الحمد لله الذي رفع منازل الصحابة وجعلهم في أعالي المقامات.
الحمد لله الذي نصر دينه ورسوله بأولئك الأبطال من الصحب الكرام.
والصلاة والسلام على رسولنا محمد، الذي أعلنها صريحة فقال " خير الناس قرني " رواه البخاري.
أما بعد، فيا أيها الكرام، سنقف اليوم على قصة شهيد المحراب.
رجلٌ كان من ندرة الرجال، بطلاً من الأبطال.
قرّر في ذلك اليوم أن يترك الجاهلية ليلحق بركب المسلمين، فيشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، إنه عمر بن الخطاب أبو حفص.
فاز بلقب الفاروق، الذي فرّق به بين الحق والباطل.
ثاني الخلفاء الراشدين، وثاني العشرة المبشرين بالجنة.
عمر الذي كان إسلامه فتحاً وعزةً للمسلمين.
قال ابن مسعود: مازلنا أعزّة منذ أسلم عمر.
وقال: والله ما استطعنا أن نصلي عند الكعبة إلا بعد أن أسلم عمر.
عمر الذي أقضَّ مضاجع الفرس والروم، عمر الذي إذا ذكُر اسمه طارت النفوسُ للعزة والكرامة، شهد كل الغزوات، لله درك يا عمر، ماذا صنعت لهذه الأمة؟
عباد الله، تعالوا إلى بعض الأحاديث في فضل عمر:
قال صلى الله عليه وسلم : " والله ما رآك الشيطان سالكاً فجَّاً إلا سلك فجاً غيره " رواه البخاري .
ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم على جبل أحد، اهتز الجبل، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان، وكان معه أبو بكر وعمر وعثمان. رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم " إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه " رواه أحمد.
وفي اللحظات الأخيرة من حياة أبي بكر يكتبُ كتاباً يوصي أن يكونَ الخليفةَ بعده عمر، ويرضى المسلمون به؛ لأن عمر كان أفضل الصحابة بعد أبي بكر بإجماع الناس.
عبادالله، ياترى كيف كان قلب عمر؟
عمر كان يملك قلباً رقيقاً فكان تحت عينيه خطان أسودان من كثرة البكاء من خشية الله.
عجيبةٌ أحوالُ الصحابة، يلازمون رسول الله، ويجاهدون بأنفسهم وأموالهم ومع ذلك كانت دموعُ الخشية تذرف من عيونهم.
من المشاهد في حياة عمر:
في إحدى المجالس قام رجل من عامة الناس وقال: اتق الله يا عمر، فهمّ بعضُ الناسِ بالنيلِ منه.
فقال الفاروق عمر: مهلاً، والله لاخيرَ فيكم إن لم تقولوها ولا خيرَ فينا إن لم نقبلها.
وفي ذاتِ يوم أخذ عمر بعض الطعام ليحمله لبيوتِ الفقراء فرآه بعض الناس فقال احمله عنك؟ فقال عمر : أنت لن تحمل عني ذنوبي يوم القيامة.
معاشر المسلمين، لقاد كانت حياة عمر حافلةً بالإنجازات، فمنها:
1- عمر هو أول من وضع التاريخ الهجري للمسلمين.
2- عمر هو أول من مهَّد الطرق للناس وهو القائل: لو أن بغلةً في العراقِ عثرت لخشيتُ أن يسألني اللهُ عنها.
3- عمر هو أول من جمع الناس لصلاة التراويح على إمامٍ واحد.
4- وهو أول من وضع الجوائز لمعلمي القرآن.
وفي الجوانب العسكرية:
1- كان عمر أول من أقام المعسكراتِ في دمشق وفلسطين.
2- وأول من أمر بالتجنيد الإجباري للمسلمين.
3- وقد وضع قوةً احتياطية ضد الفرس قوامها ثلاثون ألف مقاتل.
4- وهو أول من خصص الأطباء والقضاة لمرافقة الجيوش.
5- وفي عهد عمر فتحَ المسلمون العراقَ والشامَ، واستلم مفاتيحَ بيتِ المقدس.
عباد الله، إن دراسة سير الصحابة تزيد الإيمان وتقوي العزيمة وتُحفز النفوس لطلب المعالي.
الصحابة هم خير جيل نشأ على الأرض، كانت حياتهم لله وأموالهم في سبيل الله.
الصحابة قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ونصرة دينه والدفاع عن الإسلام.
اللهم احشرنا مع الصحابة واجمعنا بهم في جناتٍ ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
------------
الحمد لله.
في ذات يوم قام عمر خطيباً وقال: رأيت رؤيا لا أراها إلا حضور أجلي، رأيت كأن ديكاً نقرني نقرتين وكان ديكاً أحمر، فسأل عنها فقيل: يقتلك رجل من العجم.
وكان عمر يقول: اللهم ارزقني شهادةً في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
أيها الكرام، أما إن سألتم عن اللحظات الأخيرة من حياته رضي الله عنه، فهذه قصة الرحيل:
خرج عمر من بيته لصلاة الفجر وكان له موعد مع الشهادة في سبيل الله تعالى، ويبدأ في الصلاة ثم يتسلل ذلك المجرم أبو لؤلؤة المجوسي ومعه خنجر مسموم من الجهتين.
ويتقدم حتى وصل إلى عمر فيطعنه من ظهره حتى خرج الخنجر من بطنه، ويسقط عمر بدمائه.
ويهرب الكافر المجوسي من المسجد فيطعن وهو خارج ثلاثة عشر من الصحابة ومات منهم سبعة رضوان الله عليهم، فلما حاصروه قتل نفسه.
وأمر عمر عبدالرحمن بن عوف أن يكمل الصلاة بالناس، ثم حملوه إلى بيته والدماء تسيل.
وفي تلك اللحظات يرسلُ ابنه عبدالله إلى عائشةَ رضي الله عنها ويستأذن في أن يدفن في غرفتها بجوار قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وتأذن له رضي الله عنها.
الله أكبر على ذلك الحب، حتى بعد الموت يريد عمر أن يدفن بالقرب من حبيبه صلى الله عليه وسلم.
ويدخل شاب مسبلٌ إزاره فينظر إليه عمر ويقول: يا فتى ارفع إزارك فإنه اتقى لربك وأنقى لثوبك.
عجباً لك ياعمر تأمر بالمعروف وأنت في اللحظات الأخيرة من حياتك.
ويقول عمر لابنه عبد الله: ضع خدي على التراب ويلي إن لم يرحمني ربي.
عجباً لك ياعمر، تريد أن تضع خدك الذي امتلأ بالدموع على الأرض، ماذا نقول نحن عن أنفسنا؟
وتخرج روحه الطاهرة إلى ربها جل في علاه، وتنتهي رحلة عمر من الحياة، تلك الرحلة التي امتلأت بالعبادة والدعوة والجهاد.
مضت تلك السنوات الذهبية من تاريخ الإسلام، فرحمك الله يا عمر، ورضي الله عنك حياً وميتاً.
اللهم اجمعنا مع عمر في جنان الخلد، اللهم ارض عن أصحاب نبيك أجمعين، ومن سار على منهجهم إلى يوم الدين.
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
تلاوة من سورة آل عمران - 14-17
0:00
قصة قارون
0:00
صلاح القلوب
0:00
من صفات المتقين
0:00
تلاوة من سورة النساء
0:00
عدد الزوار
4970399
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |