• الجمعة 19 رَمَضان 1445 هـ ,الموافق :29 مارس 2024 م


  • الكسب الحلال

  •  

    الحمد لله الذي بيده أرزاقنا ، الحمد لله الذي حثنا إلى الكسب الحلال والسعي في الأرض ، فقال تعالى : ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ .

    والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي حثنا على العمل والاجتهاد في كافة نواحي الحياة ، حتى جعل ذلك يعادل الجهاد في سبيل الله .

    أما بعد ،،

    ياعبدالله ، هل سمعت بهذا الحديث ؟

    عن كعب بن عجرة قال مر على النبي ﷺ رجل فرأى أصحاب رسول الله ﷺ من جلده ونشاطه ، فقالوا يا رسول الله : لو كان هذا في سبيل الله .

    فقال رسول الله ﷺ : إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله ، وإن كان يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان . رواه الطبراني وصححه الألباني .

    عباد الله .

    لقد قَصَّ لنا القرآنُ الكريم عن حياة الأنبياء والمرسلين ، وأشار في آياتٍ عديدة إلى بعض المِهَن التي كانوا يعملون بها .

    فهذا نوح عليه الصلاة والسلام كان يَعمل في النجارة ، وقد صَنَع بيده السفينةَ التي كانت سببًا في نجاتهم مِن الغرق بعد فضْل الله ؛ قال تعالى: ﴿ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ﴾ . 

    وهذا نبيُّ اللهِ داودُ عليه الصلاة والسلام كان حدَّادًا ، وقد ألَانَ اللهُ له الحديدَ، فكان يَصنع منه الدروعَ وغيرها مِن الأشياء النافعة ؛ قال تعالى: ﴿ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ﴾ .

    وكان زكريا عليه الصلاة والسلام نجَّارًا ؛ كما أَخْبَر بذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم.

    وهذا نبيُّنا وقدوتُنا صلى الله عليه وسلم كان يَرْعَى الغنمَ على قراريط لأهل مكة ، وكان يَعمل في التجارة ، فيُسافر ويَتعب ؛ مِن أجْل تحصيلِ الرزق الحلال .

    وعلى الرغم مِن مكانة أولئك الأنبياء ، وحَمْلِهم لأمانة الدعوة ، إلا أنهم كانوا يعملون بأيديهم ، ويتكسَّبُون أرزاقَهم عن طريقها .

    وهكذا كان الصحابةُ رضي الله عنه حريصين على الكسب الحلال عن طريق عَمَلِهم في التجارة وغيرها من المهَن الأخرى .

    وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديثُ عديدة تَحُثُّ على طَلَب الرزق والكسب الحلال ؛ منها : قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما أَكَل أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا مِن أن يأكُل مِن عَمَلِ يَدِه ، وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ عليه السلام كان يأكُل مِن عَمَلِ يَدِه ) رواه البخاري .

    وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: ( لأنْ يحتَطِبَ أحدُكم على ظهره ، خيرٌ مِن أن يَسأل أحدًا فيُعطيه أو يمنعه ) رواه البخاري.

    أيها الكرام ، إن هناك مِهَنٌ كثيرة يستطيع الشاب المسلم أن يتعلَّمها ، وأن يعمل بها ، ويستفيد منها ، ويُفيد بها مجتمعه ، ويستطيع عن طريقها إثباتَ مهاراتِه المتنوِّعة التي امتنَّ اللهُ بها عليه .

    وفي حياتنا تتجدد فرص العمل وتتنوع بحمد الله ، والآن هناك مجالات للعمل في التجارة الألكترونية التي استفاد منها الكثير .

    أيها الأحبة ، إن المتأمل لحال بعض الشباب يجد أن لديهم كسلاً عن الكسب الحلال ، وتراه فارغًا في وقته في الليل والنهار ، وينتظر من والديه النفقة ، ويريد الوظيفة أن تأتيه إلى باب بيته بالراتب الذي يريد ، وهذا محال ، فلابد من النهوض والسعي والتدرب والاجتهاد والتفكير في مصادر دخلٍ جديدة .

    وقد رأينا أناس نهضوا من الصفر ، وبدأوا في العمل ، وتميزوا عن غيرهم ، فنالوا التوفيق والرزق الحلال .

    إن الفرص كثيرة ، والذكي من يبحثُ عنها ولاينتظرها .

    اللهم وَفَّقَ شبابَنا للعملِ المثمر الجادِّ الذي يُرضِي عنهم ربَّهم ويَنفَع بلادَهم يا ربِّ العالمين.

    ----- 

    الحمد لله الذي بيده التوفيق كله .

    أيها الفضلاء ، إن الرزق الحلال له طرق كثيرة ومنها :

    ١- الدعاء ، فادع الله في أوقات الإجابة وقل يارزاق ارزقني ، وياكريم أكرمني بالمال الحلال .

    ٢- ملازمة تقوى الله ، وهي العمل بطاعته وترك معصيته ، قال تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لايحتسب ) .

    ٣- الاستغفار ، كما قال تعالى ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً . يرسل السماء عليكم مدرارًا . ويمددكم بأموال وبنين ) .

    ٤- صلة الرحم ، وفي هذا يقول ﷺ : من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه .

    فمن برّ والديه ووصل أرحامه فليبشر بالرزق الحلال والبركة في ماله ولو كان قليلاً .

    ٥- الصبر والاجتهاد وتحمل ضغوط الحياة مطلب مهم في الرزق الحلال ، ومن صبر نال المنى ، وحاز على التوفيق ، وفي الحديث الصحيح ( ومن يتصبر يصبره الله ) .

    أيها الناس ، إن الدعوة للكسب الحلال تعني الحذر من الكسب المحرم .

    ولايجوز لك ياعبدالله أن تعتذر بالظروف المالية التي تعاني منها لتسلك الطرق المحرمة ، كالغش والخداع والتزوير والرشوة والربا وغيرها مما حرمه الله تعالى .

    واعلم أنك قد تبتلى بنقص المال ليختبر الله إيمانك وعفتك عن الحرام ،

    وإني أحذرك بهذا الحديث الصحيح ( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ) .

    اللهم وفقنا للخيرات .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    مشاهد في الحج

    0:00

    الاعتزاز بالدين

    0:00

    إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم

    0:00

    سورة يونس

    0:00

    ما الذي قاله الرسول في مرضه

    0:00



    عدد الزوار

    4100882

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 90 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1589 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة