الحمد لله الذي اختار لنبيه أولئك الصحابة الأطهار، وصلى الله وسلم على نبينا محمد الذي زكى أصحابه وبين لنا فضائلهم .
أما بعد.
فما أجمل حياة الصحابة رضي الله عنهم الذين كانت حياتهم لله ولنصرة دينه ونبيه.
وإن المجتمع بحاجة إلى إظهار القدوات الصالحة لعله يقتبس من حياتهم النماذج الرائعة من المواقف والقصص والعبر، وصدق الله " لقد كان في قصصهم عبرة ".
أيها الفضلاء، سوف نقف اليوم في بعض الأحداث من سيرة علي رضي الله عنه.
علي رضي الله عنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وزوج فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السابقين إلى الإسلام فقد أسلم وعمره 10 سنوات.
وهو أحد العلماء الربانيين، والشجعان المشهورين، والزهاد المذكورين، والخطباء المعروفين، وأحدُ من جمع القرآن وعرضه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكنيته، أبو الحسن، ويُكنى بأبي تراب، وقد كنّاه بها الرسول صلى الله عليه وسلم في القصة المشهورة لما حصل بينه وبين فاطمة خلاف وذهب للمسجد ونام فيه، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم لبيت فاطمة، وقال: أين ابن عمك ؟ قالت : في المسجد.
فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره، وأصاب التراب ظهره، فجعل يمسح التراب عن ظهره وهو يقول: اجلس يا أبا تراب مرتين. رواه البخاري.
ولما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أمره أن يقيم بعده بمكة أياماً حتى يؤدي عنه أمانة الودائع والوصايا التي كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يلحقه بأهله، ففعل ذلك.
علي رضي الله عنه، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع الغزوات إلا تبوك فإن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة.
ومن فضائل علي:
ما ثبت في الصحيحن، أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه الراية في يوم خيبر، وقال للصحابة " لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، فأعطاها علي ".
وفي صحيح مسلم عن علي قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إِلَيّ أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق.
قال أبو سعيد الخدري: كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليًّا.
ومن رجاحة عقله، قال سعيد ابن المسيب: كان عمر بن الخطاب يتعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو الحسن – أي علي رضي الله عنه – لأنه كان راجح العقل حكيماً في آراءه ومواقفه.
أيها الفضلاء.
إن بعض الناس قد غلا في علي رضي الله عنه فجعلوه في مقام الإله، وفي بعض البلاد يضعون البناء على قبره، وقبر الحسين، وكل ذلك من البدع والضلال والانحراف عن منهج الإسلام وهو مقدمة للشرك.
ومن مظاهر الغلو في علي رضي الله عنه:
تخصيصه ببعض الألفاظ، وهي قولهم " الإمام علي، وعلي عليه السلام، وعلي كرم الله وجهه " وكلها لادليل عليها، بل كل الصحابة سواء في الترضي عنهم بدون أن نخصص أحداً منهم بشيء لم يأت عليه الدليل.
عباد الله.
إن من المسائل التي تذاع في سيرة علي، موضوع خلافة أبي بكر، فيقول أهل البدع: إن أبا بكر أخذ الخلافة من علي، والصواب أن أبا بكر هو المستحق للخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
والأحاديث التي تؤكد ذلك كثيرة ومنها: أنه خليفة الرسول في الصلاة، فكذلك هو خليفته في شؤون الناس من بعده.
ومنها أنه صاحبه في الغار وفي رحلاته كلها وهو أولى من بقية الصحابة في الخلافة.
وقد أجمع الصحابة على ذلك، ولكن بعض الطوائف تطعن فيه بسبب خلافته.
وإن مما يؤسف له أن بعض الطوائف تسب الصحابة وتكفرهم إلا علي ونفرٍ قليل، وكل هذا انحراف عن الصراط المستقيم وقد يكون ناقضاً من نواقض الإسلام في بعض الأحوال.
اللهم ارض عن صحابة نبيك واجمعنا بهم في جنات النعيم .
---
الحمد لله.
عباد الله، إن من أكبر المصائب في تاريخ الإسلام، ما جرى لعليٍ رضي الله عنه في قصة موته.
ففي عام 40 هـ قرّر ثلاثة من الخوارج، بعد أن اجتمعوا بمكة وتعاهدوا لقتل ثلاثة من الصحابة وهم " علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص ".
فقال أحد الخوارج وهو ابن ملجم: أنا لكم بعلي، وقال الثاني : أنا لكم بمعاوية ، وقال الثالث: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، وتعاهدوا على أن ذلك يكون في ليلة واحدة ليلة الحادي العشر أو ليلة السابع عشر من رمضان.
ثم توجه كل منهم إلى البلد الذي فيه صاحبه، فقدِم ابن ملجم الكوفة، ولما خرج علي رضي الله من بيته ينادي: أيها الناس الصلاة الصلاة، اعترضه ابن ملجم، فضربه بالسيف، وقبض الناس على ابن ملجم، وبقي علي يومي الجمعة والسبت، وتوفي ليلة الأحد وغسّله الحسن والحسين، وصلوا عليه، ودُفن بدار الإمارة بالكوفة ليلًا.
وقد أخفى الصحابة قبره لئلا ينبشه الخوارج.
وكان عُمْر علي حين قُتل ثلاث وستون سنة.
أيها الناس ، لقد تم اغتيال ثلاثة من الخلفاء الراشدين، فهذا عمر رضي الله عنه، قتله أبو لؤلؤة المجوسي، وعثمان رضي الله عنه، قتله الخوارج، وعليٌّ رضي الله عنه، قتله أيضاً أحد الخوارج وهو ابن ملجم.
وهذه المكيدة لخيار أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم دليل على خبث أولئك الأعداء، وتربصهم بأتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
أيها الأحبة، هذه مذكرات يسيرة من حياة علي رضي الله عنه، ومن أراد المزيد فهناك الكثير في كتب التاريخ، ولكن يجب التنبيه لأمور:
1- لايجوز الخوض في الخلافات التي كانت بين الصحابة بعد موت عثمان كمعركة الجمل، وكل ذلك اجتهاد منهم رضي الله عنهم، والمصيب منهم له أجران والمخطئ له أجر واحد.
2- يجب أن ننظر للصحابة بكل اعتدال فلا نغلو في أحد منهم ولانطعن في أحد منهم.
3- يجب أن نعلم أن هناك قصص مكذوبة على الصحابة، وأحاديث موضوعة تدعو للغلو في بعضهم.
اللهم إنا نسألك الرضوان ودخول الجنان.
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
التثبيت والتثبيط
0:00
تلاوة من سورة يس - 77 - 83
0:00
همسات للشباب
0:00
مناهي لفظية - 1
0:00
تلاوة من سورة طه 124-127
0:00

عدد الزوار
5533636
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 33 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1640 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |