1- عِلْمُ الحديثِ هوَ: علْمٌ يعتنِي بأقوَالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ وأفعالِهِ وتقريرَاتِهِ وصِفَاتِهِ الخَلْقيَّةِ والخُلُقية.
2- علْمُ الحديثِ لَهُ عدَّةُ أسمَاءٍ، فمنْهَا " السُنَّةُ، الأَثَرُ"، وسيكونُ لفظُ السُنَّةِ والحديثِ أكثرَ مَا نتكلّمُ عنْهُ فِي هذِهِ الرسالَةِ، لأَنَّهُ أكثرُ شهرَةً لهَذَا العِلْم.
3- بعضُ الناسِ يقولُونَ نحنُ لا نُؤْمِنُ إلا بالقرْآنِ فقط، ويرفُضُونَ الاحتجَاجَ بالسُنَّةِ النبويَّةِ، ويمْكِنُ الرَّدُّ علَى هؤلاءِ مِنْ وُجُوهٍ:
- أنَّ اللهَ أمَرَنَا في القرآنِ بطاعَةِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ في مواضِعَ تَصِلُ إلى نحوِ 30 موضِعًا، ومنهَا قَوْلُهُ تعَالَى " وأطيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون ".
وقالَ تَعَالَى " وإِنْ تُطِيعُوهُ تهْتَدُوا ، وقالَ تعَالَى " ومَا آتَاكُمُ الرسُولُ فخُذُوهُ ومَا نَهَاكُمْ عنْهُ فانتَهُوا " فَهَذِهِ الآيَاتُ تُؤَكِّدُ علَى وجوبِ طَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ فكيفَ نطيعُهُ إذَا رفضْنَا سُنَّتَهُ التِي نَقَلَها الصحَابَةُ عنْهُ؟
- أنَّ اللهَ تعَالَى أخبرَنَا بِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ هوَ وَحْيٌ مِنْهُ سبحانَهُ وَتَعَالَى، قَالَ تعَالَى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى. إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى)، وفِي الحَدِيثِ " ألَا إِنِّي أوتيتُ القرءانَ ومِثْلَهُ مَعَهُ، ألَا يوشِكُ رَجُلٌ شبْعَان علَى أريكَتِهِ يقولُ عليكُمْ بِهَذا القرآنِ فَمَا وجدْتُمْ فيهِ مِنْ حَلالٍ فأَحِلُّوهُ ومَا وجدْتُمْ فيهِ مِنْ حرَامٍ فَحَرِّمُوه وإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ كَمَا حَرَّمَ اللهُ " رواهُ أبو داودَ وابنُ ماجَه بسنَدٍ صحيحٍ.
- أنَّ القرآنَ مليءٌ بالأحكَامِ والآدَابِ العَامَّةِ التِي لَا يمكِنُكَ القيامُ بهَا إلَّا بالرجُوعِ لسُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، مِثْلَ: الصلاةِ، فَقَدْ أمَرَنَا اللهُ بها فِي عِدَّةِ آياتٍ ولكنْ لَمْ يُبَيِّنِ اللهُ كيفيَّةَ الصلاةِ مِنْ ناحِيَةِ عَدَدِ ركعاتِهَا وأوقَاتِهَا وأحكَامِهَا التفصيليَّةِ، فكيفَ سنَعْرِفُ ذلكَ إلا بالرجوعِ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ التِي وَضَّحَتْ كُلَّ ذلك، وقُلْ مِثْلَ ذلكَ فِي الصيَامِ والزَّكَاةِ والحَجِّ وغيرِهَا مِنَ الآدَابِ الإسلامِيَّةِ.
4- لمَّا كَانَتِ السُنّةُ هِيَ الحِصْنُ الحصينُ لهَذَا الدِينِ فَقَدْ حَاوَلَ الأعدَاءُ الطعْنَ فيهَا بشتَّى المجَالَاتِ، ولكنْ وقَفَ العلمَاءُ فِي وجهِ تِلْكَ الهجماتِ ودافَعُوا عَنِ السُنَّةِ وردُّوا عَلَى كُلِّ الشُّبُهَاتِ.
5- منْ عَلامَةِ التوفِيقِ أنْ تكُونَ مِنَ المتبِعِينَ للسُنَّةِ فِي العقِيدَةِ والقولِ والعَمَلِ والأخلاقِ، وهَكَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وسارَ التَّابِعُونَ لَهُمْ علَى ذلكَ، وأمَّا الاقتِصَارُ علَى الاتِّبَاعِ فِي العقِيدَةِ، والمخَالَفَةُ فِي الأخلاقِ فليسَ مِنْ مَنْهَجِ السَّلَفِ.
6- مِنْ مظَاهِرِ هجْرِ السُّنَّةِ: رفضُ الأحادِيثِ الثابِتَةِ، بِحُجَّةِ مخَالَفَةِ العقْلِ أَوْ أنَّهَا لا تُنَاسِبُ الوَاقِعَ، أو بتأويلِهَا بِمَعَانٍ مُنْحَرِفَةٍ.
والرَّدُّ عليهِمْ بأنَّهَا وَحْيٌ مِنَ اللهِ، والذِي خَلَقَ الحَيَاةَ يَعْلَمُ مَا يَكُونُ فيهَا فأنزَلَ هذَا الوحْيَ الذِي يَصْلُحُ لكلِّ نواحِي الحيَاةِ المتجَدِّدَةِ، قالَ تَعَالَى " ألَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ".
قالَ الإمَامُ مَالِكٌ: أكُلَّمَا جَاءَنَا رَجُلٌ أجْدَلُ مِنْ رَجُلٍ ترَكْنَا مَا نزَلَ بِهِ جبريلُ علَى نبيِّنَا ﷺ.
7- السُنَّةُ قَدْ تَضْعُفُ فِي بعْضِ الأزمِنَةِ ولكنَّهَا لَا تَمُوتُ بَلْ يَحْفَظُهَا اللهُ ويحفَظُ أهلَهَا، وأمَّا البِدَعُ ودولُهَا فَلَوْ قَامَتْ فِي زَمَنٍ فَإِنَّهَا لَا تبقَى بَلْ تختَفِي، وانظُرْ فِي حَالِ أئِمَّةِ البِدَعِ ماتُوا واختَفَتْ سِيَرُهُمْ، وأَمَّا أئمَّةُ السُنَّةِ فأبْقَى اللهُ ذِكْرَهُمْ، كَأَحَمَدَ وابنِ تيميةَ رحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى.
8- علَى اختَلافِ الفِرَقِ والمَذَاهِبِ البَاطِلَةِ، فإِنَّهُمْ مشتَرِكُونَ فِي إنكارِهِمْ للسُنَّةِ، أصلاً أَوْ فهْماً أَوْ تأوِيلاً أَوْ وضْعاً وتَحْرِيفاً.
9- الفَرْقُ بينَ القُرْآنِ والسُنَّةِ:
- القُرْآنُ كُلُّهُ كَلَامُ اللهِ، وأمَّا السُنَّةُ فمنْهُ كلامُ اللهِ كالحَدِيثِ القُدسِيِّ، ومنهُ قولُ الرسُولِ ﷺ، ومنْهُ قولُ الصحَابَةِ فِي نَقْلِ فعْلِ النبيِّ ﷺ.
- - القُرْآنُ مُتعَبَّدٌ بتِلَاوَتِهِ فِي الصَّلَاةِ.
- - القُرْآنُ كلُّهُ منقُولٌ بالتَوَاتُرِ.
- - تلزَمُ الطَّهَارَةُ لمسِّ المصْحَفِ.
- - القرآنُ يُرتَّلُ ويُتَغَنَّى بتِلَاوَتِهِ.
- - القُرْآنُ لا يُقْرَأُ بالمَعْنَى.
10- منْ فَضْلِ علْمِ الحَدِيثِ: أنَّ طَالِبَ هذَا العِلْمِ يُكْثِرُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ لِكَثْرَةِ ما يقرَأُ أو يحفَظُ مِنَ الأحاديث.
11- وَرَدَ في الحديثِ " نَضَّرَ اللهُ امرَأً سمِعَ مِنَّا مقالَةً فَحَفِظَهَا " حديثٌ صحيحٌ أخرجَهُ أصحَابُ السُّنَن.
قالَ أهلُ العِلْمِ: هَذَا الحديثُ يَدُلُّ عَلَى فضْلِ العِنَايَةِ بِعِلْمِ الحديثِ وَسَمَاعِهِ وحفظِهِ؛ وذلكَ لأنَّ الرسولَ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ دَعَا بالنُّضْرَةِ لمَنْ حَرِصَ عَلَى سماعِ الحديثِ وحِفْظِهِ، ولِهَذَا قَالَ بعضُهُمْ: لا تَرَى طالِبَ الحديثِ إلا وعَلَى وجهِهِ نضَارَةٌ بِبَرَكَةِ دعاءِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ لَه.
12- قُوَّةُ الحجَّةِ عنْدَ الاستدلالِ فِي الفَتْوَى أَوِ الحِوَارِ مَعَ الآخَرِينَ، لأنَّ الحديثَ حُجَّةٌ بنفسِهِ فِي الشرِيعَةِ.
13- قَدْ تَشْعُرُ بالغُرْبَةِ فِي بعضِ الأزمِنَةِ بِسَبَبِ غيابِ النَّاسِ عنِ العِلْمِ الشرْعِيِّ " الكتابُ والسنَّةُ " وانشغالِهِمْ بمواقِعِ التواصُلِ أو بالدنيا، فحينَهَا لا تَقْلَقْ ولا تحْزَنْ، واستَشْعِرْ مرافَقَتَكَ للرعيلِ الأَولِ مِنَ الصحَابَةِ والتابِعِينَ الذينَ عاشُوا مَعَ الكِتَابِ والسُّنَّةِ فِي كلِّ تفاصِيلِ حيَاتِهِمْ.
14- قالَ ابنُ تيميَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: القائِمُونَ بِحِفْظِ العِلْمِ الموروثِ عَنْ رسولِ اللهِ ﷺ الحافظُونَ لَهُ مِنَ الزيَادَةِ والنُّقْصَانِ همْ مِنْ أعظَمِ أولياءِ اللهِ المتقينَ وحزْبِهِ المفلِحينَ.
15- وقالَ رَحِمَهُ اللهُ تعَالَى: أهلُ الحَدِيثِ ليسوا مجَرَّدَ حفظَتِهِ والمقتصِرينَ عَلَى سمَاعِهِ وكِتَابَتِهِ، بَلْ نَعْنِي بِهِمْ كُلَّ مَنْ كَانَ أحَقَّ بحِفْظِهِ ومعرفَتِهِ وفهمِهِ ظاهِراً وباطِنًا واتِّبَاعِهِ ظاهراً وباطناً.
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
عشرون إشراقة قرآنية تربوية
0:00
أحكام صلاة الجمعة - 2
0:00
سورة المعارج
0:00
تأملات في سورة الطلاق
0:00
رسائل في طلب العلم
0:00
عدد الزوار
6813784
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 41 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1687 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |
