ينبغي على طالب العلم أن يضبط قواعد الأسماء والصفات لأنها تزيده علماً ويقيناً وتأصيلاً ، وتحميه من شبهات المبتدعة الذين يخوضون في هذا الباب علم ، وقد كتب جماعة من العلماء قواعد في الأسماء والصفات مثل ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين وغيرهم رحمهم الله تعالى .
ومن ضبط هذه القواعد فإنه بإذن الله سيكون على رسوخ في باب الأسماء والصفات ، وستكون عنده القدرة على مناقشة أهل الأهواء الذين ضلّوا في هذا الباب .
القاعدة الأولى :
إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، لأن الله أعلم بنفسه من غيره ، ورسوله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بربه.
القاعدة الثانية :
نفي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه ، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ، مع اعتقاد ثبوت كمال ضده لله تعالى ، لأن الله أعلم بنفسه من خلقه ، ورسوله أعلم الناس بربه ؛ فنفي الموت عنه يتضمن كمال حياته ، ونفي الظلم يتضمن كمال عدله ، ونفي النوم يتضمن كمال قيوميته.
القاعدة الثالثة :
صفات الله عز وجل توقيفية ؛ فلا يثبت منها إلا ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا ينفى عن الله عز وجل إلا ما نفاه عن نفسه ، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ، لأنه لا أحد أعلم بالله من نفسه تعالى ، ولا مخلوق أعلم بخالقه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
القاعدة الرابعة :
التوقف في الألفاظ المجملة التي لم يرد إثباتها ولا نفيها ، أما معناها ؛ فيستفصل عنه ، فإن أريد به باطل ينزه الله عنه ؛ رد ، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله ؛ قبل ، مع بيان ما يدل على المعنى الصواب من الألفاظ الشرعية، والدعوة إلى استعماله مكان هذا اللفظ المجمل الحادث .
مثاله : لفظة (الجهة) : نتوقف في إثباتها ونفيها ، ونسأل قائلها : ماذا تعني بالجهة ؟ فإن قال : أعني أنه في مكان يحويه.
قلنا : هذا معنى باطل ينزه الله عنه ، ورددناه .
وإن قال : أعني جهة العلو المطلق ؛ قلنا : هذا حق لا يمتنع على الله ، وقبلنا منه المعنى ، وقلنا له : لكن الأولى أن تقول : هو في السماء ، أو في العلو ؛ كما وردت به الأدلة الصحيحة ، وأما لفظة (جهة) ؛ فهي مجملة حادثة ، الأولى تركها.
القاعدة الخامسة :
قطع الطمع عن إدراك حقيقة الكيفية ؛ لقوله تعالى: ( ولا يحيطون به علماً ) وقوله تعالى ( ليس كمثله شيء ) وقوله تعالى ( هل تعلم له سمياً ) .
القاعدة السادسة :
صفات الله عز وجل تُثبت على وجه التفصيل ، وتُنفى على وجه الإجمال .
فالإثبات المفصل ؛ كإثبات السمع والبصر وسائر الصفات ، والنفي المجمل كنفي المثلية في قوله تعالى " ليس كمثله شيء " .
القاعدة السابعة :
كل اسم ثبت لله عز وجل ؛ فهو متضمن لصفة ، ولا عكس .
مثاله : اسم الرحمن متضمن صفة الرحمة ، والكريم يتضمن صفة الكرم، واللطيف يتضمن صفة اللطف ، وهكذا ، لكن صفاته : الإرادة ، والإتيان ، والاستواء، لا نشتق منها أسماء، فنقول : المريد، والآتي، والمستوي ، وهكذا .
القاعدة الثامنة :
صفات الله تعالى كلها صفات كمال ، لا نقص فيها بوجه من الوجوه .
القاعدة التاسعة :
صفات الله عز وجل يجوز أن يُستعاذ بها ويحلف بها .
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك . رواه مسلم .
ولذلك بوب البخاري في كتاب الأيمان والنذور : باب : الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته .
القاعدة العاشرة :
الكلام في الصفات كالكلام في الذات .
فكما أن لله ذات حقيقية لا تشبه الذوات ؛ فهذه الذات متصفة بصفات حقيقية لا تشبه الصفات ، وكما أن إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات تكييف ، فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات تكييف .
القاعدة الحادية عشرة :
القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر .
فمن أقر بصفات الله ؛ كالسمع ، والبصر ، والإرادة ، بدون أي تمثيل أو تكييف ، فيلزمه أن يقر بمحبة الله ، ورضاه ، وغضبه ، وكراهيته كذلك بدون أي تمثيل أو تكييف .
القاعدة الثانية عشرة :
ما أضيف إلى الله مما هو غير بائن عنه ؛ فهو صفة له غير مخلوقة ، مثل " سمع الله ، قدرة الله " ، وكل شيء أضيف إلى الله وهو بائن عنه ؛ فإنه مخلوق ، مثل : بيت الله ، وناقة الله .
القاعدة الثالثة عشرة :
صفات الله عز وجل وسائر مسائل الاعتقاد تثبت بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان حديثاً واحداً ، وإن كان آحادا .
القاعدة الرابعة عشرة :
باب الأخبار أوسع من باب الصفات ، وما يُطلق على الله من الأخبار ؛ لا يجب أن يكون توقيفياً ؛ مثل " القديم ، والشيء ، والموجود " فيجوز أن تضيف هذه الصفات لله من باب أنك تخبر عن الله تعالى .
القاعدة الخامسة عشر :
صفات الله عز وجل لا يقاس عليها .
القاعدة السادسة عشر :
إذا كانت الصفة كمالاً من وجه ونقصًا من وجه لم تكن ثابتة لله تعالى ولا ممتنعة عليه على سبيل الإطلاق، يعني: لا نثبتها مطلقًا، ولا ننفيها مطلقًا، بل لا بد من التفصيل .
وهذا كما جاء في لفظ المكر والاستهزاء والخداع ، فهذه لا نثبتها مطلقًا ونقول: الله تعالى يخادع ، ونسكت ، ولا نقول : الله تعالى يستهزئ، أو يمُكر ونسكت ، ولا ننفي ونقول الله تعالى : لا يوصف بالخديعة، أو الخداع، أو الاستهزاء ، وإنما لا بد من التفصيل لأنها جاءت مقيدة في الكتاب والسنة لم تأت مطلقة .
والصواب أن نقول : الله يخادع من يحاول المخادعة ويمكر بمن يحاول المكر ، وهكذا ، ولهذا قال تعالى " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " .
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
استمتع بما تملك
0:00
قواعد في تربية الأبناء - 3
0:00
تأملات في سورة التكوير
0:00
وصية لطالب التحفيظ
0:00
لذة النظر
0:00
عدد الزوار
5077596
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1611 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |