الحمد لله الذي يسر لنا الخيرات ونسأله المزيد من فضله .
اللهم صل وسلم على نبينا محمد الذي وضع لنا قواعد السعادة في كل شؤون الحياة .
أما بعد .
أيها الكرام ، يجب أن ندرك أهمية الاستقرارَ الأسري الذي يعتبرُ من أعظم أسباب السعادة الأسرية ونجاحها في كثيرٍ من قضاياها .
وهذا الاستقرار ُيحتاجُ إلى عوامل ومنها :
١- الدعاء للأسرة بالخير والصلاح .
قال الله في دعاء عبده الصالح ( وأصلح لي في ذريتي ) .
وقال عن زكريا عليه السلام ( رب هب لي من لدنك ذرية طيبة ) .
ومن الخطأ مايفعله البعض من الدعاء على الزوجة والأولاد ، وهنا نذكر بقول النبي ﷺ ( لاتدعو على أموالكم ولا أولادكم لاتوافقوا من الله ساعة فيستجيب لكم ) رواه مسلم .
٢- إن تحقيق الاحترام داخل البيت يعين على استقرار الأسرة ، وعكسُ ذلك ، سوءُ الأدب والفحش في القول ، والضرب الذي يمارسه البعض مع زوجته وأولاده .
ياترى كيف يشعر الأولاد بالسعادة الأسرية وهم يعيشون الخوف في بيتهم بسبب ظلم أبيهم وتعديه وضربه الدائم لهم .
عجباً لرجل يتعامل مع الناس بأحسن الأخلاق ، ولكنه مع أهله ليس بذاك ، ورسولنا ﷺ يقول ( خيركم خيركم لأهله ) .
٣- إن مما يعين على النجاح الأسري ، أن تضبط الميزانية المالية في إدارة بيتك ، والعجب أن بعض الرجال ربما كان كريماً مع الناس ولكنه بخيل مع أسرته .
والبعض ربما كان فوضوياً في صرف المال ، فلايفرق بين الضروريات وبين الكماليات .
وربما وقع في عدة قروض وتكالبت عليه الديون ، حتى تضايقت أسرته من كثرة الالتزامات المالية ، والرجل الحكيم هو الذي يضبط ماله حتى يحقق السعادة لنفسه ولأهله .
٤- إن الرفق في علاج الأخطاء يعين على النجاح التربوي للأسرة ، ونبينا ﷺ يقول ( إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ) .
ويقول ( ماكان الرفق في شيء إلا زانه ولانزع من شيء إلا شانه ) .
إن زوجتك من جنس البشر وسوف تخطئ وتقصر في تعاملها معك ، فهل تكونُ رفيقاً في تصحيح الخطأ ، أم ستكون قاسياً ؟
أيها الأب ، سترى من ولدك وابنتك الخطأ والتقصير فكيف تتعامل معهم ؟ هل ستكون رفيقاً حكيماً في مناصحتهم ؟
إن القسوة ليست حلاً أبداً ، فاتقوا الله في أهاليكم .
٥- ومن أسباب الاستقرار الأسري ، الجلوس مع الأهل وعدم الانشغال عنهم كثيراً .
أيها الآباء ، إن بعضنا لايجلس مع أسرته إلا لحظاتٍ يسيرة ، ولعله إن جلس معهم ، تراه مشغولاً بالجوال أو بمتابعة القنوات .
إن زوجتك ووولدك وابنتك بحاجة إلى كلمتك الطيبة ، إلى ابتسامتك ، إلى قصةٍ جميلة ، أو حكايةٍ لطيفة .
كيف نريدُ الحياةَ الطيبة مع أسرتنا ونحن لانجلسُ معهم ؟
كيف نغرسُ القيمَ التربوية ونحن لانراهم ؟
كيف نُعلمهم الأخلاق والأحكام ونحن في الاستراحات والمكاتب ؟
نعم ، كلنا لديه شغلٌ وعمل ، ولكن يجبُ تخصيصْ بعض الوقت لأسرتك لتصنعَ معهم الذكريات الجميلة .
٦- ومن عوامل السعادة الأسرية ، أن ننشر الحب والعاطفة داخل البيت .
وإن من الحزن أن يسكن الجفاف العاطفي في بيوت بعضنا .
أيها الفضلاء ، إن من وسائل تنمية الحب في البيت :
الهدية ، والكلمة الطيبة ، وتقبيل الأطفال ، والتصريح بالحب لزوجتك أو ولدك أو ابنتك ، وهذا نبينا ﷺ يسأله ذلك الصحابي ، من أحب الناس لك ؟ فكان الجواب : عائشة .
إن رسولنا ﷺ كان صريحاً في إخبار السائل بأنه يحب عائشة .
٧- ومن أسباب تحقيق الاستقرار الأسري ، الحكمة في اتخاذ القرارات .
نقول هذا ، لأن بعض الرجال يستعجل في اتخاذ القرار .
فهذا يقرر طلاق زوجته لخلاف بسيط ، ويظن أن الطلاق هو الحل ، ولعل الطلاق هو بداية لعشرات المشكلات التي تنتظره في مستقبل الأيام .
ورجل آخر يستجعل في قرار التعدد ، فيتزوج بالثانية وهو غير قادر مادياً ولا نفسياً ، ثم يتفاجأ بالالتزامات المالية والمشكلات التي تخرج من زوجته الأولى والثانية ، ويكتشف أنه استعجل ، ولكن بعد ماذا .
ورجلٌ ثالث يستعجل في شراء أرض أو منزل أو بيع منزل أو في انتقال لمدينة اخرى ، وكل ذلك بدون أي استشارة ، ثم يتبين له بعد ذلك أنه أخطأ ، ولكن بعد ماذا ؟
إن التأني في اتخاذ القرار يحقق الاستقرار الأسري .
إن استشارة الحكيم المتخصص في القضايا الأسرية يساعدك لاتخاذ القرار الصواب .
وربنا يقول لنبيه ﷺ ( وشاورهم في الأمر ) .
اللهم وفقنا للسعادة الأسرية يارب العالمين .
------------
الحمد لله وكفى .
عباد الله .
٨ - وإن مما يحقق النجاح الأسري ، أن نتخلق بالصبر .
نعم إن الصبر له منزلة كبرى في الدين .
قال تعالى ( وبشر الصابرين ) وقال ( ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) .
وإن من الخلل أن نحصرَ الصبر فقط بالصبرِ على المرضِ أو الفقرِ أو موتِ القريب .
إن من أعظم مواطن الصبر أن نصبر على تقصير الزوجة ، وتأخر استقامة الولد ، وجهل البنت .
إن الصبر على الأسرة يحقق التوازن في الحياة .
وإذا لم نصبر عليهم ، فياترى كيف سنعيشُ معهم ، وكما يصبرون علينا ، فلنصبر عليهم .
ولننظر إلى الإيجابيات التي لديهم ولانفكر فقط في السلبيات أو جوانب النقص ، لأنه لايسلمُ أحدٌ من النقص والخطأ .
٩- ومن أسباب تحقيق السعادة الأسرية ، أن نحقق تقوى الله في حياتنا .
إن الطاعات تثمر السعادة ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة ) .
ومن صور الحياة الطيبة ، أن يرزقك الله سعادة مع أسرتك .
والعكس ، فمن كان بعيداً عن الله ، مرتكباً للمحرمات ، فقد يعاقبه الله في بيته بأن يجعل الضيق والتعاسة والشقاق في أسرته.
قال تعالى ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) .
فيامن يريد استقراراً أسرياً ابدأ بنفسك ، وأحسن علاقتك مع الله ، فلعل المصائب التي في بيتك بسبب ذنوبك .
اللهم أصلح أحوالنا ، واهد قلوبنا ، واملأ بيوتنا بالسعادة .
مكتبة الصوتيات
رسائل في أعمال القلوب
0:00
من هم بحسنة
0:00
الداعية واستخدام القصة
0:00
اعمل ما تحب
0:00
تأملات من سورة الزخرف - 3
0:00
عدد الزوار
4154499
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة |