• الخميس 16 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :25 ابريل 2024 م


  • وقفات من حياة علي رضي الله عنه

  •  

    الحمد لله الذي اختار لنبيه أولئك الصحابة الأطهار ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد الذي زكى أصحابه وبين لنا فضائلهم  .

    أما بعد .

    فما أجمل حياة الصحابة رضي الله عنهم الذين كانت حياتهم لله ولنصرة دينه ونبيه .

    وإن المجتمع بحاجة إلى إظهار القدوات الصالحة لعله يقتبس من حياتهم النماذج الرائعة من المواقف والقصص والعبر ، وصدق الله " لقد كان في قصصهم عبرة " .

    أيها الفضلاء ، سوف نقف اليوم في بعض الأحداث من سيرة علي رضي الله عنه .

    علي رضي الله عنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وزوج فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحد السابقين إلى الإسلام فقد أسلم وعمره 10 سنوات .

    وهو أحد العلماء الربانيين ،
    والشجعان المشهورين ، والزهاد المذكورين ، والخطباء المعروفين ، وأحدُ من جمع القرآن وعرضه على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    وكنيته ، أبو الحسن ، ويُكنى بأبي تراب ، وقد كنّاه بها الرسول صلى الله عليه وسلم في القصة المشهورة لما حصل بينه وبين فاطمة خلاف وذهب للمسجد ونام فيه ، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم لبيت فاطمة ، وقال : أين ابن عمك ؟ قالت : في المسجد .

    فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره ، وأصاب التراب ظهره ، فجعل يمسح التراب عن ظهره وهو يقول : اجلس يا أبا تراب مرتين . رواه البخاري .

    ولما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أمره أن يقيم بعده بمكة أياماً حتى يؤدي عنه أمانة الودائع والوصايا التي كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يلحقه بأهله ، ففعل ذلك .

    علي رضي الله عنه ، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع الغزوات إلا تبوك فإن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة .

    ومن فضائل علي :

    ما ثبت في الصحيحن : أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه الراية في يوم خيبر ، وقال للصحابة " لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، فأعطاها علي " .

    وفي صحيح مسلم عن علي قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إِلَيّ أنه لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق .

    قال أبو سعيد الخدري : كنا نعرف المنافقين ببغضهم عليًّا .

    ومن رجاحة عقله ، قال سعيد ابن المسيب : كان عمر بن الخطاب يتعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو الحسن – أي علي رضي الله عنه – لأنه كان راجح العقل حكيماً في آراءه ومواقفه .

    أيها الفضلاء .

    إن بعض الناس قد غلا في علي رضي الله عنه فجعلوه في مقام الإله ، وفي بعض البلاد يضعون البناء على قبره ، وقبر الحسين ، وكل ذلك من البدع والضلال والانحراف عن منهج الإسلام وهو مقدمة للشرك .

    ومن مظاهر الغلو في علي رضي الله عنه :

    تخصيصه ببعض الألفاظ ، وهي قولهم " الإمام علي ، وعلي عليه السلام ، وعلي كرم الله وجهه " وكلها لادليل عليها ، بل كل الصحابة سواء في الترضي عنهم بدون أن نخصص أحداً منهم بشيء لم يأت عليه الدليل .

    عباد الله .

    إن من المسائل التي تذاع في سيرة علي ، موضوع خلافة أبي بكر ، فيقول أهل البدع : إن أبا بكر أخذ الخلافة من علي ، والصواب أن أبا بكر هو المستحق للخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم .

    والأحاديث التي تؤكد ذلك كثيرة ومنها : أنه خليفة الرسول في الصلاة ، فكذلك هو خليفته في شؤون الناس من بعده .

    ومنها أنه صاحبه في الغار وفي رحلاته كلها وهو أولى من بقية الصحابة في الخلافة .

    وقد أجمع الصحابة على ذلك ، ولكن بعض الطوائف تطعن فيه بسبب خلافته .

    وإن مما يؤسف له أن بعض الطوائف تسب الصحابة وتكفرهم إلا علي ونفرٍ قليل ، وكل هذا انحراف عن الصراط المستقيم وقد يكون ناقضاً من نواقض الإسلام في بعض الأحوال .

    أيها الناس ، إن من التنبيهات في حياة علي رضي الله عنه .

    أن نتعرف على بعض الشبهات التي يستدل بها أهل البدع في الغلو فيه .

    فمنها : حديث " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى " .

    وذلك أن موسى عليه السلام قال لأخيه هارون حين أراد الخروج إلى الطور: اخلفني في قومي ، كما قال تعالى " وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي " أي في بني إسرائيل .

    وسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول لعلي : أن النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى تبوك في السنة التاسعة من الهجرة لم يستصحبه ؛ لأنه كان مريضاً .

    وجاء في رواية مسلم " غير أنه لا نبي بعدي " فلما شبّهه بهارون حين خلّفه موسى ، خاف أن يتأول متأول فيدّعي النبوة لعلي فحينها قال " غير أنه لا نبي بعدي " .

     

    ومن الأحاديث التي يذكرها أهل البدع  " من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه " .

    وهذا يدل على فضل علي ، ولكن بدون أن نغلو فيه ، وإذا كان علي له فضائل فإن أبا بكر وعمر وعثمان أيضاً لهم فضائل .

    اللهم ارض عن صحابة نبيك واجمعنا بهم في جنات النعيم .

    ---

    الحمد لله .

    عباد الله ، وإن أكبر الأحزان في حياة علي رضي الله عنه : قصة موته .

    ففي عام 40 هـ قرّر ثلاثة من الخوارج ، وهم " عبد الرحمن بن ملجم ، والبرك التميمي ، وعمرو التميمي " بعد أن اجتمعوا بمكة وتعاهدوا لقتل ثلاثة من الصحابة وهم " علي بن أبي طالب ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص " .

    فقال ابن ملجم : أنا لكم بعلي ، وقال البِرك : أنا لكم بمعاوية ، وقال عمرو بن بكير : أنا أكفيكم عمرو بن العاص ، وتعاهدوا على أن ذلك يكون في ليلة واحدة ليلة الحادي العشر أو ليلة السابع عشر من رمضان .

    ثم توجه كل منهم إلى البلد الذي فيه صاحبه ، فقدم ابن ملجم الكوفة ، ولما خرج علي رضي الله من بيته ينادي : أيها الناس الصلاة الصلاة ، اعترضه ابن ملجم ، فضربه بالسيف ، وقبض الناس على ابن ملجم ، وبقي علي يومي الجمعة والسبت ، وتوفي ليلة الأحد وغسّله الحسن والحسين ، وصلوا عليه ، ودُفن بدار الإمارة بالكوفة ليلًا .

    وقد أخفى الصحابة قبره لئلا ينبشه الخوارج .

    وكان عُمْر علي حين قُتل ثلاث وستون سنة .

     

    أيها الناس ، لقد تم اغتيال ثلاثة من الخلفاء الراشدين : عمر على يد أبي لؤلؤة المجوسي ، وعثمان على يد الخوارج ، وعليٌّ أيضاً على أحد الخوارج وهو ابن ملجم .

    وهذه المكيدة لخيار أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم دليل على خبث أولئك الأعداء ، وتربصهم بأتباع النبي صلى الله عليه وسلم .

     

    أيها الأحبة ، هذه مذكرات يسيرة من حياة علي رضي الله عنه ، ومن أراد المزيد فهناك الكثير في كتب التاريخ ، ولكن يجب التنبيه لأمور :

    1- لايجوز الخوض في الخلافات التي كانت بين الصحابة بعد موت عثمان كمعركة الجمل ، وكل ذلك اجتهاد منهم رضي الله عنهم ، والمصيب منهم له أجران والمخطئ له أجر واحد .

    2- يجب أن ننظر للصحابة بكل اعتدال فلا نغلو في أحد منهم ولانطعن في أحد منهم .

    3- يجب أن نعلم أن هناك قصص مكذوبة على الصحابة ، وأحاديث موضوعة تدعو للغلو في بعضهم .

    اللهم إنا نسألك الرضوان ودخول الجنان .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    التحذير من الغلو والتطرف

    0:00

    سورة الفتح

    0:00

    حال السعداء والأشقياء

    0:00

    قصة العالم بن باز رحمه الله مع السارق

    0:00

    الطعن في الصحابة

    0:00



    عدد الزوار

    4155819

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة