تأكد أنك قادر على أن تُغير نفسك إلى الأفضل في كلِ مجالاتِ الحياة ولكنك رضيتَ بواقعك واستسلمتَ للظروف واتكأت على وسادة الكسل.
إن مِن العجب أن ترى القادرين على التميز يقفون في بدايةِ الطريق، ويرددون كلمة لا أستطيع.
وقديماً قال الأول:
ولم أرَ في عيوبِ الناسِ عيباً كنقصِ القادرينَ على التمام
وحتى يتضح المقصود، فهنا إشارات:
١- ذلك الطالب الذي رضي بواقعه، فأقنع نفسه بأنه فاشل في دراسته، بل وفي كل جوانب الحياة، إنه نموذج يتكرر عند بعض الشباب.
ولهذا أقول: إن كنتَ لا ترغب في الدراسة فهذا لا يعني فشلك في كل جوانب الحياة، فقد يكون نجاحك في التجارة أو في التدرب على الصناعة أو في التقنيات أو في أبوابٍ أخرى من الرزق.
مَن الذي قال لك إنّ كل الناجحين تخرجوا مِن الجامعات؟
إن صنوفَ النجاح تتنوع بحسب تنوع فرص النجاح في الحياة، وأنتَ لو وقفتَ مع نفسك وحاولتَ اكتشاف مهاراتك في غير الدراسة لربما تفوقتَ على بعض الشبابِ في إتقانِ بعض التخصصاتِ العملية أو الفنية.
٢- في طلب العلم، يتوقف ذلك الشاب عند أول الطريق، ويقول: العلماء كثير، والعلم صعب، والأشغال كثيرة، ثم يلتفت ذلك الشاب لهموم الدنيا ويترك العلم وأهله.
إنها حيلة شيطانية تمرُّ على ضعاف الهمم.
ولو أن كل طالب علم - من السلف - تكاسل عن العلم، وانشغل بحياته وأسرته، لما بقي العلم حتى وصل إلينا.
يا طالب العلم لا تتوقف، وابذل وسعك، والزم الشيوخ، وطالِع الكتب، ومن جدّ وجد، وليس مَن سِهر كمن رقد، واعلم أن الأمة ستحتاجك يوماً ما، فاحذر من الوقوع في مصيبة نقص القادرين.
٣- في طريق الدعوة، يتحمس البعض في البدايات، ولكن بعد زمن يهبطُ الفتورُ في ساحة ذلك الداعية، وتتغير البوصلة، وربما تغير القلب، والسبب هو ضعف الهمة والركون للدنيا واليأس من الواقع.
والواجب هو مواصلة الطريق، واستشعار النصر الرباني للصادقين من عباده (ولينصرنّ الله من ينصره)، مع التأمل في سير الأنبياء، والنظر في سُنن الله في أحوالِ الدعواتِ السابقة، وأن المستقبل لهذا الدين، وأن الداعية الصادق ينبغي أن يبذل وسعه ولا ينتظر النتائج، وأن يغرس البذور، والله يتولى سقايتها ولو بعد زمن.
٤- في حفظ القرآن، كم مِن شاب وفتاة بدأوا بالحفظ، وربما تقدّموا لمراحل جيدة في الحفظ، ولكن الكسل والفتور أقعدهم عن الإكمال، ولو أنهم صبروا قليلاً وجاهدوا أنفسهم لوصلوا لشرف الحفظ والإتقان لكلام الرحمن كما وصل غيرهم، وهكذا هي مشكلة نقص القادرين.
٥- في التجارة، يبدأ صاحبنا بكل حماس ودراسة واستشارة، ثم يفتتح مشروعه، ولكنه يتفاجأ بشيء جديد من هموم السوق والعمل والعمّال والضغوط، فمنهم من يصبر وينظر عبر نافذة الأمل، ويستعين بالله الرزاق الكريم، ومنهم من يتوقف عند أول مشكلة تعترض نجاحه التجاري، وهذا خطأ، لأن النجاح يحتاج للمزيد من الصبر والمعاناة والتحدي، وهذا لا يقدر عليه إلا أصحاب الهمم، فانتبه من مصيبة نقص القادرين.
يا أخي، إنك قادر على تجاوز تلك الأزمة، والاستفادة منها، والنهوض بعدها، وكم مِن تاجر رسم لوحة نجاحه بعد تلك الأزمات.
يا فضلاء، إن الأمثلة تتعدد، والقصص كثيرة، والمقصود هنا، هو لفت النظر لمشكلة نقص القادرين.
فيا أيها المجتمع، إنكم قادرون على صناعة الجديد والمفيد لأنفسكم ولمجتمعكم ولوطنكم ولأمتكم.
فأيقظوا الهمم، وتقدّموا نحو الأمل، وغداً نرى ويرى المجتمع بصماتكم في تاريخ الحياة.
مكتبة الصوتيات
مناهي لفظية - 1
0:00
تلاوة خاشعة من سورة آل عمران
0:00
سورة الأحقاف
0:00
قواعد التعامل مع الأزمات
0:00
تلاوة من سورة ق
0:00
عدد الزوار
4924393
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 22 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1595 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |