• الخميس 5 شَوّال 1446 هـ ,الموافق :03 ابريل 2025 م


  • كلمات في القدوة

  •  

      

    لاشك أنه يوجد في كل زمن مجموعة من الرجال والنساء الذين كانت لهم بصمة وتأثير فيمن حولهم، في مجالاتٍ مختلفة، في العلم، والعبادة، والدعوة، والسياسة، والعفاف، والتجارة، والأخلاق، وغير ذلك مِن الصفات الرائعة، والوصف العام لهم أنهم( قدوات )، وعندي همسات حول القدوات فأقول:

    ١- الشخصُ القدوة يُعتبر ثروة للمجتمع في أي مجالٍ كان، ولنفترض أنّ عندنا قدوة في التقنية، وعنده خبرات في مجاله وله ابتكارات في ذلك، فكم هي الفوائد التي سيجنيها المجتمع مِن خلاله.

    ٢- الشخصُ القدوة في الأخلاق، الذي ترى فيه الكرم والتواضع والابتسامة والتعاون وغيرها مِن الأخلاق، ياترى ماهو حجم تأثيره على أسرته وزملاء العمل وجيرانه؟

    إنه الشخص المحبوب بمجرد رؤيته، وإنّ المجتمع ليحتاج للمئات مِن هذا النوع، لأننا في أزمة قدواتٍ في الأخلاق.

    ٣- ذلك العابد الذي ترى فيه كثرة الصلاة والصيام وقراءة القرآن، وترى في وجهه أثر العبادة كالخشوع، إنه يُذكرك بصالِحي السلف، ياترى ماشعورك إذا رأيته؟ بلاشك أنك تزداد إيماناً، فكيف لو رافقته في السفر والحضر لترى عجائب عبادته وزهده وخشوعه.

    ٤- ولن ننسى تلك المرأة العفيفة، ذات الأدب الجميل، والعلم المتين، والعقل الراجح، التي لها بصمات واضحة على أسرتها ومجتمعها، إنها قدوة ماثلة لبنات الجيل.

    وبعد هذه الكلمات يُمكن أن نصع مّعالم مهمة حول القدوة فنقول:

    ١- مِن المعالم المهمة في القدوة أنه ليس معصوماً مِن الخطأ والذنب، بدءاً مِن الصحابة فمَن بعدهم، لأنّ الله جعل العصمةَ للأنبياءِ فقط، فكل بني آدم خطّاء وخيرُ الخطّاين التوابون، لذلك لايصح تقديس القدوة واعتقاد العصمة فيه.

    ٢- ومع ذلك فإننا نعتقد أنّ أخطاء القدوات يسيرة بالنسبة لحسناتهم وآثارهم الإصلاحية في المجتمع، فلايصح أن ننسى حسناتهم بسببِ زلّةٍ يسيرة، ومَن الذي لايخطيء، ولو أننا تركنا العالِم والداعية وغيرهم مِن القدوات بسبب ذنبه، لما بقي لنا أحد نقتدي به، قال ابن تيمية: وليس مِن شرط ولي الله أن يكون معصوماً.

    ٣- لايصح أن نقتدي بالقدوة حينما يخطيء، نعم نحبه في الله ولكن نكره الخطأ الذي وقع فيه، ونُحسنُ الظنّ، ونلتمسُ له العذر، وإن أمكن نصحناهُ بالتي هي أحسن، لأنّ الدينَ النصيحة، ويشمل ذلك نصيحة القدوات.

    ٤- ينبغي تنويع جوانب الاقتداء مِن القدوات، فتقتدي بذلك العالِم في علمه، وتقتدي بذلك العابد في عبادته، وتأخذ مِن ذلك التاجر جانب القدوة في بذله المال للمساكين، وهكذا.

    ٥- قراءة سير العلماء والصالحين تفتح لك جوانب مُتعددة في القدوة، لذلك احرص على مُطالعة سيرهم بين وقتٍ وآخر.

    ٦- بعض القنوات تُصدّر أشخاصاً ليكونوا قدوةً للشباب والبنات، وهم ليسوا كذلك، وهذه جريمة كبيرة في تربية الأجيال.

    ٧- لايصح التعصب للقدوة، والتسليم لكل مايقول ويفعل، لأنّ كل واحد يؤخذ مِن قوله ويُترك إلا النبي ﷺ، والقاعدة أن آراء العلماء يُحتج بها مع الدليل ولايُحتج بها على الدليل، وإنك لتتعجب ممن يأخذ بقول فقيهٍ أو داعيةٍ أو غيرهم مع مخالفة ذلك لهدي النبي ﷺ، نعم نحن نلتمس لهم العذر، فربما لم يبلغهم الدليل، ولكن لانجعل قولهم مُقدّماً على الكتاب والسُنّة.

    ٨- مِن علامة أهل البدع تقديم آراء شيوخهم على سُنّة النبي ﷺ وبهذا ضلّوا عن الصراط المستقيم، وهذا ظاهر في الصوفية والرافضة، ونحوهم من الفرق الضالّة.

    ٩- في الجانب الدعوي يُقال ( القدوة قبل الدعوة ) والمراد أنَّ الداعية قبل أن يتكلم، لابد أن يكون قدوةً في أخلاقه، لأنّ الأفعال أقوى صوتاً من الكلمات، حتى لو كانت النصيحة في مجلس أو في لقاءٍ عابر، يجب أن يكون الداعية ذا أدبٍ ورفقٍ وابتسامة قبل أن يمارس تلك النصيحة، لأنّ النفوس مجبولة على السماع مِن هذا النوع مِن الناس.

    ١٠- ينبغي على الوالدين أن يذكروا لأبناءهم وبناتهم قصص القدوات مِن الصالحين والصالحات، مع مراعاة مستويات الأبناء والبنات، ومايصلح لهم مِن تلك القصص.

    نسألُ اللهَ أن يجعلنا قدوات في الخير، وأن يجعل لنا بصمة صالحة في مجتمعاتنا.


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    الكلمات الجارحة

    0:00

    مقدمات في علوم القرآن ( 1 )

    0:00

    الرضا بالقدر

    0:00

    لا تكن من هؤلاء

    0:00

    الحوار في الدعوة

    0:00



    عدد الزوار

    5533801

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 33 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1640 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة