابها في تلك التطبيقات، فيكعف الشاب على تلك الصور ليلاً ونهاراً مما يجلب الضرر على دينه وعفته، وقد قال ﷺ : ماتركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء. رواه مسلم.

    - ومن الأضرار لتلك البرامج: أنها جعلت تلك المرأة تهملُ بيتها وتترك تربيةَ أولادها بسبب انشغالها بتلك المواقع.

    - ومن مفاسد تلك البرامج : سرعة انتشار المعلومة الكاذبة.
    فهذا يقرأ الخبر وربما نشره بدون أدنى تثبت من صحته، وقد يكونُ الخبر يتعلق بسياسة الدولة أو ببعض الفتاوى الكبرى للأمة أو بقصةٍ عن أحد العلماء أو المسؤلين مما يترتب على إشاعتها الضرر الكبير، وربنا يقول: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ".

    ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول " بئس مطيةُ الرجل زعموا ".

    فيا عبد الله، قبل أن تُصدق الخبر وتنشره، ابحث عن صحته وتأكد من ثبوته.

    - ومن أضرار تلك البرامج: إيجاد الشحناء والبغضاء عبر الحوارات والنقاشات التي تخلو من الأدب، فكم من قطيعةِ رحم كانت بسببِ محادثةٍ عبر الواتس وللأسف، وكم من شرارةِ طلاقٍ نتجت من خلال محادثةٍ عبر الواتس.

    فيا أحبتي ، تحاوروا ولكن بالأدب وتناقشوا ولكن بالكلمة الطيبة.

    - ومن الأضرار: كثرة التصوير للأحداث اليومية، وهذا يضرُ من ناحيةِ فتح الباب لحسد الناس عليك ومعرفتِهم لتفاصيلِ حياتك التي ربما كانت أجمل من حياةِ بعضهم.

    فهذه تصور حفلة زواج ابنتها، وشهر العسل، والهدايا التي قدّمها زوجها، وأخرى تصور غرفةَ نومها، وثالثة تصور وترسل للقروبات، ومنهن من ترفع صورها الخاصة عبر بعض التطبيقات، وكلُ ذلك يلفتُ الأنظار ويجلبُ العين والحسد.

    - ومن أضرار تلك البرامج: الوقوع في الشبهات والأفكار المنحرفة، ولعل المتابع لبعض الحسابات يقع على جملةٍ من التغريدات التي تطعن في ثوابت الدين وتستهزأ بالشريعة، وبعضها تقرر الإلحاد وللأسف الشديد، هذا من ناحية.


    - ومن الأضرار : أن بعض الفتيات في سن المراهقة قد تقع ضحيةً لتلك البرامج وتعيش في أسرار تلك البرامج لوحدها وفي غفلةٍ من والديها، وربما وقعت في الحب والمعاكسات مع بعض الرجال من خلال برامج التواصل.


    أيها الآباء لاتهملوا بناتكم ، أيها الأزواج انتبهوا لخطر تلك البرامج على زوجاتكم، أنا هنا لا أدعو للشك ولا للوساوس ولكن أؤكد على ضرورة الحذر والانتباه.

    اللهم وفقنا للحكمة في التعامل مع مستجدات العصر.

    --------


    الحمد لله.

    معاشر المسلمين، ولعل من أضرار تلك البرامج: وقوع حوادث السيارات، كما تحدثت بذلك بعض الدراسات ، وهذا واقعُ أصبحنا نراه وللآسف.

    فهذا يصور نفسه وهو يتجاوز السرعة حتى يصلُ لسرعةٍ تتجاوز ٢٠٠ ك في الساعة ولكنه يفقد السيطرة على نفسه ويموت، وهذا يراسل عبر الواتس وهو يقود السيارة وينسى نفسه ويرتكب بعض الحوادث.

    إن حفظ النفس من الضرورات الخمس التي جاءت بها كل الشرائع، وقد قال تعالى ( ولاتقتلوا أنفسكم )، 
    وهكذا تتعدد أسبابُ الحوادث ويكونُ الجوالُ في عصرنا أحدَ أبرزِ أسبابها.

    - ومن الأضرار لتلك البرامج: الجلوس طويلاً عليها مما يضر بالصحة ويزيد الوزن ويعرض الجسم للمخاطر الطبية بسبب كثرة الجلوس.


    أيها الكرام، 
    لقد أتعبتُ مسامعكم بكلامي هذا، ولكنها حقائق لابد من إدراكها والانتباه لها، وكلكم يعلم أن كل مشكلة ولها حلول.

    فتعالوا لبعض الحلول لمواجهة أضرار تلك الاستخدامات لبرامج التواصل:

    - إن من الحلول: 
    توعية للمجتمع بهذه الأضرار عبر الكلمة والرسالة والجلسات الأسرية وغيرها، ويدخل في ذلك : توعية الطلاب والطالبات، وهذا دور المدرسين والمدرسات.

    و
    من الحلول: تقليل الوقت لتلك البرامج.

    ومن الحلول: أن نملأ بيوتنا بالحب والاحترام والتفاعل مع أفراد الأسرة.

    إن الأب حينما يغيبُ كثيراً عن بيته، وتلك الأم التي تخرج كثيراً من بيتها لذلك السوق وتلك الحديقة، إن ذلك يخرج لنا جيلاً من الأبناء والبنات ممن تعلق قلبه بتلك البرامج مما يؤثر سلبياً على مستقبلهم وتربيتهم.


    ومن الحلول لهذه القضية: 

    - تربية أفراد الأسرة على رقابة الله بين وقت وآخر.

    - منع الأولاد والبنات الصغار من البقاء على الانترنت فترةً طويلة.

    اللهم إنا نسألك التوفيق في الدنيا والآخرة، اللهم لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، اللهم رحماك بإخواننا في كل مكان.

    سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين.


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    تلاوة من سورة الفرقان

    0:00

    صور من تواضع النبي عليه الصلاة والسلام

    0:00

    تأملات من قصة هود عليه السلام

    0:00

    رسائل من أب إلى ولده

    0:00

    تلاوة من سورة ق 38-45

    0:00



    عدد الزوار

    5088580

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1616 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة