• الخميس 19 جُمادى الأولى 1446 هـ ,الموافق :21 نوفمبر 2024 م


  • 13 قاعدة في إدارة المشكلات


  •  

     

    لا تخلو حياتُنا من وجودِ بعضِ المشكلاتِ التي تعكرُ صفو الحياةِ وتجلبُ الحزنَ معها.

    وهذا من طبعِ الحياة التي جُبلت على كدرٍ وأنت تريدها صفواً من الهموم، ولكن اعلم أنه ليستِ المشكلة في وجودِ المشكلة، ولكنَّ المشكلة في طريقةِ التفكير التي نواجهُ بها المشكلة.

    ولك أن تتأمل معي هذه الحالات:

    1 - ذلك الرجل اكتشف أن ابنه وقع في التدخين، فما كان من الوالدِ إلا أن قام بضربه بكل قوة وألقى عليه عباراتِ السبِ والشتم، ولولا تدخل زوجته لطرده من البيت، فهل هذا هو الحل لمشكلةِ تدخينِ الابن؟ أليس هناك حلولٌ أخرى؟

    2 - مشهدٌ آخر: ذلك الزوج يعاني من تقصير زوجته في البيت وقلةِ عنايتها بنظافته، فما كانَ منه إلا أن أخذها وذهبَ بها لأهلها وقال: خذوا ابنتكم وحاولوا إصلاحَ شأنها، فهل هذا هو الحل الوحيد لتلك المشكلة؟ أليست هناك حلولٌ أخرى قبل الذهابِ بها لبيتِ أهِلها؟

    3 - مشهدٌ ثالث: في تلك الدائرة الحكومية يلاحظُ المدير العام سلوكاً على أحد الموظفين فيقرر ذلك المدير إفادته وإنذاره بأسلوبٍ سيء بعيدٍ عن الأدبِ والحوارِ الهادئ، أليس هناك حلول أخرى مع ذلك الموظف؟

    أيها الفضلاء هذه نماذجُ في واقعنا تدلُ على سوءِ الإدارةِ للمشكلاتِ التي تنزل بنا، وما خفي أعظم.

    ولقد أتيتُ لكم بقواعدَ تفيدُ في إدارةِ المشكلات وتُساهم في حلها.

    القاعدةُ الأولى: التثبت من وقوع الخطأ عند الطرف المتهم.

    إن مما يؤسف له أيها الأحبة أننا أحياناً قد نتهمُ الآخر بالخطأ وهو بريء منه، وذلك بسبب تقصيرنا في التثبتِ، مع أن القرآن يؤدبنا (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا).

    كم مِن زوجٍ رمى زوجته ببعض التُهم وهي بريئةٌ منها، بسببِ أنه سمع والدته أو أخواتَه يتكلمونَ فيها.

    وكم مِن زوجةٍ أساءت الظن بزوجها بسبب شكٍ ألقاهُ الشيطانُ عليها.

    كم مِن مديرٍ أخطأ مع موظفيه بسببِ عدم التثبت مما نُقل عنهم.

    كم مِن صديقٍ هجرَ صديقهُ بسببِ إشاعةٍ انتشرت عنه وهو بريءُ منها.

    أيها الكرام، تثبتوا وتأكدوا مِن الأخبارِ التي تُنقل عن الآخرين.

    أليس مِن الظلم أن ترموا بالاتهامات بلا بينةٍ ولا برهان؟

    القاعدةُ الثانية: السماعُ من الشخص وليس السماعُ عنه، وبينهما فرقٌ كبير.

    السماعُ من الشخصِ يعني الجلوسَ مع صاحبِ الخطأ أو الاتصال به، والحوارُ معه والاستماعُ لتفاصيلِ الموضوعِ منه، ومعرفةُ تفاصيلِ الحدث، وأما السماعُ عنه فهو سماعُ الكلامِ الذي يُشاعُ عنهُ من المغرضين والحاسدين.

    وإليكم هذا المثال، تأتي البنت وتشتكي من زوجها، فماذا يفعل الأب؟ يبدأ الاتصال على الزوج ويتكلم عليه بكلام لا يليق، بدون أن يمنحه فرصة للكلام أو تبيين وجهة نظره.

    إنها قصة تتكرر في قضايا الصلح بين الزوجين.

    القاعدةُ الثالثة: إحسانُ الظن بالآخرين.

    إننا حينما نتثبت مِن الخطأ ونتأكد مِن وقوعِ صاحبنا في المشكلة، يجبُ أن نحسن الظن، قال تعالى: (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ).

    يمكنك يا أخي أن تلتمس لأخيك عذراً في تقصيره في ذلك العمل، أو في وقوعه في ذلك الخطأ.

    وهنا مثال: يوجد موظف يتأخر عن الدوام بشكلٍ دائم، وهذا خطأ، ولكن قبل أن نُسيء الظن به، يُمكن أن نسأله عن السبب، فقد يكون لديه عذر قوي، فإن لم نجد له عذراً، فهنا نتجه للعتاب أو الإنذار، حسب ما تقتضيه المصلحة.

    تنبيه: يجبُ أن ندرك أن قاعدةَ حُسنَ الظن ليست على الإطلاق، فهناك حالات يجب أن نكون فيها حذرين مِن أخطاء الآخرين وذلك حسب القرائن.

    القاعدةُ الرابعة: استشارةِ الحكماء في حل المشكلة وعدم التفرد بالرأي، فإذا كانتِ المشكلةُ مالية فاستشر الخبراءِ في المال، وإن كانت المشكلةُ تربوية فاستشر أهل التربية، وهكذا في كل مجال.

    إنّ الاستشارةَ أيها الكرام تفتحُ آفاقاً جميلةً في الحلول، وربنا يأمر نبيه ويقول: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ).

    إنَّ مِن الخلل أن تتخذ قراراً لحلِ مشكِلتك بدونِ أن تَعرِضها على رجلٍ حكيم.

    الاستشارة هي إضافةُ عقولٍ إلى عقلك، والاستشارةُ تمنحكَ الطمأنينةَ في اتخاذ الحل المناسب لأنَّ الحُكماء اتفقوا معك على ذلك.

    القاعدةُ الخامسة: ضع للمشكلةِ حجمها المناسب.

    فلا يصح أن تُضخم المشكلة وهي صغيرة، ولا يصح أن تُصغر المشكلة وهي كبيرة.

    إنَّ النظرة الحكيمة للمشكلات تُعطيك تصوراً واضحاً حولها، وبعد ذلك يمكنك أن تتخذ الحل المناسب لها.

    وهنا أمثلة:

    أولاً: إذا أخطأ أحد أولاد جيرانك على ولدك ببعض الكلام السيء.

    فليس الحل أن تُضخم المشكلة وتذهب للشرطة.

    إنَّ الحل هو الحوار مع المخطئ أو مع والدهِ، وأن يعتذر لك وأن يتحقق الصلح.

    مثال آخر: حينما تختلف زوجتك مع والدتك في موضوعٍ ما، فهل هذا الخلاف يستدعي الطلاق أو التهديدِ به.

    أيها الفضلاء، لقد وقفتُ على مشكلاتٍ صغيرة ولكن أصحابَها نظروا لها بشكلٍ أكبرَ مِن حجمها وخسروا كثيراً. 

    القاعدةُ السادسة: كن جزءاً مِن الحل لا جزءاً مِن المشكلة.

    والمعنى ساهم في حل المشكلة التي نزلت بصاحبك، أو بزوجتك، أو بولدك، ولاتكن بتصرفاتك جزءاً مِن المشكلة بسببِ نظرتكَ لها وغفلتك عن قواعد حلها.

    القاعدةُ السابعة: التزم الهدوء في التعامل مع المشكلة.

    إن الرفقَ دليلُ التوفيق، وفي الحديث الصحيح " ما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه ولا نُزِع من شيءٍ إلا شانه " رواه أحمد بسندٍ حسن.

    إن الاستعجال لا يزيدُ المشكلةِ إلا سوءاً.

    اهدأ قليلاً ولا تفكر في الحل وأنت في حال الغضب، وبالتجربة فإن تأجيل الحل لساعات أو لأيام – حسب المشكلة - يجعلك تتخذ الحل المناسب بإذن الله تعالى.

    القاعدةُ الثامنة: لا تتجه للأنظمة إلا بعدَ تعثرِ الحلولِ الأولية.

    وتوضيحُ ذلك: بعضنا يتجه للمحاكم لحل قضاياهُ الزوجية، وهذا جيد ولكن ليس هذا أول الحلول.

    وآخر يتجه للشرطة عند أدنى مشكلة في خصومة مع جيرانه.

    ومضة: إن هناك عدة حلول، وهناك صلحٌ قبل الذهاب للجهات القضائية أو الرسمية.

    أيها الأحبة، إننا حينما نُعالج المشكلة بطريقة الصلح فإن هذا أسهل من معالجتها بعد وصولها للمحاكم.

    القاعدةُ التاسعة في إدارة المشكلات: التخلص من أسباب المشكلات.

    أيها الرجل، إنّ مِن العيب أن تتكررَ المشكلةُ في بيتك بسبب غفلتك وقلةِ انتباهك لتصرفاتك، فوالديك دائماً يعاتبونك، ولكنك تكرر الخطأ.

    وهذا زوج ينصح زوجته باستمرار في الاهتمام بالأبناء والبنات، ثم تستجيب ليوم أو يومين، ولكنها تعود لتقصيرها بعد أيام.

    وهذا زوج يسمع العتاب من زوجته في كثرة السهر خارج المنزل، فلماذا لا يستجيب لنصيحتها؟

    كم من موظف يعاتبه مديره في تأخره وغيابه ولكنه لا يبالي.

    ومضة: يجب أن نكون أقوياء وأذكياء في الحذر من تكرار الخطأ الذي نقع فيه.

    القاعدةُ العاشرة: الثقة بالنفس في حل المشكلة.

    أيها الأحبة، ما أجمل أن نكون أقوياء في حلِ مشاكلنا.

    وهنا أمثلة:

    1- هذه زوجة تعترفُ وتعجز عن حلِ مشاكلِ أولادها، فنقول لها: أختاه لا تيأسي واستمري في البحث عن الحلول واصبري عليها.

    2- وهذا طالب يشعر بصعوبة دراسته الجامعية، فنقول له: كن واثقاً بنفسك في مواجهة تلك الصعوبات، واجتهد حتى تحقق أحلامك بإذن الله.

    أيها الكرام، كونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة أي مشكلة ولا تستسلموا لها وأبشروا فالله معكم بتوفيقه وتيسيره.

    إن الهروبَ من المشكلةِ ليس حلاً، إن الحل في مواجهتها بكل حكمة.

    القاعدةُ الحاديةَ عشر: هناك حلول وليس حلاً واحداً.

    إن من الخلل أيها الفضلاء أن نفكر في حلٍ واحد للخروج من الأزمة التي نحن فيها، وإني أنصحك بأن تقول لنفسك وللآخرين: هناكَ عدة حلول.

    نعم هناك عدة حلول في إصلاح الخلل عند زوجتك وليس الحل هو الطلاق.

    هناك حلول لإصلاح أخطاء ولدك وليس حلاً واحداً.

    مع موظفيك حينما يخطئون تأكد أن هناك عدة حلول للارتقاء بهم.

    مع المجتمعِ الذي أنت فيه توجد حلول كثيرة لإصلاحِ ما يوجد بينهم.

    إذن احفظها جيداً، هناك حلول وليس حلاً واحداً.

    القاعدة الثانية عشر:

    حينما تتخذ الحل لمشكلتك، فقارن بين الفوائد والأضرار في ذلك الحل، فإن كانت فوائده أكثر فاستعن بالله، وإن كانت الأضرار أكثر فتوقف، وابحث عن حلٍ آخر.

    مثال 1: عندك مشكلة في وظيفتك، وأنت تريد الانتقال لقسمٍ آخر، فقبل أن تقدم معاملتك، انظر في الإيجابيات والسلبيات بشكل عام، ثم اختر الحل المناسب.

    مثال 2: إذا وقع زوجكِ في خطأٍ كبير، فقارني بين فوائد البقاء معه وبين الطلاق، ثم انظري في الأضرار من البقاء معه وأضرار الطلاق، فإن عجزتِ عن التفكير بسبب قوة المشكلة، فاستشيري أحد إخوتك الحكماء ليفكر معك في تلك المشكلة.

    مثال 3: إذا تكالبت عليك الديون، فانظر في الحلول المتاحة وقارن بين فوائدها وأضرارها، لأنك ربما اتخذت قراراً يضاعف المشكلة أضعافاً كثيرة.

    القاعدة الثالثة عشر: الدعاء والتوكل على الله تعالى في إيجاد الحل المناسب.

    قال تعالى (وقال ربكم ادعوني استجب لكم)، وقال سبحانه (أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء).

    فأوصيك بالاستعانة بالله تعالى وتفويض الأمر إليه في إيجاد الحل لمشكلتك، فادع ربك في سجودك، وفي آخر ساعة من الليل، وفي آخر ساعة من عصر الجمعة، وبين الأذان والإقامة، وما يدريك، لعل الله أن يشرح صدرك وييسر أمرك للحل الحكيم الذي يُنقذك مِن تلك المشكلة.

    اللهم ارزقنا الحكمة في التعامل مع مشكلاتنا.


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    اعمل ما تحب

    0:00

    دعوة للطمأنينة

    0:00

    أحكام الآنية

    0:00

    مسائل في التيمم

    0:00

    باب صفة صلاة النبي من كتاب عمدة الأحكام

    0:00



    عدد الزوار

    4970399

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة