• الثلاثاء 18 رَبيع الثاني 1446 هـ ,الموافق :22 أكتوبر 2024 م


  • صنائع المعروف





  • الحمد لله الذي يحبُ الإحسان، وكتبَ الجنانَ لأهل الرحمةِ والإحسان.

    وأصلي وأسلم على الرحمةِ المهداة، ذلك النبي كان رحيماً بالضعفاءِ والفقراء، ذلك النبي الذي عاشَ في خدمةِ المحتاجينِ والمساكينِ والبؤساء.

    أما بعد.

    يا عباد الله، إن من أبواب الجنة باب الصدقة، وإن من أحب الأعمال إلى الله الإحسان للمحتاجين.

    عباد الله، إن الفقراءُ أقوامٌ يسكنون بيننا، وربما كانوا جيراناً لنا، ولعلهم يصلون معنا، ولكن العفافَ أخفى فقرهم وحاجتهم.

    المساكين من جنس البشر يُحبون الطعامَ الجميل واللبس الجديد والحياةَ المناسبة ولكنّ ظروف الحياة باعدت بينهم وبينَ كلِ ذلك، ونحن قادرون على أن نجعلهم يتذوقون كلَ ذلك.


    أيها الكرام، 
    إن من عجيبِ عنايةِ الله بالضعفاء أن شرع الزكاة وجعلها من أركان الإسلام وجعلها قرينة الصلاة في عشرات المواضع من كتابه.

    وقد تولّى الله تقسيم المحتاجين لتك الزكاة مما يدل على عناية الشريعة بالمحتاجين؛ إنها شريعة الله، إنها رحمة من رحمات الله.


    يا عبد الله، 
    تعال معي لصنائعِ المعروف، تلك الأعمال الجميلة، التي ترفعك درجاتٍ عند الله.

    صنائع المعروف هي: الإحسانُ للآخرين، والوقوفُ معهم، وتفريجُ كرباتهم.

    يا أيها المجتمع، إن هناك في بلادنا، وفي مدننا، وفي قُرانا، وفي باديتنا، وفي أحيائنا، هناك فقراء، وضعفاء، ومحتاجين، ومساكين، ومعاقين، وأرامل، هناك من زاحمته الديون حتى غابت بسمته.

    هناك فتيات فقدن ذلك الأب الذي يرعى حوائجهن فهل يا ترى سأرعاهن أنا أو أنت ببضعةِ ريالاتٍ في كل شهر.

    أيها الكرام، إن المساهمة في التيسير على المحتاجين عملٌ عظيم، وقد تواترت النصوص ببيان فضله.

    الله يحبك حينما تتصدق بجزء من مالك لذلك الفقير؛ قال ربي تعالى وتقدس: ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ).

    ياصاحبَ الإنفاق، لقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ".

    وقال: " من يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه ".

    أخي المتصدق، اجعل نيتك لوجه الله تعالى، لا ليقال متصدق ولا ليقال فلان جواد؛ لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً له سبحانه وتعالى.

    أيها المبارك، داوم على الصدقات ولو على القليلِ منها، ورسولنا يقول " أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ".

    يا صاحب الإحسان، احذر أن تُعجب بعملك وتفتخر به؛ لأن العجبَ يحبطُ العمل، ويجعله يوم القيامة " هباءً منثوراً "، إن الذي وفقك للعمل هو الله، وهو الذي يقبله منك.

    أيها المتصدق، إن لم يكن لديك المال، فلديك الابتسامة، والكلمةَ الطيبة التي ربما كانت خيراً من أموالك، فابعث للفقراءِ بسمتك، واهمس إليهم بجميلِ كلماتك.

    لاخيلَ عندك تهديها ولا مال         فليسعد النطقُ إن لم يُسعد الحال

    أخي المتصدق، ابدأ بالأقربين من المحتاجين، والديك، إخوتك وأخواتك، فإن كانوا من ذوي الحاجة والمسكنة فهم أولى من غيرهم، وأما إن كانوا ميسوري الحال فانطلق نحو الفقراءِ.

    أيها المبارك، اعلم أن الصدقة بوابةٌ للشفاء من الأمراض والأحوال، قال صلى الله عليه وسلم " داوو مرضاكم بالصدقة " والحديث حسَّنه الالباني.

    وكم من مريضٍ تعافى بعد صدقةٍ لم يعلم بها أحد إلا الله، والقصص في هذا الباب متواترة ومشهورة.

    يا أيها المحسن، أبشر بالزيادةِ في مالك، قال ربنا تبارك وتقدس ( وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ )، وإياك أن تظن أنك خسرتَ بعض مالك حينما تصدقت به، أقول لك واللهِ إنك ربحت كلَ الربح لما تصدقتَ به.

    أخي الكريم، تأكد أن مالك يسبقك إلى الآخرة لتجده هناك، قال تعالى: ( وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ).

    يا عبدالله ، إن الصدقات سببٌ لفتح أبوابِ الرزق لك من حيث لا تحتسب، وكم من رجلٍ أنفق مالاً يسيراً ولكنّ الله عوضه بأموالٍ لم تكن تخطر على باله؛ إنه التعامل مع الله.

    أيها الباذلُ لماله، إن المال الذي تدفعه للفقير، إن المنتفعَ به في الحقيقة هو أنت قال تعالى: ( وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ).

    أيها المتصدق، كن حذراً من بعض رسائل الجوال التي تطلب منك الصدقة وبعضهم قد يضعُ رقم حسابه، ولربما كان حساباً عليه تحفظاتٌ أمنية.

     

    يا عبدالله، إن الصدقة تجعلك ممن يفوزُ بظل العرش الذي يكونُ يومُ القيامة، ذلك اليوم الذي تندو فيه الشمس على قدر ميل، ويكونُ الناسُ في العرق على قدر ذنوبهم.

    وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لاظل إلا ظله ، قال صلى الله عليه وسلم: " ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لاتعلمَ شمالهُ ماتنفقُ يمينه ".

    عجيبةٌ تلك الصدقة، قال صلى الله عليه وسلم: كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة.

    أيها الفضلاء ، إن الإحسان وبذل المعروف لايقتصر على المال فقط، بل إن من أنفع صور الإحسان، الإحسان بالجاه ونفع الناس، وقضاء حوائجهم من خلال الشفاعة الحسنة.


    اللهم اجعلنا من أهل المعروف، واجعلنا من أهل الإحسان.

    ---

    الحمد لله وكفى.

    معاشر المسلمين، هذا نداء لذلك البخيل، الذي لايعرفُ بيوتَ الفقراء، ولم يتذوق حلاوةَ العطاء، ذلك البخيل الذي يمسكُ مالهُ بحجةٍ أن الزمن تغير وأن الغلاء قد عمّ وانتشر.

    أيها البخيل لقد حرمتَ نفسك ألواناً من البركات، وأنواراً من الحسنات، يا من بخل بمالهِ، ماذا تقول لربك حينما يسألك عن جارك الذي ربما لم يذق طعاماً منذ أيام؟

    ماذا تقول لربك الذي رزقك بألوانٍ من الرزق، وأنت البخيل الذي ربما قصرت في زكاتك الواجبة فضلاً عن الصدقات.

    معاشر المسلمين، إن مما يُحزن أن يسافر ذلك الرجلُ بأسرته لتلك الدولة وربما أنفق نحو عشرين وثلاثين ألف، ولكنه يبخل عن المشاركة بمال يسير في أبواب الخير.

    يا أخي بارك الله لك في أهلك ومالك، ولكن تأكد أن صدقتك هذه هي التي تبقى لك وليس ما أنفقته هنا وهناك.

    اللهم ارحم المتصدقين والمتصدقات، وبارك لهم في أموالهم وأهليهم، اللهم من أنفق على المحتاجين فأنفق عليه وتولّ أمره يارب العالمين.

    اللهم اشرح صدور التجار لرعاية الفقراء والإحسان إليهم، اللهم احفظنا من الفتن ماظهر منها ومابطن، اللهم كن لعبادك الضعفاء والمحتاجين في كل مكان.

    اللهم صلِ وسلم وبارك على نبينا محمد.


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    ولقد آتينا لقمان الحكمة

    0:00

    مخالفات في الصلاة - 1

    0:00

    وقفات مع قصة يونس عليه السلام

    0:00

    قصة قارون

    0:00

    قصة إبراهيم عليه السلام والسكين

    0:00



    عدد الزوار

    4840951

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 22 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1586 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة