• الاحد 26 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :05 مايو 2024 م


  • أيها الداعية ليس المهم الشهرة

  •  



    في أثناء مسيرتك الدعوية قد تجد المعجبين بك وقد ترى الازدحام حولك أو عند محاضرتك أو على موقعك في الانترنت، أو على كتاباتك أو غير ذلك.

    وقد تسمع عبارات الثناء على جهودك الدعوية أو على علمك وأسلوبك أو أفكارك أو دعمك المادي وغير ذلك.

    وهذا الثناء لي عليه إشارات: 

    1- الفرح بالعمل الصالح من تمام نعمة الله عليك قال تعالى: ( فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) [يونس:58] .

    وفي الحديث الصحيح: « من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن » أي من فرح بتوفيق الله له للقيام بالحسنة فهذا دليل الإيمان، ومن أصابه الحزن على ذنبه الذي صدر منه فهو المؤمن لأنه يتألم بوقوعه في الذنب.

    وفي الحديث الآخر: « يا رسول الله أرأيت الرجل يعمل العمل ويمدحه الناس ، فقال: تلك عاجل بشرى المؤمن » رواه مسلم . أي أن المدح جاءه ولم يسع هو إليه، وهذا الفرح محمود ومرغوب وهو نتيجة من نتائج الإقبال على الله تعالى وثمرة من ثمار الحسنات.

    2- اعلم أن إقبال الناس عليك دليل على محبتهم لك وهذا دليل بإذن الله على قبولك عند الله تعالى، كما في الحديث: « إذا أحب الله عبداً نادى جبريل إني أحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل » رواه البخاري  .

    وقال بعض السلف: من أقبل بقلبه على الله أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه.

    3- اعلم أن السلف كانوا يخافون من الشهرة ويبتعدون عنها، فقد قيل للإمام أحمد في زمن الفتنة: إن الناس يدعون لك، فقال: أخشى أن يكون هذا استدراج ، وكان بعض السلف إذا اجتمع عنده فوق العشرة ترك المجلس وقام.

    وقال بعضهم: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب، أي مدخل للغرور أو للرياء أو لنحو ذلك من المداخل، وكان الإمام أحمد يكره أن يمشي خلفه أحد من الناس.

    4- أوصيك بأن تحاسب نفسك وأن لا تغتر بمدح الناس لك وشهرتك عندهم، فالناس لا يعلمون بسريرتك وحالك الخفي مع الله، وقد أوصى بعضهم فقال: إذا جلستَ واعظاً للناس فاعلم أنهم يراقبون ظاهرك، والله يراقب باطنك.

    وقال آخر: لا تكن ولياً لله في العلانية عدو له في السر.

    5- أكثر من حمد الله وشكره الذي وهبك نعمة محبة الناس لك، واعلم أن هذه النعمة فضل من الله تحتاج إلى شكر وخضوع وتذلل لله تبارك وتعالى.

    6- لا تعتقد أنك بشهرتك وانتشار اسمك خير وأحب إلى الله ممن لم يُعرف ولم يشتهر فقد يكون هناك رجل أعمى مشلول فقير هو أحسن منك حالاً عند الله، وما يدريك من هو التقي ؟ ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ) [آل عمران:115].

    7- اعلم أن هذه الشهرة ابتلاء لك، أتشكر ربك وتحمده وتواصل القرب منه والخضوع له أم تجحده وتستكبر، وانظر إلى نبي الله سليمان لما قال: ( هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ) [النمل:40].

    8- إذا جاءك الشيطان وقال لك ابتعد عن ميدان العلم أو الدعوة لأنها هي سبب لشهرتك والشهرة فتنة فإياك أن تستجيب لداعي الشيطان وتترك طريق العلم أو الدعوة، بل واصل المسير وتوكل على العزيز الرحيم واسأل ربك المزيد وسوف يحميك من كيد الشيطان ونزعاته.

    9- إذا كنتَ مشهوراً في بلد أو عند مجموعة من الناس فقد تذهب إلى بلد لا يعرفك أهله ولم يسمعوا بك أصلاً فقد تضيق نفسك عندما تفقد تلك الشهرة وتلك الفخامة التي تعودت عليها، وهذا من أعظم آفات الشهرة، نسأل الله السلامة.

    10- ما أجمل أن تكون مع شهرتك إنساناً متواضعاً بسيطاً سهلاً يسيراً في حياتك مع الناس، وانظر لحال سيد الأنبياء الذي هو أعظم شهرة ومع ذلك فهو سيد المتواضعين، وعلى هذا سار الصحابة والتابعون والسلف الصالح رضوان الله عليهم، واعلم أن تواضعك الصادق يزيد من حب الناس لك وتقديرهم واحترامهم.


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    تأملات في سورة الطور - 1

    0:00

    كيف نتعامل مع الإشاعات ؟

    0:00

    تأملات من سورة الأحقاف - 2

    0:00

    حاجتنا للعفو

    0:00

    الاهتمام بالزوجة

    0:00



    عدد الزوار

    4184213

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1595 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة