يعيش بعض طلاب العلم وهم يدورون بين آفات التعلم من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وهنا ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: من يكتم العلم الذي تعلمه، وهذا الكتمان له فنون:
1 - منهم من يُردد عبارة " لستُ أهلاً لذاك، الله المستعان، هناك مشايخ غيري ".
2 - والبعض يقتدي ببعض السلف الذين شدّدوا في مسألة التعليم والتصدر.
وجوابي لهم:
1- أما قولك لستَ أهلا لذاك وغيرها، فنحن لا نطالبك بأن تتقلد منصب مفتي البلاد وتتعرض لأمهات المسائل.
إن سؤالي لك: لماذا تعتذر عن تعليم العلم لجماعة مسجدك وزملاء عملك وأقاربك، ونحوهم من الناس القريبين منك؟
٢- إن التصدر الذي قصده السلف هو الفتوى في الحلال والحرام، ونحو ذلك مما يتطلب شروطاً في الحفظ والعلم وجمع العلوم ونحوها من آلات الفقه والفتوى.
وأما نحن هنا فنطالبك بتعليم جماعة مسجدك بعض فضائل التوحيد أو المخالفات في العقيدة أو صفة الصلاة، ولا أظنك تجهلها يا طالب العلم، فلماذا تكتم هذا العلم الذي يحتاجه زملاء العمل، وجماعة مسجدك وأقاربك الذين ربما تلتقي بهم كل أسبوع؟
يا أخي، لعلك تحفظ حديث " بلّغوا عني ولو آية " رواه البخاري.
إن هذا الحديث حجة على الكثير من طلاب العلم الساكتين عن تبليغ الدين، ولعل البعض يحفظ القرآن وليس فقط آية.
يا طالب العلم، إن كتمان العلم يُضعِف علمك في نفسك، وربما عاقبك الله بأن تنساه.
وإن كتمان العلم يجعل الناس يسألون غيرك من قليلي العلم ، وربما أفتوهم بغير الصواب فوقعوا في الخطأ بسبب غيابك أنت عن تعليمهم.
والكتمان يضر بالمجتمع من ناحية أنهم ربما وقعوا في الشرك والمخالفات الكبرى في العقائد والعبادات والمعاملات التي تتضمن مفاسد كثيرة، والسبب غيابك أنت عن تعليمهم.
والكتمان للعلم الواجب يوجب لعنة الله، قال تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزلنا مِن البينات والهدى مِن بعد ما بينّاه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون).
قال الطبري: وهذه الآية وإن كانت نزلت في فئةٍ من الناس – وهم اليهود والنصارى -، فإنه معنيٌّ بها كل كاتمٍ علمًا فرضَ الله تعالى بيانه للناس.
الصنف الثاني:
أناس لا يكتمون العلم، ولكنهم يقعون في القول على الله بغير علم، وهذه مصيبة أخرى.
فقد يجهل ذاك المتعالم الجواب في تلك المسألة فلا يعتذر عنها، بل يجيب بلا علم، ونُذكِّر هؤلاء بقوله تعالى (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب).
وربما أفتى بالظن، كقوله أظن الجواب كذا، وقد قال السلف: تعلّموا العلم قبل الظانين، ومتى كان العلم ظناً؟ بل العلم يقين وجزم.
الصنف الثالث: وهناك طائفة أخرى، وهم من يُلبِس الحق بالباطل، فلا يجيبُ بعلم ولا يعتذر، ولا يقول بلا علم، بل يلبس الباطل بلباس الحق حتى يظن الناس أن ذلك المُنكَر له وجهٌ من الحلال، وقد حذرنا الله من ذلك بقوله (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون).
وهنا تجد أن الله نهى عن أمرين :
1 - تلبيس الحق بالباطل. 2- كتمان الحق.
وبينهما تلازم في نظري، فإن من لبّس الحق بالباطل فلابد أن يكون بفعله ذلك قد كتم الحق، وكم رأينا من يُحسِّن البدعة ويلبسها لباس السنة، ومن يُزيَّن الحرام فيجعله شبيه الحلال، والله المستعان.
مكتبة الصوتيات
فضل الإيمان والتقوى
0:00
إني أحب فلان
0:00
قواعد التعامل مع المصائب
0:00
أحكام وفضائل قيام الليل
0:00
سورة الحجر
0:00
عدد الزوار
5014564
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1600 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |