قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وبالجملة؛ فلا شيء أنفعُ للقلب من قراءة القرآن بالتدبُّر والتفكُّر؛ فإنه جامعٌ لجميع منازل السائرين، وأحوال العاملين، ومقامات العارفين، وهو الذي يورثُ المحبةَ والشوقَ والخوفَ والرجاءَ والإنابةَ والتوكُّل والرضا والتفويض والشكرَ والصبرَ وسائر الأحوال التي بها حياةُ القلب وكمالُه، وكذلك يزجرُ عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فسادُ القلب وهلاكُه.
فلو عَلِمَ الناسُ ما في قراءة القرآن بالتدبُّر لاشتغلوا بها عن كلِّ ما سواها، فإذا قرأه بتفكُّرٍ حتى مرَّ بآيةٍ هو محتاجٌ إليها في شفاء قلبه كرَّرها ولو مئة مرَّة، ولو ليلة؛ فقراءةُ آيةٍ بتفكُّرٍ وتفهُّمٍ خيرٌ من قراءة ختمةٍ بغير تدبُّرٍ وتفهُّم، وأنفعُ للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان وذَوْقِ حلاوة القرآن.
وهذه كانت عادة السَّلف، يردِّدُ أحدُهم الآيةَ إلى الصباح، وقد ثبت عن النبيِّ ﷺ أنه قام بآيةٍ يردِّدُها حتى الصباح.
وهي قولُه: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: ١١٨].
فقراءةُ القرآن بالتفكُّر هي أصلُ صلاح القلب.
ولهذا قال ابن مسعود: لا تَهُذُّوا القرآنَ هَذَّ الشِّعر، ولا تنثروه نثرَ الدَّقَل، وقِفُوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب.
وقال ابن مسعود ــ أيضًا ــ: اقرؤوا القرآن، وحرِّكوا به القلوب، لا يكن همُّ أحدكم آخرَ السورة.
وعن أبي جمرة، قال: قلت لابن عباس: إني سريعُ القراءة، إني أقرأ القرآنَ في ثلاث، قال: لأنْ أقرأ سورةً من القرآن في ليلةٍ فأتدبَّرها وأرتِّلها أحبُّ إليَّ من أن أقرأ القرآنَ كما تقرأ. مفتاح دار السعادة 1 / 535
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
تأملات في سورة محمد - 1
0:00
تنبيهات للآباء
0:00
تلاوة من سورة آل عمران للآيات 26 - 28
0:00
قالوا عن النجاح
0:00
الحكمة
0:00
عدد الزوار
5214232
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 29 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1627 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |